الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

صدى الربيع العربي على السوريين

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:17:22:00

 وتعقيبا عن موضوع كيف وضع سورية قبل الثورة، سوريا بشكل عام بلد ميت اقتصاديًا، وتقييمي له سابقًا سورية بلد منغلق فما كان لدينا الانفتاح والاطلاع على واقع الدول في الخارج كيف تعيش؟ للأسف كنا متقوقعين ضمن حكومة في البلد دون خط حتى دول الجوار متقدمة أفضل منا، ودائمًا عاشت مرحلة التوتر بين حرب العراق وحرب لبنان وجو المقاومة الكاذبة، ودائمًا نفسيًا كل شيء مبرر لوضعك السيء بسبب أنك أنت دائمًا مقبل على الحرب.

 فكان الوضع الاقتصادي سيء جدًا، وسورية مقسومة قسمين ناس تعمل في الزراعة وناس في الدوائر الحكومية موظفين، طبعًا الزراعة ميتة لأنها غير مدعومة من النظام الزراعة فاشلة مهملة، والمزارع ميت قولًا واحدًا ما عدا بعض الأشخاص الذين لديهم كميات كبيرة، و80% أو 90% من المزارعين هم ضمن خط الفقر، والقسم الآخر هم الموظفين الحكوميين، والوظيفة الحكومية والموظفين ينقسمون لنوعين، وكان راتب الموظف يتراوح من 100 دولار بوقتها مثلًا من 5000 ليرة سورية إلى 15.000 ليرة سورية وسطيًا، فكان الموظف يُعتبر أمام خيارين أما يعيش بهذا المبلغ اللي يُعيشه ضمن الحد الأدنى للحياة، وللأسف كان وضع الموظف سواء كان مدرس سواء كان موظف وضعه سيء جدًا أو أمامه موضوع الفساد، وهذا الشيء شجع الكثير على انتشار الفساد مثلًا كان هناك دوائر مشهورة في سورية أن هذه دائرة فاسدة من أولها لآخرها، وخاصة الدوائر التي فيها احتكاك مع الموظفين.

 مثلًا مدرسين بسبب أنه ليس لديهم مجال ليرتشي فهو ميت من الفقر أو يضطر ليُدرس وبعد الدوام يُدرس في مدارس خصوصية أو يُعطي دورات خصوصية، فهو يعمل 24 ساعة في النهار ليعيش، والجهة الثانية من طبيعة الدوائر الحكومية هم الموظفين على تماس مع الناس مثل الدوائر المالية كانت معروفة مثلًا ستذهب على المالية أي إضبارة أو أي ورقة تحتاج أن تدفع عليها 25 للموظف 50 ليرة لهذا الموظف و100  ليرة لهذ الموظف، وأي شرطي مرور في الشارع ستعطيه، ومعروفة تسعيرة الشرطة 25 مثلًا شرطي المرور حين يُشير لك ستعطيه 25 ليرة، ومن بساطة وانتشار الرشوة فلا داعي أن تُفكر، والرشوة موجودة في كل دول العالم، لكن  لتُرشي موظف في الخارج تحتاج 100 التفافة وبوابة لتصل إليه، أما تُنزل النافذة وترشي أي شرطي بدون أن تسأله، وأي موظف تضع له الرشوة داخل الإضبارة.

أذكر استخرجت دفتر العسكرية والذين قبلك يقول لك الشباب لا تدخل على الموظف إلا وأنت وضعت له 50 ليرة في الإضبارة، فنذهب لشعبة التجنيد ونعطي للموظف إذا يفتح الموظف الإضبارة ما في 50 معروف كل إضبارة يُريد 50 ليرة يرميها فورًا لأنك لم تضع فيها 50 ليرة، طبعًا لا يوجد أي سبب لتدفع المصاري، وفي كل إضبارة 50 ليرة، وكانت كل مرحلة من المراحل تحتاج ذلك، فتمر على ثلاث موظفين أو أربعة موظفين مثلًا الموظف الذي سيعطيك الإضبارة الفارغ لا يفتح الإضبارة إلا ليرى 50 ليرة فيها أو يرميها هذا وغيره، وكل الدوائر تقريبًا يمكن تقيسها على نفس الأمر.

  درست الحقوق فكنا مثلًا نتطوع في الشرطة، وكان نظام التطوع في الشرطة معروف أمامك خيارين إما تدخل صف ضابط على شهادة الثانوية تكون تدرس تدفع 500.000 أو تتخرج تدخل كضابط وتدفع مليون ليرة، و لا يمكن أن تتطوع إلا إذا دفعت هذا المبلغ، وستدفع هذا المبلغ و راتبك 6000 ، فأنت حتما مرسوم باتجاه الفساد بالأخير ستدفع مليون ليرة أكيد ليس ليتقاضى الموظف 7000 حتى الضابط أو الشرطي يقول لك أنا دفعت مليون ليرة وأُريد أن أستردها، ومن الأساس يأخذ 6000 أو 7000 ليرة ولا تكفي لأن يعيش، فهذا كان موضوع الفساد، وأي معاملة مياه معاملة في الكهرباء كله مرتبط بالفساد، والفساد هو روتين من روتين الحياة اليومية في سورية وليس شيئًا شاذًا أبدًا، وهذا كان الواقع الاقتصادي أو الواقع الإداري لكل الدوائر في سورية ولكل المناطق، و موضوع الرشوة هو للمواطن العربي السني المسلم أما المتنفذين كانوا يمشون بشكل روتيني، مثلا أذكر شعبة تجنيد حلب كان الطبيب الذي يفحص علوي وإذا جاء أحد من طرفهم أو من جماعتهم كنا نقف من الساعة السادسة صباحًا لتُسجل على الدور لتدخل طبعًا نُسجل في السادسة و ندخل عند الساعة العاشرة، فيأتي مقرب منهم أو من جماعتهم وطبعًا بعد هذا الذل سترشى أيضًا ذل ورشوة، والرشوة قلت لك شيء روتيني ليس لها دخل بأي شيء، فيأتي شخص الساعة 11:00 يدخل قبلنا وينهي أوراقه ويُغلقون الباب ليضيفوه فنجان قهوة أو يتركونا في الخارج و يشربون القهوة، ولا يدفع شيء، فهذا الموضوع مختص بنا موضوع الرشاوي نحن السنة.

  بداية لمرحلة ما قبل ثورات الربيع العربي كان لا يُمكن بلحظة أن تفكر بشي خارج هذا النظام، أنت برمجت حياتك وعقلك وتفكيرك أن هذا النظام إلى الأبد، ولا تُفكر خارج هذا المسار المرسوم لك أعتقد 99% من الشعب ما كان يُفكر خارج المسار الذي رسمه النظام بسلطته على هذا الشعب، ولا بأي وسيلة لتغييره، وأعتقد أن النسبة التي كان يأخذها بشار في الانتخابات 90% هي نسبة حقيقية لأنه لا أحد يجرؤ أن يُفكر بأن النسبة لن تكون هكذا، فأعتقد هو بالفعل كان يأخذ 99% من الأصوات لأنه لا أحد يجرؤ أن يفكر أن يقول: لا، ولا يُحاول ولا يُفكر ولا يتخيل حتى.

  كانت نقطة فارقة بتفكير الشعب السوري خاصة أنه بعد 30 سنة من 1980 أو من يوم استلم حفظ الأسد حتى  2011 هذا نظام الحكم المحصور ضمن هذه العائلة أنه بشكل مفاجئ صار في وقفة عند الشعوب أن هذا يمكن أن يتغير، وماذا كتبوا حتى الشعب الذي انتشى بعد موضوع دخول الثورات العربية والعلم عند الله، ولكن بلحظة واحدة فقط تغير تفكير الشعب مثلًا من ثورة تونس لـ"لثورة السورية" في أشهر ما هي فترات طويلة فورًا، و نجحت التجربة التونسية وبدأت تنجح التجربة المصرية، وخلال أشهر التجربة الليبية دخلت على الخط مباشرة، ويوجد تجاوب دولي، وكأن الشعب السوري شعر أن الأمور أخذت نصابها، وأنظمة قمعية مشابهة للنظام السوري بدأت تبيد، وهذا يعني إمكانية تغيير الأنظمة، فبدأت الحياة السياسية تخطر في تفكير الشعب السوري، نحن وقتها كنا طلابًا جامعيين دائمًا في هذا العمر وخاصة أننا نرى الشعوب والثورات والتغيير وأساسًا مشحون بهذا العمر، هذا الوقت الذي يجب أن نتحرك لنغير النظام، وفي فترة 25 أو 23 أساسًا ما تعرضت لشيء من النظام لأنه لا تفكر بشيء ضد النظام، وبالنسبة لجيلنا ما تعرضنا لضغط من النظام لأننا كنا لا نجرؤ نعمل أي شيء ضده، ولكن صارت فرصة لتغير هذا الشيء بدون أي تنسيق مسبق، فمع انطلاق الثورات تجلس مع رفاقك كلهم متحمسين لفكرة الثورة والكل فرحين لما يحصل في بتونس أو في مصر، لا توجد أي عوامل مشتركة بينكم، لكن في كل جلسة تجد الناس كلها متابعة لأخبار تونس وفرحة عليها ولأخبار مصر وفرحة عليها، و الناس بدأت تتكلم وتشعر أن هذا الشيء هي أيضًا يجبب أن تعمله وخاصة لما صارت الشعوب الثانية تنجح وأن هذا الشيء قابل للتحقيق وهذا شجعهم.

 والنظام لما دخل بمرحلة تخفيف القيود الأمنية وألغى قانون الطوارئ، وأنا أذكر صرنا نحكي أحاديث في الجامعة يا أخي يجب أن يصير إصلاحات ويُلغى قانون الطوارئ طبعًا كنا لا نعرف قانون الطوارئ وقتها، ولكن تشعر أنه يجب أن يكون هناك تغيير.

  وأذكر صارت مشادة بيني وبين جماعة لازم يلغى قانون الطوارئ طيب ما هو قانون الطوارئ؟ فسكتت أنا ما كنت أعرف قانون الطوارئ، لكن الرغبة الداخلية يجب أن يتغير شيء.

 فلما النظام بدأ يرفع القيود صرت تحس بأنك كنت مقيدًا، لما الإنترنت بوقتها هو شيء موجود غير موجود، هو موجود لكن لا تستفيد منه بشيء لأنه مراقب مقيد محظور ولما رفعوا الحظر على المواقع فهناك شيء محظور، ولما رفعوا قانون الطوارئ فهذا يعني وجود قانون الطوارئ، و أوقفوا المحاكمات العسكرية فهناك محاكمات عسكرية، فبدأت تشعر بالقيود المفروضة عليك وأنت متعايش معها، وعلى مستوى كم النظام خائف من موقع على النت حتى حظره وهو من الأساس غير موجود، والنظام افترض أن هذا الشي ممكن يُسبب له وجع الرأس فألغاه من الأساس، وبدأ مباشرة ينتشر موضوع سورية كلها لا يوجد فيها "فيسبوك" ورُفع الحظر عن "الفيسبوك" ويمكن خلال أسبوع كل سورية صار عندها حسابات على "الفيسبوك".

  كان تسارع النجاحات وتقدم ثورات الربيع العربي شجع الناس، وصارت حتى قبل انطلاق 15 آذار/ مارس كانت عبارات تُكتب على الجدران بعدة مناطق حتى قبل قصة درعا، مثلًا أذكر في مارع كُتب قبل 15 آذار/ مارس على الجدران، وفو رًا الأمن عمل حملة في مارع، وفي اعزاز كُتب أيضًا على الجدران و لا أذكر قبل أو بعد أيام، وفورًا الأمن طلع حملة، وهنا بدأ يرجع يطفو الأمن على الوجود، وصرت تشعر أنك مقيد أكثر نحن مراقبين نحن مضغوطين، ويجب أن تثور أكثر، والنظام هو يقدم لك مبررات لتثور ويظهر لك القيود التي وضعها عليك وهذا يشجعك على أنك تثور عليه.

 قبل 15 آذار/ مارس قبل بداية الأحداث في سورية ما كان هناك شيء، والنظام تخبط بدون أي شيء على الأرض وإطلاق المعتقلين وهذه القصص كلها صارت بعد 15 آذار/ مارس، وقبل 15 آذار/ مارس النظام كان يُحاول أنا سأغير بدون أن تثوروا وأنا ألغيت قانون الطوارئ و رفعت الحظر على "الفيسبوك" قبل أن يصير عليه شيء، حتى كان الانتشار الأمني ما عملوا انتشار أمني لكن واضح عليهم واضح على كل فروع الأمن واضح على تحركاتهم أنهم مرتبكين خائفين، وكان الخوف واضح على النظام، وهو يقول: لا تثوروا أنا و  و إذًا هو خائف ويعرف أن ثورة قادمة، وسنعمل الإصلاحات في سورية، طيب على أساس في كل خطاب أن سورية الدولة الواعية المتحضرة، وبعدها بدأت تظهر القيود، فكانوا خائفين لكن لم يعملوا شيئًا من خوفهم وما تعاملوا مع الموضوع غير أمنيًا لبعد 15 آذار/ مارس، وهنا مباشرة انتقلوا للمرحلة الأمنية لأن النظام غير مهيئ لأن يُخاطب الناس غير بلغة أمنية.

 على المستوى الشخصي قلت لك لما بدأت الثورات والناس تحكي شعرنا برغبة هائلة بالتغيير، وأنا أحد الأشخاص والدي اعتقل في 1980 ولي أقارب اعتقلوا أيضًا، ووالدي اعتقل حتى قبل أن أُولد ولا أعرف شيئًا عن تفاصيل اعتقاله ولا تجرأت أن أسأله حتى بدأت الثورات، وأنا عمري 25 سنة ليس لدي أي معلومة عن موضوع اعتقاله أو أسأله ماذا فعلوا معك في السجن.

 لما صارت ثورات الربيع العربي كنا نعرف هذه المعلومات وما كنا نجرؤ أن نسأل عنها، وقلت لك أنا أحد الأشخاص لا أجرؤ أن أسأل أبي ماذا فعلوا معك في السجن أو أسأل خالي أنت قضيت 20 سنة في السجن احكي لي قصة عنهم، وأعرف خالي مات في السجن في 2005 أرسلوا لأولاده تعالوا زيارة على تدمر، فذهبوا على أساس زيارة طبعًا هم قبل 25 سنة ما زاروه أي زيارة، فاتصلوا تفضلوا زوروا ذهبوا وإذا هو ميت ليسلموهم جثته، وما سألنا يعني ممنوع حتى تسأل كيف مات؟ أو ماذا حصل له؟ حتى الآخرين الذين خرجوا بعده لا نسألهم شيء.

 لما بدأت ثورات الربيع العربي داخليًا فيك شيء يتحرك لتسأل عن كل شيء مضى، فصرنا نجلس وماذا صار معكم في الثمانينات ومن اعتقل؟ وكيف كنتم تتعذبون؟ ولدينا معلومات لكن كنا لا نستطيع أن نحكيها، وحين بدأت ثورات الربيع العربي صرنا ننكش الدفاتر وتشعر في داخلك ثأر قديم لشعبك يجب أن تبحث عنه، ورغم أننا ما عانينا منه ولم نُعتقل أو ..لكن لديك ثأر ورثته و لا تستطيع أن تُفصح عنه فلما جاء الربيع العربي شعرنا بضرورة فتح و تجديد هذا الثأر، ومن اعتقل فلان؟ ومن قتل فلان؟ ولماذا قتلوه؟  صرنا نسأل عن هذه القصص التي كنا لا نجرؤ أن نسأل عنها على مدار 25 سنة الماضية، وأنها حانت الفرصة لنتحرك.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2023/10/23

الموضوع الرئیس

صدى الربيع العربي في سورية

كود الشهادة

SMI/OH/218-02/

أجرى المقابلة

خليل الدالاتي

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

عام- 2011

updatedAt

2024/08/12

المنطقة الجغرافية

محافظة حلب-منطقة اعزاز

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة