الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

رئاسة الحكومة وكشف مواقف روسيا وايران والعراق

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:13:45

عندما تحدث بشار الأسد، وقال في الاجتماع الأول بعد أداء القسم: إن هذه حكومة حرب. الحقيقة أنها كانت صدمة بالنسبة لي، وحتى لبعض الأعضاء من الحكومة والوزراء؛ لأن الحديث كلّه كان على أن هذه الحكومة ستكون حكومة مختلفة في برنامج عملها عن الحكومات السابقة، وكما اتفقنا مع بشار على أن تكون حكومة مصالحة وطنية. وبكل الأحوال، هذا شكّل ضغطاً كبيراً جداً عليّ بشكل شخصي، وكان ذلك نتيجة لهذا الكلام. وهذا يعني أنه تراجع عن كل التعهدات التي قدّمها، وهذه هي طبيعة بشار للأسف... دائماً يكذب، ويكون متردداً في الشيء الذي يَعِدُ به أو الشيء الذي يتّخذ قراراً بشأنه.

بدأنا عملنا في الحكومة، وكان همّنا أن نخفّف الأعباء عن المواطن. وتحدثت قبل قليل عن تأمين فرص العمل، وتخفيض سعر مادة المحروقات (الديزل)، وقمت بتشكيل وفدين: وفد اتّجه إلى إيران [بقيادة] نائبي لشؤون الخدمات (الأستاذ عمر غلونجي). ووفد ثانٍ ذهب إلى روسيا بقيادة قدري جميل (نائبي للشؤون الاقتصادية). الوفد الأول الذي ذهب إلى طهران وتحدّث حول المساعدات التي من الممكن أن تقدّمها إيران في الجانب الاقتصادي، ومن ثم استكشاف مدى الدعم الإيراني للحكومة ولسورية بشكل عام حول القضايا المطروحة، وخاصة أن الإيرانيين أقرّوا خطاً ائتمانياً بقيمة 10 مليار دولار، وفتحوه من أجل الدّعم الاقتصادي للحكومة السورية.

وعندما ذهب الوفد إلى طهران وقابل المسؤولين الإيرانيين -في الحقيقة- وجدنا أن هناك مستويين لدى الإيرانيين: المستوى الأول الذي يخصّ الحكومة الإيرانية (أحمدي نجاد، ونوابه، ووزير الخارجية)، كان الكلّ يتحدث عن أهمية إيجاد حلّ سياسيّ سلميّ لما يحصل في سورية. وأما بالنسبة للطرف الآخر، وهم المستشارون (خامنئي علي أكبر ولايتي، وسعيد جليلي، والآخرون) فأثناء لقائهم مع نائبي (الأستاذ عمر غلونجي) والوفد المرافق له كان الحديث مختلفاً كليّاً [وأخبروهم]: بأنهم داعمون للنظام إلى أقصى حدّ، ومهما كانت النتائج، ومهما كانت التضحيات، وإيران ستقدم كلّ شيء. طبعاً، الوفد لم يلتقِ بأحمدي نجاد، وإنما التقى السيد رحيمي الذي كان نائبه، والتقى بوزير الخارجية في ذلك الوقت (سعيد صالحي)، وتمّ عقد عدة اتفاقات اقتصادية، وكان يوجد وعود كثيرة من الإيرانيين بمساعدتنا نتيجة الوضع الاقتصادي، وخاصة في موضوع الطاقة (موضوع المحروقات). عاد الوفد، ووضعني في صورة ما حدث، وأنا وضعت بشار الأسد في صورة ما حصل هناك، وهو كان مهتمّاً برأي جماعة خامنئي فقط، وكان يؤكّد لي أن الإيرانيين ماضون معنا إلى الحدّ الأقصى؛ وبالتالي هو مطمئن من الجانب الإيراني.

وبالنسبة للوفد الآخر الذي ذهب إلى موسكو، والذي كان رئيسه قدري جميل، فقد كان يناقش القضايا الاقتصادية في الدرجة الأولى، ويبحث فيما لدى الروس في الجانب السياسي أيضاً، وكان يهمّنا أن نقوم بصفقة لشراء طائرات؛ حيث كنا نريد شراء طائرتين مدنيتين من طراز "سوبر جيت "، وكان الموضوع معرقلاً ومتوقفاً، وكان سعر الطائرتين 18 مليون دولار، ورفعوا السعر، وأصبح سعر الطائرة الواحدة 12 مليون دولار؛ وبالتالي أصبح السعر 24 مليون دولار. وعندما ذهب الوفد إلى هناك -للأسف- كان الروس يريدون استغلال حاجة سورية، فرفعوا السعر إلى 32 مليون دولار. ونحن بعثنا قدري؛ لأن قدري تربطه علاقات قوية مع الروس، ودار حديث حول جوانب مختلفة ومنها: الجانب السياسي، وأكّد الروس على أنهم داعمون للنظام بشكل مطلق، وأنه مهما كانت الظروف فهم مستمرون.

وفي الجانب الاقتصادي، في الحقيقة كانوا يسعون إلى الاستثمار واستغلال الوضع، وخاصة أنّ الأموال السورية قبل أن تصدر العقوبات تمّ نقل غالبيتها إلى روسيا (الاحتياطي النقدي السوري)، وحتى طباعة العملة فقد كنا متعاقدين مع النمسا، وكان هذا العقد قبل الثورة، وحتى فئة الألفين (التي عليها صورة بشار)، فقد كان متعاقداً على أن تُطبع هذه العملة قبل الثورة، وقبل عام 2011، ولكن جاءت الثورة؛ وبالتالي تمّ تأجيل هذا الموضوع؛ فلذلك تمّت طباعة هذه الأوراق النقدية في روسيا، و جاءت أول دفعة عندما كنت موجوداً في الحكومة، وهي 30 طناً من هذه الأموال الموجودة، أو تمت طباعتها.

وطبعاً، لم أوافق على صفقة الطائرات؛ لأن السعر مرتفع جداً، ووضعت بشار الأسد في الصورة وصورة اللقاءات التي تمت في روسيا، والاتفاقات التي تمّ عقدها، والمواد التي نحتاجها، وسيقوم الروس بتأمينها. ونقلت له كلام الروس بأنهم ماضون في دعم النظام، وهذا الأمر جعل بشار مرتاحاً، وكان قد سمع الرسائل التي وصلت من قبل، سواء كانت من السفير أو من مدير إدارة الاستطلاع في القوات المسلحة الروسية؛ حيث نقل رسالة من الرئيس بوتين حول تقديم الدعم المطلق للنظام.

وباشرنا عملنا بعد الذي حصل، وأرسلت وزير النفط إلى العراق لمقابلة نظيره العراقي ومقابلة العراقيين من أجل دعمنا، وخاصة بالنسبة لمادة" الفيول"؛ لأن تشغيل محطات توليد الكهرباء كان مهمّاً بالنسبة لنا، فأفضل مكان نجلب منه مادة "الفيول" هو العراق عبر الحدود، وفي اليوم الذي سافر فيه وزير النفط إلى العراق أخبرني بأنه لم يذهب بالطائرة، وسألته: لماذا؟ فقال إن العراقيين لم يؤكّدوا الاستقبال مع أنهم في البداية أرسلوا بريداً الكترونياً، ورحّبوا بالزيارة، ولكن العراقيين في يوم الزيارة لم يبعثوا بريداً الكترونياً للتأكيد على الزيارة، فأمرت مباشرة بأن تتوقف الطائرة عن المغادرة، وأن يذهب الوزير مباشرة من مكتبه إلى المطار، ويسافر إلى بغداد، ويبعث بريداً الكترونياً للعراقيين بأنه صعد الطائرة، واتّجه إلى بغداد، بمعنى أن يضعهم تحت الأمر الواقع.

وبالفعل، نفّذ الوزير (الأستاذ سعيد) الكلام، وذهب إلى بغداد، والتقى بالعراقيين هناك، وأُجبِروا على استقباله، ولم يستقبله نوري المالكي وإنما مستشاره، واستقبله وزير النفط، ودار هناك حديث، كان [مضمونه]: إنهم كحكومة عراقية لديهم إحراج شديد جداً من الأمريكان، وضغط أمريكي حول التعامل مع النظام السوري، ولكنهم وعدوا بأنهم سيتعاملون معنا، ويقدمون لنا ما هو مطلوب ضمن عقود وتحايل على العقوبات الدولية. وبالفعل، تمّ ذلك لاحقاً، ونحن وقّعنا مع العراق عقد "في آر" الذي هو ليس مادة "الفيول"، وإنما الأقل [جودة] من "الفيول"، ولكن في الحقيقة لم يكن هو "في آر"، بمعنى أنه كانت تدخل المشتقات ومادة "الفيول"، وهذا العقد وقّعه أيمن جابر مع جماعة نوري المالكي، وهذا العقد يعود لابن نوري المالكي في المحصلة؛ وبالتالي يعود لنوري المالكي. فالعقد موقّع على أساس أنه "في آر" ولكن المادة التي تدخل سوريا كانت "فيول"، مع الأسف هذا الفساد كان موجوداً بكثرة.

تمّ أيضاً توقيع عقود مع الإيرانيين بالنسبة للمشتقات النفطية، ورَسا العقد على اللواء "ذو الهمّة شاليش"، وشركاته هي التي تنظّم هذا الموضوع، وحتى أنه جاء إلى مكتبي، وتحدّث معي على أنه تمّ توقيع العقد مع الإيرانيين، وأن هذا العقد يربح 50 مليون دولار، وقال لي حرفيّاً: 10 مليون دولار سنعطيها للحرس الثوري الإيراني؛ لأنه أتمّ الصفقة، ويبقى 40 مليون دولار، وذو الهمّة سيأخذ 50 بالمائة منها، وأنه متبرع ويريد أن يعطيني 50 بالمائة من المبلغ الباقي، وهو 20 مليون دولار خلال ستة شهور. وأنا لم أكن مهتماً كثيراً بهذا الكلام. وهذا الحوار دار في مكتبي، وشكرته على هذا الموضوع، وقلت له: الآن لا أحد يفكر بالمال. ففي ظلّ الوضع الحالي والدماء تسيل في الشوارع؛ لا أحد يفكّر بالمال. وهو كان يلحّ عليّ بشكل كبير جداً [قائلاً]: يجب أن تنتبه على نفسك من أجل أولادك. بمعنى أنه يتكلم من منطلق الصداقة، وجاء أيمن جابر إليّ أيضاً، بعد أن وقّع العقد مع العراقيين، وقال لي: إن أرباح العقد ستكون كذا، وإنه سيجلب لي كل شهر 3.5 مليون دولار لمساعدتي كرئيس حكومة، وكذلك لم أهتم كثيراً بالموضوع الذي تكلّم به؛ لأنني كنت في هذه الأثناء قد اتخذت قراراً بأنني لن أبقى في سورية؛ فكنت أستقبل الحديث، وأسكت، وأشكرهم على الكلام الذي يقولونه.

الذي رأيته في الحكومة أن مجال الفائدة المادية هو مجال كبير وواسع جداً، فأذكر أنه جاء إليّ جماعة قد بعثهم تجار دمشقيّون كواسطة، ولهم قطعة أرض في كفرسوسة، وكانت مرآباً للنقل الداخلي، أو لتستخدمه آليات مدينة دمشق. والمفروض أن يتمّ استثمار هذا المقسم، ولكن منذ عام 1975، تمّ وضعه تحت تصرّف مجلس مدينة دمشق، ولكن لم يتمّ استثماره على الإطلاق، وبحسب القانون يفترض أن يرجع لهم هذا المقسم إذا لم يتمّ استثمار قطعة الأرض، فجاؤوا ليعرضوا عليّ أن أوقّع على موافقة إعادة قطعة الأرض، ويعطونني مليار ليرة سورية، ففي ذلك الوقت كانت تعادل اكثر من 15 مليون دولار، وكنت أفكر كيف أن الذي يجلس (يتولّى منصباً) كرئيس حكومة كان يمكن أن يحصل في الشهر على 50 مليون دولار تقريباً، أو يحصل على مئات الملايين من الدولارات خلال فترة زمنية قصيرة، للأسف الشديد هذا هو الواقع.

معلومات الشهادة

الموضوع الرئیس

حكومة رياض حجاب

كود الشهادة

SMI/OH/128-09/

أجرى المقابلة

عبد الرحمن الحاج ، منهل باريش

مكان المقابلة

الدوحة

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

2012

updatedAt

2024/04/06

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

رئاسة الوزراء - النظام

رئاسة الوزراء - النظام

الشهادات المرتبطة