أسامة عثمان، والمعروف بلقب "سامي".

وُلد أسامة عثمان عام 1966 في مدينة التل في ريف دمشق، وحصل على شهادة الهندسة المدنية من جامعة دمشق، وتخلف عن الخدمة العسكرية الإلزامية مدة 12 عامًا، وعمل في وزارة الإدارة المحلية في بلدية بلدة رنكوس، ثم في بلدية بلدة حوش عرب لحوالي عام، وكان لديه محل "بزورية" (محل لبيع مواد العطارة والأعشاب) في سوق الزبلطاني في مدينة دمشق.

بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011، شارك أسامة بالمظاهرات السلمية في مدينة التل وحي القابون، وساهم في عملية تهريب صور آلاف المعتقلين الذين قُتلوا تحت التعذيب في سجون النظام بالتنسيق مع فريد المذهان "قيصر" (نفذ المذهان أضخم عملية تسريب من أجهزة الأمن ومعتقلات نظام الأسد، حيث شملت الصور آلاف المعتقلين بعد قتلهم تحت التعذيب، حيث سرّب ما يقارب 27 ألف لقطة (إذ كانت جثة الضحية تُصور أحيانًا بعدة لقطات ومن زوايا مختلفة وفقًا للإصابات والعلامات الفارقة في جسده) لحوالي 7 آلاف معتقل قتلوا تحت التعذيب بين آذار/مارس 2011 وآب/أغسطس 2013 (ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن الصور تعود لـ 6786 شخصًا قُتلوا داخل معتقلات النظام).

في أيار/مايو 2011، بعد شهرين من بدء الثورة السورية، التقى أسامة بالمذهان بعد شهرين من بدء الثورة، واتفقا على أن يتم جمع الصور التي ترد المذهان وعليها آثار تعذيب، وبدأت عملية تهريب صور المعتقلين وتوثيقها وجمعها لمدة ثلاث سنوات حتى آب/أغسطس 2013، كان المذهان ينقلها يوميًا من مقر عمله في دمشق إلى مكان إقامته في مدينة التل، حيث يسلمها لأسامة عبر وسائط رقمية، ويقوم أسامة بتفريغها على جهاز الكمبيوتر الخاص به وحفظها.

خرج أسامة أواخر العام 2013 إلى لبنان والأردن وتركيا وقطر، ثم استقر في فرنسا (لا يزال يعيش في فرنسا)، وعمل مع المذهان خلال تلك الفترة على التواصل مع مؤسسات حقوقية سورية وأوروبية ومحاكم دولية لتقديم الأدلة والشهادات التي توثق جرائم النظام بحق المعتقلين.

في كانون الثاني/ يناير عام 2014 انتقل أسامة من تركيا إلى قطر، وكلّفت الحكومة القطرية مكتب "كارتر روك" للمحاماة البريطاني مهمة التحقق من هوية "قيصر"، والتدقيق في صحة الصور التي هربها، وأطلق على نفسه حينها لقب "سامي"، وعمل المكتب على إعداد ملف قانوني حول الصور المهربة، وخلص التحقيق إلى أن الصور التي قدمها "قيصر" تعد دليلًا على الجرائم التي ارتكبها النظام بحق المعتقلين في سجونه.

في 21 كانون الثاني/يناير 2014 ظهر ملف "قيصر" لأول مرة بعد نشر فريق تحقيق دولي تقريرًا بعنوان "مصداقية بعض الأدلة بما يتعلق بتعذيب وإعدام الأشخاص المسجونين من قبل النظام السوري الحالي" كشف عمليات تعذيب وقتل ممنهجة في سجون نظام الأسد اعتمادًا على صور "قيصر" المسربة، وبعدها عرض فريد المذهان شهادته في جلسة استماع علنية عُقدت في واشنطن أمام لجنة العلاقات الدولية في الكونغرس بتاريخ 1 آب/أغسطس 2014.

انتقل أسامة عثمان برفقة فريد المذهان "قيصر"، من قطر إلى تركيا ثم إلى فرنسا، وذلك بمساعدة المبعوث الفرنسي إلى سورية آنذاك إريك شوفالييه، كما زارا الولايات المتحدة نحو خمس مرات بين عامي 2019 و2020 بالتنسيق مع المنظمات السورية العاملة في الولايات المتحدة، حيث التقيا بأعضاء في مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين، لشرح معاناة السوريين والتأكيد على ضرورة إسقاط نظام الأسد،

رفع أسامة وفريد دعاوى قضائية أمام المحاكم في فرنسا وألمانيا، بالتنسيق مع منظمات حقوقية سورية وأوروبية، وبالتعاون مع أهالي الضحايا وعدد من الشهود، وأدت شهادات المذهان أمام القضاء الفرنسي، إلى جانب شهادات عثمان أمام القضاء الألماني ووحدة مكافحة الحرب الفرنسية، إلى إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق عدد من المسؤولين وضباط الأمن التابعين للنظام، بينهم علي مملوك وعبد الفتاح قدسية وجميل الحسن.

سلّم أسامة السلطات الألمانية نسخة من ملف "قيصر"، عن طريق مكتب "المركز الألماني للحقوق والحريات الدستورية" بمساعدة المحامي السوري إبراهيم القاسم، وبعد فحص دام عامًا ونصف، أصدرت وزارة العدل الألمانية تقريرًا يؤكد صحة الصور ومصداقيتها، ويوجه اتهامًا لنظام الأسد بالمسؤولية عن الجرائم الموثقة فيها، كما سلّم نسخة أخرى من ملف "قيصر" إلى السلطات الفرنسية.

استنادًا إلى الشهادات والصور التي قدمها "قيصر"، أقر الكونغرس الأميركي "قانون حماية المدنيين السوريين" أو ما يُعرف باسم "قانون قيصر" في 11 كانون الأول/ديسمبر 2019، والذي فرض عقوبات اقتصادية على نظام الأسد وحلفائه، بالإضافة إلى الشركات والأفراد المرتبطين به، ودخل حيز التنفيذ عام 2020.

بقيت هوية أسامة عثمان مجهولة حتى سقوط نظام الأسد حيث كشف عنها لأول مرة في لقاء مع صحيفة "الشرق الأوسط" في 12 كانون الأول/ديسمبر 2024، وقال في بيان تلاه خلاها: "سورية التي تركها فريقنا قبل 11 عامًا رفقة آلاف الوجوه المعذبة والأجسام المشوّهة، مئات المحاجر التي فارقتها العيون كانت تحلم أن تكون بيننا، في كل وجه من تلك الوجوه كنت أرى صورة أبي وإخوتي وأصدقائي. في عتمة الليالي الطويلة تمعنت في وجوههم وعاهدتهم أن ننتصر. يحيى الشربجي في أحياء دمشق القديمة عاهدتك أن ننتصر، وحين رأيت صورتك على جدران متحف الهولوكست بكيت وعاهدتك أن ننتصر، يحيى الشربجي لقد انتصرنا. غياث مطر، عبد الله عثمان، برهان الغضبان، نور الدين زعتر، إلى كل هؤلاء من عرفتهم ومن لم أعرفهم عليكم رحمة الله، لقد انتصرنا، انتصرت دماؤكم وسقط الأسد. عليكم رحمة الله، وعلى الأسد لعنة التاريخ".