المجلس الوطني السوري والضغوطات الداخلية والخارجية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:22:30:10
تناولنا فيما سبق أن المجلس الوطني (السوري) كان يتعرض لضغوطات كثيرة من قبل جهات سورية وجهات إقليمية وجهات دولية وهذه الضغوطات كان لها أسباب مختلفة، بعض الأسباب لها علاقة بتمثيل هذه الجهات السورية أو عدم تمثيلها أو مستوى تمثيلها، والأمر الآخر أنه أيضًا كان يوجد ضغوطات من قبل بعض القوى الإقليمية والدولية تُجاه إدخال بعض الجهات إلى المجلس الوطني السوري وأيضًا موضوع العملية السياسية والحل السياسي وما إلى ذلك.
هذا الضغط الذي كان يحصل على المجلس الوطني كان يوجد هناك نقاش عليه دائمًا يحصل في الأمانة العامة المكتب التنفيذي، وكان يوجد شعور أن الطريقة الأنسب للتعامل مع هذا الضغط هي إثبات أن المجلس الوطني هو الممثل الحقيقي للثورة وهو الذي يستطيع أن يمثّل الناس على الأرض الذين يقومون بالمظاهرات وهو الذي يستطيع أن يمثّل الحراك الثوري وهو الذي يستطيع أن يكون عنده السقف السياسي المطلوب وهو الذي لديه القدرة على الانتقال السياسي ومن أجل أن يثبت هذا الشيء كان يوجد عنده خيار إما أن يستمرّ على وضعه الحالي ويقاوم وهذا ما فعله في المرحلة الأولى يعني أستطيع أن أسمّيها من مرحلة التشكيل في شهر تشرين الأول/ أكتوبر/ 2011 حتى بدايات 2012 عندما بدأ يحصل حديث كثير عن ضرورة إعادة الهيكلة والتوسعة، وعندما رأى أنه لا يستطيع المقاومة بهذه المطالبات وخاصة أن بعضها أخذ صفه رسمية مثل الشيء الذي حاولت فعله الأمم المتحدة من أجل موضوع إعادة الهيكلة وموضوع لجنة المتابعة وموضوع مؤتمر القاهرة هذا كلّه كان يدفع باتجاه أن هذا الشيء يأخذ سياقًا رسميًا أكثر داخل المجلس، وإذاً ذهبت الأمور باتجاه أكثر أنه لن يكون هناك من الممكن الاستمرار بالمقاومة وعمل أي شيء له علاقة بالتوسعة أو إعادة الهيكلة، وهنا انتقلنا إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة الإعداد للتوسعة وإعادة الهيكلة، طبعًا هذا أمر تنظيمي من ناحية الجذر ولكن له أيضًا انبعاثات سياسية وله مناحٍ سياسية تؤدّي إلى مثل هكذا إعادة هيكلة وتوسعة.
يعني ضمّ أطراف معيّنة غير موجودة هذا يعني أنه نحن قمنا بضم أطياف ربما لديها أفكار سياسية أو خطط سياسية أو توجّهات سياسية غير موجودة في المجلس وأيضًا إعطاء الانطباع أن المجلس الآن يزيد عملية تمثيله وبالتالي لا يخطر على [بال] أحد أو يستطيع أن يكون عنده شيء مقنع يقول فيه إن المجلس لا يمثل أو ليس عنده القدرة أن يمثل الحراك الشعبي و طبعًا أيضًا هم كانوا منتبهين إلى قضية أخرى وهي وضعوها كجزء من المبررات للبدء بعملية إعادة الهيكلة والتوسعة، والمقصود أعضاء الأمانة العامة والمكتب التنفيذي كان برأيهم أنه كان يوجد هناك إعاقات في العمل للمجلس وأنه كان يوجد هناك -إذا صح التعبير- سوء أداء للمجلس وأن هذا الأداء الذي هو ليس على المستوى المطلوب يمكن تجاوزه أو يمكن حلّ هذه المشكلة من خلال التوسعة وإعادة الهيكلة.
إذًا عندما بدأ الحديث عن إعادة الهيكلة أصبح يوجد حديث عمّا هي مهمات أو هدف إعادة الهيكلة وأولًا كان يوجد معالجة الأداء الضعيف للمجلس الوطني في ذلك الوقت وثانيًا ضمّ أعضاء جدد للمجلس من جهات فاعلة سواء سياسية أو شعبية أو ثورية، وهذه الجهات ستلعب دورًا ليس فقط في تقوية الجانب التمثيلي للمجلس ومن ناحية شرعيته وإنما أيضًا من ناحية أدائه، والأمر الثالث هو معالجة القصور الموجود في النظام الداخلي للمجلس وطبعًا في مثل هكذا أمور -خاصة التي لها علاقة بالشيء التنظيمي والمكونات- يجب أن يكون هناك لجنة وهذه اللجنة يجب أن يكون فيها -إذا لم أقل جميع- فإنه من معظم المكونات الأساسية الموجودة في المجلس الوطني.
طبعًا في وقتها كنا جزءًا من هذا النقاش ولكن الآن عندما أنظر إلى تلك الفترة أستطيع أن أقول إنها كانت محاولة للهروب إلى الأمام يعني موضوع إعادة الهيكلة والتوسعة كانت مرحلة هروب إلى الأمام بدلًا من التعامل مع أصل المشكلة وأصل المشكلة هو في الأداء وفي ضبط البوصلة السياسية، بمعنى أن أداء المجلس في ذلك الوقت كان متأثرًا جدًّا بموضوع مراكز القوى الموجودة في داخل المجلس التي هي إعلان دمشق والإخوان (المسلمين) ومجموعة العمل واللقاء التشاوري أو اللقاء الديمقراطي، يعني كان يوجد هناك دائمًا بسبب محاولة العمل التوافقي يكون هناك إمكانية للإعاقة أكثر من الظروف العادية، وهنا أيضًا يجب الإضاءة إلى أمر وأقول إن العمل التوافقي هو لا شك من أرقى الأعمال التنظيمية والسياسية لأنه يسحب معه أكبر قدر ممكن من التوافق وأكبر قدر ممكن من الشرعية وأكبر قدر ممكن من الأداء، ولكن هذا يحتاج الى جهات يكون بالنسبة لها واضحًا ما هو العمل التوافقي ويكون عندها الأجندة العامة أكبر من الأجندة الخاصة وإلا سيصبح العمل التوافقي هو عائق يعني يصبح فرصة للإعاقة أكثر منه فرصة للوصول إلى حلّ.
أعيد وأقول إنه دائمًا في الأحوال الاستثنائية تحصل حكومة وحدة وطنية ويحصل عمل توافقي لأن هذه هي طبيعة الأمور يعني طبيعة الأحوال كونها غير طبيعية فإنها تتطلب اجراءات غير طبيعية وأنا في الحالة الطبيعية التي كنت أقبل فيها 51% من أجل القرار وفي حالة الحرب والحالة الاستثنائية لا يعود الـ 51% ممكنًا إلا أنه كما ذكرت هذا المبدأ الذي هو صحيح والذي على أساسه تم بناء المجلس الوطني أصبح يستغلّ -أريد أن أقول- تقريبًا من كل الجهات لوضع الإعاقة في الوقت الذي لا يعجبهم فيه القرار وبدلًا من أن يحصل تفكير أكثر أنه كيف نحن نستطيع أن نصل لمساحات مشتركة لأجل تنفيذ هذا الشيء وأصبح بكل بساطة أن الكثير من الأمور الجيدة التي تُطرح يتم إعاقتها من طرف أو طرفين ويُحكم عليها بعدم الإمكانية والذهاب إلى الأمر الذي بعده، وهذا أيضًا انعكس على يعني هذا لم يكن فقط في النقاشات وآلية اتخاذ القرار وهذا أيضًا كان في آلية التنفيذ لبعض المكاتب يعني انعكس حتى على آليات العمل داخل المجلس، وكان الحل ليس عن طريق التوسعة لأنه بصراحة التوسعة وإعادة الهيكلة ستزيد المشكلة ولن تحلّها لأنني إذا [كنت] لا أستطيع إجراء توافق بين 200 شخص بعدد معين في الأمانة العامة والمكتب التنفيذي وبعدد محدود من المكونات، فكيف أنا أستطيع أن أقوم بهذا التوافق إذا قمت بزيادة العدد سواء على مستوى الأعضاء أو على مستوى المكونات أو على مستوى الذين يأخذون القرار؟
الحل لهذه المعضلة هو أن يحدث تفكير أكثر وأن يذهب الشخص أكثر في اتجاه لا أريد أن أقول 51% ولكن ربما كان 55% أو 60% لاتخاذ القرار، بحيث إنه نحن لا يكون عندنا لأن التوافق يعني 100% وهذا يعني [أن] إمكانية التعطيل أعلى و الـ 51% قد تُستخدم لكسر الطرف الآخر بطريقة أحيانًا غير عادلة، ولو ذهبنا مثلًا إلى شيء قريب من 60% لأجل اتخاذ القرار كان يوجد هناك إمكانية لتحقيق قدر مقبول من التوافق مع عدم التعطيل، يعني بمعنى أنه 60% أو أكثر يستطيعون اتخاذ القرار ولكن عندما ننظر إلى الـ 60% لا أستطيع أن أقول إن هؤلاء الـ 60% قليلون وفي المقابل أيضًا الأطراف إذا فعلًا كان يوجد عندها نية التعطيل لأجندة خاصة فلن تستطيع الحصول على 40% أو 41% وإلا إذا استطاعت الحصول على 40% فهذا يعني أنه فعلًا لا يستحق هذا الشيء أن يتمّ العمل به.
أنا بالنسبة لي الذي كنت أراه من الأمور التي كانت تعطّل أداء المجلس هي أن الأجندة الخاصة إما بشخص أو مكوّن أو مجموعة كانت تعطى الأولوية عن الأجندة العامة، بمعنى أن المصلحة العامة كان يتم التضحية بها من أجل مصلحة خاصة أو مصلحة أضيق، وهذا الشيء يتطلب عقولًا كبيرة ويتطلّب أيضًا نفوسًا كبيرة، بمعنى أنها تأخذ الهمّ الوطني بشكل كبير جدًا وتضحّي بأجندتها الخاصة ومصالحها الخاصة، وهذا الشيء لم نكن نراه كثيرًا بمعنى أنه كنا نعمل سياسة وكأننا في مرحلة استقرار بينما المرحلة هي مرحلة استثنائية ولكننا نطبّق نظامًا توافقيًا بمعنى نظام المرحلة الاستثنائية وأصبح يوجد هناك القدرة على التعطيل أعلى وأعلى من أي احتمالية أخرى، يعني كنا نتصرف أكثر وكأننا نعيش في حالة من الاستقرار السياسي وكان يوجد عندنا ترف حتى نتقاتل كثيرًا وعندنا ترف حتى نختلف كثيرًا وعندنا ترف حتى نقدّم بعض المصالح التي لها علاقة بمجموعاتنا على المصلحة العامة، وهذا الكلام يكون نوعًا ما مقبولًا نسبيًّا عندما تكون الأمور يوجد فيها استقرار سياسي وديمقراطية مستقرة في وقتها يكون مقبولًا ومن حق الـ 51% أن تمضي **** كلمتهم لأنه بعد ثلاث أو أربع سنوات سوف يكون هناك استحقاق آخر وإذا هم ارتكبوا الأخطاء فسوف يدفعون الثمن وإنما نحن في وضعنا كنا في حالة استثنائية والحالة الاستثنائية كانت تتطلب إجراءات استثنائية وطريقة استثنائية بالتعامل مع الأمور، ولكننا كنا نتعامل أكثر بالطريقة التقليدية المعتادة التي فيها الكثير من المماحكات والأمور جعلت الوصول يعني حتى مجرد الوصول إلى قرار بحدّ ذاته أزمة.
ضبط البوصلة السياسية بمعنى تقدير الموقف بطريقة دقيقة بحيث إنه لا نعيش في حالة ونبيع الناس الوهم أنه يوجد قدرة على موضوع إسقاط النظام في الوقت الذي كانت تأتي فيه رسائل واضحة جدًّا من الجهات التي تستطيع مساعدتنا على إسقاط النظام وتقول: لن يكون هناك إسقاط النظام ومن الطبيعي جدًّا أنه نحن من الأدوات التي كانت في يدنا وتحديدًا هنا أتكلم عن الأدوات العسكرية التي كانت مطلوبة من أجل إسقاط النظام نحن لم يكن عندنا هذه القدرة يعني من الناحية المادية نحن لم يكن لدينا ما يكفي من أدوات عسكرية لإسقاط النظام عسكريًا ولم يكن لدينا القدرة حتى نقنع أركان النظام الأساسية المُعتمد عليها سواء الأمن أو الجيش أو الحزب أو الطائفة أو الموالون له أن يبتعدوا بالشكل المطلوب بحيث ينهار النظام ويحصل تغيير، ونحن لم نكن نستطيع هذه أو تلك، وفي هكذا حالة يُفترض أن السياسيين يبدؤون بالتفكير بطريقة خارج الطريقة المعتادة وهم الذين يقودون الشارع وليس الشارع هو الذي يقودهم في هذا الموضوع.
وجاءت الفرصة الشيء الذي له علاقة ببيان جنيف ورأينا كيف كانت ردّة الفعل وما قبل بيان جنيف يعني عندما أنا أحضر مؤتمر لأصدقاء سورية وأول شخص تكون كل الدول تحتفي بالمجلس الوطني وفي تونس عاصمة الربيع العربي التي أصبح فيها تغيير الذي يتكلم هو أول رئيس بعد التغيير ويقول ويتحدث بالحل السياسي، وعندما نجتمع في الدوحة اجتماع الدوحة (1) في شهر أيلول/ سبتمبر/ 2011 وتكون هذه الرسالة من الأشخاص الذين هم يعتبرون أنفسهم أصدقاءنا وقريبين منا ويحبون مساعدتنا ويقولون إن الموضوع مختلف عن الموضوع الليبي ولن يحصل بنفس الطريقة، وهنا أيضًا باعتقادي أن المجلس أخذ حالة معينة كانت تستعصي على التغيير ولكن هذا بحدّ ذاته كان جزءًا من سبب المشكلة في الأداء لأنه لم يكن فقط متصلّبًا من الناحية السياسية وإنما أيضًا من ناحية الأدوات وناحية الإجراءات العملية والتنفيذية التي كان يقوم بها، وبسبب هذا الشيء لم يكن جدًّا مقنعًا وأنا باعتقادي أن أول الناس الذين خرجوا على المجلس الوطني وعملوا بشكل أساسي لإعادة تشكيل المجلس الوطني أو إعادة هيكلته وبالتالي إيجاد بديل عنه هم كانوا من داخل المجلس الوطني بمعنى من السوريين طبعًا يوجد جزء منهم كان داخل المجلس الوطني وجزء خارج المجلس الوطني ولكن السوريين عملوا بشكل فعّال على إيجاد بديل عن المجلس الوطني ونحن لم نستوعب هذه القصة في وقتها وكنا نظن أن لدينا القدرة على تجاوزها.
نحن -أستطيع أن أقول وأنا أتكلم عن نفسي ولا أستطيع التكلم عن غيري- نحن كنا نصدّق أن هذا هو الطريق الصحيح عبر إعادة الهيكلة والتوسعة والموقف السياسي القوي والصلب وباعتقادنا نحن كنا مؤمنين بهذا الشيء وطبعًا هذا الشيء أنا لا أقول إننا كنا مخطئين فيه يعني هو كأساس لا شك أنه كان الأساس الصحيح ولا يمكن أن يكون هناك أساس غيره ولكن في هذا الموقف يوجد عندنا قسمان، كان قسم تمامًا مثل جبل الجليد ويوجد قسم 80% أو أكثر هو ثابت وهو تحت الماء، صحيح لا نراه كله ولكنه ثابت وهو الذي يقوم ويقوّي الموقف السياسي ويوجد عندنا 20% هؤلاء يجب أن يكون فيهم القليل من المرونة وهذه المرونة لا تغيّر الـ 80% وإنما تجعلهم أقدر على المناورة وأنا باعتقادي أن الـ 20% هذه التي كان من المفترض أن يكون فيها مناورة كنا نعاملها مثل الـ 80% وأصبح عندنا كتلة صلبة 100% تتحرك بواقع صعب ولم يكن عندها القدرة الكبيرة على المناورة يعني تمامًا كمثال عندي سفينة كبيرة تمشي في وضع صعب ولكن لا يوجد عندها الأدوات للمناورة والذهاب يمينًا وشمالًا بحيث إنها تتفادى المطبّات والنتوءات الصخرية وتتفادى العقبات الموجودة ولو كان عندها هذه الأدوات وهي مقتنعة بها فإنه رغم كبرها وشراستها ورغم وضوح هدفها فإنها تستطيع المناورة، وأنا قناعتي أن هذه الـ 20% المناورة لم تكن موجودة عندنا.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/04/13
الموضوع الرئیس
المجلس الوطني السوريكود الشهادة
SMI/OH/129-66/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2011-2012
updatedAt
2024/08/13
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
المجلس الوطني السوري
مجموعة أصدقاء الشعب السوري
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي