اعتقال قادة الحراك في داريا بينهم يحيى شربجي وغياث مطر
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:08:33:08
في شهر رمضان (آب/ أغسطس) عام 2011 انضممت إلى إدارة التنسيقية، وبعدها بفترة قصيرة خلال أيام اعتقل أكثر من شخص من أعضاء التنسيقية [وعليه] اضطررت للذهاب إلى دمشق، بقيت هناك لعدة شهور، عدت خلالها إلى داريا لمرات قليلة جدًا، في تلك الفترة كان صعبًا جدًا -ونحن نتكلم عن الشهر الثامن (آب/ أغسطس) عام 2011 - أن تجد منزلًا لتبقى فيه كمطارد؛ لأنه إذا أمسك بك فستورط أهل المنزل والبناء، وحتى الناس عندما أصبحت ترى الاعتقالات التي تطول، وبدؤوا يسمعون بقصص التعذيب؛ أصبحوا يشعرون بالخوف أكثر من قبل. إلى حين تلك الفترة كان يوجد أول شهيد تحت التعذيب في داريا اسمه: زاهر المبيض، وهو شاب صغير اعتقله الأمن على أحد الحواجز، فضربوه وعذبوه حتى الموت وتركوا جثته، في وقتها أقمنا تشييعًا كبيرًا، ولكنها كانت أول صدمة لنا (أنه تعرض للضرب حتى الموت) فإلى حد ما ومع القمع المتزايد، وطول فترة الاعتقال، وعندما يخرج يتكلم عن قصص التعذيب؛ بدأت الناس تحسب الأمور أكثر، وأنت لا تريد أن تورط أحدًا معك، وأصبح [النشاط] صعب كثيرًا ضمن داريا، لأن هناك موضوع العواينية (الواشين)؛ فحتى لو كان الحي مضمونًا فمن الممكن أن يراك شخص واحد في كل الحي: كيف تدخل، وتخرج، [أن يبلغ عنك]، فأصبح الوضع صعبًا؛ فلذلك اضطررت للخروج إلى دمشق، وأكثر الشباب الناشطين ذهبوا إلى دمشق، أو إلى مناطق في الريف الغربي، كان هناك أشخاص في الأصل لديهم مزارع في خان الشيح والحسينية والجديدة فكانوا يتوزعون فيها.
استمر هذا الأمر إلى فترة العيد، كنا أحيانًا نذهب إلى داريا، كنا نتواعد بأن نفطر معًا في رمضان، ونتحدث عن الأخبار، ولكن التنسيق أغلبه أصبح عبر الإنترنت، للامانة أنا كنت متحفظًا، وحتى يوجد درجة كبيرة من الخوف من الموضوع، في حين أنني أذكر الأمر بالنسبة ليحيى كان عاديًا جدًا، مثلًا الساعة 11:00 (ليلًا) لديهم اجتماع في منطقة في المزة، أوفي الجسر الأبيض، فأقول له: يوجد خطورة الآن، إذا كان الشخص يمشي نهارًا في الطريق فالموضوع سهل، ولكن إذا رأته دورية في الليل فإنه فسيكون موضع شبهة، كان [يحيى] قلبه أقوى (أكثر جرأة) مني، وكثير من الشباب كان قلبهم أقوى، ولكن بطبيعتي أحسب الأمور.
في دمشق كان التواصل بشكل أساسي عن طريق" الإنترنت "، انتهى رمضان وجاء العيد، ولم نحتفل بالعيد؛ لأن النظام لم يسقط [كما كنا نؤمل]، أذكر في ليلة القدر (27 آب/ أغسطس) اقتحم مسجد عبد الكريم الرفاعي، وضربوا الشيخ أسامة الرفاعي، فكان هناك توقع أيضًا بأن يكون هناك حركة معينة في ليلة القدر، ولكن مع الأسف.. كان يوجد استمرارية.. وكان مسجد الرفاعي في كفرسوسة يعدّ ضمن دمشق وهناك نشاط، ولكن لم يحصل شيء.
أذكر أنني تعرفت على طبيب خلال الثورة من كفرسوسة، كان نشيط جدًا، واستمر نشاطه فيما بعد، كنا ننسق ونحاول فعل شيء [مشترك] بين داريا وكفرسوسة، في إحدى المرات من ضمن الكلام الذي كان يقوله لي بصيغة شبه اعتذارية: إنه يحاول ألا يظهر نفسه؛ لأنه سوف يكون هناك دور للأطباء في يوم الاعتصام الكبير، يعني حتى [ذلك الوقت الذي] يكون فيه اعتصام كبير وقمع كبير وجرحى كثر، فيجب أن يكون هناك أطباء كثيرون من أجل التعامل مع الموضوع، فكان السيناريو نفسه الذي حدث في مصر، ولكن بدلًا من أن يكون أسابيعًا يكون أشهرًا، وأعتقد أن هذا الكلام كان في شهر (حزيران/ يونيو)، فالموضوع أنه كان يحاول أن يخفي نفسه ويؤجل اعتقاله -على الأقل- حتى تلك الفترة [التي يقام فيها الاعتصام الكبير].
أذكر أن الاعتقال كان هاجسًا يوميًا، فيمكن أن تعتقل في أي يوم! في وقتها كنت أشجع فريق برشلونة كثيرًا -فيما بعد تركت متابعة الرياضة- ولكن قبيل الثورة كنت أتابع بشكل دائم، لا أذكر جيدًا في أي شهر ربما (نيسان/ أبريل) أو (أيار/ مايو) كان يوجد" كلاسيكو" بين برشلونة وريال مدريد، فكنت أقول بيني وبين نفسي: إن شاء الله لا يتم اعتقالي حتى انتهاء" الكلاسيكو"؛ حتى أشاهده، فعمليًا تضع في بالك أنه يمكن أن تعتقل في أي يوم، وبصراحة، بدأنا نسمع قصص رفاقنا الذين خرجوا من المعتقل عن التعذيب الذي حصل، وخاصة تعذيب الأشخاص المميزين الذين كان لهم نشاط كبير، وبصراحة بدأ التوتر الداخلي والخوف.
اعتقالي القديم في عام 2003 لا يعتبر [مخيفًا]؛ فكان حبسًا للحرية، ويوجد فيه شيء من الإساءة، ولكن لم يكن فيه تعذيب أبدًا بالنسبة لي ولأغلب رفاقي، وحتى التعذيب الذي تعرض له الآخرون من الذين كانوا موجودين معنا (عام 2003) لا يقارن بالتعذيب في الثورة، وبالنسبة لي كنت أحاول تجنب الاعتقال، ولكنه ليس مشكلة كبيرة إذا حصل، ولكن فيما بعد، أسبوعًا بعد آخر بدأنا نسمع عن التعذيب في السجون، ففعلًا أصبح الموضوع يدعو للتوتر، وأصبح تجنب الاعتقال أولوية، أو يجب أن توازن بين نشاطك [بحيث] لاتعرض نفسك للاعتقال.
انتهى رمضان ولم يسقط النظام ولم تحصل تغيرات جوهرية، بعد العيد مباشرة اعتقل يحيى شربجي وغياث مطر في الشهر التاسع في 6 (أيلول/ سبتمبر) كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي، في البداية اعتقل معن شربجي أخ يحيى، ومعن كان شابًا نشيطًا جدًا في المظاهرات والتنسيق الإغاثي، ويبدو أنهم وصلوا إليه -هو كان يجلس(يختبئ) في منزل في المنطقة الغربية- فأبلغ عنه واعتقل مع شخص آخر، وأجبروه على الاتصال بأخيه يحيى على أساس أنه مصاب وهو بحاجة للمساعدة. الذي فهمته فيما بعد -طبعًا أنا من بعدها لم أر يحيى رحمه الله، ولا غياث- ؛ لكن الذي فهمته من الأشخاص الذين كانوا معهم أنهم شعروا بوجود كمين، ولكنهم لا يستطيعون عدم الذهاب فلربما كان الأمر صحيحًا، وبنفس الوقت حاولوا أن يكونوا حذرين، فوعدوهم (الأمن) في مكان عند مفرق صحنايا (أشرفية صحنايا) بين داريا وأشرفية صحنايا، هناك يوجد بيت عم يحيى وأماكن كان يعرفها، كان هذا الكلام في الصباح الباكر، جاء يحيى وغياث في سيارة؛ ويبدو أن غياث لم يقبل أن يذهب يحيى لوحده فجاء معه، وكان من المفترض أن ينزلوا من السيارة قبل المكان بمسافة ولكن يبدو أن الجيش أو الأمن كان ينتظرهم في مكان أبعد، بمجرد أن ينزلوا من السيارة سيلحق بهم، فالذي فهمته أنه أطلق النار على غياث، وكان يحيى يستطيع الهروب، ولكنه لا يريد أن يترك غياث مصابًا فأمسك بهما. فالاعتقال بحد ذاته كان صدمة بالنسبة لنا؛ لأنه عمليًا تفككت التنسيقية؛ لأنه عمليًا بقيت أنا ونبيل شربجي من الإدارة، ومهمه اعتقل أكثر من شخص شاب من بيت خولاني وشاب من بيت البياض، فبات هناك اعتقالات مكثفة ومتتابعة، أستطيع أن أقول عمليًا إن 70% من الأشخاص البارزين في النشاطات الأولى والأشهر الأولى اعتقلوا؛ سواء في النشاط الميداني المباشر أو في التنسيق الإعلامي أو الإغاثي أو الطبي أو غيره.
في دائرتنا التي صار اسمها "تنسيقية اللجان" كان يحيى [شربجي] محور كل شيء، حتى إذا كنا نريد أن نعمل في شيء إعلامي فهو كان موجودًا في صورة الحدث، ليس شرطًا أن يتابع التفاصيل، ولكنه في صورة الحدث، وإذا كان هناك شيء غير معتاد فإننا نشاوره، كان لنبيل أيضًا دورًا محوريًا، وأسامة نصار كان معتقلًا لفترة شهرين فغاب قليلًا عن التطورات، ومحمد قريطم كان دوره محوريًا.
[هنا] يوجد أمر، أنه أحيانًا يحصل ضمن المجموعات نوع من التنافس، بمعنى أنه من سوف يأخذ دورًا أكبر؟ وأنا بطبعي لا يوجد عندي مشكلة بما أن الأمور تمشي، فكنت أحضر جزءًا كبيرًا من الأمور بنفسي، وجزء كبير اطلعت عليه من خلال محمد ويحيى وغيرهم، ولكنني أذكر أن الأمر لا يخلو - ضمن المجموعة- من حصول بعض الحساسية [فكان هذا السؤال موجودًا]: لماذا لم تقولوا لنا؟ ففي فترة معينة بدأت أشعر بأنه صحيح [بأنهم يفعلون ذلك لضرورات أمنية] ولكن على الأقل ضعونا في صورة الوضع! يعني مثلًا: غذًا إذا اعتقل يحيى! يوجد الكثير من الخيوط لا نعرفها، فكان يحصل نوع من الأخذ والرد في الموضوع، ولكن أستطيع أن أقول أنه إذا تم الحديث في داريا [وطرح سؤال] من هو رقم واحد فيها؟ فيقال: يحيى شربجي؟
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/08/27
الموضوع الرئیس
الاعتقال خلال الثورةاعتقالكود الشهادة
SMI/OH/34-11/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
أيلول 2011
updatedAt
2024/09/30
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-كفرسوسةمحافظة دمشق-المزةمحافظة ريف دمشق-مدينة دارياشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
تنسيقية داريا - لجان التنسيق المحلية