الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

سيطرة "داعش" على مدينة منبج مطلع 2014

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:15:47:20

الحدث الأبرز أيضًا في عام 2013، هو بدء تسلل "داعش" إلى المدينة، و"داعش" كان منتصف عام 2013 بدأ يتسلل إلى كل مدن وبلدات الريف الشمالي، فكان وجودهم في أعزاز ثم مارع ثم بقية بلدات الريف الشمالي، وأنا أذكر تمامًا عندما بدأوا يتوافدون إلى منبج بشكل مجموعات صغيرة، وكانت تظهر نفسها على أساس أنها جهة مسالمة، ولا يتدخلون في شؤون أحد، ولا في شؤون المجلس المحلي ولا في شؤون العسكر، ويحاولون أن يبدو الجانب اللين والوديع، ويقولون: نحن أنصار لكم، ونحن ندعو إلى الله، ونحن ضد النظام ومن هذا الكلام، وطبعًا كان هناك دائمًا نظرة ريبة وتوجس من معظم الثوار إليهم، ولكن على المستوى العام وعلى مستوى عوام الناس، بدأوا يحققون بعض الشعبية، ثم بدأوا بخطوة أخرى عندما قويت شوكتهم، فبدأوا يتواصلون مع مجموعات شبابية في منبج، يتسللون إليها باسم الدين، وأن هذه الثورة هي ثورة كفر! وتعالوا حتى نرفع راية لا إله إلا الله، ومن المجموعات التي تواصلت مع "داعش"، وتعاطفت مع "داعش"، ما كان يسمى آنذاك حركة الشباب المسلم، وهي مجموعة من الشباب الذين توهموا أن "داعش" هي حركة إسلامية حقيقية، ثم هناك حركة اسمها طلبة سورية الأحرار، ثم بدأت خطوتهم التالية بتحريض هذه المجموعات الشبابية على المجلس المحلي، ويقولون لهم: هذا المجلس هو مجلس كافر، ومجلس غير شرعي، ولا يمثلكم فلتتظاهروا ضده. وفعلًا بدأت هذه الحركات تخرج بمظاهرات ضد المجلس المحلي، ووصلت بهم إلى درجة أنهم يقذفون المجلس المحلي بالحجر، وطبعًا نحن كنا في المجلس المحلي آنذاك، وكنا ننظر من بعيد، وكنا ندرك اللعبة.

كانت الفصائل مشغولةً بنفسها، ولم يكن يوجد نوع من التنسيق بين الفصائل ولا يوجد شيء، يعني يوجد فصائل منتشرة، وفوضى في تشكيل الفصائل العسكرية، ولكن هذه الفصائل على كثرتها لم يكن يربطها تنسيق، أو إطار ما أو كيان ما، فكانت كل كتيبة أو فصيل يتبع جهة معينة، وهي الجهة الداعمة.

قامت "داعش" بتحريض هذه المجموعات، ونحن كنا ندرك اللعبة، يعني هم كانوا يقولون لهذه الحركات الشبابية: اذهبوا وتظاهروا، وإن تصدّ لكم المجلس المحلي بالعنف، فسنكون نحن من خلفكم، وهم يريدون من هؤلاء أن يستفزوا المجلس المحلي، حتى يرد المجلس المحلي بالعنف، وتصبح الفرصة مواتيةً ل"داعش"، للانقضاض على المجلس المحلي واعتقاله وإيذائه، ونحن كنا نحاول امتصاص غضب أو فورة هؤلاء الشباب، ونحاول ألا نصطدم معهم.

في نهاية عام 2013 استفحل أمر "داعش"، وأسفرت عن وجهها كاملًا، بعد أن قويت شوكتها، وأصبحت أعدادهم كبيرةً جدًّا، وبدأوا يتطاولون على المجلس المحلي، ووضعوا أيديهم على المخابز، وأعلنوا أنهم هم المسؤولون عن إدارة مدينة منبج، وبدأوا يتطاولون أيضًا على الفصائل العسكرية؛ أي بسطوا شوكتهم على كامل المدينة، وعندئذ لم تجد الفصائل بدًّا من أن تتوحد، والذي وحدها ليس الأهداف، وإنما الخوف من "داعش"، وما وحّد الفصائل هو استهداف "داعش" لها، وهو أجبرها على التوحد، ليس في فصيل واحد، وإنما بدأوا ينسقون، وهذا التقارب كان على مستوى التنسيق، وبدأ التفكير جديًّا من قبل الفصائل والمجلس المحلي بضرورة التصدي ل"داعش"، وكانت معظم الفصائل العسكرية؛ يعني كانت كتيبة الكرامة هي من الكتائب الكبرى، وهي كانت تابعةً للواء التوحيد، وكان على رأسها أبو شاكر زكريا قارصلي، وكانت هناك كتيبة ثوار منبج، وعلى رأسها أنس الشيخ ويس، وكان هناك جند الحرمين، ومن ضمنها كانت كتائب الفاروق، وعلى رأسها البرنس (قائد كتيبة الفاروق)، الذي تمت محاكمته، وقُتل، أعدمته المحكمة العسكرية للجبهة الشامية.

هذه الفصائل بدأت تفكر جديًّا بمواجهة "داعش"، وطبعًا المجلس المحلي كان يدفع بهذا الاتجاه، وأن هذا الخطر هو خطر داهم علينا، وسيبتلعنا ويفترسنا ولابد من مواجهته.

أنا أعود الآن إلى بداية عام 2014، للمواجهة بين "داعش" وبين فصائل الجيش الحر، وأنا قلت قبل قليل: بأنه أصبح يوجد شبه قناعة لدى القطاع المدني من الثوار؛ سواء المجلس المحلي أو غيره ولدى العسكريين، وأصبح يوجد شبه اتفاق على ضرورة التصدي ل"داعش"، وإلا ستبتلعنا جميعًا، واتفقت الأطراف على ذلك، وقامت فصائل الجيش الحر سرًّا بالتنسيق والاتفاق على خطة للانقضاض على "داعش"، وكان ذلك صبيحة يوم 6 كانون الثاني/ يناير 2014 الساعة 2:00 فجرًا، وفي هذا التاريخ بدأ الهجوم على مقرات "داعش"، واستمرت المعركة حتى الساعة 1:00 ظهرًا، وخلال هذه الفترة تم القضاء على جميع مقرات "داعش"، ومن هرب منهم هرب، ومن قُتل قُتل، وأُسر حوالي 45 عنصرًا من "داعش"، وبينهم قادة أيضًا، وتم أسرهم والاحتفاظ بهم، وعاشت المدينة طيلة 15 يومًا خاليةً من "داعش"، ولكن كنا نشعر بالخطر، لأن "داعش" آنذاك كانت تحتل مدينة جرابلس، وتحتل أعزاز ومعظم الريف الشمالي، وأيضًا من جهة الجنوب كانت تتمركز في قرى الخفسة والقرى الجنوبية، فهي تحتل المناطق التي تحيط بالمدينة، فكنا نعلم أنهم ربما يعيدون الكرّة إلى منبج، وبالفعل بتاريخ 23 كانون الثاني/ يناير 2014 حاصر الدواعش مدينة منبج من كافة الجهات، وطبعًا استمر الحصار أسبوعًا، وفصائل الجيش الحر التي كانت تقاتل داخل منبج، كانت تستنجد بالفصائل الكبرى مثل لواء التوحيد أو غيره، ولكن لم يلبِّ أحد الدعوة أو المؤازرة، فتركوا فصائل المنبج فريسةً فعلًا بيد "داعش"، التي تحاصر المدينة من 4 جهات، وتمتلك من العتاد الثقيل، وبدأت بإطلاق قذائف المدفعية على المدينة من خارج المدينة؛ يعني أصبحت فصائل الجيش الحر تحت ضغطين، أولًا ضغط نار "داعش"، والقذائف التي تأتيها، وتحت ضغط الحاضنة الشعبية، يعني الحاضنة الشعبية باتت تقول لهم: بأن قذائف المدفعية تأتي بسببكم، فانسحبوا من المدينة شرقًا باتجاه طريق قرقوزاق -على جسر قرقوزاق-، وخرجوا من المدينة، وبقيت "داعش" تسيطر على المدينة، وطبعًا أنا خرجت من المدينة ليلة دخول "داعش"، وكان كل أعضاء المجلس المحلي مطلوبين بالنسبة لتنظيم "داعش".

أنا في صبيحة ذلك اليوم في 23 كانون الثاني/ يناير 2014، أنا كنت أنام خارج المنزل، لأنه من الساعة 12:00 ليلًا استشعرنا أن "داعش" بدأت تدخل وتتسلل، وعندما رأيناهم في الصباح، قد ملأوا الشوارع، واحتلوا المدينة، أنا استطعت إرسال أحد الأشخاص إلى منزلي، فوجد منزلي مطوقًا من "داعش"، فاستطاع أن ينادي زوجتي وأطفالي، واستقلينا السيارة، واستطعنا التسلل من المدينة -من الطرق الفرعية للمدينة-، وأتيت إلى الحدود باتجاه تركيا، باتجاه قرية الغندورة ثم من قرية إلى أخرى، حتى وصلت إلى أعزاز إلى باب السلامة، ودخلت الأراضي التركية، وطبعًا الدواعش منذ ذلك الحين، بقوا في مدينة منبج حتى شهر آب/ أغسطس من العام 2016، عندما قام التحالف الدولي بالتنسيق مع "قسد" بطرد "داعش".

كانت [داعش] تحاول أن تسترضي السكان المدنيين، يعني تريد التقرب من الأهالي، باستخدام جانب اللين، وتأمين الخدمات، وتوفير بعض المواد الغذائية والمحروقات والمستلزمات، وتريد أن تظهر أمام المواطنين أنها الجهة التي تبحث عن الأمن، وتبحث عن خدمة الناس، ولكن بعد الأشهر الـثلاثة الأولى، بدأت حملة اعتقالات كبيرة بين صفوف المواطنين، وخاصةً كل من له صلة في الشأن الثوري في مدينة منبج تم اعتقاله، وكل من له صلة مع الجيش الحر تم اعتقاله، وطبعًا هذه كان لها ردة فعل لدى السكان، وقام السكان بتنفيذ إضراب، وحصل هذا في شهر أيار/ مايو 2014، وكان يوم الإضراب هذا يومًا عالميًّا، لأن الحملة التي شنتها "داعش" على الناس وردة فعلها، كانت شديدة البطش، لأن الناس الذين اعتُقلوا بسبب الإضراب آنذاك، تمت تصفيتهم جميعًا جسديًّا، ولم يخرج منهم أحد، وطبعًا "داعش" كانت تقطع الرؤوس، وتعلقها في وسط المدينة، وبعض الجثث -يعني أنا لا أنسى الصور التي كانت تردنا- يعني شخص أعدموه، لأنه كان متظاهرًا، واتهموه بأنه من الجيش الحر -وفقط تهمته أنه من الجيش الحر-، وهو من أجمل الثوار!

بعد إعدامه تركوه معلقًا لمدة يومين في فصل الصيف، ولم يسمحوا لأهله بالاقتراب من جثمانه، وأم هذا الشهيد كان تقف على مسافة أمتار، وتقول لهم: دعوني فقط أبعد الذباب عنه، أريد الاقتراب منه، ولكنهم لا يسمحون لها! يعني الجرائم التي لم يشهد لها التاريخ والبشرية مثيلًا، كانوا يجسدونها في مدينة منبج.

طبعًا وجود "داعش" في مدينة منبج، استمر قرابة سنتين، وقلنا في الأشهر الـثلاثة الأولى كانت تحاول أن تبدي جانب اللين، وبعدها أسفرت عن وجهها الحقيقي، سوى عن عملياتليدين، وحالات الترويع وتخويف الناس، والناس هناك فقدت عنصر الأمان نهائيًّا، يعني الكثير من الأصدقاء كانوا يقولون لي: بأننا نخرج من البيت، ولا نعرف هل سنعود أم لا! وقد يراك أي شخص من "داعش" في الطريق، ويتذرّع بأية مسألة ما، وكان معروفًا أن هؤلاء يطلقون التهمة، وينفذون الحكم ربما في دقائق، والمحاكمة كلها ربما عبارة عن دقائق، قطع الرؤوس وقطع ا وأنت لا تعرف التهمة! يعني ربما يكون بنطالك طويلًا، أو ترتدي بنطال جينز، أو لحيتك محلوقة، أو أنت تتحدث بكلمة، وهو يفهم منها أنك شتمت الذات الإلهية، وربما هي تكون مزحةً أو دعابةً!

في الجانب الآخر: أرهقوا المواطنين بالأتاوات والرسوم، وهم يريدون أن يجمعوا المال بأي شكل من الأشكال، سواءً على السيارات أو ضرائب الدكاكين أو على المواشي.

يعني منذ أن خرجنا من مدينة منبج تقريبًا المجلس المحلي انحل عقده، وأنا بقيت مرتبطًا بمجلس محافظة حلب الحرة، وكنت أدخل 3 أيام لأذهب إلى حلب، للبقاء هناك من أجل العمل في المجلس، و3 أيام في تركيا حتى نهاية العام 2014، حيث انتهت هذه الدورة.

طبعًا المجلس المحلي في منبج، منذ أن خرجنا، واحتلت "داعش" البلد تقريبًا انحل تقريبًا، وبقي عدد قليل منهم في مدينة أعزاز، بما أنه يوجد الكثير من المهجرين من منبج في مدينة أعزاز، يقدم لهم بعض الخدمات، يعني كان لديه صهريج ماء وجرار، ويوزع لهم الماء، لأنه لم يكن يوجد ماء.

كل الذين عملوا في الحراك الثوري من الناشطين جميعهم هربوا، فضلًا على أن من هرب، كانت معه عائلته، وأيضًا هناك أشخاص لم يكن لهم علاقة لا بالثورة ولا بالحراك، ولكن لا يستطيع أن يعيش في ظل "داعش"، لأن العيش في ظل "داعش" هو مصيبة كبرى وثقل، ومعظم الناس الذين فروا، ليس لهم علاقة، ولكنهم لا يستطيعون البقاء.

معلومات الشهادة

الموضوع الرئیس

المعركة ضد داعش

كود الشهادة

SMI/OH/18-13/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

عسكري

المجال الزمني

آب 2013 ، كانون الثاني 2014

updatedAt

2024/04/20

المنطقة الجغرافية

محافظة حلب-منطقة منبجمحافظة حلب-معبر باب السلامةمحافظة حلب-محافظة حلب

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

كتيبة جند الحرمين - منبج

كتيبة جند الحرمين - منبج

كتيبة ثوار منبج

كتيبة ثوار منبج

كتيبة الكرامة - منبج

كتيبة الكرامة - منبج

كتائب الفاروق في منبج

كتائب الفاروق في منبج

الشهادات المرتبطة