الاختراقات المتبادلة بين المجموعات الثورية والنظام بدمشق
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:15:09:17
الاختراق [الأمني]كانت عملية باتجاهين: كان دائمًا هناك فرصة للنظام باختراق الثورة؛ كونه بالنهاية ثورة شعبية، وبالنهاية عناصر الأجهزة الأمنية هم من الشعب، وخاصة أبناء مناطق مثل درعا فهم موجودون بكثافة بالأجهزة الأمنية، فكانت هناك فرص للحصول على معلومات ونخترق الأمن، وقد حصل عدة مرات أن غدر بنا كثورة -أتحدث بشكل عام- بسبب أن الأمن أبرع بهذا الموضوع، وكان بعض الناس يدّعون الانشقاق، وهم ليسوا منشقين فيكون أحدهم بالمخابرات، ويدعي أنه منشق كنا نعتبر الأمر إنجازًا عظيمًا، وبطيبة الشعب السوري وعدم خبرته يحدث ضخُّ معلومات كاملة وكل تفاصيل العمل، ويتبوَّأ مناصب قيادية في الحراك، فهذا تسبب بكوارث أمنية.
على سبيل المثال؛ هناك شاب من آل زكريا، استشهد في السجن نسيت اسمه الثاني، هذا الشاب كان يعمل مخبريًّا بمستشفى الشامي في دمشق الذي يُعتبر مستشفى المسؤولين، و كان يتردد عليه أحد المساعدين في إدارة أمن الدولة، وهذا الرجل كان بديوان إدارة أمن الدولة، وكان مريضًا ويأتي إلى المخبر بشكل دائم الذي يديره هذا الشاب (زكريا) لأجل تحاليله الطبية، وهذا المساعد من حوران فنشأت علاقة طيبة بين بعضهم، وحكوا عن الثورة، وقال المساعد: إنه مستعد للتعاون، وطبعًا بعد عدة اختبارات من الشاب وثقوا ببعضهم، وأصبح المساعد يسحب من سيرفر أمن الدولة كل القرارات حتى بمستوى السري للغاية، كان يسحبها ويضعها بمتناول يدنا، كان يعطي المعلومات للشاب، وكان الشاب يعطيني المعلومات، وأضعها في يد مجلس قيادة الثورة [في دمشق]. حصلنا على عددٌ هائل من الوثائق وبعض الوثائق كانت تحكي عن شخص كان في المجلس الوطني لا أعلم ما دوره يمكن كان موظفًا، وليس شرطًا أن يكون في المجلس نفسه، أو يكون موظَّفًا في مؤسَّسة المجلس نفسه، ولكنه موجود في المجلس الوطني وهو شخص آل ظاظا، وهذا الشخص كان عميلًا لأمن الدولة، وكثير من الأمور والقرارات التي يتخذها علي مملوك أو إدارة أمن الدولة اتجاه الثورة كنا نحن نعلم بها والسياسات العامة والتوجهات العامة للتعامل مع الثورة. من خلال أمن الدولة كنا نعلم بهذه القرارات كان عدد هائل.
حين داهمت قوات النظام هذه المنطقة التي نتواجد بها بعد اعتقالي، قام الشاب الذي كنا نحفظ عنده الوثائق -أتحدث عن منطقة المهاجرين- بحرق كل الوثائق.. كان عدد هائل من الوثائق، وهذا مثال على الاختراق.
وفعلًا الوثائق كانت مهمة، حيث إن كل المعلومات الموجودة في السيرفر الأساسي لديوان إدارة أمن الدولة بسوريا كنا نستطيع الوصول لمعلومات عنها، وهذا مثال من الأمثلة.
الاختبارات: لم تكن اختبارات بقدر ما هي سؤال عن الشخص المراد التعامل معه بمحيطه، ولكن الاختبارات علينا؛ نحن عندما تأتينا معلومة أو عندما نتكلم أمامه بمعلومة، ونعلم أن الأمن لم يعلم بها، وتكون معلومة حساسة -أنا أتكلم هنا على مستوى حراك مدني أو سلمي وليس عن الحراك العسكري وحتى على المستوى الحراك السلمي- معلومات عن أنشطة وتظاهرات، فالأمن لم يعلم بها، وأكثر من اختبار بهذا الموضوع، ولكن بالمقابل الأمن يقوم بدور أنه لا يعلم بالمعلومة لأجل أن نأمن طرفه، وحدث معنا أكثر من حالة أن الأمن لم يتخذ إجراء، وجعلنا مرتاحين، وعرفنا بعدها أن الأمن [علم] بمظاهرة معينة بمنطقة معينة بدمشق-لا أذكرها، ووصل الأمن بوقت متأخر، وكانت المظاهرة قد انتهت وكاد أن يجن جنونه : أين المظاهرة؟
كذلك منطقة مثل الصالحية مثلًا، كانت منطقة نفوذ للفرع 40 في أمن الدولة، هم لديهم معلومة مثلًا، ونحن سربناها لهذا الشخص [عنصر الأمن المتعاون مع مجلس قيادة الثورة]، وهذه مظاهرة وهو بالفعل أخبرهم، فالسؤال هنا: لماذا لم يأت الأمن منذ البداية!
أيضًا، خرجت مظاهرة كبيرة في حي الشيخ محي الدين، لماذا الأمن لم يداهمها؟ وبعدها جاء وطوق المكان، وكنا صرنا في منازلنا في وقتها، وكان الكثير من المظاهرات كهذا النوع.
أيضًا، بمظاهرة بمنطقة الصالحية أو ركن الدين جاء الأمن وطوَّق كل الحارات، ونحن كنا في نفس المنطقة، والأمن مطوق الحارات، وخرجنا بشكل طبيعي من حارة ثانية، حيث إن الأمن لم يضبط كل الحارات. وأزيدك من الشعر بيتًا: في يومها حالة التعاطف الشعبي مع المظاهرة كانت رهيبة، كان الجو حارًّا، وكانت المحلات تفتح الأبواب، وترمي علينا قناني الماء حتى نشرب أثناء المظاهرة، وتكررت هذه الحادثة كثيرًا خاصة داخل الأحياء الشعبية. وهذه على الهامش حتى لاأنساها.
في إحدى المظاهرات عرفنا أن الأمن علم بنا، وأصبح هناك حديث بها على الهاتف من قبل بعض الصبايا، حيث إنهن تكلمن بالغلط على الهاتف، ولم يكن عليهن التكلم بالمظاهرة على الهاتف، ونحن أخذنا قرارًا بإلغاء المظاهرة؛ لأنه من المؤكد أن الأمن سيعرف بها.
الأمن عرف بها بوقت متأخر، وبعد أن بدأت المظاهرة تحرك أمن الدولة وفرع الحزب بمنطقة الصالحية ودخلوا من عدة جوانب، وطوقوا الأحياء، وكنا قد انتهينا وصورنا المظاهرة وذهبنا لبيوتنا وتم تحميل المظاهرة.
هذه الأمور تعطينا عامل ثقة بهذا الشخص، وبعد أن اعتقلنا واعتقل الشاب من آل زكريا لم يتم سؤالنا في التحقيق عن هذه الأمور، فزاد تأكدنا أن هذا الشاب الذي كنا نتعامل معه ثقة.
بالمقابل، كان هناك عنصر بالأمن العسكري هو الذي تسبب باعتقال مجموعة من مجموعتنا في حي المهاجرين، وتسبب باعتقال مجموعة من شباب حلب واعتقال شخص قدير مثل توفيق إنجيله من دوما.
وهذا العنصر زُكي من قبل أحد الثوار، وهذا الشاب وثق به وأعطاه معلومات، وصار من خلال "فيسبوك" يعلم بشبكات الأصدقاء لهذا الشاب، ويقول: أنا صديق فلان، والدليل أن فلانًا كان يبحث عن أكياس دم، وحكى معك، حيث إن الشاب كان قد تكلم بكل التفاصيل أنه أحضر أكياس دم من كفر بطنا إلى مستشفى الدكتور حلاوة ومررتهم من دمشق إلى كفر بطنا وكل التفاصيل. كان الشاب يحكيها لعنصر الأمن، وكان العنصر يقدم المساعدات من خلال الأمن، مثل المال لأجل تأمين أكياس الدم فأصبح لدى عنصر الأمن معرفة كاملة بكل هذه التفاصيل. كان من الأمن العسكري اسمه الحركي زين الصباغ، وسمى نفسه أسامة الحَجَر على موقع "فيسبوك"، وكان صديقًا لآلاف المعارضين، ووصل حسابه إلى 5 آلاف شخص، حتى أغلق حسابه منذ 3 سنوات عندما تكلمت معه.
تكلَّمت معه وعرَّفته بنفسي، وسمعت أنك كنت معتقلًا، وقال: نعم. ثم قال: أنت من أين؟ وهو لا يعرف اسمي الحقيقي فقلت له: أنا من الشام من المنطقة الفلانية. فقال: أعرف فلانًا، وصار يحكي لي تفاصيل عن التحقيق على أساس أن لديه معلوماتٍ، لكن معلومات ليست من المعتقلين، ولكن معلومات من التحقيق؛ لأنه لو معلومات من المعتقلين كنا عرفنا بها، وما كان أحضر لي شيئًا جديدً. مثلًا يقول: فلان أعرفه ومات بين يديه، طيِّب فلان مات بين يدي أنا وليس هو!
تكلمت معه وهذا منذ سنتين، وقال أنا موجود في دمشق، وإذا أردت أن نعمل بالحراك الثوري الآن، وعندي علاقات واسعة، وممكن نشتغل، وعندي مجموعات، ومعي مال، وأنا يهمني أشتغل من دمشق، أو من أي مكان أنا جاهز للخدمة. فقلت له: تمام. نحن ممكن نشتغل مع بعض خلينا نتحدث عبر تطبيق "سكايبي" مع بعض فقال: أنا جاهز، وعندما أردنا التحدث سكايب اختفى. فقلت له: نحكي سكايب صورة حتى آخذ له صورة، ولما أصور الشخص أعرفه.
فأنا لم أعرفه شخصيًّا، والذي يعرفه شخصيًّا هو شخص واحد، وتوفي في السجن في صيدنايا، ولم نعرف اسمه الحقيقي إلى الآن.
هذا العنصر تسبَّب باعتقال مجموعة من الشباب بحلب كانوا يشتغلون على حراك الجامعات، شاب كردي اسمه جكر ملا خوين، وقد خرج من السجن الآن، وهو الآن في ألمانيا هذا كان مسؤولًا عن موضوع الجامعات بالحراك الثوري بجامعة حلب.
فكان المدعو زين صباغ يريد الوصول للحراك الثوري بجامعة دمشق وحلب ويحاول أن يخترق هذا الحراك، وكان يحاول يصل لمناطق دمشق وريفها أو في حلب التي فيها ثقل بالحراك الأساسي أو التي هي حساسة بالنسبة للنظام، مثل محيط القصر الجمهوري، منطقة المالكي أبو رمانة، والمهاجرين، ورصد أي حراك ممكن يكون فيها؛ لأنها منطقة أمنيَّة شديدة التركيز بالنسبة للنظام، ومنطقة مثل دوما، وهي منطقة ثقل ثوري، وجامعة مثل حلب كانت هي مركز الحراك بحلب، فكان هذا الشخص يتحرك في هذه الاتجاهات، واستطاع أن يخترق، وبكل بساطة لا يأخذ وقتًا طويلًا، وبقي يتعاون معنا، حيث يتصل بأحد الشباب ويقول: أنا صديق فلان، ويعطيه علامة مثل إبر الكزاز التي ستجلبهم لفلان أو المال التي ستعطيها لفلان، فيثق الطرف الثاني به ويضيفه للأصدقاء ويصبح هناك تواصل مدة 4 أيام لا أكثر، وعندما يراد منه أن يستلم الإبر أو النقود أو المساعدات الغذائية لا يحضر هو شخصيًّا، بل يأتي الكمين للاستلام بكل بساطة. وغالب الكمائن كانت تحصل عند شام سنتر بتنظيم كفرسوسة؛ يعني: منطقة شام سنتر هي أكثر منطقة اعتقل فيها ناشطون بدمشق.
كان الشباب ضحايا هذا الشخص وأنا لم يوقع بي بشكل مباشر، ولكن أوقع بشخص يعرفني فاعترف علي وأتى بي؛ فهو لا يعرفني شخصيًّا، وضحايا هذا الشخص حكوا: إننا نفتح باب سيارة التكسي، وقبل أن نضع رجلنا على الأرض يأتي الأمن ويحملنا ويضعنا في سيارته ويأخذنا إلى الفرع 215.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/08/19
الموضوع الرئیس
الحراك السلمي في دمشقكود الشهادة
SMI/OH/131-22/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2011
updatedAt
2024/05/06
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
إدارة المخابرات العامة / أمن الدولة