الإخوان المسلمون في المجلس الوطني السوري
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:15:03:02
بعد التجديد للدكتور برهان غليون وحادثة المؤتمر الصحفي، بدأت تتشكل ترسبات في المجلس الوطني وحوادث يجب التوقف عندها قليلاً. في مطلع آذار، وصل إلى حساب المجلس الوطني السوري 15 مليون دولار في إسطنبول، وكان المبلغ باليورو وليس بالدولار، كان 15 مليون دولار؛ لأن السوريين مُنعوا من التعامل بالدولار، يجب أن تكون كل حساباتهم باليورو. و طبعاً، في البداية، بدأ مكتب الإغاثة الذي كان "الإخوان المسلمون" هم المسؤولون عنه، بدؤوا يأخذون مبالغ جيدة، وبعد فترة قصيرة، و بعد أن عرفوا أن مكتب الإغاثة بدأ يأخذ مبالغ جيدة من هذا المبلغ الذي جاء من أجل الإعانة أو الدعم من هذه الدول الثلاث، بدأت تتردد على مسامعي كلمات من نشطاء في الداخل، ولم أعرف مدى دقتها، ولكن مضمون الكلام هو: أنتم تعطون المال "للإخوان المسلمين"، و"الإخوان المسلمون" يشترون به ولاءات سياسية في الداخل من أجل أن يشكلوا لأنفسهم قاعدة؛ لأنهم خارج سورية منذ 30 سنة، وعن طريق المساعدات بدأ توظيف المساعدات في شراء الولاءات السياسية، و حصل نقاش في المكتب التنفيذي حول ضرورة أن يكون مكتب الإغاثة -كما اتفقنا- منوعاً و مكوناً من عدد من المكونات، وليس من "الإخوان" فقط، ولكن "الإخوان المسلمين" لم ينفذوا هذا الأمر، وبقوا متحكمين في مكتب الإغاثة، وهذا مأخذ استمر معنا إلى نهاية عام 2012 ؛ لأن أموالاً أخرى -خاصة من ليبيا- جاءتنا فيما بعد، سأتكلم عن هذا الأمر في وقت لاحق.
المحطة الأخرى التي يجب الإضاءة عليها هي: أن الأستاذ أحمد رمضان أصدر بياناً باسم المجلس الوطني السوري، نعى فيه شقيقه محمود شهيداً سقط برصاص النظام السوري في مدينة حلب. الأستاذ أحمد رمضان رئيس المكتب الإعلامي، وبصفته رئيس المكتب الإعلامي ذكر أمام أعضاء المكتب التنفيذي قائلاً: إن أخي سقط شهيداً، قتلته قوات النظام، ما رأيكم أن نصدر بياناً من أجل التعزية؛ لأن الشهيد أخو أحد أعضاء المكتب التنفيذي. لم يكن هناك مانع من إصدار بيان باسم المجلس الوطني السوري. ولاحقاً، بدأت تتسرب أخبار من مدينة حلب بأن أخاه لم يسقط شهيداً، ولكنه كان زعيم عصابة شبيحة، ومن قتله هم الثوار، وبقي هذا الأمر شائعات، يتم تداولها، وتنتقل بشكل خاص في أوساط أصحاب الحراك الثوري الذين أتوا من حلب، ويعرفون حلب. ولاحقاً، سألت ثواراً من حلب (كتائب أبو عمارة)، وأوضحوا لي أنهم هم الذين قتلوه، وهو شبيح.
وفي مثل هذه الحالة يجب أن يكون هناك مراجعة؛ لأنه في عائلة كل شخص هناك إخوة أو أقرباء قد يكونون موالين للنظام، وهو غير مسؤول عنهم، ويوجد سوريون كثيرون اختلفوا بين مؤيد للنظام ومعارض للنظام، ولكنني لا أعكس حقائق، حتى لو كان مطلوباً مني أن أخبرهم لماذا قُتل أخي. هذا الأمر غير مطلوب، فقد سقط أخوه، وانتهى الموضوع. ولكن أن يتم إصدار بيان يتحول فيه من شبيح إلى شهيد فهذا الأمر لا يضعف من مصداقية أحمد رمضان فقط، وإنما يضعف من مصداقية المجلس الوطني السوري؛ لأن البيان يصدر باسم المجلس الوطني السوري.
لماذا فعل الأستاذ أحمد رمضان ذلك؟ لأنه على ما يبدو كان يريد شكلاً من أشكال التبرئة لأخيه، وربما يوظف هذه الشهادة ليعزّز موقفه بأن أخاه شهيد، كما حصل لاحقاً مع كثير من السوريين، فيقول لك: أنا أخي شهيد، أو عندنا شهيدين أو ثلاثة شهداء وهكذا. ومع الأسف، يوجد الكثير من هذه الحالات، حيث أصبحت مجالاً للمزايدة الوطنية في صفوف بعض المعارضين أو حتى الثوار. وكانت تتراكم، وتبني مع الوقت حواجز بين أعضاء المكتب التنفيذي بالذات، فالذي يحصل أنهم لا يتعاملون بروحية (بإخلاص)، وأنهم شركاء في مشروع وطني، وإنما يتعزز العمل عند كل شخص لديه طموحات أو أجنده معينة من أجل تحقيقها، سواء كانت هذه الأجندة شخصية أو عامة أو أيديولوجية.
طبعاً، يتجلى ذلك فيما بعد في خطاب "الإخوان المسلمين" تحديداً؛ حيث رأوا أن كل سلوكيات الفصائل الإسلامية هي خروج على المصطلح المتوافق عليه وطنياً، وهو مصطلح الدولة المدنية الديمقراطية التعددية، ولكن "الإخوان المسلمين" لم يصدروا بياناً، يقولون فيه: هذه الممارسات وهذه السلوكيات وهذه الشعارات تتناقض مع روحية (جوهر) الدولة الوطنية الديمقراطية التعددية التي نقول عنها: إنها دولة لكل السوريين. وهذا الأمر لاحقاً أصبح مجال خلاف حادّ بيني وبين "الإخوان المسلمين" في جلسات وورشات نقاشية، فقلت لهم: أنتم لا تصدرون بياناً تشجبون به، أو تنددون، أو تستنكرون هذه الممارسات من قبل الفصائل. لم يُناقَش؛ لأن هذه المصطلحات كان متوافقاً عليها، ولكن الواقع أثبت أن مصطلح الدولة المدنية الذي استخدمته الأطراف هو مصطلح تلفيقي، يمكنني أن أقول: إن العلمانيين استخدموه بأن الدولة المدنية هي دولة علمانية، ويمكنني أن أقول: إن الإسلاميين فسروه بأنه مصطلح، بمعنى أنه مؤيد للإسلام وهويته الإسلام. ولم تكن هناك مصلحة لكل الأطراف بأن نختلف بشكل مسبق على شكل الدولة. كما ذكرت سابقاً: يوجد لدينا قضايا خلافية كثيرة، ولكن ليس الآن هو التوقيت المناسب من أجل طرحها؛ لأن أولويتنا كانت في تلك المرحلة هي إسقاط نظام بشار الأسد، بغض النظر عن الوسائل والأدوات والظروف المرافقة لذلك الإسقاط، ولكن يجب تحقيق الهدف، وفيما بعد نختلف كما قال الوزير حمد بن جاسم في إحدى مقابلاته، سمعتها على قناه "البي بي سي"، وعندما ردّ على سؤال الإعلامي الذي يحاوره عن سبب نشوء المحاور في الموضوع السوري تحديداً بين الدول العربية والإقليمية (المحور التركي القطري والمحور السعودي الإماراتي) قال له بالحرف الواحد: "تهاوشنا على الصيدة قبل أن نصطادها، الصيدة هي سورية تهاوشنا عليها قبل أن نصيدها". نحن "كإعلان دمشق" لا نريد أن ندخل في صراعات وخلافات الآن مع "الإخوان المسلمين" ومع الإسلاميين عموماً قبل أن يسقط النظام، وإلا فإننا نهدر جهودنا كلها دون سبب.
مع الأسف، الطرف الآخر والذي يمثله الإسلاميون و"الإخوان المسلمون" تحديداً كانت نظرته استباقية أكثر بأن الأمور ناضجة بالنسبة لهم خلال الأشهر القادمة بقدر ما سمعوا من وزراء ومن مسؤولين، وبقدر ما يشاهدون من إمدادات السلاح والفصائل الإسلامية التي أصبحت كثيرة، ولا يريدون إثارة النقاش في هذه القضايا الكثيرة حتى يتم إسقاط النظام. وهم كانوا واثقين بأن قواهم على الأرض تتوسع، وتتمدد، وتنتشر، ولم يكونوا بحاجة إلى أي موقف يبعدهم عن هذه الفصائل.
شكل "الإخوان المسلمون" فصائل بمفردهم، سموها: "فصائل الدروع"، وفشلت معهم أيضاً، بالإضافة إلى أن جناحاً من "الإخوان المسلمين" شكل هيئة حماية المدنيين، وتحولت لاحقاً إلى "فيلق الشام" الذي هو من الفصائل التي أصبحت معروفة بأنها "للإخوان المسلمين" ومدعومة من تركيا بشكل كبير. هذه القضايا لم تأخذ حقها من النقاش في تلك المرحلة؛ لأنهم- كما ذكرت- وأنا منهم ننظر إلى الهدف الأكبر، وهو: دعونا نسقط النظام، وهذا هو الأساس.
نحن كما ذكرت سابقاً، فيما بعد وصلنا خبر بأن جماعة "هيئة حماية المدنيين" هم من يشرفون على نقل السلاح من ليبيا إلى تركيا، وتحديداً الدكتور هيثم رحمة بشكل شخصي، والمشرف على ذلك هو الدكتور نذير الحكيم أيضاً، وهم معروفون بأنهم من "الإخوان المسلمين"، حتى لو قالوا: نحن لسنا من الإخوان المسلمين. وكان تنسيقهم في الدرجة الأساسية مع تركيا، وهم من يوزعون السلاح على الفصائل القريبة منهم، وخاصة في المرحلة الأولى، حيث كان الجميع باستثناء فيلق الشام-أظن بتوجيهات إقليمية- يدعمون "أحرار الشام" إلى حد كبير. كان أحرار الشام وفيلق الشام قريبين جداً، ولاحقاً، هيئة تحرير الشام التي شكلت في وقت لاحق جيش الفتح. لم نسألهم، وأظن أن هذا الموقف يجب أن نُنتقَد عليه؛ لأننا غضضنا النظر عن الكثير من القضايا التي وتراكمت، وكبرت، وانفجرت لاحقاً، ولم يعد بالإمكان تلافيها.
القضايا الصغيرة أو التي كان يخطر على بالنا أنها صغيرة في البداية ولا مانع من أن نغض الطرف عنها، وأن نتكلم بها في وقت لاحق توسعت، وتمددت، وأصبحت كبيرة، وشكلت عوامل انفجار، وساهمت في الوصول إلى ما وصلنا إليه. هذا واقع، وهذه حقيقة، وكما ذكرت: إن المجلس الوطني لم يعمل بآلية تنسيق كمكتب تنفيذي؛ لأنه كان يركز على الأهداف السياسية دون البنية التنظيمية، سواء كانت للمجلس أو للثورة بالذات، لم يكن هذا الشيء موجوداً، ويوجد نقص كبير جداً. وفي الحقيقة، أعضاء المكتب التنفيذي وخاصة أصحاب الأجندات، سواء كانوا من "الإخوان المسلمين الحمويين أو الحلبيين" فإن كل شخص منهم لديه برنامجه. وقضية المشروع الوطني هي قضية مطية لكسب الزمن والوقت والظهور على الساحة السياسية وإبقاء جزء من المشهد العام.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/11/06
الموضوع الرئیس
المجلس الوطني السوريكود الشهادة
SMI/OH/86-48/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2012
updatedAt
2024/04/07
شخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
حركة أحرار الشام الإسلامية
جيش الفتح
هيئة حماية المدنيين
المجلس الوطني السوري
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي