الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

التعامل التعسفي للنظام والفساد في الخدمة الإلزامية

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:23:10:22

بعد ما تخرجت من معهد إعداد المدرسين كانت مدة عام دراسي واحد لي التنفيذ التدريس، لا بد من الخدمة الإلزامية، موضوع الخدمة الإلزامية من سن 18 والذي يدرس يُقدم تأجيلًا للخدمة بسبب الدراسة في المعهد، وبعد أن أنهيت المعهد وأنهيت المدة مدة التدريس الأولى التي كانت في الريف، ذهبت إلى نقطة التجميع التي كانت في مدينة حلب في ثكنة هنانو، وأعطوني هناك ورقة لألتحق بكلية اسمها كلية الحرب الإلكترونية في دمشق، ذهبت إلى كلية الحرب الإلكترونية، كان التصور في ذهني أنني ذاهب إلى المجهول، ولا أعرف أي شيء إلا ما أسمعه من قصص عن العسكرية.

 ذهبت ودخلت من باب الكلية وسلمتهم دفتر العسكرية والأوراق الخاصة بالفرز، بادئ ذي بدء يحلقون رأس الشخص ويُعطوه اللباس العسكري، مستودع كبير والألبسة مرمية على الأرض والمساعد المسؤول عن التوزيع يحمل بدلة عسكرية ويرميها للشخص بغض النظر عن المقاس، فأنا لما أخذت البدلة حتى ألبسها كانت تسع معي شخصًا آخر، سألت قالوا لي: بدلها مع أحد زملائك، لأنك إذا طلبت من المساعد تبديلها سيضربك، وعندما لبست البدلة العسكرية وحليق الرأس ونظرت في المرآة كأنني شخص آخر، وهذه كانت  أول خطوة لتحطيم نفسية الإنسان، والخطوة الثانية هي لم يعد لديك اسم صار لك رقم تحولت إلى رقم، كأننا في معتقل، اسمع في المعتقلات يُعطون أرقامًا لكل سجين رقم، نفس الشيء في العسكرية السباب والشتائم هو التعامل الطبيعي، الملاحظ شتم رب العالمين وشتم الدين يتردد بشكل هائل على الألسن هناك إلى درجة أن الذي لا يكفر يسألوه: أنت لماذا لا تكفر؟!

 موضوع العبادات قولًا واحدًا ممنوعة هي جريمة عندهم، اسمها جريمة التدين في الجيش، طبعا التدين فقط للمسلم السني، إما إن كان.. يعني كان معنا مثلا ناس ملاحدة من طوائف أخرى من أديان أخرى، وليس عليهم أي مشكلة فقط من يُصلي هذا عليه مشكلة، ومن يصوم عليه مشكلة، ومن لا يكفر عليه مشكلة.

 جمعونا في مستودع كبير هو بالأصل مستودع سيارات حتى باب المستودع باب حديد ضخم ارتفاعه 6 م ،فكان أكثر من شخص يفتحون الباب، والداخل مليء بالأسرة، قال هذه للتجميع، اجتمعنا 600 شخص هذه قبل عملية الفرز وكان وقتها بداية الشتاء برد شديد، وبدأت عمليات التعذيب التي يُسموها دورة الأغرار، حقيقة هذه الدورة هي عمليات تحطيم للنفس وللمعنويات ولشخصية الإنسان، وكأنه يوجد حقد، كنا خريجي معاهد وجامعات في هذه الدورة طلاب، يُسمونهم تلاميذ صف ضابط وطلاب ضباط، فكان التعامل فيه كثير من الأذى والضغط النفسي والشتائم والتعذيب، على سبيل المثال فجأة في الليل يطرقون على الباب ويطلبون منا الخروج بالشورت عاري الصدر والجو قارس، كنا نقف وهذا طالب الضابط المتطوع يُمسك بوعاء ماء ويسكب علينا، كانت تنزل علينا مثل المسامير من شدة البرد، لم أفهم ما علاقة هذا بإعداد العسكري ورفع معنوياته وقوة العقيدة وقوة الإيمان، هذه عمليات تحطيم فقط.

 أما موضوع الشتم موضوع الحرمان من أبسط الأشياء، مثلا كانوا يتسللون في الليل في هذا المستودع الهائل المليء بالأسرة أربع طوابق أسرة فوق بعضها في الليل والناس كلها تتكلم يكون جالسًا جنبنا واحد من هؤلاء ليستمع، كان هناك متابعة من هذه الناحية، أخذونا إحدى المرات على منطقة كأنهم سيعملون فيها طريق وفيه حجر من الحجر الأسود مثل السكاكين لتجري فوق هذا الحجر في الثلج، فالكل صار معه تمزق في القدمين.

 استمرت الدورة مع الأسف في هذا المكان مدة التدريب ستة أشهر تدربت على محطة روسية محطة تواصل كان اختصاصي إشارة، فالمحطة عبارة عن سيارة وداخلها جهاز مليء بالأزرار والمفاتيح، أتقنته بسرعة فصار الضابط يطلب مني أن أشرح لكل واحد أقله هذا الزر إذا أضاء وظيفته كذا هذا المفتاح تعمل فيه كذا، والمفارقة لما أنهيت الدورة العسكرية وفُرزت على كتيبة لم يكن فيها هذه المحطة، كان فيها محطة ثانية، وحين استلمتها لم أعرف عنها شيء، وبعد ستة أشهر أتدرب على محطة معينة، فقال لي الشاب الذي سلمني: بسيطة هذا الزر التشغيل أون أوف، وهذا الزر تُعير فيه الصوت هذا عملك، فقط تبعث رسالة يومية تستقبل رسالة محطة عبارة عن سيارة كبيرة فيها هذا الجهاز الهائل من أجل إرسال رسالة يومية يلتقطها الكبير والصغير، كانت أمورًا بدائية جدًا المحطة من تصميم الأربعينيات تخيل.

المهم بقينا حتى الصيف مر علينا صيف وشتاء في الصيف كان التعذيب هو الركض على الأشواك والاستلقاء على الشوك، لم أرَ خلال هذه المدة شيئًا له علاقة بالاحترام، مثلا بالشتاء أنزلونا في مجارير دورات مياه الكلية حتى يصل الماء القذر إلى الرقبة.

 إضافة إلى موضوع التضييق من الناحية الدينية، كنت أُصلي خفية، مرة دخل الضابط وأنا أُصلي كنت أُصلي في زاوية بعيدة الكل في وضع استعداد وأنا أصلي أكملت الصلاة وأنا أشعر أنهم سيأخذوني لكن مرت على خير.

 أذكر في ذلك الوقت موضوع السرقات كان يأتي الطعام لعدد هائل كنا 600 فقط تلاميذ صف الضابط وعدد آخر كانوا متطوعين وعدد آخر كانوا طلاب ضباط، يأتي الطعام على المطعم دائمًا هناك حصة لمدير الكلية العميد، مثلًا يُوزع اللحم فرضًا عدة ذبائح واحدة للعميد، أو حلويات وغيرها، كانت تذهب لبيت العميد والفروج على بيت العميد، ومن بعده يسرقون ولكن كل واحد حسب رتبته، فما كان يصل إلينا إلا أقل القليل، كنا ثمانية، ولدينا في الأسبوع مرة واحدة الفروج مثلًا 8 لهم فروجة واحدة، هذا كان يدفع بعض الأشخاص ليمد يده أمام الآخر وتصير نزاعات، لكن كله ناتج عن الفساد والسرقة التي كانت منتشرة بشكل هائل جدًا.

 إلى أن انتهت دورة الاختصاص وانتقلت بعدها إلى الحياة العسكرية الطبيعية، كان التصور حين نذهب للجيش كان يربط الأمر بفكرة الجهاد في سبيل الله، وحين وصلت وشاهدت الواقع أن الجيش هو بالنسبة لنا خدمة للضباط نخدم الضباط، كانوا يأخذونا كأننا عبيد تعال اذهب نظف الغرفة جهز المتة امسح المرآة، الأمر كان بعيدًا كل البعد عن الأفكار السامية والأفكار الراقية، كان هناك تمييز هائل وواضح بين الطائفة العلوية وبين باقي الطوائف وبيننا نحن أهل السنة إلى درجة أنهم يفعلون ما يُريدون، نحن مثلًا علينا تفقد ومتابعة شديدة وإذا غاب أحد منا يُجلد يرفعوه دولاب، بينما هؤلاء يدخلون ويخرجون باب الكلية مفتوح بالنسبة لهم.

 كان معنا في الدورة العسكرية ابن العميد اسمه معنا، ولكن لم نره أبدًا، لكن من يذيع الأسماء يقول ابن السيد العميد حتى لا يقرؤ اسمه يعني أنه موجود مداوم، هذا عمل عسكريته في البيت، ومنهم داوموا في العسكرية داوموا لكن برفاهية كاملة ليس لهم مناوبات في الحرس أو الرياضة الصباحية التي ليست رياضة وإنما هي تعذيب، و لا يحضرون العقوبات كان لهم غرف خاصة بهم، وفي المطعم كان لهم زاوية خاصة أكلهم غير أكلنا يعني أكلهم كافي وزيادة، و لا يخرجون سخرة، كان عدننا شيء اسمه سخرة خدمة المطعم، مثلًا من يخرج سخرة لا يخرج للعقوبات لأن هذا مخصص لخدمة المطعم.

 في مرحلة الدورة كرست لدينا أننا هنا في هذه العسكرية حتى نخدم هؤلاء ننتظر اللحظة التي ينتهي فيها هذا الذل، لأنه ذل بكل المقاييس ذل بالتعامل ذل بالأكل ذل بالدخول والخروج ذل بالخطاب ذل بالمنع من حرية الدين من الصلاة من الصوم، كنا ننتظر اللحظة لنتخلص من هذا الشيء.

 من الأمور التي جعلت ما غرسه الوالد فينا من كراهية هذا النظام المجرم تكبر وتترسخ وتتأكد أننا شاهدنا الظلم وعشناه بشكل واضح، وأما إذا نظرت إلى الجيش على إنه جيش لا ليس جيشًا أبدًا، مثلًا كانوا يطلبون الجاهزية، كنت في الحرب الإلكترونية وأحد من زملائي فُرز على كتيبة دبابات، مرة طلبوا منهم جاهزية هو حدثني عن الموضوع قال لي: أول دبابة جهزت بعد 12 ساعة يُفترض الجاهزية دقائق 12 ساعة هي الدبابة الوحيدة التي جهزت، كتيبة من الدبابات نفس الشيء.

 أنا عندما شاهدت على أرض الواقع ودخلت على العسكرية رأيت مثلًا العربات عربات المحطات كان لدينا خطة إخلاء يوميًا، ويُفترض هذه العربات سيارات زيل ضخمة تشتغل على البنزين يُفترض عندها خطة إخلاء أسبوع أو شهر لا أتذكر بالضبط، لكن الخطط تتضمن انتقالها إلى مواقع بديلة والتمركز هناك والعودة هذه كانت تتم كل أسبوع أو كل شهر على الورق هذه الخطة ويُصرف الوقود، وهذه السيارات تحتاج وقودًا هائلًا جدًا، وهذا أحد الجوانب السيارات لا تتحرك، ومنذ سنين لم تتحرك من مكانها لكن على الورق.

 أمر آخر من الأمور عندما يُسلمون شخصًا محطة أو سيارة يسلموه إياها على البنود التي جاءت فيها وقت الاستيراد، فيها عدة إطفاء وفيها إطارات احتياطية وفيها وفيها وعلى أرض الواقع سيارة مهترئة فلما يحين موعد تسليمه لها سيسلمها على ما استلمها عليه، فيضطر لدفع غرامات هائلة مبالغ كبيرة ويدفعها على أساس أنه فقدها وهو في الحقيقة هكذا استلمها.

حتى كان أمام البلكوس الذي ننام فيه هو عبارة عن غرفة مردومة بالتراب كان هناك خزان مياه صدئ ومضروب  من أكثر من مكان وليس له دواليب على الحجر عمره قديم جدًا، فالشاب الذي استلمه استلمه جديدًا وله إطارات وحتى مثلثات عواكس الإنارة موجودة عليه في الاستلام، نستلم عواكس مع أنه على أرض الواقع ليس فيه شيء، وعندما سلمه دفع ثمن كل هذه الأشياء،  والشخص الذي استلم منه جاء بعده استلم منه استلم بالطريقة نفسها.

 بتجرأ أحيانا بعض الشباب عندهم جرأة، يقول له: ماذا تُسلمني؟ هذا ليس واقعي، فيضربوه كفين ويُجبرونه على التوقيع، لكن يعرف أنه تورط و وقع.

 هذا الأمر كان واحدًا من الأمور سرقة الوقود سرقة الأكل الذي يأتي للعساكر موضوع الإستلام والتسليم وما يتعلق بالسلاح، عندما  ذهبنا لكتيبة في أحد التلول كان مستلم السلاح عريف مستلم مستودع السلاح، فأنا لا أذكر أنني رأيت البارودة غير مرة واحدة في العسكرية بعد الدورة التدريبية بعد ما أنهيت دورة الستة أشهر، كانت البواريد في المستودع مقفول عليها، وهذا الشخص المسؤول كان (مفيش) مصطلح عسكري لمن يدفع ويذهب للبيت، فما كان يوجد سلاح غير مع جماعة الحرس، أنا لم أرَ البارود المخصصة لي غير مرة واحدة حين جاءت لجنة وأعطونا إياها وقتها أذكر أخذت الخوذة و وضعتها على راسي فنزل علي منها التراب، لم يكن هناك اهتمام بهذه النواحي، كان هم الضابط تفييش عنصر أو عنصرين ليأخذ منهم راتبًا شهريًا، لا يوجد شيء اسمه جيش في الحقيقة على الإطلاق وإنما هو عبارة عن مكان لسرقة الآخرين ولسرقة الدولة في الوقت نفسه، وكان الضابط مهما علت رتبته من أهل السنة مثلًا عميد معه مساعد علوي المساعد العلوي هو صاحب الأمر مع أن بينهم كم رتبة، العميد صف ضابط وليس ضابط أصلًا أو المساعد هو من صف الضباط يفترض الملازم يأمر على المساعد، لكن الفرق الطائفي هو المعتبر وليس الفرق في الرتبة.

 مثلًا في الكلية التي كنت فيها القطعة ليست الكلية إدارة اسمها إدارة الحرب الإلكترونية، كان عميد هو الرئيس وكان رئيس الأركان يُسمونه وكان سنيًا ومدير الإدارة علوي، والسني هو رئيس الأركان الرتبة التي بعده عميد، فلذلك تركوه في هذا المنصب والآخر للسرقات وللظهور الإعلامي.

 وعلى ذكر مدير الإدارة كان الكثير من العساكر يُفرزون للخدمة في مزارعه كان لديه مزارع حمضيات، تذهب آليات الهندسة الخاصة بالإدارة للعمل في المزارع والعساكر يخدمون في المزارع وعساكر عنده في البيت وعساكر في البيت في الشام وعساكر في بيته في اللاذقية كان الأمر بهذا الشكل، هذا عدا عن سرقات استيراد السلاح الأسلحة التي كانت موجودة بين أيدينا كانت أسلحة قديمة للغاية، وليس منها حديث حتى كنا نسمع عن محطات تنصت على العدو الإسرائيلي محطات من الأربعينيات قديمة، فكنا نسمع أن محطة بلجيكية موجودة في حمص وهي في حمص تتنصت أكثر من كل هذه المحطات الموجودة على الجبهة، لكن لم نرها.

 مرة كان معي مصحف صغير له جلد سحاب وجلد وكذا، فكنت أقرأ فيه ومعه تفسير على جوانبه قطع صغير كنت أقرأ فيه وأضعه تحت الوسادة، مرة رجعت ولم أجده بعد يومين استدعاني ضابط الأمن في الكتيبة قال لي: هل أضعت شيء، قلت له: إي والله مصحف، قال لي: هذا لماذا معك؟ قلت له: مصحف لأقرأ فيه، قال لي: لا تُحضره معك؟ ألا تعرف أن هذه الأشياء ممنوعة، قلت له: يا رجل المصحف ممنوع، قال لي: لا تعيدها مرة ثانية، عاملني بهذه الطريقة اللطيفة لأن عندي خبرة في موضوع الحاسوب والآلة الكاتبة، وكنت أقوم بالأعمال المكتبية وهذا الأمر جعله يسكت عني، و إلا هذا الأمر أقل شيء على السجن 16 يومًا مع عقوبة بدنية، كان أقل شيء، بوجود المصحف كنت أقرأ والحديث ذو شجون كنت أشعر أنني في معتقل وحين أنهيت العسكرية وحصلت على الهوية المدنية صارت في يدي لم أصدق، لأن الذي يذهب إلى هناك والعياذ بالله نسأل الله أن يُخلص الجميع كل من يتعرض لهذا مثل هذه الأنظمة أن يخلصهم على خير.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2023/11/18

الموضوع الرئیس

الفساد في مؤسسات نظام الأسد

كود الشهادة

SMI/OH/234-03/

أجرى المقابلة

خليل الدالاتي

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/04/25

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-إدارة الحرب الإلكترونية

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

كلية الحرب الإلكترونية

كلية الحرب الإلكترونية

الشهادات المرتبطة