الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

اعتصام الصليبة في اللاذقية ومحاولات تلبية مطالب المتظاهرين

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:14:12:08

في الأيام التي تلت مظاهرة يوم الجمعة كان هناك اعتصامات في حيّ الصليبة خاصة، وكان عدد المعتصمين أقل بكثير من المتظاهرين في مظاهرة يوم الجمعة، فكان العدد لا يتجاوز ال200، وأحياناً أقل من 100 شخص، والاعتصامات ليست حكراً على أبناء هذه الأحياء، مثلاً حيّ الصليبة، بل كان يشارك فيها [أشخاص] من مختلف أبناء المحافظة، وحتى من أبناء الطائفة العلوية، مثلاً: من دمسرخو، بمعنى أن الاعتصامات كانت للتنظيمات في الغالب، وخاصة اليسارية.

واستمرّت هذه الاعتصامات، وكانت التوجيهات هي: ألا يتمّ الصدام معهم، وتركهم حتى يتصرفوا بحرية، وحتى الشعارات التي كانت موجودة كانت هي: "واحد واحد الشعب السوري واحد"، والمناداة برفع قانون الطوارئ، والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. بمعنى أنه في البدايات لم يكن إسقاط النظام مطروحاً، ولم يكن أحد يطرح هذه الموضوع في بدايات التظاهرات.

وفي الجمعة التي بعدها كانت هناك مظاهرة أيضاً، كانت هناك مظاهرات في اللاذقية، وخرجت من عدة أحياء، واتجّهت باتجاه ساحة الشيخ ضاهر أيضاً، وكانت التوجيهات واضحة: ألا يتمّ الصدام معهم، ولكن مع الأسف الشديد، حصل نفس "السيناريو" الأول الذي حصل في التظاهرة الأولى، فحصل إطلاق نار أيضاً، وهنا كان الاتّهام واضحاً بأن هناك عناصراً في الشرطة العسكرية قاموا بإطلاق النار. ومع الأسف، حتى موضوع الشهداء الذين سقطوا في تلك المظاهرة، فهم ليسوا من طائفة واحدة، ولكنهم من طوائف مختلفة، وحتى أنني أذكر أن أحدهم من الطائفة العلوية، كان يريد إسعاف شاب أُصيب، وقُتل في ذلك اليوم.

تمّ استيعاب هذا الموضوع من خلال اللجان (لجان الأحياء)، من خلال الفعاليات، ومن خلال علاقتنا مع الناس. والحقيقة أنه قام بمساعدتي -بشكل كبير جداً- مجموعات كبيرة من الشباب، وخاصة شباب إدارة نادي حطين أو رابطة المشجعين، وهناك نادي تشرين أيضاً، وهناك فعّاليات أخرى دينية واجتماعية كان لهم دور بارز في مساعدتي في حقن الدماء، وإعادة الحياة في مدينة اللاذقية إلى وضعها الطبيعي.

بعد يوم الجمعة -الجمعة الثانية طبعاً- أمرت كل مديري الدوائر ومجلس المدينة أن يعيدوا الحياة إلى المدينة بفتح الشوارع والأحياء، وأن يرجع الموظفون إلى وظائفهم، وأن تبدأ الحياة العملية في المحافظة، وتمّ هذا الأمر، ليس بصورة كاملة، ولكنني أستطيع القول: [تحقق بنسبة] أكثر من 70 بالمائة.

أبناء الريف كان لديهم خوف من النزول إلى مدينة اللاذقية، وعندما شاهدوا في اليوم الأول والثاني أنه أصبح هناك دوام (العمل عاد إلى طبيعته في الدوائر الرسمية)، وأصبح هناك التزام فتشجّعوا، وبدؤوا بالنزول والالتزام بالدوام والعودة إلى الحياة الطبيعية.

وفي هذه الأيام، استمرّ الاعتصام في حيّ الصليبة، وخاصة بعد هذا اليوم الذي كان فيه عدد من الشهداء، وبعض الأجهزة الأمنية قامت باعتقالات، ليس البعض وانما كل الأجهزة الأمنية قامت باعتقالات مع أنني كنت أشدّد عليهم بشكل كبير جداً ألا يكون هناك اعتقال. وطلبوا مني أن أنزل لألتقي بالمعتصمين في حي الصليبة، وجاءني شباب من حي صليبة، وكنت أثق بهم، وترجّوني، وطلبوا مني، وقالوا: إن المتظاهرين يطلبون مني كمحافظ أن ألتقي بهم. وبالفعل، اتخذت قراراً بالذهاب إلى هناك (إلى مكان الاعتصام)، واللجنة الأمنية ترجّتني ألا أذهب، وحتى رجال الدين ترجّوني ألا أذهب إلى مكان الاعتصام خوفاً على حياتي، وأنا صمّمت، وأخذت معي قائد الشرطة، وقائد المنطقة، وقائد الشرطة العسكرية قال: أنا أريد الذهاب معكم أيضاً. ولم نأخذ معنا مرافقة، وكل الذين معنا لم يتجاوزوا عدد أصابع اليد الواحدة، وكان هناك سائقون فقط، وكل شخص معه مرافق. وذهبنا إلى هناك. وسألت قائد الشرطة: هل يوجد [قوات] حفظ نظام في ذلك الموقع؟ وقال لي: الموجودون في الساحة حوالي 200 عنصر، وكانوا في ساحة أخرى بعيدين عن مكان الاعتصام، وعندما ذهبنا إلى هناك كنا مجموعة عددها لا يتجاوز ال 10 أشخاص، والحقيقة أن الإخوة المواطنين استقبلونا استقبالاً طيباً، وحاولت أن أتكلم معهم عبر جهاز محمول باليد، ولكن مع الأسف كان هناك أعداد كبيرة، ولم يكن مدى النظر يساعدني على رؤية الجميع، ولم يكن الجميع يسمع الصوت، واضطررت إلى أن أصعد إلى شرفة أحد المنازل في الحيّ، وتحدثت مع المواطنين، وأعتقد أن هذا اللقاء جرى تسجيله، وهو موجود. تحدثت معهم، وكان استقبالهم لنا طيباً، وسألتهم عن طلباتهم، ومن ضمن الطلبات أنهم كانوا يريدون فرص عمل، وقلت لهم: أهلاً وسهلاً، إذا أردتم فرص عمل فعليكم أن تقدّموا غداً صباحاً، وأنا أعدكم أن أؤمّن لكم 500 فرصة عمل كعقود مؤقتة. والحقيقة أن هذا الشيء لاقى ترحاباً شديداً منهم، ثم طلبوا مني أن أُطلق سراح المعتقلين، ولم يكن لديّ فكرة عن عدد المعتقلين فوعدتهم، وكان ذلك عند الساعة الخامسة مساء تقريباً، ووعدتهم: حتى الساعة التاسعة مساءً، إذا كان هناك مائة معتقل فسيخرجون، وسأعطيكم الأسماء التي تمّ الإفراج عنها، وأبعثها للمشايخ (رجال الدين)، ولاقى هذا الأمر ترحاباً شديداً أيضاً. وطرحوا [موضوع] أنهم منذ 10 أيام بدون عمل؛ وبالتالي هم بحاجة إلى مساعدات (إعانة) أو مساعدات غذائية، ووعدتهم أيضاً بأنه سيتمّ توزيع 2000 طرد تحتوي على كل المستلزمات، ونفذّنا هذا الموضوع من خلال اجتماع مع غرفة تجارة وصناعة اللاذقية، وكلّفت رجال الأعمال بأن يلبّوا هذا الطلب، وبالفعل تمّ تلبية هذا الطلب بالنسبة للإخوة المواطنين.

وطلبوا عودة الشيخ خالد كمال أيضاً، ولم أكن أعرف الشيخ خالد كمال، وكانت أول مرة أسمع بها عنه، والذين كانوا معي قالوا لي: هو الذي خرجت من عنده أول مظاهرة من الجامع، وهو إمام الجامع. وقلت لهم: إذا كان موقوفاً فسيخرج اليوم، وإذا كان قد هرب، وهو خائف من الرجوع إلى المحافظة فليرجع، وأنا أتكفّل بحمايته. وفعلاً، عاد الشيخ خالد كمال، وهو لم يكن موقوفاً، وعندما عاد التقيت به في مكتبي أكثر من مرة، وهو شخص جيد، وساعدنا كثيراً خلال الفترة التي تلت ذلك.

وطلبوا أن يتمّ إنهاء قانون الطوارئ، وأخبرت الإخوة الموجودين: الأمس، خرجت المستشارة بثينة شعبان، وتحدثت قائلة: إن قانون الطوارئ سيتمّ انتهاء العمل به خلال أيام. وفي الحقيقة، لاقى هذا الموضوع واسم بثينة شعبان استهجاناً كبيراً من المواطنين في ذلك الموقف، ولكن طُرح أيضاً فيما بعد وبشكل مفاجئ -من قبل مجموعة دخلت، وطرحت ذلك- بأن يوم الجمعة كان هناك قتلى، ومن قام بقتل هؤلاء هم أفراد من الشرطة العسكرية، وكان قائد الشرطة العسكرية موجوداً معي؛ وبالتالي سنحاسب قائد الشرطة العسكرية. وتحدثت معهم قائلاً: إن هناك لجنة تحقيق مكلّفة من وزارة العدل، وهذا الأمر حقيقي، وستأتي إلى المحافظة خلال يومين، وستحقّق بهذا الموضوع، والمسؤول عن موضوع القتل سيُحاسب، سواء كان شرطة عسكرية، أو جهة أمنية، أو مدنيّة. وفي الحقيقة، أصبح هناك هرج ومرج، والأمر بدأ يخرج عن السيطرة، وأنهينا اللقاء بهذا الشكل، ونزلت من الشرفة، وركبت سيارة قائد المنطقة، وكانت سيارتي موجودة وفيها مرافق والسائق. وعند مغادرة السيارات قام أحد الأشخاص بضرب السيارة التي لم أكن موجوداً فيها، وكسر الزجاج الخلفي؛ وهذا أعطى انطباعاً [سيئاً] لدى أبناء حي الصليبة، وكانوا منزعجين جداً من هذا التصرف بوجودنا؛ لذلك شكّلوا أكثر من وفد، وأتوا إلينا، إلى مبنى المحافظة، وطلبوا مقابلتي، وقابلتهم في وقت متأخر وحتى أنهم فضّوا الاعتصام أو المظاهرة مباشرة بعد مغادرتنا، وجاؤوا ليعتذروا عن الموقف الذي حصل، ونحن قبلنا اعتذارهم، وتعاملنا مع الموضوع على أنه تصرّف فردي، ولا يمكننا تعميمه على الآخرين. ولكن كانت تصلنا أخبار بأن البعض يقوم بإطلاق النار، وهم من المطلوبين، أذكر مثلاً: اسم غسان سلواية. كان يتردّد كثيراً، وكان هناك شخص من بيت شاليش، وشخص يكون ابن منذر الأسد، كان مطلوباً أيضاً.

وكان هناك مصرف في حي الصليبة، جاءتنا معلومات أنه سيتمّ اقتحام المصرف التجاري وأخذ الأموال، وكلّفت مجموعة من الشباب من أبناء صليبة، والحقيقة أنهم قاموا بدور مميز، وقاموا بحماية المصرف، ولم يتمّ الاعتداء عليه.

وجاءت الجمعة الثالثة، وكانت التظاهرات أقلّ، وخرجت مساءً، وانتهت، وذهبت بنفسي، ركبت السيارة، وأخذت معي قائد الشرطة فقط، وكنا في سيارتين، وقمت بجولة في حيّ الصليبة، وكان معي مرافق فقط، والتقيت بالناس، ثم ذهبت إلى الرمل الجنوبي وحي السكنتوري الذي كان قريباً من بيت المحافظ وتجمّع الناس، والتقيت معهم، وحزنت كثيراً عندما نزلت في حي السكنتوري؛ حيث كان الواقع الخدميّ مأساوياً من حيث الطرقات والأرصفة والكهرباء والصرف الصحي والمياه وموضوع الهاتف.

واستأت من الوضع كثيراً، وتجمّع الناس حولنا، وكانوا فرحين جداً بوجودي بينهم. وفجأة ظهر شخص، وسكت الجميع، وأصبح يهتف بحياة بشار الأسد، والناس يردّدون معه، وسألتهم: من هذا الشخص؟ فقالوا لي: إنه أبو نظير. وسألت قائد الشرطة عن أبي نظير. فقال لي: إنه غسان سلواية، وهو محكوم بخمس سنوات سجن ومطلوب. وأكّد لي المواطنون من أبناء اللاذقية أن هذا الشخص كان يطلق النار، وقد رأوه. وكنت أسأل قائد الشرطة فكان ينكر، ويقول: إنه ليس موجوداً في المحافظة. وفوجئت بأنه موجود، ونظرت إلى قائد الشرطة، فطأطأ رأسه إلى الأرض، وقال لي: يا سيدي، هكذا كان يصلني الأمر من الأمن الجنائي. في ذلك الموقف، وأمام الناس والتجمّع تركت الأمر، وغادرنا الموقع. وفي اليوم الثاني -كان يوم السبت- استنفرت كامل دوائر الدولة الخدمية بكل آلياتها وكل معداتها، وبدأنا العمل في حي السكنتوري، وهذا الأمر لاقى قبولاً كبيراً من المواطنين.

معلومات الشهادة

الموضوع الرئیس

محافظة اللاذقية

كود الشهادة

SMI/OH/128-02/

أجرى المقابلة

عبد الرحمن الحاج ، منهل باريش

مكان المقابلة

الدوحة

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

3-4/2011

updatedAt

2024/07/30

المنطقة الجغرافية

محافظة اللاذقية-السكنتوريمحافظة اللاذقية-الرمل الجنوبيمحافظة اللاذقية-الشيخ ضاهرمحافظة اللاذقية-الصليبةمحافظة اللاذقية-مدينة اللاذقية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الشرطة العسكرية - نظام

الشرطة العسكرية - نظام

قوات حفظ النظام

قوات حفظ النظام

وزارة العدل السورية - النظام

وزارة العدل السورية - النظام

إدارة الأمن الجنائي

إدارة الأمن الجنائي

قيادة شرطة محافظة اللاذقية

قيادة شرطة محافظة اللاذقية

مجلس محافظة اللاذقية - النظام

مجلس محافظة اللاذقية - النظام

غرفة صناعة اللاذقية

غرفة صناعة اللاذقية

غرفة تجارة اللاذقية

غرفة تجارة اللاذقية

الشهادات المرتبطة