بعد ما صار حشد لقوات الجيش كانت في معرة النعمان وصار التجهيز لبدء اقتحام المناطق لفرض السيطرة، فكان لدينا التسلسل وبالضبط التواريخ لست متأكدًا منها ولكن كانت في 4 تموز/ يوليو 2011 والجيش جاء أولًا على المعرة وانتشر في المعرة ثم على كفرومة ثم حاس ثم دخل على كفرنبل، وفي هذه الفترة تقريبًا بحدود عشرة أيام تسلسل الأحداث التي كانت موجودة فيها مرعبة، و وقتها نزلت مقاطع فيديو على النت وعلى التلفزيون وتُبث، وفيها شخص يدعس على ظهر رجل ويقول له: أتُريد حرية؟ والوضع كان بالنسبة لنا شبه مخيف وما كان لدينا أبدًا أي فكرة مثلًا كخيار بديل يعني الخيار البديل أنك تجلس في البيت ولا تخرج من البيت وتترك أهلك والنساء أو تترك الأطفال في البيت لوحدهم، وإجباري ستظل أنت على اعتبار أنك رجل موجودًا في البيت عند أهلك، فكانت المشاعر متخبطة والخوف.

 في تلك الفترة كنت في البيت ولست متزوج وكنت خائفًا، طبعًا لم أحمل السلاح ولكن كنت متخلفًا عن خدمة الجيش الخدمة العسكرية واسمي معمم، فالوضع إذا جاء الجيش وقال لي: أين خدمت أو عسكري سأقول له: لم أخدم، فسيأخذني، وخلال فترة سيعرف أنني كنت بمظاهرة، وهذا الموضوع سيعقد الأمور علي إذا وقعت بيد الجيش.

 فالنسبة لي كنت خائفًا وليس لدي خيار غير أن أقعد في البيت، وفي تلك الفترة ما كان هناك اتصالات كل الاتصالات قُطعت، وتقريبًا الساعة السادسة صباحًا استيقظنا على صوت إطلاق نار كثيف أول مرة نسمعه بأسلحة ثقيلة، فظننت أن الجيش صار عند بيتنا، وبيتنا في بي اسمه جونيه غربي كفرنبل آخر حي موجود وبعيد من عندنا لمكان وجود الجيش الذي كان أول كفرنبل من جهة حاس تقريبًا 2 كم أكثر كخط نظر، فكان هونيك أول كفرنبل ويُطلق بالنار بالهواء، فالصوت في كل كفرنبل وهو عالٍ وإطلاق نار كثيف، والسكان كلهم في البيوت لا أحد في الشارع ففي بعض الأحداث والقصص تُروى أن شخصًا معه بي إم بي ظل يسير حتى دوار كفرنبل وهو لا يعرف أين هي كفرنبل؟ ومن كثرة الدعايات من النظام قوية أن هناك مسلحين وإرهابيين وتكفيريين في كفرنبل، وكفرنبل كانت أعطت صدى لموضوع المظاهرة، وكل ظنهم أنهم سيلاقون جيشًا أمامهم، وانظر كيف كان النظام يلعب على فكر العناصر الموجودة عنده.

  وصل لدوار كفرنبل رأى أحدهم أو سأله: أين كفرنبل؟ فقال له: أنت في وسطها، فشعر أنه وقع في الفخ فرجع على حاس خوفًا أن يقع في فخ أو كمين، ولا يوجد أحد أبدًا، ولا يوجد سوى شعب يخرج على الشارع ويتظاهر فقط ويرجع، وهنا صار تقدم لقوات الجيش، طبعا صار التوزيع - وأنا كنت شاهدًا على هذه القصة - دخل الجيش وكان عبارة عن عربات نقل جنود التي نُسميها زيل الكبيرة وأنا لا أعرفها بالضبط ولكن هي لنقل الجنود وليست مصفحة، ويوجد بي إم بي التي هي مثل الدبابة لكن سبطانتها قصيرة وتوجد سيارات مثل الدبابة وليس لها سبطانة ويمكن هي لنقل الجنود ولكن مصفحة ومجنزرة، فكانت السيارات سيارات مجنزرة وسيارات بدواليب، وسيارات التي تكون للضابط أو للعنصر أو للأمن سيارات مدنية فمثلًا سيارة كان اسمها زوتاي، وتنظر فتجد الشارع كله سيارات أشكال مختلفة، وكلها عناصر أمن وجيش.

للوهلة الأولى ترى أن الأمن هو المسيطر وكلمة الأمن هي التي تمشي على الجيش، وحين تمر سيارة الأمن ويحكي كلمة العناصر يسكتون، وهذا قبل أن يكون عندنا حواجز، فمرت السيارة وأنزلوا العناصر، وأنا كنت في البيت أتفرج فمثلًا عنصر يقف هنا وبعد 10 م عنصر وبعد 10 م عنصر آخر، وكان عمليًا مثل تأمين منطقة انتشار ولكن هي خطة عسكرية وأنا ليس لدي فكرة عنها، ويجوز كانت الخطة بشكل عام، فصار انتشار للعناصر وظلوا طويلًا، والعنصر هو عنصر عمره 18 سنة ويقف مثلًا وصغير، وأنا مشهد أتذكره عنصر مقابل بيتنا على الطرف الثاني وكان هناك ولد صغير معه قنينة مياه وأعطاها للعنصر ليشرب لأنه واقف في الشمس، فمر ضابط وصار يصرخ، ويقول باللهجة الساحلية: الذي يتحدث مع مدني لا يلوم إلا نفسه، وهذا العنصر ترك القنينة ولم يتحرك، وهنا عندما الأمور بهذا الاتجاه ولا يوجد أحد يدوس على ظهر أحد، ونوعًا ما كان التصرف يختلف عن باقي المناطق بالنسبة لنا.

 وأنا كشخص علي تهديد ولكن أحب أن أستكشف أكثر، وأخي لديه سيارة صغيرة سونج صغيرة للحمولات فركبنا أنا وهو وقلت له: تعال لنتفرج على الجيش، فركبنا وطلعنا وكلما أتذكر تلك الحوادث أقول: أين تفكيرنا؟؟ فطلعنا لكفرنبل ونزلنا من عند دوار كفرنبل الرئيسي من عند المؤسسة وصرنا عند المخفر كانت  بي إم بي على الدوار وهناك دبابة وهنا دبابة، طبعًا أنا معي الهوية ومرتب أموري إذا سألني عن الهوية وأخي أيضًا، وكان أهل كفرنبل يخرجون ومن غير الممكن أن يظلوا في البيوت، وعند صلاة العصر أو بعد فترة، فنزلنا وعند أول دبابة هويتكم فأعطيناه الهوية، وبالنسبة لهم إذا أنا ليس معي هوية فهذا يعني أنني مهزوم من الجيش ومطلوب، ولكن معي الهوية فالأمر ميسر أكثر، فأخذت الهوية ونزلنا بنفس اللحظة كان هناك شخص اسمه مأمون البيوش يمكن شخصان اعتقلوا بنفس اللحظة وخرجوا بعد فترة أحدهم اسمه مأمون البيوش والآخر اسمه أحمد الدامور ولديهم سيارات بيك آب صغير أبيض اسمه زاز دايو، وكان بيك اب أمامنا وأنزلوه منه شخص كان يُشارك بمظاهرات وشخص على ما أظن وجدوا معه سكين في السيارة، ونحن نحب الذهاب للجبل لذلك نحمل سكينًا، وهم يفتشون السيارة وجدوا السكين فأنزلوه من السيارة وأخذوه  وعندما رأينا الوضع هكذا أردنا أن نعود وصرنا بعد الدوار نزلنا على الدوار التحتاني كانت بي إم بي أوقفتنا وطلبوا أوراق السيارة وطلبوا الإثباتات والهويات، فشعرنا أن الموضوع ليس لعبة يعني ليس هو لنتفرج على الجيش، طبعًا خلصنا منها وظلينا نازلين وصاروا يسألونا: ماذا تفعلون؟ و...فقلنا: كنا ذاهبين على البيت، ولا يمكن أن تقول لهم: كنا نتفرج على الجيش ولو قلنا ذلك كانوا أخذونا.

 بعد فترة بعد بأسبوع، وإذا نرجع للأحداث لأيام الثمانينات حين كانت أحداث الثمانينات في كفرنبل التي هي أحداث "الإخوان المسلمين" كان هناك حواجز في كفرنبل، وانظر لخطة الجيش لمتى تكون ممتدة، والحواجز كانت على المفارق الرئيسية والمداخل مثلًا كان أول حاجز في كفرنبل في الثمانينات الحاجز الأول كان على مفرق اسمه مفرق بسقلا أول كفرنبل باتجاه حاس، وفي تموز/ يوليو 2011 وقت دخول للجيش بنفس المكان وجود حاجز كأنه رجع تمركز بنفس النقاط التي هو تمركز فيها قبل 30 سنة وفي منطقة البريد ومعمل السجاد بوسط كفرنبل أيضًا كان هناك حاجز بزمن الثمانينات رجع تمركز بنفس المكان، وهذه الأفكار مثلًا حين تمركز الجيش وصرنا نعرف.