الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

أسباب اقتحام جيش النظام لداريا

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:07:21

كان رمضان 2012 مرحلة [فيها] أريحية في العمل على أكثر من مستوى وخاصة على المستوى السلمي، وبنفس الوقت كان قد حصل فشل في موضوع توحيد التنسيقية، وكانت هناك جهود لإنشاء مجلس للمدينة، ولكن لم تنجح فيه المحاولات أو على الأقل المحاولات التي شاركت فيها، وكانت فترة جيدة اجتماعيًا، لأنني استطعت أن أزور أهلي أكثر، وأرى زوجتي وأولادي بعد انقطاع طويل، وكان هناك تفاؤل كبير في الجو العام بعد تفجير خلية ادارة الأزمة، وبعد دخول حي الميدان بأن الثورة في تصاعد.

في نفس الوقت بدأت أتعلم الدرس؛ بأن التوجه الذي كنت أسير فيه، بأني أريد أن أوحد الجميع في إطار واحد، [الأمر الذي] بذلت شهورًا طويلة في العمل عليه، لم أعتبر أن الأمر غير صحيح، ولكن يبدو أنه لا يمكن تطبيقه الآن، أو أنه غير مجدٍ في المرحلة الحالية، وأنه يجب أن نركز أكثر على مساحتنا الخاصة؛ لأنني قبل عدة شهور تبين لنا من خلال التطبيق العملي أن التنسيق مع الجيش الحر من الخارج لا يؤثر بشكل ملموس على الداخل،[فلذلك] يجب أن نركز على المساحة المدنية أكثر، و هنا بدلا من التركيز على كل المساحة المدنية في داريا، [بت] أركز على التنسيقية أو المجموعة التي يوجد فيها تفاهم أو توجه أكثر، كان هذا من الدروس المستفادة في نهاية شهر رمضان.

جاء العيد وكانت فترة أريحية وتفاؤل [حيث] يوجد لدينا عادة في العائلة، فأقاربنا من “آل شحادة” يلتقون في أول يوم من العيد، يلتقون كل يوم في منزل أحد الأشخاص، و يلتقي تقريبًا كل رجال العائلة وأبناؤها، وتكون هناك معايدة،فأنا بسبب ظروف 2011 انقطعت عن المعايدة في العيدين السابقين، فكانت فرصة بالنسبة لي أن أحضرها، و المعايدة أيضًا في البيت مع إخوتي وأقاربي، وكان يبدو أن الأمور هادئة؛ فقررنا أن نعود في اليوم الثاني إلى البيت؛ لأن داريا لا يوجد فيها أمن، ولا توجد اعتقالات فيها، ففي ليلة العيد عدت أنا و زوجتي وأولادي إلى بيتي، كان عندي طفلين (غيث و بشر)، وسنجلس في البيت إلى أن نرى ماذا سيحصل.

وفي اليوم التالي صباحًا، -كان اليوم الثاني من عيد الفطر- اتصلوا بي وقالوا: إن الجيش يضرب (يقصف) معضمية الشام الملاصقة لداريا، فسألنا [عن طبيعة الوضع] فتبين أن هناك اقتحامًا لمنطقة المعضمية، ويوجد قصف -ويقصدون بالقصف أنه كانت هناك طائرات هليكوبتر (مروحية) تقصف من خلال أسلحة رشاشة، وليس قصفًا مدفعيًا ولكن كانت هناك مروحيات- وبعض الأهالي بدؤوا ينزحون من معضمية الشام باتجاه داريا، فعمليًا بقيت في منزلي 12 ساعة تقريبًا [بعد قرار عودتنا] وعادت زوجتي وأولادي إلى بيت أهلها، و خرجت حتى أرى ماذا يمكنني أن أفعل، وكان الجهد الأساسي هو استقبال النازحين من المعضمية- نحن نقول: "معاضمة و ديارنة"- وتأمين الأماكن لهم، كان البعض منهم يعيش في أقبية، والبعض لديهم معارف جلسوا عندهم، وبدأ بعض الأشخاص يقومون بتأمين الخبز، ويوزعون المواد الغذائية الأخرى.

