لقاءات مابعد "السبت الأسود" مع قيادة الجيش الحر في داريا
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:09:50:34
"السبت الأسود" في داريا كان لحظة فارقة بالنسبة لي وللكثيرين في داريا، فقد حصلت إعدامات ميدانية كثيرة، وبعد ماهاجم الجيش التشييع وتفرَّق، صار يتنقل في الأحياء، وقتل أكثر من شخص أمام منزله أو بالشارع كإعدام ميداني، كان الموضوع مهمًا لي على أكثر من صعيد، خلال الأشهر السابقة، وخاصة بعد ما خرجت من داريا الى دمشق العاصمة، كان أغلب عملي هو تمثيل داريا أمام جهات أخرى مثل تأسيس "مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق" والمشاركة في اجتماعات لجان التنسيق المحلية عبر "سكايب" وأحيانًا كنت التقي مع بعض الأشخاص من لجان التنسيق، خاصة من المكتب الاغاثي اذكر ناظم [حمادي] -رحمه الله- وآخرين.
وأيضًا كانت توجد فكرة أو فرصة أن أنضم إلى المجلس الوطني السوري ممثلًا عن "لجان التنسيق المحلية في سوريا" لكننا اتفقنا ألا أكون.
فالفكرة كانت أن أمثل داريا خارجيًا، وتواصلي مع شباب داريا كان محدود جدًا ومحصور بشباب التنسيقية، ومع بعض المعارف الآخرين، الأكثر في واجهة التنسيقية كان نبيل شربجي خلال تلك الأشهر.
"السبت الأسود" دفعني للعودة إلى داريا، طبعا حصل الأمر بشكل تدريجي، فأنا شعرت أنه لايوجد أثر كبير لهذا التنسيق، فقد عملنا بظروف خطيرة ولقاءات كثيرة بهدف تأسيس "مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق" وبعدها اعتقل عدد كبير من الشباب، وكان تأثيره على الأرض محدود للغاية. حتى "المجلس الوطني السوري" علقنا آمال عريضة عليه في البداية، ثم بدأنا نشعر أنه لا يوجد أثر مباشر لوجود كيان سياسي يمثل الثورة. ومع الوقت صرت أشعر بأن التأثير خارج داريا هو محدود للغاية، وإذا أردت ان يكون لي أثر في العمل الثوري يجب أن يكون على الأرض وضمن مدينتي نفسها.
أيضًا "السبت الأسود" كان حاسمًا في نقاش السلمية والعمل المسلح، وهل يوجد تعاون بين الناشطين السلميين وبين الجيش الحر، فخلال الأشهر السابقة زاد هذا النقاش، ضمن دائرة التنسيقية نفسها، وأنا قلت سابقًا أن مجموعة التنسيقية صارت نهاية 2011 هي نفسها مجموعة مسجد "أنس" القديمة أو معظم أعضائها من جماعة مسجد "أنس".
وصار نقاش داخلي ضمن الدائرة، وكان هناك رأيين أساسيين، أولهما يرفض التعاون بشكل مطلق، ورأي ثاني يعتبر أن الثورة ماشية في هذا الاتجاه، وأنه يمكننا من خلال التنسيق مع الجيش الحر الذين هم بالأساس جزء كبير منهم هم من معارفنا ورفاقنا حملوا السلاح، ممكن أن نساهم بضبط العمل المسلح في داريا.
لكن هذا النقاش في نهاية 2011 كان نقاشًا نظريا بشكل أساسي، ولم تكن هناك خطوات ملموسة نعمل عليها.
لكن عندما حدث "السبت الأسود" كان بالنسبة لي ذروة غير متوقعة، فقد أصبح السلاح أمر واقع في داريا -أنا أعرف أنه موجود قبل ذلك- لكن ليس بهذا الحضور، وعدم ضبطه من الممكن ان يسبب الكوارث كما حصل يوم "السبت الأسود" مع أني لا أستطيع أن أجزم أن تدخل الجيش الحر في "حماية التشييع" هو السبب في تدخل جيش النظام أو لا ، أنا لا أعرف لكن على الأقل هذا مثال مما قد يحدث، ورأيي كان أننا لا نملك خيارًا، فإما أن تنسحب بالكامل، أو يتعامل مع المشهد الذي كان يتغير بشكل كبير، وإلى حد كبير منذ بداية 2012 - يمكننا القول- بدأت مساحة العمل المدني تتقلص لصالح مساحة العمل المسلح.
يوجد بعض الأشخاص ممن كانوا يدافعون عن الجيش الحر ويقولون أن جيش النظام كان سيتدخل سواء بوجود حماية مسلحة [من قبل الجيش الحر] أو في عدم وجودها، والبعض يقولون لا لو لم تتدخلوا وتستعرضوا، كان ممكن أن يترك جيش النظام المشيعيين كما حصل في مرات سابقة، ويوجد بعض الناس كانت تنتقد الجيش الحر بتلك الحركة [ويقولون] كان ينبغي عليكم أن تحموا المشيعين، لكن هربتم أول الجميع، وكان يوجد آراء مختلفة، أنا لم أكن في المشهد، كنت أتواصل على "الإنترنت" في ليلتها؛ لأنني كنت معترضًا على موضوع التشييع، وكان هناك خلاف حول المكان الذي سوف يخرج منه التشييع، وفي النهاية خرج من مسجد اسمه "مصعب بن عمير" في المنطقة الغربية، فهو بعيد نسبيًا عن مركز البلد، لكن عندما وصل التشييع إلى مركز البلد عند الترب (المقابر) بدأ تدخل الجيش.
بعد "السبت الأسود" كما ذكرت، كان يوجد تراكم تفكير في الأشهر السابقة، وقررت العودة إلى داريا، إذا أردت أن أكون مؤثرًا في العمل داخل داريا- أصبح الأمر شبه محسوم بالنسبة لي- يجب أن أنسق مع قيادات الجيش الحر.
الذي حصل أنني كنت في تلك الفترة مازلت في دمشق، ولكنني أصبحت أدخل أكثر إلى داريا، وفي إحدى المرات رتبت لقاء مع شخص اسمه أبو تيسير (حسن زيادة) -لم أكن أعرف من هو- هو قائد في الجيش الحر، ولديه كتيبة اسمها كتيبة "سعد ابن أبي وقاص" ويقولون أن عددها مئة أو أكثر.
و[كانوا قد] انتخبوه قائدًا للجيش الحر، وأنا لا أعرف من هو أبو تيسير، وطلبت عن طريق أحد معارفنا المشتركين ترتيب لقاء معه، وبتلك الفترة كان هناك جزء من شباب داريا المتدينون وهم مدرسين في مساجد أخرى غير مسجد "أنس"، كان لديهم هاجس بأنه يجب ضبط العمل المسلح، ولكن هم أنفسهم لا يريدون أن يشاركوا، فهم لم يكونوا مشاركين في الثورة بشكل علني، كانوا داعمين ولكنهم لم يكونوا مشاركين، فهم كانوا يشجعونني بشكل مباشر أو غير مباشر على أن نأخذ دورًا أكبر في العمل، فقلت لهم: أنتم تعرفون توجهنا، ونحن عملنا سلمي، فكانوا يقولون: أن الموضوع خطير و جزء كبير من الذين دخلوا الحراك المسلح، إما لايملكون الوعي، أو أنهم غير ملتزمين دينيًا، وبالتالي فمن الممكن أن يخرج الموضوع عن السيطرة، فقلت لهم: أنتم أولى بالموضوع، وأنتم ضمن تفكيركم تقرون بجواز العمل المسلح، ولكن بشكل أساسي (هذا الكلام في نهاية عام 2011 إلى حدوث المجزرة) لم يكن يوجد تدخل مباشر، ولكن كان يوجد تشجيع لي وللآخرين من أجل التدخل، فأنا عن طريق أحدهم رتبت لقاءً مع أبو تيسير، والتقينا في أحد المزارع، بحسب ما أذكر كان في أرض المشرق (داريا الشرقية) في البساتين، كان بستانًا بسيطًا وغرفة بسيطة جدًا، وكان هناك أبو تيسير ومعه شخصين، عرفهم لي بأسماء وهمية أبو فلان وأبو فلان، لا أعرفهم، فكنا خمسة أنا والوسيط والثلاثة الآخرون، وحتى الوسيط كان ملثمًا، فهو متخوف، لايريد أن يعرفه الاخرين في حال اعتقل أحدهما.
أبو تيسير كان يسمع عني كثيرًا، وأذكر أنه بدأ النقاش وكان عاتبًا عليّ، وقال لي: أنتم خرجتم من البلد، وطبعًا كنت أتوقع هذا الموشح (التعليق السلبي) ولم أحاول الدفاع كثيرًا، ولكنني وضحت له الظروف التي مررنا بها لم تكن سهلة أبدًا، وأنت يجب أن تقدر، وقلت له: نحن في مرحلة واقعية يوجد نشاط سلمي نريده، ويوجد نشاط مسلح أصبح موجودًا، ونحن يجب أن ننسق مع بعضنا ولا نترك الأمور؛ حتى لا يحصل انفصال أو تباعد كبير.
لا أذكر كثيرًا تفاصيل الجلسة، ولكن يبدو أنه حصل اتفاق أنهم يرحبون بالتنسيق، ولا أعرف إذا كانوا هم الذين طرحوا فكرة- قد تكون من باب المزاودة، أو قد تكون طرحًا حقيقيًا- أنكم أنتم منقسمون أيضًا، ويوجد تنسيقيتان وكل شخص لوحده، وقلت له: هذا الأمر ليس مشكلة ففي النهاية الشباب الذين يعملون على الأرض هم دائرة واحدة، والتنسيق معها سهل.
نتيجة هذه الجلسة تبلور في ذهني أمر ما، وهو أنه يجب أن يكون لدينا جهة تمثل الحراك المدني بغض النظر عن تسمية التنسيقيتين، وسوف أتكلم عن الذي فعلته في هذا الصدد.
إحدى الطرائف في الجلسة كما ذكرت عندما عرّف عن نفسه بأبو تيسير، وعرّف عن الشخصين"، وقال: "أبو فلان وأبو فلان" (كانت أسماء وهمية) وبعد قليل كان يتكلم بشيء فقال: أبو طارق كذا.. كان أبو طارق هو الاسم الحقيقي، وليس الاسم الوهمي، حتى الإجراءات الأمنية كانت بسيطة جدًا، فسرحت قليلًا، وسألته: أنت أبو طارق فلان؟ فقال: نعم، وكان أبو طارق هو صديق يحيى شربجي، وأنا لا أعرف إلى أي درجة كان صديقه، ولكن يحيى عمل في أكثر من عمل في التجارة، وهذا أحد الأشخاص الذين كان يحيى ينام في منزله عندما كان مطلوبًا، وبالنسبة لي كانت القصة عاطفية بدرجة ما، فهذا الشخص كان صديق يحيى المقرب، وهو الآن مسؤول التسليح في الجيش الحر، وبنفس الوقت كان موضوع الأمنيات خلال دقائق قد [كشف].
وبعد مضي الحديث تحدث عن "أبو فراس"، وأبو فراس هو جار فلان وفلان من أصدقائنا، فأنا أعرفهم ورأيتهم مرات سابقة قليلة جدًا، ولا أعرف إذا كان أحدهم ملثمًا أو ملتحيًا في وقتها، وفيما بعد مباشرة عرفت أن أخ أبو تيسير صديقي أيضًا، وكان من جماعة مسجد "أنس" القديمة وفيما بعد اعتقل -فك الله أسره- فهذا جعلني أعتبر أن أمر التنسيق أمر مفروغ منه، صحيح يوجد خلاف فكري واضح، ولكن في النهاية هؤلاء هم الشباب الذين خرجوا في الثورة، وجميعنا من بلد واحدة، ونعرف بعضنا، ويوجد علاقات اجتماعية، وحتى لو أن كل شخص اختار طريقًا، وبطريقة ما أحسست أن التنسيق أسهل مما كنت أفترض، وحتى أنني عندما أذكر الموضوع أشعر أنه كان يوجد مبالغة في الموضوع؛ لأننا نحتاج إلى وسيط ليدلنا على بعضنا، ولكن بسبب غيابي وبسبب تكتم الطرفين كان بهذه الطريقة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/08/28
الموضوع الرئیس
الحراك في دارياكود الشهادة
SMI/OH/34-18/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
شباط 2012
updatedAt
2024/03/16
المنطقة الجغرافية
محافظة ريف دمشق-مدينة دارياشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
المجلس الوطني السوري
الجيش السوري الحر
كتيبة سعد بن أبي وقاص - داريا
تنسيقية مدينة داريا - الشعب يريد إسقاط النظام
تنسيقية داريا - لجان التنسيق المحلية
مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق