بدأ الناس هنا بالتفكير والتحضير لورشة عمل أو فريق عمل لكيفية استقبال الوفود التي سوف تأتي إلى مدينة الحراك أو القرى، وكيف سيتمّ تجمع هذه القرى المحيطة في المدينة، وكان الرأي أن تكون مدينة الحراك -لأنها مركز الناحية- هي نقطة تجمّع للمنطقة الشرقية. طبعاً، لا ننسى فزعة إخواننا وأهلنا في بلدة بصر الحرير وحماس أهل "بصر الحرير" و"ناحتة" و"مليحة العطش"، ومدى تأثيرهم ووجودهم وحضورهم في مدينة الحراك من كافة الطبقات.

وبصراحة، هنا بدأ التنظيم وبدأ الإعداد للتحضير للمظاهرات وتوزيع الأدوار ورفع اللافتات والشعارات، فكان واجباً علينا أن نقيم خيمة اعتصام في مدينة الحراك يكون مركزها الكراج الذي هو نقطة بين بلدة الحراك والحريك، أو نقول: حي ميسلون وحي القادسية اللذان هما بالأساس من مدينة الحراك، وكانت مركزاً لتجمّع المتظاهرين بعد يوم الاثنين، بعد أن تمّ دفن الشهداء يوم الخميس، وهنا بقي شهيد لم نتعرّف عليه إن كان حياً أو ميتاً. وفي يوم الجمعة صباحاً، أُحضر جثمان الشهيد مجدي التركماني، وأنا كنت في هذه الأثناء في المستشفى، كانت هذه الجمعة كما سميت: "جمعة العزة"، بعد "جمعة الكرامة" التي سقط فيها أول شهيدين في الثورة السورية. وطبعاً، هنا لم نكن نعرف أسماء الجمع، فسمينا هذه الجمعة في مدينة الحراك: "جمعة الغضب" للشهداء، وتفاجأنا بعد ذلك أن هذه الجمعة هي: "جمعة العزة" حسب التسلسل الذي كان يتمّ من قبل القائمين على هذا العمل. وكان الأخ أو الشهيد مجدي التركماني (جثمانه) في مدينة طفس، واستُقبل جثمانه في مستشفى مدينة الحراك، وسُلّم الجثمان إلى أهله، وكان التشييع مَهيباً أيضاً وبحضور جموع غفيرة، ولم تقصّر القرى المجاورة في التشييع أو الحضور، واستقبل أيضاً أهالي الشهيد مجدي [جثمان ابنهم] بالزغاريد والفرح والسرور، وأُقيمت الصلاة عليه، وتمّ دفنه وتشييعه بتظاهرة حاشدة وخروج أغلب الناس أو القرى الموجودة المحيطة بمدينة الحراك في تشييع جثمان الشهيد الخامس مجدي التركماني. في يوم الجمعة، كان هناك توجّه كبير، كنا نخرج كل جمعة، بصراحة، كان هناك وفد يأتي من مدينة درعا و[هو] أول وفد زارنا إلى الحراك، وكان ينسق العمل: الدكتور محمد القداح والأخ حسن الزعبي، وكان قبل الدكتور محمد يأتينا شخص هو علي القداح، وكان هناك الطبيب محمد عياش، طبعاً، هو ابن خال أول شهيد في الثورة السورية الذي هو حسام عياش، وكانوا يطلبون منا [قائلين]: يجب أن نوسّع نطاق التظاهر والعمل، ولا يجب أن نترك درعا لوحدها فيستفرد بها النظام، ويجب أن نحرّك كل القرى. كانت مدينة الحراك أول قرية أو مدينة زارها هذا الوفد، يعني كان الاجتماع عند -رحمه الله- إسماعيل القداح (أبو عقبة)، وكان وجيهاً من وجهاء مدينة الحراك، وكان مركزاً لجميع الوجهاء والناس الموجودين في التظاهر، بحيث يقبلون بهذا الرجل أن يكون رأس هرم، وأي مشكلة يكون التفاوض مع هذا الرجل، وما يقوله هذا الرجل نحن… (موافقون عليه)، وهو كان ابن عشيرة ومعروفاً لدى الناس. طبعاً، بالإضافة لوجود الشيخ وجيه القداح معه، وأنا معهم (منيف الزعيم)، وكان هذا الوفد يأتي، ويطلب منا أن نخرج إلى درعا، ونساعد أهل درعا، وأن تخرج دائماً مدينة الحراك [في المظاهرات] والقرى المحيطة بها؛ لأن مدينة الحراك هي أيقونة، ولبّت نداء الفزعة. وبصراحة، كان قسم كبير منا يخرج إلى درعا، وقسم كبير يخرج في مدينة الحراك، وكان هناك تنظيم لهذا العمل من عدّة أشخاص، سواء كان بكتابة اللافتات أو الخروج بالتظاهر، كانوا مقسومين إلى فريقين: فريق يكتب اللافتات ويطبعها، مثل: رامي البوش، وفراس الإمام، وبسام الديك (أبو البراء) وهو إعلامي وناشط، وعبد الله الفاضل، وسعدون قلوش، وعمر الحامد الزامل، ومحمد فايز، ونزيه القداح. كان هناك فريقان لهذا الموضوع، و[بالنسبة للمكانين]، كان الهدف واحداً، سواء في التنظيم أو اللافتات؛ حتى يخفّ العبء، وكان الناس (النشطاء) حذرين في البداية وخاصة الأشخاص الذين يعملون؛ ولايفضلون أن يعرفهم الناس .