بناء شبكات التواصل بين النساء لرصد تحرك قوات النظام في كفرنبل
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:09:42:18
طبعًا، دخول الجيش في تلك الفترة كان مفاجئًا للناس، وعندما يدخل الجيش فإن شيئًا رهيبًا سيحصل، كما ذكرت في الثمانينيات، رأينا وقاحة النظام في قتل الناس؛ حيث لم يكن لدى النظام مزاح في هذا الأمر مع الجميع على العموم؛ لذلك كان الناس خائفين جدًا من دخول الجيش، ونزح أغلب أهل القرية، ومنذ تلك الفترة بدأ الناس يتعودون على النزوح، ونحن يجب أن نخرج؛ لأن الجيش لن يفرق بين متظاهر أو غيره، بمعنى أنه من خرج في مظاهرات لم ينزح؟ أساسًا، الذين لم يخرجوا في المظاهرات نزحوا أكثر من الذين خرجوا، ومن لديه أقارب في حلب، أو الشام (دمشق)، أولديه منزل في مكان آخر [كان يذهب إلى هناك] ولكن في النهاية. خلت القرية من السكان. وفي ذلك الوقت بقيت مع جارتين أو ثلاث في الحي، وكنا نجلس، ونخطط، ونقول: إذا جاء الجيش مثلًا، وأصبح هناك حصار، ولم نستطع أن نؤمن الطعام..... طبعًا، كان أكبر همنا ألا يجوع أولادنا؛ لأننا نعرف بأننا سنمرّ بفترة جوع، ولكن كم ستكون مدة هذا الجوع؟ فنحن لم ندخل من قبل في ثورات حتى نعرف ماذا سيحصل معنا إذا دخل الجيش. وقلت لجارتي: إذا كان لدي شيء فسأقتسمه معك مناصفة، وإذا كان لديك شيء فسنقتسمه مناصفة، فقسمة العدل هي أن نكون مع بعضنا في كل شيء، بمعنى أنه ليس أن نخرج في مظاهرات فقط، فإذا كان لديك شيء فإنك ستعطيني، وإذا كان لدي شيء فسأعطيك، ولا نبخل على بعضنا أو على أولادنا.
ودخل الجيش، وبدأت المداهمات. وطبعًا، يوجد أشخاص خرجوا، وعانوا الكثير، ثم عادوا. بدأ الجيش بالتفتيش من أول منزل في كفرنبل حتى آخر منزل (قام بتمشيط المنازل)، والناس الذين سجلت أسماؤهم بأنهم خرجوا في مظاهرات قاموا بتكسير منازلهم، ويوجد أشخاص حرقت منازلهم، ويوجد أشخاص أخذوهم، وأشخاص أهانوهم، ويوجد أشخاص لم يتكلموا معهم شيئًا، وذلك بحسب الجهة التي تفتش؛ لأنهم عدة جهات. وبصراحة، أقول الحق: عندما جاؤوا إلى منزلي لم يخربوا شيئًا في المنزل، ولكن في منزل حماي الذي كان بجانبي بعثروا كل أغراضه، وأهانوه في الكلام، فالفئات التي تفتش كانت متنوعة، لا أعرف السبب.
في هذه الفترة بالذات، كان يوجد رهبة من المظاهرات، وتناقص عدد المتظاهرين خوفًا من بطش النظام، فوجود الجيش هنا كان من أجل القضاء على المظاهرات، بمعنى أن المظاهرات تناقص عددها، ولكن ليس كثيرًا؛ حيث بقيت الفئة الشبابية، والرجال الذين يعرفون الغايات، ومن خرج صوته بقي كذلك، بمعنى أن صوتهم لم يختف، ولكن قلوبهم معنا. أذكر أول صورة أو مقطع وصلني لخالد كان أمام الدبابة مع رفاقه، كانوا عراة الصدور، [يرتدون] البناطيل فقط، ويقفون أمام الدبابة، ويرفعون شارة النصر. وهذه الصورة أرعبتني بصراحة؛ فقلت لخالد: لماذا تقفون أمام الدبابة؟ فقال: من أجل أن يعرفوا أننا بدون سلاح، فنحن متظاهرون سلميون، ولم نأت حتى نقتلهم، أو نفعل أي شيء. ونحن لدينا مطالب يجب أن يسمعوها، ويسمعها نظامهم فقد جاؤوا من أجل الدفاع عنه، وإذا أرادوا أن يقتلونا فليقتلونا، ولكن نحن لم نفعل شيئًا.
وهنا بدأت المظاهرات تتجه إلى حواجز الجيش، وبدأت حواجز الجيش تضايق المتظاهرين، وكانوا يطلقون النار، وكنت أرى المتظاهرين دائمًا يحملون شابًا، ويركضون. أحيانًا، يكون مصابًا في قدمه، وأحيانًا في بطنه، وأحيانًا أخرى في يده. وهنا بدأ التضييق على المتظاهرين حتى لا يخرجوا؛ لذلك هرب المتظاهرون مع تكثيف حملات المداهمات على المنازل، والمخبرون (الواشون للنظام) لم يقصروا في هذا الموضوع؛ لذلك أي اسم يصلهم لمشارك في الحراك والتظاهر يداهمون منزله. وفي تلك الفترة، ذهب الشباب إلى البساتين، حيث نصبوا خيمًا، وجلسوا فيها، وكل خيمة كانت تضم مجموعة من المتظاهرين، ولم يكونوا بعيدين عن بعضهم، ومع هذا الشيء كانت دبابات الجيش تدخل إلى البساتين، وتقوم بمداهمات، ومن يكون في المداجن تداهمه، ومن يكون في الخيم تداهمه؛ من أجل أن يقضوا على آخر أشخاص ثوريين- ومن المستحيل أن يتراجعوا- بشكل نهائي.
طبعًا، في ذلك الوقت، كانت الهواتف الأرضية تعمل، ثم انقطعت. وكان الجيش لديه عدة مراكز، وأهم مركز هو الذي كان بالقرب من البريد، وعندما تأتي النساء إليّ من أجل قص الشعر أو التزيين فإني أسألها: أين منزلك؟ فتقول: منزلي بجانب الحاجز الذي بجانب البريد. سألتها [مرة]: هل تحسون بالدبابات عندما تعمل في الصباح الباكر من أجل المداهمات؟ فقالت: أحس بها فورًا. فقلت لها: هذا جيد، عندما تعمل الدبابة أو إذا سمعت صوتها اتصلي بي فورًا. وكانت الهواتف مراقبة، ونحن نعرف أن كل كلمة نقولها يسمعها النظام، ويعرف ماذا ننسق. فقلت لها: قولي لي على الهاتف: إن البقرات خرجن، أو أي إشارة أخرى، ونحن نفهم على بعضنا من دون تحديد شيء. فقالت: حسنًا، وهنا سألتني: كم تريدين أجرة؟ وأنا عادة أخصم ثلاث أرباع الأجرة أو كلها، والمهم عندي أن تصلني المعلومات، وكنت أريد أن أكوّن صحبة معها، حتى لو كان ذلك على حسابي، ولكنني لا أقصد الرشوة، مع أن النظام علمنا هذا الأمر، وعلمنا على الفساد، ولكنني كنت أقدم لها مبادرة صداقة بيني وبينها أو نقل أخبار، ونجحت الخطة. وكنت أعرف متى يتم تشغيل الدبابة، أو أنها تسمع من جيرانها القريبين من الحواجز يقولون: إنهم سيقومون بمداهمة مكان معين، أو منازل، أو محلات؛ وبذلك نحن نعرف قبل وقت، فكما هم يضعون مخبرين فنحن لدينا مخبرون أيضًا، لقد تعلمنا، وهو من علمنا هذا الأسلوب.
طبعًا، يكون خالد قد أعطاني أرقام هواتف ومكان تواجدهم، وعندما يغيروا أماكنهم فإن خالد يخبرني. وطبعًا، كان لخالد ورائد -رحمهما الله- في أغلب الأحيان" تو وي" (جهاز إنترنت فضائي)، ويبقون على "الإنترنت"، فأي مكان يذهبون إليه يكون لديهم "إنترنت"، ولكن لم يكن لديهم أرقام هواتف؛ لذلك في أغلب الأحيان، عندما يجلسون في مكان ما فإنهم يجلسون في مكان يوجد فيه هاتف أرضي؛ من أجل أن يستطيعوا التواصل مع الداخل؛ فلم نكن جميعنا لدينا "إنترنت" لنتصل بهم، وأقول: إنه سيحصل كذا وكذا، وإنه يوجد شيء ما فانتبهوا لأنفسكم. وفي الصباح الباكر، سيحصل أمر غير جيد، وقد يتحرك الجيش، ويأتي إليكم.
طبعًا، أنا نقلت خبرين أو ثلاثة. وطبعًا، الشباب يصلهم الخبر، ويهربون، ثم تحصل مداهمات، ولكن لا يستطيعون الوصول إلى الجميع؛ لأنهم يكونون متوزعين في كل البساتين، ويوجد أشخاص يعرفون، وأشخاص لا يعرفون؛ لأن الوقت يكون قصيرًا جدًا بالنسبة لنا. وفي إحدى المرات، اتهموني، قال رائد لخالد: هل تتعامل أمك مع الحاجز؟ حتى تعرف متى يقومون بمداهمات، فيقول له خالد: لا، ما هذا الكلام؟ ولكن والدتي لديها أشخاص يوصلون لها هذه الأخبار. فقلت لهم: لن أقول لكم شيئًا بعد الآن؛ لأن من يريد أن يساعدكم فإنكم تتهمونه بالعمالة!.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/10/29
الموضوع الرئیس
النشاط النسوي في كفرنبلكود الشهادة
SMI/OH/114-05/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
تموز 2011
updatedAt
2024/07/18
المنطقة الجغرافية
محافظة إدلب-كفر نبلشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الجيش العربي السوري - نظام