الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الخلاف مع وزير الاقتصاد والتكليف برئاسة الحكومة

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:43:12

استمريت في عملي في وزارة الزراعة حتى شهر أيار عام 2012، وكان لدينا اجتماع في مجلس الوزراء، وكان اجتماعاً حامياً جداً، وكنت أنا ووزير الاقتصاد ورئيس مجلس الوزراء على خلاف حول موضوع إجراء صفقات مادة الشعير والقمح، بالإضافة إلى المواد الأخرى الاستهلاكية والتموينية، مثل: السكر والرز. و كنت أرفض في ذلك التاريخ أن تُعقد صفقة، ويتمّ استيراد قمح وشعير؛ لأن الموسم على الأبواب (يتمّ الحصاد)، ويبدأ الحصاد في المنطقة الشرقية في 20 أيار؛ وبالتالي ليس من المعقول أن نستورد قبل أن نعرف حصيلتنا من حصاد الموسم، فالمفروض أننا في البداية نحصد، ومن ثم نرى الكميات الموجودة لدينا، وإذا كان لدينا حاجة أو نقص يتمّ الاستيراد، وعالمياً في بورصة الحبوب وفي كل العالم لم يحدث حصاد؛ وبالتالي أنت عندما تستورد في هذا الوقت فسيكون السعر مرتفعاً أكثر، وكنت ضد هذا الموضوع، وناقشناه في اللجنة الاقتصادية، ولم أوافق عليه أنا وعدد من الوزراء (وزير المالية وغيره). وفي مجلس الوزراء أيضاً، تمّ طرح هذا الموضوع، وأصبح هناك جدال شديد في ذلك الاجتماع حول هذا الموضوع، حتى إنني أذكر أن بشار الأسد أرسل لجنة، وسألتنا حول هذه المسألة (عن سبب الاختلاف)، وأنا صمّمت على موقفي في اجتماع مجلس الوزراء، وعلى أن هذا التصرف غلط كبير، فمجلس الوزراء وضع مبلغ ملياري ليرة سورية في ذلك التاريخ من أجل استيراد هذه المواد. وقلت: إن هذا الكلام غير مقبول، ولماذا في هذا التاريخ؟ وأنت تريد أن تستبق تشكيل الحكومة، وتريد صرف هذه الأموال، وهذا الأمر غير مقبول. وطبعاً، هم أيضاً كانوا يدافعون عن موقفهم، وأن هذا العمل يقومون به؛ كي لا تحدث اختناقات، مع أنه يجب ألا تكون هناك اختناقات؛ لأن سورية لديها دائماً احتياطيّ يكفيها لأكثر من سنة إلى الأمام، بمعنى إن لدينا مخزوناً من الحبوب، وإذا لم ننتجه يكفينا سنة إلى الأمام (المخزون الاستراتيجي من الغذاء) ونحن لن نقع في إشكالية.

بعد هذا الاجتماع العاصف، رجعت إلى مكتبي في وزارة الزراعة، وكنت منزعجاً جداً، حتى أنني قمت بخلع ربطة عنقي من شدة انزعاجي، وجلست في المكتب، فجاءني اتصال من أبي سليم (مدير مكتب الرئيس)، وقال لي: هل تلبس ربطة العنق؟ فقلت له: إنني خلعتها. وقال لي: إن الرئيس يريد أن يراك. وقلت له: حسناً، ودار في ذهني قضايا كثيرة جداً، [وعند سؤالي] لماذا يريدني بشار؟ هل من أجل الموضوع الذي اختلفتم فيه، في مجلس الوزراء. وخاصة أن كل كلمة تُحكى في مجلس الوزراء كانت مسجّلة، سواء كان ذلك في المجلس أو في القيادة، وتصل إلى الرئيس، أو من أجل موضوع آخر؟

وكان هناك حديث عن تشكيل وزارة، وأنني مرشّح لأن أكون في رئاسة الحكومة، أو أكون أميناً قطرياً مساعداً، واستبقت هذا الموضوع، وتكلّمت مع عدد من الأصدقاء المقربين من بشار، وطلبت منهم [قائلاً]: إنني لا أريد أن أكون رئيس حكومة أو أميناً قطرياً مساعداً، وأريد أن أبقى وزير زراعة أو حتى من دون مهمة بسبب الظرف الذي كان موجوداً في البلد، والدماء التي كانت تسيل. فعلاً، ترددت، ثم جاءني اتصال ثان من أبي سليم -خلال عشر دقائق- وقال لي: ألم تخرج؟ فقلت له: الآن سأخرج. وفعلاً، ذهبت باتجاه القصر الجمهوري، والمسافة ليست بعيدة، ووصلت، وكنت أفكر وأنا في الطريق: لماذا يطلبني بشار؟ و قلت: إذا كان الموضوع حول الخلاف في مجلس الوزراء فسأبقى على موقفي، وإذا كان الموضوع حول التكليف برئاسة الحكومة فسأعتذر من بشار الأسد، وكنت مصمماً على ذلك في داخلي، ولكن قبل أن أصل -كنت قد وصلت تقريباً إلى دوار جامع الروضة تقريباً، وكانت المسافة قريبة- تكلم معي أحد الأصدقاء المقربين من بشار، وقال لي: دكتور، الآن سيعرض عليك الرئيس التكليف برئاسة الحكومة، وأتمنى ألا تتردد، ومع العلم أنني كنت قد تكلّمت معه من قبل بأني لا أريد رئاسة الحكومة، ويبدو أنه علم؛ وبالتالي لم يردني أن أتردّد في هذا الموضوع؛ لأن تبعات هذا الموضوع ستكون وخيمة جداً، وربما يقول لي بشار في وجهي : حسناً، ولا بأس، وإن هذا حقك. ولكن فيما بعد، قد لا يتلقى الموضوع بـ....، وتكون عواقبه وخيمة بالنسبة لي.

وبالفعل، وصلت القصر الجمهوري، واستقبلني بشار عند الدرج، ومن أمام مكتبه، وأثناء دخولي، كان على باب القصر الجمهوري، وقبل وصولي إلى بشار التقيت باللواء "ذو الهمة شاليش"، وهو صديقي، وقال لي أيضاً: دكتور، نحن مرتاحون، والجميع متفائل بوجودك، ونحن نريدك. واعتبرتها رسالة أيضاً، وتكلّمت مع ذي الهمة من قبل بأني لا أريد رئاسة الحكومة. وصعدنا إلى مكتب بشار، وجلسنا لوحدنا لأكثر من ساعتين، وكان حديثاً طويلاً جداً مع بشار الأسد، فقد تناول كل شيء، سواء كان العمل في وزارة الزراعة، أو ما حصل في اللاذقية، وما حصل بشكل عام في سورية، ووجهة نظري للعمل في الحكومة. وكنت أتحدث مع بشار حول أهمية العمل على إيجاد حلّ، ويجب ألا يكون منطلق الحل أمنياً، والممارسات التي تتمّ من قبل الأجهزة الأمنية غير مقبولة، والتصرفات التي تتمّ من قبل العسكر غير مقبولة أيضاً، وذكرت مثالاً في سياق الحديث، وقلت له: كنت في دير الزور في جولة، وعندما أنهينا الاجتماع ذهبت بالسيارة إلى بيت أهلي، ومرّت بجانبي سيارات للأمن العسكري وبداخلها عناصر، فكانوا يهتفون ويصيحون: "شبيحة للأبد لعيونك يا أسد" فقلت له: كيف العسكري -وفي المحصلة جميعهم جنود- يشبّه نفسه بالشبيح؟! وأعتقد أنك لا تقبل بأن يكون لديك شبيحة، وكلمة "شبيح" يطلقها أهل الساحل على قطاع الطرق. وقلت له: إنك لا تقبل أن يكون جنودك قطّاع طرق! والمفروض أن تعطى توجيهات للقادة؛ لمنع مثل هذه التصرفات السلبية أو التعدي على الناس؛ لأن معركتنا هي: كيف ستكسب الشعب؟ وحتى يلتفّ الشعب حولك. وإذا كنت تقول مؤامرة أو إرهاب فكيف ستفوّت على الآخرين هذه المؤامرة؟ من خلال التفاف الشعب حول الدولة وحولك، وهذا لن يتمّ إذا لم تكسب الشعب. وذكرت له مثالاً: لقد عيّنت جميل حسن مدير إدارة المخابرات الجوية، وأنا عملت مع جميل حسن عندما كنت أمين فرع حزب دير الزور، وأنا رئيس لجنة أمنية، وقلت له: إن جميل حسن لا يصلح لهذا الموقع ولا للتعامل مع الموقف الحاصل في سورية من بداية الأحداث، وحتى إني قلت له بالحرف الواحد: "إنه رجل عقله في حذائه"، فضحك بشار، وقال: "لا هذا عقله في عضلاته". فقلت له: لا فرق بين العضلات و"البوط"(الحذاء العسكري). بمعنى أننا نريد أشخاصاً يتعاملون بحكمة مع الواقع، ويتعاملون مع الناس بإيجابية؛ حتى نستوعب الذي يحصل.

وتكلّمت مع بشار في موضوع المصالحة والتقرّب من الناس وكسب الشعب السوري، واقترحت عليه أن نسمي الحكومة: "حكومة مصالحة وطنية". واقترحت عليه أن نحقّق فرص عمل للمواطنين، ونؤمّن احتياجات الناس، وخاصة أنه كان هناك اختناقات كبيرة في موضوع المحروقات والغاز بشكل خاص؛ فاستجاب بشار، وقال لي بالحرف الواحد: أنا موافق.

واتفقنا على أن نسمي وزارة -لأول مرة في تاريخ سورية- باسم:" وزارة المصالحة الوطنية"، والتي صار فيما بعد (في الحكومة التي ترأستها) علي حيدر هو وزير لها. وقسمنا وزارة الاقتصاد إلى وزارتين وهما: وزارة التجارة الداخلية حتى نهتمّ بموضوع تأمين المستلزمات للمواطنين، ووزارة التجارة الخارجية. بالإضافة إلى أنه أعطاني صلاحية: ألا أعود للقيادة القطرية في تسمية الحكومة أبداً، وأن القرار يصدر مني له وفي اجتماع القيادة، ولكن بدون نقاش القيادة، وكان هذا يحدث لأول مرة. فقلت له: حسناً، لا يوجد مشكلة في هذا الموضوع، وبدأت المشاورات لتشكيل الحكومة، وأخذت مني مشاورات تشكيل الحكومة أكثر من 15 يوماً، وكنت حريصاً على أن يكون من يتكلّف بالمهمة في الحكومة مقبولاً عند المواطن، ويكون قريباً من المواطن، ويكون لديه كفاءة، ويكون بعيداً عن الفساد؛ لأنها مرحلة دقيقة وحساسة.

قبل أن أبدأ بالمشاورات، وعندما رجعت إلى بيتي قال لي بشار: في اليوم الثاني سيصدر قرار تكليفك. والحقيقة أنني لم أذهب مرتاحاً لمنزلي، فلم أكن فرحاً لأنني سأكون رئيس حكومة أبداً، وعلى العكس من ذلك، كان الأمر محزناً جداً بالنسبة لي، وكنت محبطاً وحزيناً بسبب القرار الذي سمعته؛ لأن الظرف صعب، ولا أريد أن أكون شريكاً فيما يحصل إذا استمرّ الحل الأمني. فجلست مساء، أفكر بيني وبين نفسي، وفكرت بأنني إذا استطعت أن أفعل شيئا خلال فترة وجودي كرئيس حكومة وخلال فترة زمنية محددة فسيكون خيراً بالنسبة لسورية والسوريين، وإذا لم أستطع وبقي بشار مصمماً على الحل الأمني فإنني بالتأكيد لن أستمرّ في الحكومة، وهذا قرار ذاتي، أخذته بيني وبين نفسي.

معلومات الشهادة

الموضوع الرئیس

حكومة رياض حجاب

كود الشهادة

SMI/OH/128-06/

أجرى المقابلة

عبد الرحمن الحاج ، منهل باريش

مكان المقابلة

الدوحة

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

2012

updatedAt

2024/03/18

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

إدارة المخابرات الجوية

إدارة المخابرات الجوية

فرع الأمن العسكري في دمشق / فرع المنطقة 227

فرع الأمن العسكري في دمشق / فرع المنطقة 227

رئاسة الوزراء - النظام

رئاسة الوزراء - النظام

وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي - النظام

وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي - النظام

القيادة القطرية لحزب البعث

القيادة القطرية لحزب البعث

وزارة المصالحة الوطنية - النظام

وزارة المصالحة الوطنية - النظام

الشهادات المرتبطة