الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

خيمة عزاء قتلى "الجمعة العظيمة" في داريا

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:53:10

تشييع الشهداء الذي حصل في 23 نيسان/ أبريل 2011 كان نقلة إضافية، فيها إشارة إلى مدى شعبية الثورة في داريا، وكان مؤشرًا أيضًا إلى أن الأمور يجب تنظيمها بشكل أفضل؛ لأنه أصبح هناك معتقلون وشهداء، ويجب العمل على موضوع التوثيق والإغاثة، وكان هذا الأمر تحديًا بالنسبة لموضوع التنظيم بأن ينتقل التنظيم إلى مرحلة أعلى.

أريد أن أتكلم عن بدايات التنظيم في داريا التي أنا مطّلع عليها، وكما قلت: قبل أن تبدأ الثورة كانت هناك دائرة معينة تتواصل، كان أغلبها من مجموعة مسجد أنس القديمة وبعض أصدقائهم، مثل: إسلام دباس، وأحمد حلمي، لم يكونوا موجودين في المسجد، كانوا صغارًا في السنّ في وقتها، ولكنهم كانوا أصدقاء رفاقنا، وحتى أنه قبل الثورة كانت تحدث لقاءات عامة، ولكن يجري الحديث في موضوع سياسي أو ما شابه.

بعد أول مظاهرة، بتنى نلتقي بشكل منظم، نلتقي في مزرعة أو في منزل، وغالبًا يكون هناك لقاء في يوم الخميس قبل المظاهرة حتى نحضّر من أجل اليوم التالي، وخلال الأسبوعين من بعد المظاهرة الأولى، بدأنا نكتشف أو نتعرف على الدوائر الأخرى الموجودة يوجد عدة دوائر كانت تعمل، إما كانت تحضّر من قبل، أو بدأت تعمل بعد المظاهرة الأولى، مثلًا: إحدى الدوائر كانت غالبيتها شباب يعملون في ورشات خياطة أو معامل خياطة أو ما شابه، وهم أصدقاء ومعارف من قبل، ولديهم الرغبة في فعل شيء، وأذكر منهم، مثلًا: مصطفى الخولي -رحمه الله- ومحمود جنّح، ويوجد العشرات الآخرون في نفس الدائرة تقريبًا، فهؤلاء فيما بعد (بعد أسبوعين) صرنا نتواصل معهم، ونجلس جلسات مشتركة، وعمليًا، يوجد في الجلسة 7 أشخاص وأحيانًا 10 أشخاص، ولكن كل شخص أو كل شخصين منهم يوجد مجموعة خلفهما، وغالبا ما يكون يحيى شربجي هو الواجهة في جلساتنا، وأصبح هناك فرز شبه طبيعي، واتفقنا في مرحلة مبكرة أن يكون هناك صفوف: صف أول، وصف ثاني، في وقتها لم يكن الهاجس الأمني موجودًا، وقد نجتمع في أي منزل أو أي مزرعة في داريا، لا يوجد مشكلة في ذلك، حتى لو كان الاجتماع كبيرًا، ولكن لا داعي لحضور الجميع، وشخص واحد أو شخصان من مجموعتك يكفيان، ولاحقًا، عندما بدأت الحواجز، وبدأ موضوع الاعتقالات كان الأفضل أن يحضر شخص واحد، ويخبر البقية، وحتى إذا حصل اجتماع كبير فسوف يكون مشبوهًا، بحسب التعبير الشائع، وعمليًا كان يحيى ومحمد قريطم أبو النور يحضران بالطبع ونبيل شربجي كذلك، وغالبًا ما يحضر شخص منهم أو شخصان، ومن خلالهم [بدأت أتعرف على أشخاص]، وطبعًا، هؤلاء الأشخاص الذين ذكرتهم كنت أعرفهم من قبل، وكان بعض الأشخاص أصدقائي، ولكن بعضهم الآخر ليسوا أصدقائي، مثلًا: الذين يعملون في الخياطة، ولكن كان لهم دور كبير في التنظيم، وشاركوا فيما بعد بشكل فعال في التشبيك بين كل المتظاهرين، وأذكر أن أخي أحمد كان ينسق معهم، وأخي أحمد في فترة معينة اشتغل محاسبًا في معمل قطنيات ومن خلال العمل كان يعرف بعضهم، وهم كانوا يتواصلوا معه أيضًا؛ لأنه كان متعلمًا ونشيطًا، وأذكر في إحدى المرات كانت من المفارقات - أعتقد في الشهر الرابع (نيسان/ أبريل) بعد الجمعة العظيمة حتمًا- كنت في منزله (منزل أخي أحمد) لأني كنت في هذه الفترة مطاردًا لا أنام في منزلي، فكنت موجودًا في منزل أخي أحمد، وكان يتكلم في أمر ما، وقلت له: سوف أخرج لأن عندي لقاء، وقال لي: أنا وعدت الشباب أيضًا، ومن خلال الحديث بيننا، تبين أننا ذاهبان إلى نفس الاجتماع، ولكنني لم أخبره، وهو لم يخبرني، وهذا الكلام بعد شهر ونصف من بداية الثورة، وأخي يعرف أنني أشارك، ولكن لا نطلع بعضنا على التفاصيل لأسباب أمنية؛ حتى إذا تم اعتقال أحدنا لا يكون لديه كمّ كبير من المعلومات، وتنقطع السلسلة بشكل سريع.

في أول شهرين أو ستة أسابيع تشعر بالسعادة؛ لأنك في كل اجتماع تتعرف على شخص أنت تعرفه منذ زمن، ولكنك لم تشاهده، تعرفه من العمل أو من الجيران أو من المدرسة، تفرح لأن الموضوع منتشر ويوجد انتشار للنشاط، ويكون هؤلاء المجتمعون هم القياديون في الموضوع.

قبل الجمعة العظيمة كانت الدائرة القريبة، بمعنى آخر: شباب المجموعة القديمة مع بعض معارفهم، وكان يوجد شباب هتّيفة (الذين يهتفون في المظاهرات) وعمليًا لم تكن الدعوة للمظاهرة مربكة؛ لأن الناس لديهم الرغبة في المشاركة، ولكن العدد كان يزيد وينقص بحسب عدد الباصات والأمن، لغاية يوم الجمعة العظيمة لم يكن هناك دائرة واضحة للتنظيم والتنسيق، وإنما كان يوجد مجموعة دوائر متفرقة ويوجد تنسيق بينها.

بعد الجمعة العظيمة وبعد التشييع قررنا إقامة مجلس عزاء لثلاثة أيام، والذي حصل أننا استأجرنا خيمة تستخدم في الأفراح والتعازي، واستأجرنا الكراسي بإمكانيات شخصية، فكان فلان يتكفل باستئجار الكراسي ويدفع التكلفة، وفلان يجلب الماء، وأقمنا مثل منصة، ووضعنا صور الشهداء، وأذكر أنه في تلك الفترة لم يكن يوجد علم، وإذا وضعنا علمًا فإننا نضع العلم السوري؛ لم يكن علم الثورة مطروحًا، واستمر الموضوع على مدى 3 أيام، وكانت هناك جلسة عزاء في كل يوم مساء، ويوجد منصة كبيرة في الأمام، وعدد كبير من الحضور، ويأتي الناس أفواجًا، ويجلسون قليلًا، ويخرجون، ويطول بقاؤهم أحيانًا، وأصبح هناك متحدثون مختلفون، منهم من هو من شباب الثورة أنفسهم، ومنهم أشخاص من الضيوف.

 هنا معظم الذين اعتقلوا خرجوا، مثلًا: كان يوجد معتز مراد، وأيمن صوراني، وغيرهم، تم اعتقالهم 10 أيام- بحسب ما أذكر- وخرجوا، ويوجد أكثر من شخص خرجوا أيضًا، وكان يوجد تعاقب على المنصة، يوجد دائرة معينة هي التي تقوم بالتنظيم، ولكن توجد امتدادات، ولا يوجد برنامج واضح، كنا نحضّر كل يوم بيومه، وأذكر أنه في فترة ما كان مجد خولاني -رحمه الله- هو من أبرز الناشطين في المظاهرات، اعتقل فيما بعد واستشهد في سجن صيدنايا، كان مثل عريف الحفل هو الذي يقول: من سوف يتكلم الآن، وكان الشباب منهم من يكتب قصيدة، ويشارك بها، وفي إحدى المرات ألقت بنت صغيرة قصيدة، وكان الضيوف يأتون من خارج داريا، قسم بدعوة منّا، وقسم يأتون من تلقاء أنفسهم، أذكر من الأسماء: الشيخ كريم راجح، والشيخ كريم منذ أن كان في الميدان كان في موقفه متعاطف واضح، ولكن لم يكن لديه موقف صريح، وأذكر في وقتها أنه كان يوجد رأيان: قسم سعيد لأنه أتى، وقسم كان منزعجًا، ويقول: لماذا لم يقل كلمة شهيد؟ لأنه في الدعاء قال رحم الله ميتكم، ولكن بالنسبة لي كان جيدًا؛ لأنه قدم هذه المشاركة، ومثلًا في وقتها جاء فايز سارة، وعلي العبد الله، أظن بدعوة من يحيى[شربجي]، وأعتقد أن فايز سارة ألقى كلمة في وقتها، وجاء جودت سعيد في أحد المرات، وتكلم، وجاء إحسان بعدراني وهو خطيب مسجد في دمشق، وكان يوجد ضيوف آخرون، وجاء وفد من صحنايا، وهي مدينة محاذية لداريا، و غالبيتها من الطائفة الدرزية، ويوجد بعض المسيحيين، والعلاقة طيبة بين المدينتين بشكل عام، فجاء وفد منهم من أجل التعزية، وكانت بادرة طيبة، وجاء وفد من المعضمية، وجاء أشخاص من مناطق أخرى، بمعنى أنه يوجد أشخاص لا نعرفهم، ولكن كانوا مثلًا: رفاق فلان (ناشط في المظاهرات) وكان مجد خولاني يقول: نرحب بالشباب من مدينة كذا.

بنفس الوقت، كانت هذه المنصة هي أول فرصة للتعبير عن الرأي من شباب الثورة أنفسهم، فقبل ذلك كانت في جلسات واجتماعات، ويحصل اختلاف وكذا، لكن هنا كانت عامة للمرة الأولى، ومثلًا: كان أحد الخلافات حول إسقاط النظام: هل نقول إسقاط النظام أم لا؟.

في أحد المرات، حصل اعتصام نسائي أمام مسجد أنس، أو على الأقل شارك فيه رجال ونساء، أمام مسجد أنس بن مالك، وجاءت حنان لحام في ذلك الوقت، وهي مدرسة ومربية في دمشق، وكنا نلتقي بها كانت مقربة من جودت سعيد، ويوجد لدينا علاقة قوية معها، وكان جزء من البنات في داريا يحضرن درسها، وهي عندما جاءت كانت تقول: يجب الحفاظ على سلمية الثورة، وضرورة السلمية، بالنسبة لي كنت سعيدًا؛ لأن الناس يأتون ويحاولون المشاركة، أولًا: كانت مشاركتهم الرمزية جميلة، وثانيًا: كانت توعية[للناس]، وفي ذلك الوقت ألقى معتز كلمة بنفس المظاهرة، وقال: إنه ضد إسقاط النظام بشكل واضح، ولا أذكر الأمر الذي دعا إلى الموضوع، يبدو أنه حصل نقاش سابق، ويوجد أشخاص اعترضوا على كلامه في نفس الموقف.

وفي اليوم الثاني في مجلس العزاء، ألقى كلمة، وقال: نحن نطالب بحقوق معينة والحريات، وهذا الذي نريده، ونحن لم نخرج لإسقاط النظام، وإذا تم تحقيق هذه الحقوق بالإصلاح [فهذا أمر جيد]، ولا أذكر بالتفصيل، ولكن كانت الفكرة أنه ضد مطلب إسقاط النظام، ولا أريد أن أقول أن هذا الشيء كان تخوينًا في تلك الفترة، ولكن كان هناك موقف شديد ضده من شريحة جيدة، وهذا الذي استدعى المزيد من التنسيق وتوحيد الرأي فيما بعد.

كان يوجد أحد الخطباء أظن أنه الشيخ نبيل الأحمر- رحمه الله- اعتقل لاحقًا واستشهد تحت التعذيب، مثلًا في إحدى المرات ألقى كلمة، وتكلم بنفس ثوري، ولكن ضمن كلامه اعترض على خروج النساء في المظاهرات، وأن هذا قد يعرضهم للاعتقال، والاعتقال يعرضهم إلى "سيناريوهات" لا نريدها، وكان هذا أيضًا موضع خلاف وكان يوجد توجه كبير يؤيد مشاركة النساء أكثر، وهو كان أكثر خطيب مؤيد للثورة في داريا بشكل علني، وهذه كانت بعض الأمثلة؛ حيث بدأت الخلافات على التفاصيل، ويوجد تفاصيل أساسية، ويوجد تفاصيل أقل أهمية.

جاء جودت سعيد وألقى كلمة، وتكلم في العموميات كما جرت العادة عن الحرية، والحقوق، أنا أحضر دروس جودت سعيد كثيرًا، وأعرفه عن قرب وأعرف أن خطابه العادي كان عامًا وصعبًا على عموم الناس أن يفهموه، نكش أحد الشباب وقلت: يجب أن يتكلم عن المظاهرات، أو يوجه شيئًا إلى الشباب، فتكلم قليلًا، ثم وقف أحد الشباب أنا لا أعرفه، وهو شاب يبدو أنه ليس متعلمًا من ملامحه، وقال له: يا شيخ ماذا نريد من هذا الكلام؟ (ماذا ينفعنا هذا الكلام؟) ماذا بشأن بشار الأسد؟! بمعنى أنه يريد موقفًا واضحًا؛ فسكت الشيخ جودت قليلًا، وبحسب ما أذكر، قال له بالحرف الواحد: يا أخي، لنذهب إلى الانتخابات، وإن أنتخبه الناس فليكن، فانتفض الناس، وقالوا له: بعد كل الشهداء! وكان في داريا ثلاثة شهداء، وفي كل سوريا مائة شهيد تقريبًا- رحمهم الله- ولكن كان الموقف الانفعالي هكذا، لمجرد فكرة بقاء بشار فيما إذا حصلت انتخابات حقيقية، ولكن كان هذا موقف جودت من قبل، انتفض أكثر من شخص، وقالوا: ماذا يا شيخ! بعد كل هذه الدماء التي سالت والشهداء! ومما علق في بالي أنه كان لا يعتبر شيئًا أمام حمام (الدم) الذي حصل فيما بعد، ولكن هذه الأيام الثلاثة من العزاء كانت فرصة ومنتدى، فحتى بعد أن يذهب الناس تجد أن العشرات منا نحن مجموعة الشباب المتظاهرين نبقى جالسين ندردش بهدف التسلية والنقاش، وأحيانًا يحدث خلاف، وكما ذكرت كانت هذه أول فرصة من أجل التعبير عن الرأي، وإلى الآن يوجد فيديوهات عن تلك الأيام، وتكلم أغلب الشباب الذين كانوا فاعلين، مثل: يحيى شربجي، ومعتز، وغيره، وكانوا يتعاقبون على مدى ثلاثة أيام وأخذوا فرصة كبيرة.

وفي تلك الفترة، أذكر أن أكثر من شخص كان يأتي، ويتكلم معي قائلًا: لماذا لم تقولوا لنا؟ أو لماذا لم تعطونا فرصة من أجل إلقاء كلمة؟ فقلت له: أنتم ماذا تفعلون؟ فقال: أنا وأصدقائي في الجامعة نخرج في المظاهرات؛ فقلت لهم: تعالوا، وشاركوا، ولكن الفكرة كانت أنه في تلك الفترة (في البدايات) كل شخص بدأ يحس بأنه يجب أن يكون له حصة ودور.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/08/27

الموضوع الرئیس

المظاهرات الأولىالحراك في داريا

كود الشهادة

SMI/OH/34-07/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

نيسان 2011

updatedAt

2024/08/23

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-ناحية صحنايامحافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة