التعامل الأمني والمحسوبيات والفساد قبل الثورة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:16:56:13
في أيام حكم حافظ الأسد بعد الثمانينيات أو في بداية الثمانينيات بعد أحداث "الإخوان المسلمين" أو ثورة الثمانينات، في هذه المرحلة اشتدت الوطأة على الشعب، الوضع الاقتصادي تردى وتراجع جدًا، وفي الوقت نفسه القبضة الأمنية ازدادت بقوة، وهذا ساعد على وجود فساد عريض في الأجهزة الحكومية كافة.
على سبيل المثال موضوع الموافقات الأمنية أي تحرك أي عمل أي سفر لا بد له من موافقات أمنية، وكان هناك دراسات من أكثر من فرع يُجري دراسات أمنية، وأحيانًا يأتي الشخص ليعمل دراسة أمنية وفي خاتمة المطاف يأتي لعند الشخص نفسه، يقول له: أنا فلان وأعمل دراسة أمنية ويأخذ منه مبلغًا من المال إذا لم يجدوا عليه شيء، الشخص الذي ليس عليه شيء لا تُوثق دراسته الأمنية بدون أن يزوروه، أما إذا الذي عليه شيء يعني مسكين يزورهم وعلى عرفهم، الجانب الآخر السيطرة الكاملة على جوانب الحياة، أنا كنت في تلك المرحلة طالبًا في المرحلة الثانوية، وكان أي شخص غير منتسب لأحد الأحزاب خاصة حزب البعث كان يُحاسب على الحرف ويحاسب على الكلمة.
وكان عندهم طلائع البعث للابتدائي والشبيبة للثانوي واتحاد الطلبة للمعاهد والجامعات وحزب البعث يشمل كل هذه الأشياء، ففي الاجتماعات الشبيبية كان الأمر سخرية مريرة، يجمعون الناس ويتحدثون بأشياء تافهة، كل ما هنالك إثبات سيطرة وقبضة أمنية على الناس نحن نحكمكم بالحديد والنار.
كان الجانب الوظيفي التوظيف له شيء عظيم لأن الناس في ضائقة اقتصادية، والوظيفة كانت ملجأ للناس للحصول على المعيشة، و لا بد لها من جوانب أمنية، من كان منتمي لحزب البعث أموره ميسرة، أما الآخرون فيُضيق عليهم، لأنهم غير حزبيين، وكذلك كانت الإشكالية إذا وُجد أقرباء من الدرجة الثالثة أو الرابعة من "الإخوان المسلمين"، هذا يمنع من التوظيف، من كان بأسرته واحد من "الإخوان المسلمين" تُضع عنده إشارة ولا يُوظف، وكل من له علاقة بالإخوان من قريب أو من بعيد وهم في السجون وقسم كبير منهم كبير جدًا أُعدموا معروف هذا الأمر، والبقية ظلوا سنين طويلة في غياهب السجون وأسرهم محرومة من الحقوق تمامًا، تبع ذلك بسبب الضعف الاقتصادي الموجود عند الناس و هبوط قيمة العملة بسبب سياسات الأسد وعائلته والمجازر التي قاموا بها في حلب وحماة وغير أماكن انعكس على الناس في الحقيقة، وأما من له صلة بالجهة الحاكمة أو بالحزب الحاكم أو بالجهات الأمنية فأمورهم تمام، والبلد مباح لهم بكل ما فيه.
على سبيل المثال أحد التجار يقوم بصفقة تجارية أو بدون صفقة يذهب لرئيس فرع الأمن والفروع الأمنية كثيرة، ويقول له: قمت بصفقة وهذا نصيبك منها 100000 ليرة حصتك، هو ليس شريكًا ولكن هذا التاجر لن يستطيع التجارة إلا إذا دفع لهؤلاء، فكانوا يدفعون لهم مبالغ طائلة، هذا الشخص أخذ 100000 ليرة ربما يكون راتبه 3000 ليرة، فبشكل دائم كانت الرشاوى والرشوة في أيام حافظ الأسد ليست بشكل سري بالعكس تمامًا، هذا الموظف تدفع له 50 ليرة وهذا الموظف 100 وهذا الموظف 500 وهذا الموظف 5000، إذا متعهد ولديه كشف سيقبضه كشف مالي له تسعيرة مختلفة علنًا هذا الأمر ليس بشكل سري، كان هذا الأمر في كل جوانب الدولة بلغ الأمر إذا كان الشخص غير مرتشي يُضيق عليه، فرضًا شرطي والرشوة عند الشرطة كانت شائعة وشهيرة وعلنية إلى درجة أن الشرطي الغير مرتشي لا يقبلونه بينهم يُبعدوه ويضعونه في وظيفة يُجمدوه في مكان ما لأنه سيسبب لهم حرجًا وإشكالية، فكان الأمر شائعًا، لذلك لا يوجد قانون تشتري البلد كلها بـ 100 ليرة، لا يوجد قانون ولا تُطبق القوانين إلا على الأناس الضعفاء، أما الآخرون كل واحد يدفع ما عليه والأمور تسير، كلها برعاية أسرة الأسد الحاكمة لأنهم كانوا يسرقون على مستويات عليا، معروفة السرقة بدءًا من سرقة البترول وانتهاءً بصفقات السلاح، وفيما بعد لما جاءت أسرة مخلوف وصارت تُقاسم الجميع بلا استثناء وسيطرتها على كل المناطق الحرة التجارية وضعوا يدهم على كل شيء، و بالأصل يدهم عليها، لكن صارت الأمور تأخذ أشكالًا متقدمة أكثر وتكون علنية أكثر.
في هذه الظروف كان حال المعلمين من أسوأ الحالات، ببساطة المعلم لا يستطيع أن يرتشي، الموظفون كانت أمورهم جيدة بالرشاوى مع العلم أن رواتبهم زهيدة، ولكن المعلم من أين يرتشي؟ وفي أيام حافظ الأسد بلغ الفقر درجة حتى الدروس الخاصة مثلًا غير موجودة لأن الناس العاديين ليس لديهم إمكانية، أما كبار الأغنياء أو كبار الضباط المسؤولين الكبار عندهم هذا الأمر موجود عندهم لكن عوام الناس ليس عندهم، فلذلك المعلم كان حاله في الحضيض مع الأسف.
وقلنا سابقًا أنهم اعتمدوا مناهج ضعيفة جدًا لإعداد المعلمين والمدرسين، فكان حال الطلاب سيئًا إضافة إلى هذا كان الاكتظاظ شديدًا في المدارس ونقول أيام حافظ الأسد، لكن استمر في أيام بشار الأسد تقريبًا إلى قيام الثورة، أذكر قبيل الثورة في مدرسة في حلب بحي السكري اسمها زياد العطار ثانوية بنات، وفي هذه المدرسة شعبة صف سابع فيها 70 طالبة كيف سيتم تدريسهم، الشعب العادية كانت دون 60 ، وشعب 75 طالبًا، لكن هذه الشعبة أعرفها وكانت معلمة في ذلك الوقت قريبة من التقاعد باقي لها سنتين وتعبانة فتدخل على الشعبة وترى هذا العدد من الطالبات بهذا الشكل فتترك الصف وتذهب على الإدارة، فذهبت إلى التربية قلت لهم: ما ذنب الأطفال؟ ومن حقهم أن يدرسوا رياضيات، ووضع المعلمة لا يسمح بالتدريس، قالوا لي: أين سنذهب بها؟ قلت: كلفوها بعمل إداري أو أحيلوها على التقاعد، كان الأمر بهذا الوضع الرديء.
الجانب الأخلاقي كان سيئًا للغاية كانوا يتعمدون مثلًا في المدارس الثانوية يضعون معلمين ذكور لمدارس البنات وبالعكس أيضًا، موضوع الاختلاط كان إلى درجة إنه تجد المدارس بؤرة للفساد الأخلاقي في معظم المناطق بؤرة للفساد الأخلاقي، إضافة كان يأتينا وافدين من مناطق أخرى ليس عندهم أخلاق أصلًا من طوائف أخرى، كانوا مخصصين لنشر الفساد.
كان وضع المعلمين ووضع الطلاب ووضع المدارس، تدخل المدرسة تجدها رديئة من كل النواحي أبواب مكسرة مقاعد مكسرة سبورات مكسرة، ودورات المياه تدخل من باب المدرسة تشم رائحة دورة المياه، ولا يوجد نظافة على الإطلاق، والموظفون عدد موجود ولكن لا أحد مستعد ليؤدي واجبه حتى يُقدم خدمة لهؤلاء الطلاب أو يعمل بشيء إضافي، واجبه نفسه لا يؤديه.
كان هناك فروقات بين الريف والمدينة وهذه ناحية جديرة بالذكر في بعض القرى كان المعلمون من أبناء القرية وضعهم التعليمي كدوام وتعليم طلاب ربما يكون أفضل من وضع مدينة حلب، السبب الرقابة الاجتماعية، لأنه يُدرس أبناء عمك وخالك، عليه رقابة إذا تغيب أو لم يُدرس أولياء الأمور يُتابعونه، في هذه المناطق كان الوضع التعليمي أفضل أما في المدينة مع الأسف مدينة حلب كان وضعها مترديًا، ومدارسها كلها كما ذكرنا من قبل فوجين في المدارس، كانت ستصبح ثلاثة أفواج لتستوعب هذه الأعداد الكبيرة من الطلاب، وبناء المدرسة غير جديد.
التعيينات كانت تتم بالواسطة دائمًا، كان جماعة التربية يتركون شواغر وسط البلد وفي أماكن استراتيجية لنساء الضباط، لأن الضباط يتنقلون بشكل دائم، ضابط وزوجته آنسة ضابط أمن مخابرات وانتقل على حلب سيُعين زوجته قرب سكنه إجباري عنهم، فانعكست الأمور كلها كانت داخلة في بعضها بهذا الشكل، المعلم داخل الصفحة عليه رقابة داخل المدرسة ليست الرقابة تربوية بل رقابة سياسية رقابة أمنية، إذا تكلم المعلم كلمة مباشرة يُخبر عنه ويُستدعى المعلم ويُحاسب بشدة من الإدارة وفروع الأمن والحزب و الشبيبة، المعلم عليه الرقابة الأمنية والقبضة الأمنية من كل الجوانب التي كانت في المدارس.
كانت الرقابة على الجانب الديني كنت طالبًا في الثانوية ثانوية الشهداء في حلب، وكان فيها مكتبة قيمة كنت مولعًا بالقراءة، قرأت معظم كتب المكتبة في هذه المرحلة، كنت أستعير الكتاب أقرؤه وأستعير غيره حتى أني عملت في المكتبة في الفرص، كنت أقوم بإعارة الطلاب، وفوجئت بكتب وقصص عن الصحابة قصص الأنبياء كتب لها صبغة دينية، فسألت أمين المكتبة، قلت له: أستاذ هذه الكتب لماذا هي في الأسفل منسقة؟ ولماذا لا تُعار للطلاب؟ كان هناك قائمة بهذه الكتب يُمنع إعارتها للطلاب وتُوضع تحت ويُغلق عليها، حتى قصص الأنبياء وسيرة النبي عليه الصلاة والسلام وقصص من القرآن وقصص من الحديث لها صبغة دينية فقط وليس دينية سياسية، كانت كلها في الخزائن تحت، وأما المكتبة تجد فيها نسخ من أقوال القائد الخالد نسخ عدة كتب جمعوا فيها كل خطاباته، يحاولون أن تنتشر هذه الثقافة، من جهة أخرى على سبيل المثال صدر قرار في إحدى السنوات بمنع الحجاب لطالبات الإعدادية والثانوية وبدأ تطبيقه، والكثير من الأهالي منعوا بناتهم الذهاب إلى المدارس.
بعد ذلك ظهر في مناطق توتر شديد، طبعًا حلب مدينة محافظة، وأذكر مدينة الباب على سبيل المثال صارت مظاهرات و دخلوا المدارس و كسروا الدنيا أولياء الأمور والأهالي كيف بناتنا سيخلعون الحجاب في المدرسة فتراجعوا عن هذا القرار بعد مرور مدة من الزمن وثبتوه للمعسكرات فقط.
كان الطلاب بعد العاشر عندهم معسكر الشبيبة، فلما فرضوا إلغاء الحجاب في معسكرات الشبيبة بعد الصف العاشر مباشرة كثير من الأهالي لم يسمحوا لبناتهم بالذهاب إلى هذه المعسكرات وبالتالي توقفت دراستهم لأن من لا تعمل معسكرًا لا تُكمل دراسة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2023/11/18
الموضوع الرئیس
الفساد في مؤسسات نظام الأسدكود الشهادة
SMI/OH/234-04/
أجرى المقابلة
خليل الدالاتي
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
قبل الثورة
updatedAt
2024/04/25
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةمحافظة حلب-مدينة حلبشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
حزب البعث العربي الاشتراكي