الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

مظاهرة "الجمعة العظيمة" في درايا

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:09:42:05

حسب ما أذكر، بدأت المظاهرة من أكثر من مسجد، وانطلقت بعدد كبير، ولم يحصل تدخل أمني مباشر، فأثناء الصلاة وقبل الصلاة لم يكن هناك أحد، وأصبح العدد كبيرًا، ومشوا في شارع الثورة حتى نهايته، باتجاه الفرن الآلي، وعند الفرن الآلي الذي نسميه: "الكورنيش"، التفوا نحو" الكورنيش". ويوجد عند الفرن الآلي مبنى المالية، وهو بناء شعبة مالية داريا، ولكنه كان بناءً جديدًا وحديثًا نسبيًا وقويًا؛ لأنه فيما بعد أصبح معقل الجيش الحر في أثناء الحصار، وكان هناك تمثال صغير لحافظ الأسد، أو حتى أنه ليس تمثالًا، ولكنه حجر أساس موجود عليه صورة، وبدأ الشباب بتكسيره. وكان هذا الأمر شيئًا جديدًا أيضًا، كان تصعيدًا أكبر قليلًا. وفي نهاية "الكورنيش"، يوجد دوار، واسمه الرسمي: دوار باسل الأسد، ولكن هذا الدوار عليه نصب نصفي، أظن لباسل الأسد، و هنا الشباب قاموا بتكسيره، والشخص الذي كان متزعمًا الموضوع اسمه: أبو صلاح السمرة، تم اعتقاله فيما بعد واستشهد- رحمه الله- و كان شابًا شجاعًا جدًا وحماسيًا جدًا، و مشاركًا في المظاهرات منذ بدايتها، وكان يشعل المظاهرات، و مصطلح يشعلها كان يعني: أنه يذهب إلى منطقة لا يوجد فيها الكثير من المظاهرات، ويتفق مع عدة أشخاص؛ من أجل أن يقوم بالمظاهرة، فكانوا [يستعينوا به] إذا أرادوا أن يشعلوا مظاهرة، و كان يذهب إلى منطقة ببيلا أو مناطق أخرى في جنوب دمشق، وهو كان متزعمًا الأمر. ولاحقًا، نحن أصبحنا في الثورة نسمي الدوار: دوار أبو صلاح.

كُسر التمثال، وحتى أنني سمعت، ولم أرَ بعيني كنت موجودًا لكن لم أرَ ذلك، وسمعت أنه تبوّل على التمثال، فعمليًا كان يحدث تصعيد بسرعة أكبر، يعني بتسارع كبير نسبيًا.

في هذا اليوم، وصلنا إلى الدوار ومشينا باتجاه شارع المخفر (طريق الشام) عمليًا كنا نقوم بإغلاق الدائرة التي مشينا بها، وعندما اقتربنا من المخفر كانوا يقولون: إنه يوجد جيش وحفظ النظام. وأنا لم أكن قد شاهدتهم بعد، حسب تقديرنا في هذا اليوم، كان عدد المتظاهرين ليس أقل من 10آلاف أو بين 8-10 آلاف متظاهر، وكان العدد كبيرًا جدًا، ولمجرد أنه لم يكن يوجد قمع قبل الصلاة، ولم يكن يوجد باصات؛ فكان الناس يخرجون، وعندما رأى الناس عدم وجود القمع بدأ العدد يكبر، وحتى في مرحلة معينة كان الناس يمشون، وأذكر أنه كان هناك مراحل لا يوجد فيها هتافات، فالناس يمشون، والعدد يكبر.

ويوجد هناك مدخل اسمه مدخل النكاشات قبل المسجد بقليل، وأنا كنت موجودًا هنا، وعندها قالوا: إن الجيش بدأ يضرب الغاز المسيل للدموع بشكل أساسي، والناس بدؤوا يتفرقون ويدخلون في الأحياء، وأنا لم أحضر الغاز المسيل للدموع؛ فدخلت في حي النكاشات، وكان منزل أهلي قريبًا من هناك فأنا أعرف المنطقة جيدًا، وهناك يمكنك رؤية الكثير من الأشخاص الذين تعرفهم، ولكنك لم ترهم منذ زمن بعيد، ولا تعرف أنهم كانوا يشاركون، وصاروا جماعات جماعات عند رأس كل مدخل ينظرون، وهنا بدأت الأخبار: أنه بدأ إطلاق الرصاص، ويوجد جرحى، وأنا حتى هذه اللحظة لم أسمع صوت الرصاص، ولكنني رأيت بعيني.

 ونحن في وقتها كنا قد جهزنا مستشفى ميدانيًا في مشتل (مكان لزراعة النباتات) موجود على طرف داريا، وكان من المفترض أن يكون الأمر سريًا جدًا، ولم أكن أعرف أين هو، ولكن يحيى شربجي [كان يعرف]، وسأتكلم فيما بعد عن موضوع التنظيم، وكان يحيى هو منسق المجموعة، وهو قام بالتنسيق مع معارفه بأن هناك مكانًا معينًا، والشباب فيه متطوعون وقاموا بتجهيز الأمور، فالطريف أن الأمر من المفترض أنه سريًا، ولكن اكتشفت بعد قليل أن جميع الناس يقولون: عند مشتل الشاويش. وكان جميع الناس يعرفون.

 عندها ذهبت إلى منزل أهلي؛ لأنه كان قريبًا، ودخلت إلى المنزل، وكان واضحًا أنه يوجد في الخارج أصوات وضجيج، وكان والدي عائدًا من الصلاة، ويتكلم، ويقول: إن الوضع متوتر، ولكن ليس أكثر من ذلك، ولم أتكلم أمامهم أين كنت.

وبعد قليل خرجت من جديد، يوجد مدخل حارة اسمه الشاميات بجانب مسجد أنس، بعد المخفر، كان الناس هناك متجمعين، وكان يوجد إطارات مشتعلة ودخان يتصاعد، وكانوا يقولون: إنه أطلق النار على الشباب عند التُرب (المقابر) لم أرَ أحدًا، لكن بدأت أسمع صوت الرصاص من بعيد، و كان الناس موجودين عند مفارق الطرق يقتربون قليلًا ثم يتراجعون، وكان هناك شخص ملثم أو أكثر، ويوجد هتافات.

في هذه اللحظة، كان يوجد بجانبي شاب صديقي اسمه أحمد حلمي، كان قريبًا جدًا مني فجأة سقط على الأرض، وبدأ يخرج الدم من فمه، فقمنا بسحبه جانبًا، كان المنظر مرعبًا، وأعتقد أنه كان أول جريح أراه في الثورة، وخاصة أن الدم كان يخرج من فمه، هنا نحن ظننا أنه قد قتل، وبدأنا نقول له: أشهد، أي قل: "أشهد أن لا إله إلا الله". لأنه سوف يموت. وحملناه، وكان يوجد سيارة تعرف إلى أين تذهب،ونحن تركناه [على افتراض] أننا فقدنا الأمل منه، ولكن الحمد لله فيما بعد لم يمت، ولكنه أصيب في فكه، لكن نحن أفزعنا منظر الدماء، ولكنه بقي لمدة أشهر أو سنة يتلقى العلاج وتعافى فيما بعد.

التنظيم لم يكن كاملًا. ولكن في كل مجموعة يوجد شخص معه سيارة، وعلى الأقل يأخذونه إلى فلان، أقل ما يمكن أننا عندما نوصله إلى السيارة، يمكننا أن نتأكد أنه سيأخذ إلى الإسعاف، ولكنني افترضت أننا خسرناه، فكان هذا أول جريح أراه أمامي، كان مشهدًا صعبًا، فنحن قبل أيام كنا نتخيل القنص، وهذا كان قنصًا، وكان المكان الذي كنا فيه يبعد 300 متر عن أقرب مكان للجيش، [فالعسكري] قنصه، بشكل واضح أنها إصابة مباشرة وليست عشوائية، ولكن عندما أراه أمامي كان الشعور مختلفًا. استمر الأمر على هذا الشكل حتى العصر ثم تفرقوا، وأذكر في وقتها أنه استشهد 3 أشخاص في ذلك اليوم، وحتى أنهم قالوا: يوجد شخصان ليسا من المتظاهرين، ولكنهما كانا موجودان أمام منزلهما، لا أعرف إذا كانا قد قتلا عن قصد أو غير قصد، وهؤلاء كانوا أول الشهداء في داريا في ذلك اليوم، كانوا 3 شهداء.

هنا تشعر أنك انتقلت إلى مرحلة أعلى بكثير من التصعيد، ومن المؤكد أن الجرحى كانوا كثيرين، ولكنني لا أعرف عددهم. وفي ذلك الوقت، لم يكن يوجد توثيق، وحتى الذي يصاب كانوا يتكتمون على إصابته حتى لا تتم محاسبة أهله (من الأمن).

حصلت اعتقالات بالجملة، ومن ضمنهم كان أخي أحمد اعتقل، وعندما تفرق الناس بدؤوا يدخلون في الأحياء، فهو دخل مع مجموعة إلى مدخل بناء، ويبدو أن عددًا كبيرًا دخل إليها، وكان ذلك بجانب المخفر بالضبط، أمام الجيش، ورآهم الجيش عندما دخلوا، ولحق بهم، وخرج الشباب من طابق معين، ويوجد منهم من هرب إلى البناء الذي بعده، واستطاع أن يهرب، ويوجد أشخاص بقوا في نفس البناء. وبحسب ما قال لي أحد الأشخاص: إنه كان يريد مساعدة الناس على الخروج، وكان يضع يده حتى يعبر بعض الأشخاص إلى البناء الثاني، ولم يوافق أن يخرج، فلحق به الأمن وأمسك به، كانت قدمه مصابة، لا أعرف إذا كانوا وقت الاعتقال قد ضربوه عليها، أو أنه سقط، ولكن أثناء الاعتقال كانوا يدوسون على قدمه فكُسرت، وعندما خرج من المعتقل قام بتجبيرها، وأظن أنه خرج بعد 3 أو 4 أيام، في ذلك الوقت كان الاعتقال بهذا الشكل.

كان الأمر مزعجًا حتمًا، ولكن لم يكن [مرعبًا] بالنسبة للشباب، وأذكر أنه إلى مرحلة متقدمة في شهر (حزيران/ يونيو) أو( تموز/ يوليو) أو بعد ذلك بقليل، كان جميع الذين أعرفهم تم اعتقالهم، وخرجوا بعزيمة أكبر من قبل، وكانوا مصرّين على الإكمال، ولم يكن الاعتقال يردع الشباب. فاعتقل عدد كبير (العشرات) في تلك الفترة، ولكن معظمهم- كما ذكرت لا يوجد توثيق واضح- كان يخرج ضمن الأسبوع.

نسيت أن أقول: إنه كان هناك تطور من قبل، وهو رفع قانون الطوارئ، ولكن في اليوم الذي أعلن عنه، كان في يوم الخميس بحسب ما أذكر، في يوم الجمعة كانت الدبابات على مداخل داريا والحواجز، وهذه كانت مفارقة: أنه بالظاهر رُفع قانون الطوارئ، ولكن عمليًا أو الشيء الذي لم نره طوال السنوات الماضية نراه الآن، دبابات، وحواجز، ومضايقات، وتفتيش.

الجمعة العظيمة ( 22 نيسان/ أبريل 2011) كانت لحظة فارقة في الثورة في داريا، وأظن في مناطق أخرى، لا اعرف بدمشق كيف كان الحال، لكن مثلًا: كان يوجد معتز الشعار- رحمه الله- وهو شاب من الميدان، ولكنه جاء من أجل التظاهر في داريا، فقتل هناك هو من دمشق، كان حينها شائعًا جدًا أن الكثير من الأشخاص من الشام (دمشق) ومن كفرسوسة، يأتون للتظاهر في الأرياف؛ لأنه لا يوجد مظاهرات كبيرة في دمشق نفسها، فكانت الجمعة العظيمة لحظة فارقة وخاصة أنه سقط شهداء، وانتقلت إلى مرحلة أعلى.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/08/27

الموضوع الرئیس

المظاهرات الأولى

كود الشهادة

SMI/OH/34-05/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

نيسان 2011

updatedAt

2024/08/23

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

الشهادات المرتبطة