الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

رفض المشاركة في مؤتمر سميراميس للمعارضة

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:12:04

المناخ العام في سورية بدأ يتصاعد شهراً تلو آخر خلافاً لتوقعات النظام وتصريحات المسؤولين في النظام، وخاصة بثينة شعبان التي كانت هي الناطقة باسم بشار الأسد، [كانت تقول]: إن الأمور بدأت تنتهي، والأمور كلها تتجه نحو الحل، وتوجد معالجات. وترافقت هذه التصريحات مع محاولات على عدة أصعدة منها: الدعوة إلى مؤتمرات وعقد اجتماعات مع بعض الشخصيات المعارضة التي يعتقد النظام أنه يمكن أن يصل معها إلى حلول، وفي اتجاه آخر، بدأت أجهزه المخابرات في كل المحافظات تجمع وفوداً من المدن السورية، وأنا لا أعرف المعايير التي تضعها المخابرات، ولكنهم كانوا يختارونهم من الوجوه المعروفة أو البارزة في المدن السورية، وبحسب مستوى كل مدينة يتم تشكيل وفد شعبي، وتذيع وسائل الإعلام بأن الرئيس بشار الأسد استقبل وفداً شعبياً من مدينة حلب أو حمص أو السويداء، ومن أغلب المدن السورية في محاولة لبناء حوار مباشر بين رأس النظام (بشار الأسد ) وبين الناس من سكان المدن لاحتواء الحراك الثوري الذي كان يزداد، ويتطور، ولم ينجح النظام في احتوائه.

في هذه المرحلة، وأنا أتكلم عن الشهر الخامس أو بداية الشهر السادس، جاءني اتصال من لؤي حسين، طبعاً، كما ذكرت في جلسات سابقة: إن هناك شكلاً من أشكال المعرفة بيني وبينه، وكنت أتردد إليه، وعرض عليّ منصب الوزير. جاءني اتصال يدعوني فيه، ويخبرني بأنه سيتم إقامة مؤتمر في سميراميس من أجل المشاركة فيه (انعقد مؤتمر سميراميس في 27 حزيران/ يونيو 2011 - المحرر). كنت في حلب، وسألته: ما هي أهداف المؤتمر؟ فقال لي: إنه مؤتمر للمعارضة، وسيناقش أوضاع البلد، ويضع خطوطاً عريضة للمهام المطلوبة من أجل المطالب الديمقراطية، وربما ترتفع إلى السلطة. نحن في إعلان دمشق وأنا أحدهم كان لدينا دائماً إشارات استفهام حول أي مؤتمر ولقاء يتم في سورية؛ لأنه كان لدينا دائماً تساؤل: ما هو موقف السلطة من هذه المؤتمرات؟ وكيف تسمح بعقدها؟ في الوقت الذي نحن نعرف أن لقاءات كثيرة كانت تُقمع، ولا يسمحوا بأي اجتماع أو أي لقاء، وخاصة المظاهرات السلمية التي كانت تخرج في دمشق وفي كل المحافظات، فلم يكونوا يسمحون بها، فلماذا هناك قمع وقتل؟ ولماذا يسمحون هنا بعقد هذه المؤتمرات؟

الانطباع الذي تكوّن بعد الأسئلة وبعد جمع بعض المعلومات أن لؤي حسين تنشّط، وبدأ يلعب هذا الدور الذي كان متوقفاً عن أي نشاط سياسي منذ عشرين سنة، ومنذ أن أنجز صفقة مع الأمن، وخرج من السجن، لم نسمع شيئاً عنه، وخاصة خلال فترة ربيع دمشق، لم نسمع عن أي نشاط له، أو أي مشاركة في ظاهرة المنتديات، أو في التوقيع على بيانات، أو في اعتصامات سلمية، لم نسمع اسمه أبداً أو دوراً قام به. في بداية الثورة فقط، حاول أن يُجري اتصالات بحكم معرفته السابقة بالوسط السياسي، تردد اسمه، وتردد اسم وائل سواح، وكان وائل سواح في ذلك الوقت- وأنا تعرفت عليه من خلال ربيع دمشق- يعمل مترجماً مع السفارة الكندية، وتم التعارف بيني وبين وائل سواح؛ لأنه زارني أكثر من مرة مع وفود كندية، تأتي إلى حلب خصوصاً، ويأتون لزيارتي من أجل فتح نقاش حول الأوضاع في سورية، ولكن خلال مرحلة ربيع دمشق. أنا أعرف أن وائل سواح عمل في القنصلية، وفي لقاء لاحق ومن خلال بعض معلومات، عرفت أن وائل سواح انتقل من العمل مع السفارة الكندية في دمشق إلى السفارة الأمريكية في دمشق، وسواء قلنا وائل أو لؤي، وائل عمل مع السفارات، وكانوا يعتمدون عليه؛ لأنه رجل مسيس وصاحب تجربة سياسية في سورية، ولديه علاقات، ويستطيع مدّ جسور لكثير من المعارضين، وأنا لا أعرف إن كانوا يعلمون عن خلفيته، وأفترض أن السفارات تعلم أنه خرج من السجن بصفقة أمنية مع النظام هو ولؤي حسين. فهم كان يشعرون أن مثل هذا الرجل موثوق أو معروف من قبل النظام، ومعروف إلى حد كبير من قبل المعارضة، كان مجرد تعارف فقط، وهو كان يفتح، ويمدّ الجسور للسفارات، وهو رجل دمث ولطيف في الحقيقة، وزارني وائل سواح أكثر من مرة في حلب، وعرفت من المعلومات التي تجمعت لدي. طبعاً، عندما اتصل بي لؤي حسين وكان عندي هذه الخلفية وهذه المعلومات اعتذرت مباشرة وبدون استشارة أحد، وبمجرد أن جاءني اتصال قلت للؤي: شكراً جزيلاً، أنا لا أستطيع أن أحضر المؤتمرات في سورية.

وطبعاً، فيما بعد ذكرت هذا الأمر للأصدقاء في "إعلان دمشق"، وأظن أن الأصدقاء في إعلان دمشق عندما أصارحهم وأكاشفهم بكل القضايا والخلفيات الجزئية والاتصالات التي تحصل معي فإن هذا الأمر أصبح مبعث ثقة أكبر من قبل الآخرين، بمعنى أنه لا يوجد عندي شيء مخفي، فأنا كما يقولون: ابن المؤسسة التي أعمل فيها، وليس عندي امتدادات أخرى.

وعقد بعد فترة مؤتمر سميراميس، طبعاً، نحن وضعناه تحت المجهر، وكنا نراقب، وحضرت شخصيات بارزة من المعارضة السورية، مثل: الأستاذ ميشيل كيلو، والأستاذ فايز سارة. وكما ذكرت سابقاً: نحن كنا نسمع عن لقاءات كانت تتم مع بعض المعارضين، وكانت هناك محاولة من قبل النظام لاحتواء المعارضة واحتواء الحالة الثورية كلها؛ لأن لديهم قناعة بأن هؤلاء الأشخاص بحكم مصداقيتهم وتاريخهم المعارض فقد يلعبون دوراً مؤثراً على الحراك الثوري وعلى التنسيقيات والشباب والصبايا الذين يقودون الحراك الثوري. فكان نوعاً من محاولة الاستيعاب، وكان عملاً استباقياً لمنع تطور الموقف السياسي أيضاً؛ ليستطيع اللحاق بالتنسيقيات والحراك الثوري في الشارع. بالإضافة إلى تجربتنا ومعرفتنا للنظام قبل الثورة، ولكن عندما كانت تخرج مظاهرات، نأخذ على سبيل المثال: الاعتصام الذي جرى أمام وزاره الداخلية في 16 آذار، جميع الأشخاص الذين شاركوا فيه معروفون من قبل الأمن ومن قبل الوسط السياسي، وكانت مظاهرة سلمية، وتطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وبعض شعارات إلغاء حالة الطوارئ والإصلاحات الديمقراطية، ولكن لماذا يوجد قمع في تعاملهم؟ وأغلب الأشخاص الموجودين متقدمون في العمر، مثل: الدكتور الطيب التيزيني -رحمه الله- لماذا يتعرض إلى هذه الدرجة من القمع والضرب؟ أو لماذا يتم سحل سهير الأتاسي في الشارع، ويتم شدها من شعرها مسافة خمسين أو مائة متر، وآخرون [تعرضوا لمثل ذلك]. ممارسات النظام هذه ترسخ لنا من البداية أنه لا ينوي فتح حوار أو إجراء إصلاحات حقيقية من البداية، يلبي فيها مطالب الناس.

وأريد الذهاب إلى حادثة درعا والأطفال، كتب أطفال على حيطان مدرستهم: "إجاك الدور يا دكتور" فهل يعقل أن يُعتقل الأطفال؟ هذا يدل على هوس النظام ورعبه في تلك المرحلة، فهو يريد أن يقمع كل شيء في مهده خوفاً من أي تداعيات أو تطورات، قد تخرج فيما بعد عن نطاق السيطرة، ولكن أهالي الأطفال ذهبوا، وطالبوا بالإفراج عن أطفالهم، وعقدوا لقاءً مع عاطف نجيب، ما هو المبرر للكلام الذي قاله عاطف نجيب مع أولياء الأطفال؟ هذا الكلام كله يعكس لنا أن ذهنية هذا النظام عصية على التغيير، وعلاجه الوحيد في ذلك الوقت وأساليبه هي القمع المباشر، وهذا الأمر كان من البداية، حيث بدأ القمع، وحتى عندما خرجت المظاهرة في درعا والاحتجاج على ماحلّ بالأطفال وعلى مقابلة عاطف نجيب كان الرد ليس إطلاق النار فقط، وإنما الدخول إلى المسجد واحتلال المسجد. وهذه الإجراءات والمواقف عدا أنها ترسخ الفكرة السائدة عن النظام بأنه نظام قمعي ودموي، وليس لديه حل إلا القمع كوسيلة فقد كان يخشى من أي تساهل في التعامل مع أي مظاهر ومطالب ديمقراطية قد تفتح عليه أبواباً كثيرة، لا تتوقف عند هذه المطالب. ولهذا السبب، وخاصة تجربته في الثمانينات التي يعتبرها ناجحة مع الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين، حيث استطاع بواسطة القمع الهيمنة على المجتمع السوري، واستمر لمدة 30 سنة، ومر موضوع التوريث بدون أي احتجاج حقيقي من قبل الشعب السوري.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/10/30

الموضوع الرئیس

الحراك السياسي في بداية الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/86-13/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

أيار وحزيران 2011

updatedAt

2024/06/27

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

الشهادات المرتبطة