الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

أحداث يوم الجلاء 17 نسيان 2011 في مدينة حلب

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:09:25:06

قرّر النشطاء في حلب أن يساهموا في17 نيسان، في المخطط الذي ذكرته وهو: التجمع والاحتفال بذكرى الجلاء وزيارة شهداء الجلاء الذين هم: إبراهيم هنانو، وسعد الله الجابري، والجندي المجهول. كانت ثلاثة قبور بجانب بعضها في مقبرة هنانو، ثم انطلقوا إلى ساحة سعد الله الجابري، وفي الموعد والتاريخ المحددين، اجتمعوا في 17 نيسان، و أصبح العدد كبيراً، و أعتقد أن العدد وصل إلى مائتي شخص، وحصل نوع من المهرجان الخطابي، وأنا لست خطيباً، لم ألقِ كلمة، فأنا لا أمتلك قدرة خطابية مثل الأستاذ عبد المجيد منجونة - رحمه الله- كان متميزاً في خطابه، وكان خطابه متماسكاً و وطنياً، ولكن كان لخطابه سقف محدد، وذلك أسوة بخطاب الاتحاد الاشتراكي عموماً ما قبل الثورة وما بعدها، ويتضمن المطالبة بالحريات ضد الاستبداد و ضد الفساد، و إلغاء حاله الطوارئ، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. هذه الهتافات والخطابات ومفردات هذا الخطاب كانت كلها معروفة، ولم يكن هناك سقف عالٍ [للمطالب].

بعد أن أُلقِي خطابان من شخصين آخرين- لا أذكرهما- حاولنا أن نخرج من الباب الرئيسي لمقبرة هنانو. وخلال وجودنا وأثناء الخطاب، كنا نلاحظ أشخاصاً حول الأسوار، كان عددهم كبيراً، كانوا يقفون، وينظرون إلينا، وكانت المقبرة مسوّرة (لها سياج من حديد)، ومطلّة على شوارع رئيسية، وكان الناس يتجمعون، ويتفرّجون علينا. في البداية، كنا نظن أن هؤلاء الأشخاص قد جذبهم الفضول، وربما ينضمون إلى الاحتجاج، ويسمعون، ويراقبون ما يحصل، وكانت هناك خطابات وتجمع، ويوجد مائة أو مائتا شخص يتكلمون، ولكن عندما حاولنا الخروج من سور المقبرة، دخل علينا مباشرة مجموعة بقياده ضابط كان رفيع المستوى (أحد رؤساء الأفرع الأمنية) أعتقد أنه رئيس فرع أمن الدولة، لا أذكر اسمه الآن، وكنت في المقدمة ومعي الأستاذ عبد المجيد منجونة وآخرون، بمعنى أن الكبار في السن كانوا في المقدمة. وجّه الضابط لنا تهديداً وتحذيراً، وأشار بإصبعه، وقال: هل ترون؟ هؤلاء الأشخاص المحيطون بالأسوار، جميعهم سيشتبكون معكم بمجرد تفكيركم في الخروج من هذا الباب، هؤلاء الناس جاهزون، وهم محتجون على أي عمل أو موقف أو احتجاج ضد النظام.

لم يستخدم الضابط تعبير الشبيحة ولكنهم شبيحة في الواقع وبقيادة أجهزه الأمن، ولكنه قال: إن هؤلاء قسم من الناس غير متفقين معكم في الكلام والمشاريع التي تطرحونها، ولن يسمحوا بأن تتقدم هذه المظاهرة من مقبرة هنانو إلى ساحة سعد الله الجابري؛ لأنه سيكون لهذا الأمر مضاعفات. فأمامكم خياران: إما أن تخرجوا من الباب الخلفي بشكل جماعات إفرادية، وتنسحبوا بهدوء، وتنتهي القصة عند هذا الحد، أو أن تخرجوا من الباب الرئيسي، وتستمرون في مشروعكم وفي الذهاب إلى ساحة سعد الله الجابري، ويجب أن تتحملوا التبعات، ونحن نحذركم. كان هذا التهديد جدياً وحقيقياً، ويمكنني أن أقول: إنه في أوساط الحضور كان هناك تياران أو اتجاهان: تيار يقبل التحدي، ويريد أن يمضي إلى النهاية، وأنا كنت أنتمي إلى هذا التيار رغم أنني متقدم في السن، بمعنى أنه لنقم بعمل ما، ونشتبك مع الأمن، وليضربنا، أين المشكلة؟ واتجاه آخر تبناه حزب الاتحاد الاشتراكي والأستاذ عبد المجيد منجونة، وقال: إن الأيام القادمة كثيرة، ولا نريد أن نصطدم مع الأمن الآن، ويوجد مناسبات أخرى، لا نريد توسيع دائرة الاشتباك مع الأمن، ولنقم بفضّ المظاهرة؛ لأن الرسالة وصلت، والموضوع استوفى حقه. بالنسبة لقطاع واسع، وخاصة الشباب الذين كانوا يريدون قبول التحدي، فإن الخطاب لم يكن مقبولاً، ولكن بمجرد ظهور تيارين فهذا يعني أنه لم يعد هناك توافق على موقف واحد، وعدم التوافق يُضعِف الفريقين، ومن الأفضل أن يرضخ أحد الفريقين للآخر. الأشخاص الذين كانوا يريدون الانسحاب من الباب الخلفي وبشروط الأمن باشروا الانسحاب، ولكن الأشخاص الذين بقُوا لا يستطيعون مواجهه الأمن والشبيحة؛ لذلك فُضّ الاجتماع أو الاعتصام في مقبرة هنانو، وخرج المحتجون مع الأسف، هذا الموقف كان فيه نوع من الإذلال إذا أردنا أن نتكلم بشكل صريح؛ لأن رجال الأمن أجبرونا على تنفيذ ما يريدونه، ورضخنا لهم، وكان هذا في تاريخ 17 نيسان 2011.

هذا المناخ الذي رأيته في حلب، وهذه الاحتجاجات على مستوى سورية، بالإضافة إلى أن الحالات بدأت تتوسع، وتنتقل من مدينة إلى أخرى، فقد شهدت مدينة حمص مظاهرة، وتم تصويرها، لا أعرف تاريخها، فأحد المحتجين مزق يافطة كانت على نادي الضباط في حمص، وبدأ يمزقها، وبدأ يضرب بقدمه قماشة أو صورة كبيرة على باب نادي الضباط في حمص، كانت صورة لبشار الأسد وحافظ الأسد، وهذا الموقف بالنسبة للسوريين الذين يشاهدون هذا الفيديو سيغيّر الواحد منهم مائة وثمانين درجة، فنحن في سورية أين كنا؟ وأين أصبحنا الآن؟

في نفس المرحلة، خرجت مظاهرة من تلبيسة والقرى أو البلدات القريبة من الرستن، وتم تكسير -وتم تصوير ذلك أيضاً- تمثال حافظ الأسد على مدخل الرستن، كان هناك تمثال أبيض، فتم تحطيمه. هذه المشاهد التي يراها السوريون عبر القنوات الإعلامية التي كانت تسلط الضوء على الأحداث في سورية، وهذا الموقف كان موقفاً مذهلاً، لا يعرفه السوريون، فسورية أصبحت مختلفة عن التي نعرفها، فقد كان الناس يصفقون لآل الأسد (بشار الأسد و حافظ الأسد)، والآن أصبحت صور بشار الأسد وحافظ الأسد تحت الأقدام، وأعتقد أن هذه كانت هي المرة الأولى التي يرون فيها تمثال حافظ الأسد يهوي في الرستن، والسوريون بين مصدق ومكذب لأن عيونهم كانت تريهم شيئاً، لم يتخيلوا رؤيته في الحلم، أن يتم دعس صور حافظ الأسد أو بشار الأسد بالأحذية، ويتم تحطيم تمثاله، أعتقد أن هذه المشاهد التاريخية لن تُنسى.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/10/27

الموضوع الرئیس

الحراك السلمي في مدينة حلب

كود الشهادة

SMI/OH/86-09/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

نيسان 2011

updatedAt

2024/04/07

المنطقة الجغرافية

محافظة حلب-مدينة حلب

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة