الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

إزالة تمثال حافظ الأسد في "جمعة العشائر" في مدينة حماة

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:07:23

في جمعة العشائر (10 حزيران/ يونيو 2011): كان هناك قرار ضمني عند كل الناس أننا سننزل هذه الجمعة، والجمعة الماضية ضربوا، وقاموا بمجزرة، قتلوا أولادنا لمنعنا من النزول إلى الشوارع، ويخيفوننا، نحن سنثبت لهم العكس بأننا لم نخف، وهذه الثورة مستمرة، والناس الذين ماتوا لهم حق في رقابنا وإحساس بهذا الحق أو الواجب لهؤلاء الناس الذين ماتوا أن ننزل؛ لأنهم ماتوا في الشوارع وهم يهتفون للحرية، فكان القرار ضمنياً، وكلنا سننزل إلى ساحة العاصي لنتظاهر يوم الجمعة، وكان اسمها: جمعة العشائر، والذي تميز في الحضور أن العشائر التي تسكن في الريف حول حماه نزلت، هناك عشيرة التركاوي والخليفة من منطقة الحمراء، هؤلاء الذين أذكرهم؛ لأنهم كانوا يحملون الكثير من اللافتات، وسجلوا اسمهم (اسم العشيرة)، وهناك عشائر أخرى نزلت لتشارك، وفي الأساس الجمعة اسمها: جمعة العشائر، وهذا زاد زخم الحضور أكثر لاحقاً.

وسأتكلم قبل يوم الجمعة، وهو يوم الخميس عما حصل، والتجهيزات كالعادة للمظاهرة، وصار هناك عمل أكثر في اللافتات، وأصبح يلزمنا تجهيزات صوت أكثر للناس المعنية بهذا الأمر، مثل: المجموعة التي كانت تهتف (عبد الرحمن فرهود والمجموعة التي معه)، فعملوا أكثر على هذا الموضوع بأن يأتوا بتجهيزات صوت أكثر؛ لأن عدد الناس يعطي ضجيجاً أكبر وصوتاً أكبر؛ وبالتالي نريد تجهيزات أكبر ليصل الصوت للجميع وكل هذه الأمور. في هذا الوقت، بثّ النظام إشاعات كثيرة عن تحضيرات وتجهيزات له وحشد كبير جداً للقوى الأمنية و أنه سيكرر المجزرة التي حصلت، وسيحصل إطلاق نار، وصار هناك تهويل، وكان النظام هو المسؤول عن هذا التهويل، ومن المؤكد أن النظام عرف بأنه لن يستطيع أن يوقف المظاهرة، ولكن غايته من بث الإشاعات كانت أن يخفف الأعداد قدر الإمكان؛ ليعطي إحساساً وشعوراً للناس بأنَّ المجزرة أتت بنتيجة، وأخافت العالم. طبعًا، فشل هذا الأمر، ولكن سأتكلم بتفصيل صغير بيننا كأصدقاء، لدرجة أنه حين كنا جالسين، وتصلنا الأخبار: هناك تجمع للشبيحة على الأسطح، وسينزلون آليات وإلى آخره. لدرجة أننا كنا نتخيل بين بعضنا أنهم بحاجة لبوارج حربية تمشي في قلب العاصي، تخيل كم كان التهويل بأنه سيكون حضور أمني كثيف لمنع المظاهرة، والناس كان عندهم تحدّ أكبر من الخوف من أي كلام يُحكى، أو أن يصدقوا هذه الإشاعات، حتى وإن صدقوها فهم سينزلون ليتحدوا، وكانت هناك نية لإنهاء كل مظاهر النظام في مدينة حماة. وفي الجمع السابقة، كان هناك نزع كامل للصور من كل المباني، ولكن بعض المباني تكون عالية كثيرًا أو نزع الصورة سيؤدي إلى تخريب (كسر بلور أو شيء) فتترك الصور كي لا يحصل تخريب في هذا الأمر. وفي وقتها، كانت النية إنهاء كل مظاهر النظام وأهمها تمثال حافظ الأسد الذي هو في مدخل المدينة الجنوبي، وكانت الحراسة مكثفة عليه، وهناك دوريات وقطع الجيش كانت بجانبه، وكانت جاهزة دومًا ومتأهبة لأي مجموعة متظاهرين قادمين لإزالة التمثال، وهي في بداية حماة، بعيدة نوعًا ما، هناك بعد عن المراكز الأساسية للمظاهرات وخطوط أمانها، وكنا نعتبر الأحياء الشعبية خطوط أمان للمظاهرات أثناء ضغط قوات الأمن، وكنا نبتعد نوعًا ما عن التوجه إلى التمثال؛ لأننا نعرف أنه ستحصل مواجهات عنيفة، وسيسقط شهداء كثيرون. وفي ذلك الوقت، المظاهرة هي الأهم، وحشد الناس هو الأهم، ولكن بعد جمعة أطفال الحرية، كان القرار أننا سنخرج مهما كلف الأمر، حتى لو حصل ضرب رصاص، وصار هناك شهداء، سنخرج، ونزيله بما يمثله من رمزية. وبعد "جمعة أطفال الحرية"، انتهى النظام في حماة من قلوب الناس بشرعيته والخوف منه وكل شيء، ويبدو أن النظام أدرك الأمر فخاف أن يتكرر سيناريو الرستن وسيناريو دير الزور وسيناريو الكثير من المدن التي أزالت التمثال، وكسرته، وحصلت كل تلك المظاهر التي أهانت هذا الرمز الذي يعتبره النظام رمزه الأعلى والرئيس المؤسس لهذه المنظومة القمعية، فقرر إزالته بنفسه. وطبعًا، نحن لم يكن هذا الخبر ساريًا في حماه؛ لأنَّه في الجمعة قبل المظاهرة تقريبًا جاءت رافعة، وحمل التمثال، وأخذه إلى مبنى الأمن العسكري على طريق حماة حمص، ووضعه هناك. ونزلنا تظاهرنا، في بداية المظاهرة ربما في أول نصف ساعة تجمع الناس، وكانوا يهتفون، فجاء الخبر أنَّ النظام أزال التمثال، بدأ الناس يتوجهون باتجاه دوار النسر في المكان الذي كان فيه التمثال؛ لترى كيف المنظر العام بدون هذا الشيء الذي خلقنا وهو موجود بالنسبة لنا بالذات كأجيال شابة، بقي قسم في ساحة العاصي، وهذا ربما لم يجعل هناك حشدًا ضخمًا في هذه الجمعة في ساحة العاصي، والناس انقسموا، صاروا يخرجون باتجاه دوار النسر في مدخل حماة الجنوبي، وخرجنا إلى هناك، وصرنا نرى، كان الناس متجمعين، ويقفون في مكان التمثال، والنسر هو مبنى حجري محيط بالتمثال وعلى أجنحته توجد مدرجات، كان الناس يقفون عليه في مشهد احتفالي، في الحقيقة الذي حصل حول التمثال هناك في المنطقة كمرجعية شعورية لم يكن ينتمي للثورة بقدر ما ينتمي لأحداث 1982 أو إلى تلك الفترة، لأن هناك أشخاصًا خرجوا من بيوتهم لم يكونوا في المظاهرة، وهناك أشخاص خرجوا من بيوتهم حين وصل الخبر، ومباشرة جاؤوا ليشاهدوا، والسيارات تلتف، وتدور حول الدوار حيث كان تمثاله، وتتفرج، والتزمير والأغاني وزغاريد النساء، كل تلك المظاهر كانت مظاهر احتفالية، أشخاص كبار في السن أتوا ليتفرجوا، ورأيت الكثير كانوا يبكون، وكانت هناك دموع، وكتبت الناس عبارات: "يسقط بشار ويسقط حافظ الأسد". هتافات ضد رفعت الأسد الذي كان المسؤول العسكري المباشر عن مجازر حماة، فكان هناك شيء دغدغ تلك الذاكرة لدى الناس بأنَّ هذا النظام بدأ يهتز فعلاً، هذا النظام الذي كان يعتقد أنَّه جاثم إلى الأبد على صدور الناس، وأحد العجائز كان واقفًا بين مجموعة من الشباب، أنا كنت موجودًا بينهم، وكان يبكي، ويقول: استطعتم فعل شيء الذي لم نستطع فعله. وهذه الكلمات ودموع الناس الكبار في العمر كانت حافزًا كبيرًا جداً لنا بأننا كنا نعمل الشيء الصحيح، ونحن فعلًا أنجزنا شيئًا، وكان هذا انتصار يضاف إلى رصيد الانتصارات البسيطة، ولو أننا كنا نسميها نوعًا ما انتصارات، ولكن هذه انتصارات بسيطة صغيرة تتراكم في مواجهة ديكتاتور كبير ونظام مستبد، مثل: نظام الأسد. وأحضر بعض الشباب حمارًا، ووضعوه مكان التمثال، وصرنا نضحك على المشهد، وصوروه بشكل يرمز إلى أنَّ الذي كان هنا حماراً (إنسان حيوان)، وهذه لها رمزيتها، وانتشرت كثيرًا، وصارت حديثاً للتفكه بين كل الناس أنَّهم أزالوا...، ودخلت في إحدى الأهازيج: "شالوا حافظ حطوا حمار". وجمعة العشائر أثبتت للنظام أنَّ الحل الأمني سقط بالكامل، فانكفأت الأجهزة الأمنية، لم يعد هناك تدخل في المظاهرات، لم يعد لها حضور واضح في الشوارع، والاعتقالات أصبحت قليلة و المداهمات كلها، فتنفسنا الحرية في تلك الأيام بشكل جيد، كنا نتجول في الشوارع، نهتف، نتجمع، نقوم باعتصامات صغيرة، نكتب على الجدران عبارات مناهضة للنظام عبارات تمجّد الحرية والثورة وعبارات التضامن مع المحافظات السورية، وصار الحراك مدنيًا، ربما هو طبيعي في كثير من البلدان، ولكن بالنسبة لسورية كان شيئًا جميلًا جدًا، النظام كان منكفئًا، ويفكر في حل، و كيف سيواجه الوضع الجديد تمامًا، في الوقت الذي كنا نحن نعمل فيه، وبدأت الأفكار الإبداعية عند الشباب حول ماذا سنفعل والتنظيم أصبح أكثر.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/03/03

الموضوع الرئیس

محافظة حماةجمعة العشائر

كود الشهادة

SMI/OH/35-20/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

حزيران 2011

updatedAt

2024/06/15

المنطقة الجغرافية

محافظة حماة-مدينة حماة

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة