الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الخلاف على هتاف "إسقاط النظام" وحملة اعتقالات النشطاء في داريا

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:11:23:19

عندما بدأ الخلاف على موضوع هتاف إسقاط النظام اتفقنا على أن نجري جلسات تشمل عددًا أكبر من الأشخاص المشاركين وخاصة الأشخاص الهتيفة (الأشخاص الذين يهتفون في المظاهرات) أو الذين هم من قادة المظاهرات بشكل يصبح فيه اتفاق على شيء معين، وهذا الكلام في شهر (أيار/ مايو) وجرى أكثر من لقاء، وغالبًا ماكانت تضبط الأمور ولكن ليس لأمد طويل، فكنا نحاول أن نشرح لهم بأنه أولًا لا يوجد اتفاق على هذا الهتاف، وثانيًا هذا الهتاف يستفز النظام أكثر، ونحن إذا استطعنا تحقيق مطالبنا بدون أن نلجأ إلى هذا الكلام فما الذي يمنع ذلك، كان النقاش بهذه الطريقة، وغالبًا ما يحصل التزام بالمظاهرة التي بعدها، ثم يتغير الأمر أو أن قسمًا من المتظاهرين يهتفون بشيء مختلف.

 بالنسبة لي، كان مثل صراع داخلي، ففي الحقيقة أنا أريد إسقاط النظام، ولكن لا تعرف إلى أي درجة هذا التكتيك يمكن أن ينجح في الأصل أو ما شابه.

بعد التعزية بعدة أيام، أو في أيام التعزية بالذات، كانت كل يوم تأتينا إخبارية بأنه يوجد اعتقالات الليلة، ويجب ألا تناموا في منازلكم وانتبهوا، وقسم يقول: إنه في الأصل أخذ (الأمن ) أسماء الأشخاص الذين شاركوا في التعزية، والذين ألقوا الكلمات وسيعتقلونهم، ولكن هذا الأمر أصبح متكررًا على عدة أيام، كان كل يوم يوجد إخبارية كهذه.

في إحدى المرات كنا مجتمعين خلال أيام الأسبوع، وليس في يوم الجمعة، ولكنني لا أذكر، ولكن أظن أنه في 30 نيسان/ أبريل- بحسب ما أذكر- كنا مجتمعين عند أحد أصدقائنا، وكانوا يتكلمون أن هناك خبرًا أكيدًا عن طريق فلان بأنه يوجد اعتقالات اليوم، وأذكر أن مازن شربجي كان أحد الحضور، وكان يوجد البعض من رفاقنا والبعض أبعد قليلًا، وكان مازن شربجي صديقًا، وأخوه طارق صديقنا، وكان معتقلًا معنا في سجن صيدنايا، وهو شاب صغير وكان متزوج حديثًا، وهو من عائلة غنية، و كان متحمسًا للنشاط، فكنا نتكلم عن الاعتقال فالموضوع بين الجد والمزاح، فهو ذكر كلامًا علق في بالي،قال: يا شباب صحيح أن الأمور نعدها مزاحًا أحيانًا، ولكن الاعتقال سيكون فيه صعوبة، وسنضرب و نعذب، ولكننا سنكمل، كان كلامًا جميلًا تسمعه من شاب صغير -وهو ليس صغيرًا جدًا- ولكن يعتبر شابًا، وكان يتكلم بهدوء وثقة، وجرى اعتقاله في نفس الليلة. بعد هذا الاجتماع كنا في حيرة، أصبحنا نسمع نفس الكلام بأنه يوجد اعتقالات، ولكنني ذهبت إلى المنزل، وفي الساعة الثانية عشرة إلا الربع، كان يوجد شيء معين أريد أن اسأل أهلي أو أخي عنه، حاولت الاتصال فوجدت أن الاتصال مقطوع، وقبل نصف ساعة اتصلت وكان الهاتف يعمل، فشككت بالموضوع، وقلت لزوجتي:انهضي -كان عندي في ذلك الوقت طفلين- وقلت لها: انهضي (لنذهب) يبدو أن هناك شيئًا، وفعلًا خرجنا من المنزل وذهبنا إلى منزل أهل زوجتي القريب من منزلي.

ابني غيث من مواليد عام 2008 كان عمره أقل من سنتين، أو أقل من ثلاث سنوات، وبشر كان عمره أقل من سنة في ذلك الوقت، ويوجد فيديو قصير لغيث أثناء رجوعي إلى المنزل كنت أقول له: ماذا كانوا يقولون؟ فقال لي: ((حرية حرية))، ولكن بشر كان عمره في ذلك الوقت ثمانية شهور تقريبًا [وذهبت إلى منزل أهل زوجتي، وكان منزلهم مطلًا على شارع الثورة] لاحقًا عندما انتشرت المظاهرات أصبحت أقوم بالتصوير من سطح منزل أهل زوجتي، وليس من منزلهم.

ذهبنا إلى منزلهم وبدأنا نترقب، وبعد قليل قُطع الإنترنت عن الهاتف الجوال 3G، ولكن بقي الانترنت عبر الاتصال الأرضي يعمل، وبعد ساعة أو ساعتين لم يحصل أي شيء، فقررت النوم وفي الصباح نعود (لمنزلنا) وقبيل الفجر أحسست بوجود شيء، بدأت أنظر من الشباك، وفعلًا كان يوجد سيارات زيل وسيارات أصغر ينزل منها العناصر، عند كل 10 أمتار أو 20 مترًا كان يقف عنصر، وكانوا يلبسون الثياب العسكرية، وكان الطقس باردًا، كان ذلك في أول أيار/ مايو، ولكن الطقس كان باردًا، وكانوا يلبسون ثيابًا عسكرية شتوية، ولا يفعلون أي شيء، كانوا منتشرين ولكن كان واضحًا أن هناك شيئًا ما، وأنا لا يوجد لدي هاتف، أو انترنت، أو أية وسيلة تواصل.

قبيل الفجر -ولا أذكر الساعة بالضبط- بدأت الاعتقالات، كان قرب منزل أهل زوجتي يوجد بيت صديقي اسمه رياض عديلة، وهو من مجموعة داريا القديمة، ولكن لم يعتقل في سجن صيدنايا، لكن اعتقلوه في بداية الثورة، فكان معتقلًا وخرج من السجن قبل ذلك فكان مطمئنًا باقي في منزله؛ أنه اعتقل (في بداية الثورة) وأطلق سراحه ولن يعتقل مرة أخرى، أذكر أنني كنت أراه من بعيد؛ لأن مدخل بنائه كان واضحًا، لا أستطيع أن أرى الأشخاص في الليل، ولكنني عرفت لاحقًا أنه رياض، فأخرجوه من منزله ووضعوه داخل السيارة، وكان واضحًا أن السيارة يوجد فيها أكثر من شخص، لم أكن أعرف التفاصيل في ذلك الوقت، وفي الصباح لم نجرؤ على الخروج حتى الساعة 10 صباحًا حتى بدأنا نتحرك، أقاربنا وأصدقاؤنا في بناء ثان كان لديهم إنترنت على الهاتف الأرضي، فذهبت زوجتي إليهم وعلمت بأنه اعتقل عدد كبير لم يعرفوا بعد من هم، واقتحموا منازل، وفيما بعد عرفت أنهم اقتحموا منزلي، وتبين أنهم انتشروا في جميع أنحاء داريا، وليس في هذا الشارع فقط، كان والدي يصلي الفجر في المسجد دائمًا، وعندما ذهب إلى صلاة الصبح شاهده الجيش ولكن رأوه بأنه رجل كبير لم يتكلم معه أحد، ولكن أثناء عودته كان الجيش يطرق باب منزل أهلي، ويسألونه ويقولون له: نريد محمد، فقال لهم: محمد لا يعيش هنا، فقالوا له: دلنا على منزله، فأخذوه إلى منزلي، وبدؤوا يطرقون الباب، فقال لهم والدي: أنا سوف أتكلم معه، لا داعي لذلك، وبدأ يرن الجرس، ويطرق الباب، ولكن لا يوجد أحد، فقاموا بخلع الباب وكسره، ودخلوا، ولكن لا يوجد أحد، ولم يتكلموا شيئًا، وحتى أنهم تركوا والدي ولم يضايقوه، ولكنني كنت ضمن المطلوبين، وأذكر في وقتها -لست متأكدًا من العدد- ولكن علق في بالي أن العدد كان 42 شخصًا من داريا، جزء منهم من مجموعة داريا القديمة، ومنهم: معتز مراد، وأسامة نصار، ورياض عديلة، وغيرهم، وأظن مازن شربجي اعتقل في نفس المرحلة، ولا أذكر إذا كان أسامة أبو زيد أيضًا في نفس المرحلة يوجد عدد جيد من الشباب (اعتقل) ولكن من كان خارج منزله لم يستطيعوا الوصول له.

يوجد أمر آخر، في وقت أول مظاهرة التي كانت في 25 آذار/ مارس -فيما بعد سمعت ذلك عن طريق حسن أبو شناق الذي كان رئيس البلدية وهو صديقنا أو صديق مقرب من بعض أصدقائي- أنه في وقتها جاء الأمن السياسي إليه يوبخونه هو وشخص آخر من الحزبيين لا أعرف من هو بالضبط، ويقولون لهم: طوال الفترة الماضية كنا نسألكم في تقاريركم عن جماعة عبد الأكرم (جماعة مسجد أنس)، وأنتم تقولون لنا: إنها ماتت أو تفرقت، هاهم ذا قد خرجوا (في المظاهرات) -هنا كانوا يتكلمون عن أول مظاهرة- لأننا فعلًا كنا موجودين جميعًا تقريبًا في المظاهرة، فحتى لو أن بعض الأشخاص لم يكونوا يهتفون، ولكن كان الجميع موجودين، فمن ينظر يجد على الأقل 7 أو 8 أو 9 أشخاص من هذه المجموعة، فعمليًا في البداية حُسبت أول مظاهرة علينا، وأننا نحن الذين نحرك الموضوع، وأذكر مشهد عندما خرج معتز مراد، وأيمن صوراني وغيرهم، أحضروهم إلى المركز الثقافي ليلًا، لم يخرجوا بوساطة، ولكن اتصلوا بأحد ما، وقالوا له: تعالوا وخدوهم، فجاؤوا إلى المركز الثقافي، كنا مجتمعين في المركز الثقافي في قاعة كبيرة، ويوجد فيديو [يوثق ذلك]، وكان أحد الأشخاص يرينا ورقة يوجد فيها أسماء المطلوبين، فأذكر أن اسمي كان أول اسم، وبنفس الوقت يوجد الكثير من الأسماء من مجموعة داريا القديمة.

أظن أنه في ذلك اليوم اعتقل 42 شخصًا أذكر منهم: أبو هيثم الحموي، وهو والد أصدقائنا هيثم وسعيد وقد كان معتقلًا سابقًا عندما أنشؤوا لجنة أهالي المعتقلين، [لكن] في هذه المرة طالت فترة الاعتقال، أظن أن أغلبهم بقوا لفترة 60 يومًا، وقسم لفترة أطول، وكان من المفترض أنه قد تم إلغاء قانون الطوارئ، وكان الحد الأقصى للاعتقال هو 60 يومًا، فكانوا يلتزمون غالبًا بذلك، يوجد الكثير من المعتقلين يخرجون بعد ستين يومًا، ويوجد أشخاص يطول بقاؤهم أكثر من ذلك بقليل، ولكن حتى ذلك الوقت، وأنا أتكلم عن شهر أيار/ مايو وحزيران/ يونيو، لا أذكر أن أحدًا اعتقل في ذلك الوقت ولم يخرج، ولكن أغلب الأشخاص الذين اعتقلوا في شهر تموز/ يوليو وما بعد كانت فترة اعتقالهم طويلة.

لست متأكدًا من العناصر الذين ذهبوا مع أبي إلى المنزل، ولكن كانت الاعتقالات عسكرية بشكل عام، والشائع في ذلك الوقت أنهم كانوا من الحرس الجمهوري، يوجد فيديو قام أحد بتصويره عند دوار شريدي في داريا، عند الفجر، كان واضحًا أنهم يتجولون بلباس عسكري نظامي، كانوا قد أقاموا حاجزًا صغيرًا ووضعوا الحجارة، وكانوا يوقفون من يأتي ويذهب ويسألونه.

فأنا عمليًا كانت هذه رحلة التخفي، من بعدها لم أعد إلى المنزل، بقيت زوجتي وأولادي في منزل أهلي، وحتى تلك المرحلة لم يكن يوجد تخوف من أن يعتقلوا زوجتك أو أهلك، فكنت أشعر بأمان نسبي، وحتى أنها كانت تذهب إلى الجامعة تذهب في تلك الفترة، لكن عمليًا أنا كل فترة كنت موجودًا في منزل ما، وكان في أول شهرين (أيار/ مايو) و (حزيران/ يونيو) من السهل نسبيًا أن تجد شخصًا تقيم عنده، ليس سهلًا جدًا ولكن من خلال المعارف، مع أن هناك الكثير من الأشخاص اعتقلوا عن طريق العواينية (الوشاة)؛ حيث ينام عند شخص معين، فيترصده أحدهم ويراقبه إذا دخل أو خرج، ثم يقومون باعتقاله.

كان لدي صديق موجود في المنطقة الغربية، كان لديه منزل في البساتين، أذكر أنني بقيت في المنزل لمدة 3 أسابيع، أخرج فقط إلى المظاهرة، إلى تلك الفترة كان لا يزال يحيى وأبو النور وغيرهم [غير معتقلين]، فكان دوري إعلاميًا بشكل أساسي، [فكان حالي] من مساء يوم الجمعة حتى صباح الجمعة التالية أكون في المنزل لا أخرج أبدًا؛ لأنه كان لديّ خوف فيما إذا رآني أحد من الجيران وتعرف عليّ، فمن الممكن أن يخبر عني الأمن، ولكن فيما بعد لم أر أنه من المناسب بقائي طويلًا عنده في المنزل، فكان الشباب يستأجرون مزرعة في منطقة حول داريا، فداريا يوجد فيها مركز سكني في الوسط، ويوجد أراض شرقية وأراض غربية، وفي المنطقتين يوجد أشخاص يقومون ببناء غرفتين ومسبح مثلًا، ويقومون بتأجيرها بشكل يومي، أو بشكل أسبوعي، ففي تلك الفترة لم يكن يوجد تدقيق (مراقبة أمنية) كثير، فقد كان أمرًا عاديًا أن يقوم مجموعة شباب باستئجار مزرعة، ولكن هذا الأمر فيما بعد أصبح مستحيلًا، لأانه بات أمر يلفت النظر.

 وفي هذه الفترة، كنت أتنقل وبصراحة لم يكن الأمر مريحًا نفسيًا، وعندما ازدادت الاعتقالات أصبحت أشعر بالعبء؛ بأنه إذا تم اعتقالي فسوف أورط الشخص الذي يستضيفني، أو تورط الأهل جميعهم، فأصبحنا نحاول قدر الإمكان أن نستأجر مكانًا لا يوجد فيه أحد، في إحدى الفترات استأجرنا منزلًا لفترة قصيرة في داريا، ثم تركناه، فكان هناك تنقل كل فترة من (نيسان/ أبريل) إلى رمضان (آب/ أغسطس) باستثناء الفترة التي كنت فيها في منزل صديقي في المنطقة الغربية بقيت فيه لمدة 3 أسابيع.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/08/27

الموضوع الرئیس

الحراك في داريااعتقال

كود الشهادة

SMI/OH/34-08/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

أيار 2011

updatedAt

2024/03/15

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-منطقة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الحرس الجمهوري

الحرس الجمهوري

الشهادات المرتبطة