لا أعرف إذا كان في نفس اليوم أو في اليوم الثاني، بدأت المروحيات تقصف داريا بواسطة أسلحة رشاشة، وليس قصفًا مدفعيًا، وبدأت الإصابات في داريا نفسها، ولا أعرف بالضبط، ولا أذكر ماذا حصل في المعضمية، ولكنني أذكر أنه حصل اقتحام المعضمية، ثم انتقل إلى داريا، أو أنهما عمليتان مستقلتان، ولكنهما تزامنتا في الوقت نفسه، وعمليًا منذ اليوم الثالث من العيد، بدأ تقدم الجيش على داريا من أكثر من مكان وخاصة من الجهة الشرقية لداريا من منطقة نسميها: "اللّوان"، وهي منطقة بين المعضمية وداريا، وباقي الجهات- بحسب ما أذكر- لم يكن هناك اقتحام منها، كانت هناك حواجز وأصبح هناك تشديد أكثر، ولكن الاقتحام بشكل أساسي كان من الجهة الشرقية، وحتى وقتها لم تكن معالم الموضوع واضحة، وما الذي يحصل، ولا أذكر أنه كان هناك سبب مباشر لهذا الاقتحام، فقد كانت هناك فترة هدوء و نشاط سلمي واضح، [نعم] يوجد بعض النشاط للجيش الحر، ولكن لم تكن هناك عمليات واضحة، فتطور الموضوع فيما بعد إلى اقتحام، ثم إلى المجزرة التي نسميها “بالمجزرة الكبرى” بتاريخ 25 (آب/ أغسطس) سأتكلم عن الأسباب المحتملة التي أعرفها، ثم سأتكلم عن أحداث المجزرة نفسها.

بشكل عام كان لداريا صيت في الثورة في الحراك السلمي، كان غياث مطر أحد رموزها، ويحيى شربجي، وإسلام دباس، ومبادرة الورود والمياه، وعدد من المبادرات المختلفة، وفي وقتها لم يكن هناك بروز للنشاط المسلح، وحتى إن داريا كانت إلى حد ما وعلى الأقل في الإعلام على مستوى سورية معروفة أكثر بنشاطها السلمي.

 أيضًا حصل حراكًا مسلحا داخل داريا وبتنسيق بينها ومناطق أخرى، فأحد الأسباب المحتملة أو التي يمكن أن أعزو [حصول المجزرة إليها] هو أن هدف الجيش الحر في داريا ليس محليًا فقط، ولكنه كان ينسق مع مجمل الريف، في البداية أعلن عن "كتائب الصحابة"، ولاحقًا أُعلن في شهر رمضان بعد السحور في داريا في رمضان عن تجمع اسمه "تجمع أنصار الإسلام". وأذكر أن اسمه كان "تجمع أنصار الإسلام في قلب الشام" أو فقط "أنصار الإسلام" وهو يضم مجموعة عناصر، يعني مجموعة أقسام من "كتائب الصحابة" و"لواء الحبيب المصطفى"، وحتى أذكر أن “لواء الإسلام” كان منهم -لست متأكدًا 100%- ولكن كانت هناك تشكيلات عسكرية من الزبداني والغوطة الشرقية، وأذكر على الهامش أنه كان هناك اعتراض على الاسم، حتى إن شخصًا قال لي: إن الشيخ أسامة الرفاعي حاول أن يعترض على هذا الاسم. وقال: لا نريد هذه الأسماء التي تستجر العداء أكثر، ولكنهم لم يستمعوا لذلك، هكذا قال شخص من المقربين منه.

في وقتها كان الناطق اسمه أبو معاذ أظن أنه من قطنا، والفيديو موجود وانتشر وفيه عدد كبير كانوا بالعشرات شكلوا قوسًا وهم يحملون الأسلحة، كان أغلبهم ملثمون والمكان الذي تصوروا فيه كان في المنطقة الشرقية من داريا، وإذا عملت زوم للكاميرا يظهر القصر الرئاسي، فقد كان للأمر رمزية، بمعنى أنهم على أعتاب القصر الجمهوري، أظن أن هذا هو أحد الأسباب، أن داريا باتت منطقة تجمع ونقطة تنسيق لحراك مسلح أوسع.

أظن أن مجمل الأمور والنشاط السلمي السابق و بعض العمليات الصغيرة التي كانت تستهدف الحواجز، بالإضافة إلى موضوع الإعلان الذي حصل، وقد يكون هناك أسباب أخرى أوسع مثل موضوع تسميم “خلية الأزمة” الذي أعرف أنه من المؤكد كان يرتب له، لكن لا أعرف إذا حصل أو لم يحصل، أو إذا حصل ونجح، هناك أكثر من شخص كانوا يدعون أنه حصل وقُتل فيه أشخاص، وأظن عُرف (من الأمن) أنه ضمن داريا كان يوجد الكثير من الأشخاص الذين يعرفون بعملية التسميم بغض النظر عن التفاصيل، فمن المؤكد أنه سوف يكون معروفًا للنظام أن "كتائب الصحابة" أو "كتيبة سعد" أو أبو تيسير خلف هذا الموضوع.

 في رمضان أيضًا، حدثت[عملية] تهريب رياض حجاب من الشام (دمشق)، وأذكر في الليل قبل السحور (بين الفطور والسحور) التقيت مع أبي تيسير (حسن زيادة) وأشخاص آخرين، وكانوا يقولون: يوجد خبر مميز اليوم وعملية نوعية، وأنه ولا يريد الحديث عنها حتى تكتمل، وفي النهار فهمنا أن رياض حجاب أعلن انشقاقه، وأنه كان في منطقة قريبة من داريا، وتكفلت "كتائب الصحابة" بتهريبه، وحتى إنني أعرف الشخص الذي قام بتهريبه (السائق) -الذي اعتقل واستشهد غالبًا وهو من داريا- فتم تهريبه على طريق درعا بطرق فرعية ثم إلى درعا ثم إلى الأردن.

 ولكن المؤكد أن أبا تيسير تكلم قبل أن تحصل، وفيما بعد عرفت من هذا الشاب (السائق) الذي كان يعمل مع أبي تيسير، واعتقل لاحقًا، حتى إنه قال لي: إنهم ألبسوا رياض حجاب ثيابًا عربية مثل العباءة والسُلك (الكوفية)، وكأنه بدوي أو درعاوي.

ويوجد شخص آخر قال -ليس السائق نفسه بل شخص آخر- إنه في مرحلة معينة، أوقفوه على حاجز، ولكنهم سمحوا له بالمرور، ولا أعرف إذا كان هذا الكلام دقيقًا أم لا.

فبطريقه ما اعتبروا أن "كتائب الصحابة" أو أنهم في داريا ساهموا في تهريب أو تأمين انشقاق رياض حجاب، فالذي أريد ان أقوله أن هناك مجموعة عوامل قد تكون تراكمية أدت إلى المجزرة.

يوجد سبب أظن ذكره "روبرت فيسك" (صحفي بريطاني) في أحد المقالات، كنا قد أنكرناه عندما قرأناه وأخرجت التنسيقية بيانًا أنه غير صحيح، ولكن تبين أنه أحد الأسباب، أو أنه على الأقل واقعي، قال "روبرت فيسك": أنه كانت هناك صفقة تبادل أسرى وفشلت، فاقتحم النظام داريا، بالنسبة لنا كان الخبر غريبًا جدًا، لكن لاحقًا بعد المجزرة بأسابيع أو أيام كثيرة، كان الذي فهمناه -و ليس عندي معلومات دقيقة عنه، ولكن الذي فهمته وأنا لست متأكدًا من كل التفاصيل- أن هناك خبراء عسكريين من شرق أوروبا أو من رومانيا وبلغاريا أو غيرها، كانوا يعملون مع الفرقة الرابعة، ويبدو أنهم يعملون كمدربي كلاب بوليسية، وهم يتنقلون على طريق الأربعين الذي هو الأوتوستراد بين دمشق والقنيطرة، ويمر من معضمية الشام، فبطريقة معينة قاموا (الجيش الحر) برصدهم وخطفوهم، وهما شخصان -بحسب ما أذكر ولا أعرف إذا كانوا أكثر- والذي أعرفه أنهم خطفوا عن طريق الجيش الحر في المعضمية أو ممكن كتيبة أخرى من "كتائب الصحابة" ونقلوهم إلى داريا لتأمينهم. وفي داريا كان الجيش الحر في تلك الفترة في رمضان-كان الموضوع جديدًا- لديه سجن سري؛ [ليكون مكان احتجاز] في حال اعتقال عوايني (واشي للنظام) يضعونه فيه، فأنا كنت أسمع أن هناك سجنًا، لا أعرف مكان وجوده بالضبط ولا أعرف أكثر من ذلك، والذي عرفته فيما بعد -من شخص من الأشخاص الذي كان مطلوب منهم حراسة السجن- أنه عندما اقتحم الجيش داريا لاحقًا في تاريخ25 (آب/ أغسطس) كان الجيش يقترب باتجاه المنطقة الجنوبية، وكان هناك أشخاص مطلوب منهم حراسة (السجن) أو بشكل روتيني لا توجد حراسة مشددة عليه، ولكن كان هناك أشخاص مسؤولون، والشخص الذي لديه مفاتيح السجن ليس عنده أمر أو فتوى بقتلهم (للمخطوفين) ولا حكم، وبنفس الوقت لا يستطيع تأمينهم، وهو يريد أن يهرب من أجل تأمين نفسه، فقام بفتح الباب وهرب.

وسمعت من شخص آخر، ولكنني لا أعرف إذا كان الكلام دقيقًا أن الشخصين الأجنبيين كانا معتقلين أو كان واحد منهم أجنبي، وشخص سوري، لا أعرف إذا كان ضابطًا أو مساعدًا، والرواية تقول: إنهم خرجوا من السجن بعد أن كانت الأبواب مفتوحة، وكانوا يتجولون، فالتقوا مع أخ هذا المخطوف السوري الذي كان ضابط أو جندي دخل مع جيش النظام، وهذه القصة ولست أنا فقط، وإنما دائرة كبيرة من الذين حولي أو القريبين من الجيش الحر لم يكونوا يعرفونها، ولا أعرف إن كانت فعلًا سببًا أساسيًا لموضوع الاقتحام، ولكن على الأقل يوجد جانب من الصحة في وجودها في الموضوع، ولو أنني لم أسمع من هذا الشخص الذي كان يحرس السجن لقلت إن القصة فيها مبالغة. في إحدى المرات، حاولنا فتح الموضوع بعد المجزرة بفترة، فكان أغلب الذين لديهم علاقة كانوا متكتمين كثيرًا، ولا يريدون الحديث. 

فهذه جملة أسباب أدت، أو قد يكون بعضها أو جميعها، أو جزء منها ساعد في موضوع قرار الجيش في اقتحام داريا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/08/28

الموضوع الرئیس

الحراك في داريا

كود الشهادة

SMI/OH/34-26/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

عسكري

المجال الزمني

أب 2012

updatedAt

2024/07/18

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-القصر الجمهوري (قصر الشعب)محافظة ريف دمشق-معضمية الشاممحافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

كتائب الصحابة

كتائب الصحابة

خلية إدارة الأزمة (خلية الأزمة)

خلية إدارة الأزمة (خلية الأزمة)

تجمع أنصار الإسلام

تجمع أنصار الإسلام

لواء الحبيب المصطفى

لواء الحبيب المصطفى

الشهادات المرتبطة