تشييع شهداء يوم الجلاء واعتصام ساحة الساعة بحمص في 18 نيسان 2011
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:08:58:04
حوالي الساعة 4:30، بدأ هجوم قوات النظام، من مدخلين، على حي باب سباع، بعد أن كانوا متجمعين في ساحة باب دريب، وبدأ إطلاق الرصاص بشكل كثيف جداً على الناس الذين كانوا متجمعين في الساحة. مع أننا بالمناسبة، قبل أو عندما بدأ دخول قوات الأمن طلبنا من الناس فوراً الدخول إلى منازلهم والانسحاب من الشوارع، ولكن يوجد أشخاص رفضوا، كانوا شباباً[متحمسين]، وقالوا: نحن لا نفعل شيئاً.
واستشهد في وقتها 9 شباب من خيرة الشباب الذين كانوا ينظمون الحراك الثوري في مدينة حمص، ومنهم: الشهيد خالد أبو السعود، وشهداء آخرون. مع الأسف، قتلتهم قوات الأمن بدون أي داع، كانوا أشخاصاً عزل تماماً في الشارع بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وكانوا يقولون بما معناه: "الشعب والجيش يد واحدة" وهم يتلقون الرصاص. وحاولوا أن يبقوا في الشارع، وهو شارع رئيسي، ودخلت قوات الأمن من الساحة باتجاه الشارع الذي كان فيه الاعتصام، وأطلقوا الرصاص فوراً من دون أي إنذار، فلم يوجهوا إنذاراً للناس بالانسحاب أبداً، ونحن في وقتها طلبنا من الناس الرجوع إلى البيوت، إذ كنا لا نريد أن يصاب أي أحد منهم بأذى، وتكلمنا معهم عبر مكبرات الصوت، وذهب الناس، وقال الشباب: لا، نحن سنبقى، ونهتف: "الشعب والجيش يد واحدة" وسنمنعهم إن شاء الله. ومع الأسف من كان يهتف تم قتله، فكان استشهاد خالد أبو السعود محرضاً هائلاً -في الحقيقة- على أن يتظاهر الناس بعد ساعة من هذه المجزرة، بنفس المكان، وبعشرات الآلاف. وجاؤوا من كل الأحياء: من باب دريب، ومن تلبيسة. وجاء أشخاص من تلبيسة شاركوا بمظاهرات الغضب عليهم، ومن البياضة، ودير بعلبه، ومن باب دريب، ومن باب تدمر. وجاءت الأحياء كلها، وتجمعت، في أمسية تضامن مع الشهداء الذين سقطوا يوم 17 نيسان/ أبريل في حي باب سباع، وأطلق علينا النار، وكنت أمشي مع الناس، وأطلق علينا النار من الأحياء الموالية، بالتحديد في نزلة شارع الكتيب التي هي منطقة مقابر هناك، وأصبت في يومها هنا بقسم من طلقة يبدو أنها طلقة متفجرة تشظت، ودخلت بأنفي ووجهي، وبقي حتى الآن أثرها واضحاً، واستخرجها الدكتور مصطفى علوش، في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، والذي هو نائب تيار المستقبل حالياً في لبنان، استخرجها من وجهي.
في اليوم الثاني، حدث غضب في حمص على مقتل هؤلاء الشباب، واستشهاد الشباب الـ9 ليلة 17 نيسان/ أبريل، في يوم ذكرى عيد الجلاء، في عام 2011، تداعت (دعوا بعضهم البعض) الناس لتشييعهم في اليوم الثاني تشييعاً حافلاً، خرجت فيه حمص كلها في 18 نيسان/ أبريل 2011 صباحاً، وصلينا على الشهداء في جامع النوري الكبير، وخرجنا في اتجاه.. قررنا أن ندفنهم في مقبرة الكتيب التي هي مقبرة مغلقة منذ زمن، فكان الدفن ممنوعاً فيها منذ زمن، وتحول الدفن إلى مقبرة تل النصر، وأصررنا على دفنهم في وسط المدينة؛ من أجل أن يبقوا رمزاً، ودفناهم في مقبرة الكتيب فعلاً. والناس أثناء الدفن كانوا جميعاً يهتفون: "إلى الساحة"، إلى الساحة: تعني أنهم يريدون التظاهر في الساحة (في ساحة حمص) وأقولها بكل صدق وأمانة: حاولنا ثنيهم كثيراً، كنا نشعر بمخاطر حقيقية من التظاهر بساحة المدينة، في وسط المدينة، في هذا الجو المتوتر جداً، والاستعداد الهائل لدى قوات الأمن لارتكاب مجازر. ولكن في النهاية، رأينا أن منع الناس من التظاهر سلمياً قد يؤدي إلى احتقانهم، وارتكابهم لأفعال عنيفة. ودار نقاش طويل مع الشيخ أنس سويد، ومع الشيخ محمود دالاتي، والأستاذ نجاتي طيارة، ومع الأستاذ راسم السيد سليمان: بأن مرافقة الناس إلى الاعتصام في الساحة، وصيانة هذا الاعتصام، وجعله منبراً للخطاب الوطني الثوري قد يصون الناس من ردود فعل عنيفة ضد النظام أو ضد قوات الشرطة والأمن.
واتجهنا إلى الساحة بهذا المشهد المهيب، كانوا حوالي أربعين ألفاً، يشيعون الشهداء، واتجهوا جميعهم باتجاه شارع الحميدية، واتجهوا من شارع الحميدية باتجاه ساحة المدينة الرئيسية، وبدأت المحلات التي حولنا تغلق، وتشارك بالاعتصام الذي انطلق تقريباً بحدود الساعة 1 ظهراً، واستمر لأكثر من 12 ساعة، حتى الساعة الثانية إلا عشر دقائق ليلاً، أثناء اقتحام قوات الأمن لهذا الاعتصام السلمي الذي كان نموذجياً بروحه الوطنية وجمعه المشترك لكل الطوائف، وهتف كل الناس، وألقوا كلمات من كل الطوائف ومن كل الأديان.
نحن كنا أمام عدة استحقاقات، والحقيقة أنه كان عدداً كبيراً؛ ففاجأنا. ونحن كنا قليلين كناشطين، ويوجد تواصل بيننا على الأقل، وثقة متبادلة للعمل المشترك، أضف إلى ذلك أن حضور النساء شكل عبئاً نفسياً على الشباب الذين كانوا موجودين في الساحة، فحمايتهن كانت [واجبة] فكما تعرف أن مجتمعنا تقليدي محافظ، ويعتبر المرأة كنزه الثمين، ويحافظ عليها بروحه.
تحركت مجموعات الشباب فوراً؛ لتشكيل حواجز لحماية المتظاهرين في الاعتصام من دخول أي أحد مسلح، وتولى المدخل الشرقي للاعتصام صديقنا وأخونا الناشط سليمان علوش (أبو ياسين)، واسمه معروف على "الفيسبوك": أبو ياسين حمص. وتولى المدخل الجنوبي الأستاذ زكي الدروبي مع بعض الشباب، في الحقيقة، كنت أنا الذي أصل بين مسؤولي الأحياء تقريباً عن الحراك الشعبي، في الحقيقة، كان هناك تواصل دائم مع المجموعات، وأنا موجود في ساحة الاعتصام، وموجود في التشييع، وموجود في الصلاة، ومن البداية إلى النهاية، ومع الأشخاص الذين ننسق معهم. وطبعاً، التواصل مع الشيخ أنس سويد، والأستاذ محمود دالاتي؛ لأنهم كانوا طوال الوقت على المنبر.
المنبر، في الحقيقة، لم يكن يوجد منبر، شكّلَ درج ساعة حمص [المنبر]، وجلبنا الإذاعة، وأنا جلبت الإذاعة بنفسي، استأجرها لي الشهيد ماهر نقرور -رحمه الله- واستأجرها من أحد أصدقائه الذين يعملون في الحفلات. وعندما بدأ الاعتصام كان يوجد شاب اسمه خالد مطلق من تدمر، وأخوه فياض مطلق، توليا تنسيق الترتيبات التي تتعلق مثلاً: بحاجتنا إلى الماء، فيذهبان ويأتيان بالماء. وعندما احتجنا إلى سجادات أو حصائر من أجل أن يجلس الناس عليها؛ ذهبا، وقاما بجلبها. والحقيقة أن هذان الشخصان كانا جنديين جبارين، الشابان من تدمر، ولكن يعيشان في حمص.
[بالنسبة] لخيمة الاعتصام، أحد التجار الذي كان موجوداً في بناية الأتاسي بجانبنا هو من ذهب، وجلبها، والشباب جهزوها، فالكل يحاول أن يقدم شيئاً. طبعاً، هذه الإذاعة نحن أتينا بها، وركبناها، وأول من صعد، وألقى كلمة، أعتقد أنه نجاتي طيارة، ثم علي ملحم، ثم ميديا داغستاني على ما أظن.
كمية البشر جعلت قوات الأمن الكبيرة الموجودة في شارع القوتلي تدخل إلى مبنى قيادة الشرطة، وتبتعد عنا؛ لأنه كان يوجد حشد مهول، وابتعدوا عنا، وتركونا نمشي.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/07/29
الموضوع الرئیس
الحراك السلمي في حمصكود الشهادة
SMI/OH/4-16/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
نيسان 2011
updatedAt
2024/08/14
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-مدينة حمصمحافظة حمص-مقبرة تل النصرمحافظة حمص-دير بعلبةمحافظة حمص-البياضةمحافظة حمص-باب الدريبمحافظة حمص-باب السباعشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية