الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تفاصيل الأربعاء الدامي في درعا

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:14:12:00

في يوم الأربعاء 23 آذار 2011، كان المنظر رهيباً وجميلاً وحضارياً، وشاركت في هذه الجموع كل أطياف الناس من مثقفين، وعاملين، وفلاحين، وكادحين، وحتى المرضى. شاركت كل طبقات أو أطياف المجتمع الموجودة في هذه المدينة على الإطلاق. وفي هذه الفترة، حضر- لا أذكر إن كان في هذا اليوم أو غيره- إخوة مسيحيون مساءً من بلدة رخم، من آل السالك، وهم معروفون، ومنهم من هو موجود حالياً في مناطق النظام.

كانت هناك نساء، ولكن عند الزحف أو التوجّه إلى درعا أتوقّع أن النساء عادت إلى المنازل؛ لأن المسافة تتجاوز 30 كيلو متراً، [وستُقطع] سيراً على الأقدام من الحراك إلى درعا، وكان الجو ممطراً وبارداً، ولا يُسمح بهذا العمل الشاق بالنسبة للنساء.

تجاوز عدد المتجمهرين 50 ألف مواطناً، واستمرّ العدد بالازدياد إلى ساعة الانتهاء من التجهيز للخروج إلى درعا، وتمّ حمل أغصان الزيتون، ومن الشخصيات التي حملت غصن الزيتون الفنان- رحمه الله- والمنشد جمال الإمام، وطلب من المتظاهرين، وقال لهم: يا إخوان، يا شباب، نحن متظاهرون سلميون، ويجب أن نظهر صورة حضارية للناس، ولا نقوم بالتكسير(التخريب)، ولا نعبث بالممتلكات العامة، فكان هناك توجيهات من البعض أو الكثير من الناس الموجودين في هذا الحشد، وفي هذه المظاهرة، وفي هذه الجموع العظيمة.

التجمّع كان في مدينة الحراك (مركز المنطقة الشرقية). وطبعاً، مروراً ببلدة الصورة، وكل بلدة نمرّ بها كنا نقف عدة دقائق أو أكثر من ربع أو نصف ساعة حتى يخرج أهالي هذه البلدة، وينضمون إلى قافلة التظاهر والتوجّه إلى درعا.

طبعاً، يستغرق المشي من الحراك إلى[بلدة] الصورة حوالي 20 دقيقة تقريباً، وإلى أن يتمّ التجمع، يستغرق ذلك نصف ساعة، تمّ إلقاء خطب وإطلاق شعارات تطالب بإسقاط النظام، وفكّ الحصار، والفزعة لأهالي مدينة درعا.

طبعاً، في هذه الأثناء، و بعد الخروج من بلدة الصورة توجّهنا إلى بلدة علما، وكانت تبعد حوالي 6 أو 7 كيلومترات عن بلدة الصورة، و يتمّ الاجتماع هناك في الشارع العام، ويُطلب من أهالي البلدة تلبية نداء الفزعة، ويلتحق أهالي بلدة علما بجموع المتظاهرين أيضاً، ولكن في هذه اللحظة، عندما وصلنا إلى خربة غزالة، و خربة غزالة هي بلدة رئيس مجلس الوزراء المقتول سابقاً، وكان هناك حقد كبير لدى أهالي هذه المدينة على مقتل رئيس حكومة معروف كيف تمّ قتله وتصفيته في زمن حافظ الأسد على إثر رواية الأموال التي تمّ إيداعها في سويسرا لباسل الأسد، وعلى إثرها تمّ كشف هذه الأموال، وتمّت محاسبة محمود الزعبي، وقتله رمياً بالرصاص (بثلاث رصاصات)، وأتذكر بهذه الأحداث مراسم [تشييع] لا ترتقي لأن تكون لعامل [اقتصر التشييع على] سيارة إسعاف وفرشة مهترئة، ولم يشارك أحد في جنازته، ومُنع من المشاركة فيها المسؤولون أو الحزبيون أو الموظفون إلا بعض الشخصيات الرمزية، مثل: يوسف أبو رومية (أبو محمد)، رحمه الله.

عندما دخلنا إلى بلدة خربة غزالة، كان هناك من عارض الخروج، وهناك من كان يؤيد فكرة الخروج إلى درعا؛ لفكّ الحصار عن المتظاهرين. وطبعاً، كنت أنا والفنان أحمد القسيم في سيارته الشخصية، وبسبب الخوف والحرص بعد التجمع في خربة غزالة، انطلقت أنا والفنان أحمد القسيم ليس مشياً على الأقدام، وإنما بسيارته الشخصية، وذهبنا إلى مدينة درعا، ودخلنا من ناحية مستشفى الشرق، وكان المكان مطوّقاً تماماً، وعندما دخلنا من جهة مستشفى الشرق، وعند وصولنا إلى دوّار الحمامة اعترضنا حاجز للأمن العسكري، ووجّه السلاح إلينا، وسألنا من أنتم؟ فعرف الفنان أحمد القسيم من قبل أحد الأمنيين الموجودين، فقال له: إلى أين أنت ذاهب؟ فقال له: جئنا لنتبرع بالدم من أجل الأشخاص الذين طلبوا [المساعدة] عبر نداء استغاثة؛ لأن المسجد العمري يستغيث، ويحتاجون دماً بزمر متنوعة، وجئنا لنتبرع أنا والأخ منيف قداح، وعندما عرف هذا العسكري أن هذا هو أحمد القسيم قال له: أنت معروف، ولو كان هناك شخص غيري لقتلكم، ونحن معنا أوامر بإطلاق النار على أي شخص يدخل إلى درعا. ولا تقل: أنا جئت لأتبرّع بالدم، أو أتظاهر، وحاول أن تخرج من هنا. ثم دلّنا على طريق للخروج؛ بحيث لا يتمّ إطلاق النار علينا. وفعلاً، خرجنا من طريق، وبقينا ننتظر عند مدخل" البانوراما" (المدخل الرئيس لمدينة درعا) وطريق دخول المتظاهرين الذين أتوا فيما بعد من بلدة خربة غزالة، والتحق أهالي بلدة خربة غزالة بالمظاهرة؛ ليزداد جموع المتظاهرين بشكل مضاعف.

في هذه الأثناء، تمّ الدخول عن طريق بلدة عتمان من بوّابة درعا، من جهة الشمال، والتحق أهالي عتمان أيضاً بهذا الحشد الكبير، وكنا ننتظر، وكان هناك أشخاص من درعا، ومن بين هذه الشخصيات أبو علاء حسن قومان الذي كان رجلاً معروفاً، وهو رجل أعمال، ويحشد ضد النظام؛ لأنه كان يتعرض لضغوط من عاطف نجيب في أمواله وتجارته. فجئت أنا والفنان أحمد القسيم، فوجدناه واقفاً في أول مدخل مدينة درعا عند البانوراما، وقال: إن الوضع سيئ ويجب أن نمنع الناس من الدخول إلى درعا؛ لأن الأمن منتشر، ويوجد قناصة واستنفار أمني كبير، ولا نريد أن يسيل هذا الدم، والنظام لن يرحم أحداً. فقلنا له: يا أبا علاء، نحن أتينا، ورأينا الذي أمامنا، ولا يمكننا أن نعيد الناس.

أتت جموع المتظاهرين، آلاف مؤلّفة، بعد الساعة 5 عصراً؛ لأن [قطع] مسافة 30 كيلومتراً، استغرق حوالي 3 ساعات ونصف أو 4 ساعات مشياً من الحراك إلى درعا. طبعاً، هنا حصل احتكاك [جدال ] حول الدخول [إلى مدينة درعا] من عدمه؛ لأن الوضع متأزم، وكان الجيش موجوداً على يمين المتظاهرين، أو من جهة" البانوراما "بأعداد كبيرة ومسلحاً، ويوجد قطعة عسكرية -لا أذكر اسمها- بجانب البانوراما، والمتظاهرون يهتفون: "الجيش والشعب يد واحدة" و "حرية وبس" ولم يكن يوجد خطابات استفزازية، وفي هذه الأثناء، لم يعترض الجيش طريق المتظاهرين، وكان هناك رجل يتنكّر بزي حوراني، كما شاهدتم بالصور، وطلب من الناس الدخول بعد البانوراما، وهذا الرجل يقُال عنه: إنه ضابط أمن، أو أحد الشخصيات الأمنية التي سهّلت دخول المتظاهرين؛ حتى يتمّ إطلاق النار عليهم فيما بعد، ولم يُعرف هذا الشخص المتنكّر بالزي الحوراني.

دخل الناس عصراً إلى درعا من "البانوراما"، وتجاوز الناس "البانوراما"، ودخلوا درعا. وأصبح الجيش من الجهة الشمالية، وبعد تجاوز هذا الشارع وصولاً إلى الكازية، و[فندق وايت روز] والفرن الآلي. وهناك الدوائر الرسمية المعروفة، مثل: قيادة الشرطة، أو المنظمات الحكومية، مثل: اتحاد الرياضيين، واتحاد الفلاحين والعمال، والجيش الشعبي. عند الوصول إلى هذه المنطقة تمّ إطلاق النار على المتظاهرين من كافة الاتجاهات، وكان يوجد قناصة على الدوائر الحكومية (اتحاد الفلاحين، واتحاد العمال، والجيش الشعبي، والاتحاد الرياضي) وتمّ إطلاق النار بلا هوادة، كان هناك إطلاق نار كثيف. طبعاً، نحن لم ندخل في هذه اللحظة، ورجعت أنا والأخ أحمد القسيم، وعدنا إلى مدينة الحراك بسيارتنا.

المشهد الذي حصل ووثق من بعض الإخوة الإعلاميين الذين شاركوا بهذا التصوير، مثل: منير عقاب القداح. حيث صوّر مظاهر القتل. دخل الناس في قطاع الأمن والجيش كان خلفهم، وتمّ إطلاق الرصاص الحيّ مباشرة بشكل كثيف على المتظاهرين، وكان القناصة منتشرين في النادي الرياضي، وفوق منزل المحافظ، وحصلت مجزرة حقيقية، ويوجد الكثير من الإصابات التي لا تُعدّ ولا تُحصى. وكان تساقط الأمطار مع دماء الشهداء يغسل هذه المنطقة، وكان هناك حالة غير طبيعية، لم يتوقّع المتظاهرون أن يتعامل النظام والعناصر الأمنية مع المتظاهرين الذين دخلوا إلى مدينة درعا، وهم يحملون أغصان الزيتون بالرصاص الحي والمتفجّر، وكانت أغلب الإصابات في الرأس، ومن كان جريحاً كان يتمّ الإجهاز عليه من قبل النظام بإطلاق الرصاص الحي عليه مباشرة.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/11/09

الموضوع الرئیس

الأربعاء الدامي

كود الشهادة

SMI/OH/96-07/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي ، أحمد أبازيد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

23 آذار 2011

updatedAt

2023/11/03

المنطقة الجغرافية

محافظة درعا-عتمانمحافظة درعا-خربة غزالةمحافظة درعا-علمامحافظة درعا-الصورةمحافظة درعا-الحراكمحافظة درعا-مدينة درعا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

الشهادات المرتبطة