الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

التقاء مظاهرتين في حي الطابيات في جمعة العزة في اللاذقية

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:44:22

خرجت المظاهرة من منتصف خطبة الجمعة، والموضوع مسجل بمقاطع فيديو، وأنا للأمانة عندما أذكر مقاطع الفيديو أذكرها وأنا متوجس أنه هل أنا مصيب أو غير مصيب؟ لأنني لست من الناس القادرين على مشاهدة وحضور الذكريات، أنا لست من هذا النوع أبدًا، وهذا المقطع أنا شاهدته مرة واحدة أعتقد في عام 2011 بعد عدة أيام وعلق في ذهني، وأنا لست قادرًا حتى هذه اللحظة أن أرى فيديوهات ولا أستطيع نفسيًا استحضار هذه الذكريات، وكان يوجد مقطع فيديو لياسر [الراعي] وهو يهتف ويخرج الناس وخرج الناس، والمظاهرة كانت بالآلاف تقريبًا 6 آلاف من أهل المنطقة، والتحق بها أشخاص وخصوصًا أنها قريبة على منطقة بستان الصيداوي وبستان السمكة والسكنتوري وما خلفهم أسفل منهم عبارة عن منحدر، ويأتي بعده الرمل الجنوبي والرمل الفلسطيني والطلائع، وهذه المنطقة كلها من هذا الشارع وأسفل منه إلى البحر هي منطقة أحياء شعبية عشوائية فقيرة، ويتركز بها غالبية سنية بسيطة فقيرة جدًا ومعدمة، وبيوتهم عشوائية وغير منظمة وخارج "الطابو"، فكان التحاق هذه النوعية من الناس أو هذه الطبقة من الشعب التحاقهم بالمظاهرات عبارة عن مباشرة، والذي لا يوجد عنده شيء يخسره أنا ماذا سأخسر؟ سأخسر عملي الذي يعود لي ب 200 ليرة؟! سوف أخرج في المظاهرة، وإذا تغير خير وبركة، وإذا لم يتغير نحن بكل الأحوال تحت الأرض. وتحولت المظاهرة إلى آلاف وسارت في شوارع اللاذقية، وبصراحة لا أعرف إلى أين كان مسيرها في ذلك الوقت، لأنني كنت منتسبًا إلى المظاهرة الأولى (مكرر) وهي مظاهرة البازار، وجبنا فيها شوارع الصليبة: مشروع الصليبة وبورسعيد والعوينة وشارع ميسلون، وعدنا إلى منطقة بورسعيد، وهو شارع عبارة عن زاوية يلتقي به طريق نازل من الطابيات ونهاية طريق الطابيات الملتفة تصل إلى شارع الحرش الذي خرجت منه مظاهرة خالد بن الوليد، وهو عبارة عن شارع ملتف بهذا الشكل وشارع ملتف آخر وبينهما طريق نزلة، والمظاهرة يبدو أنها خرجت من الطريق البعيد طريق الحرش وصعدت إلى الطابيات ونزلت في اللفة، ونحن كنا قد وصلنا إلى هذا المكان والتقت الجموع عند شارع بور سعيد.

الله..لحظة الالتقاء لحظة أصمّت الآذان، وكأنك تلتقي أفراد عائلتك الذين فقدتهم منذ حوالي 40 أو 50 سنة، وهم أشخاص لا أعرفهم ولا يعرفونني، وكأنهم أهل العقيدة والذين يماثلوننا بالعقيدة والتوجه الثوري والوطني والديني، وكنا في تلك اللحظات مستعدين أن نعطي بعضنا أرواحنا وأموالنا وكل ما نملك، ونحن لم نكن نعرف أنه يوجد مظاهرة أخرى، يعني نحن لا نعرف أنه يوجد مظاهرة بالآلاف في مكان ثانٍ، وفجأة خرج في وجهنا الآلاف فكان إخوة لنا في الثورة، والتقينا مع بعضنا وكأننا.. وحضنا بعضنا كأننا أحباء واجتمعت الجموع وامتزج الجمعان مع بعضهما.

عندما خرجنا في المظاهرة بعد أن اجتمعت الجموع كنا أمام ساحة أوغاريت والناس تهتف في بداية مظاهرة جامع البازار، والناس كانت تهتف: "حرية حرية".. و"يا درعا نحن معك للموت".. و"بالروح بالدم نفديك يا شهيد". وأثناء وجودي في المظاهرة وعلى زاوية جامع الشريعة على زاوية سوق الخضار تمامًا كان هناك عناصر 10 أو 12 شخص يرتدون الثياب المدنية ويدورون حول أنفسهم ولا يعرفون ماذا يفعلون، وكان يوجد أشخاص يهتفون في المظاهرة وهم يهتفون والناس تردد وراءهم، وبطريقة ما حاول هؤلاء الأشخاص أن يدخلوا صوتهم إلى رتم صوت المظاهرة وبطريقة غير واضحة حتى يردد الناس وراءهم، وأنا سمعتهم وكان بيني وبينهم متر واحد وكانوا بجانبي، وكانوا يهتفون: بالروح بالدم نفديك يا بشار.. وأعينهم تدور خوفًا، ويحاولون تغيير الصوت العام للمظاهرة وكأننا أغبياء حتى نردد خلفهم، وكانوا أمامي 7 أشخاص و4 في الخلف يعني تقريبًا 11 شخص، ويدورون حول أنفسهم ولا يعرفون ماذا يفعلون، وعندما رأوا أن الموضوع أصبح خارج السيطرة انهزموا وانسحبوا.

خرج هتّافون في ذلك الوقت ولكن لم يبرزوا على مدى الوقت، يعني كل مظاهرة وكل مكان يخرج شخص ويكون صوته جهوريًا ويبقى يهتف، ولكن لم يبرز مثل عبد الباسط ساروت أو القاشوش، لم يبرز اسم بقي حاضرًا طيلة المظاهرات (على حد علمي)، وأنا لا أبخس الناس أشياءهم إذا كان هناك أحد فليعذرني، وأبرز الهتافات كانت هتافات جميلة وبعضها كان ملفتًا بالنسبة لي، وأبرز الهتافات كان: "يا درعا نحن معك للموت".. و"حرية حرية".. و"يا منعيش زي الفل يا منموت إحنا الكل".. و"بدنا نعيش بكرامة وبدنا نعيش بكرامة".. "وحدة وحدة وطنية سنية وعلوية". وهذه هتفناها عندما مررنا مع الجموع كلها أمام جامع خالد بن الوليد في طريق الحرش باتجاه دوار اليَمَن الذي عنده محطة القطار الرئيسية، وأذكرها تمامًا: "وحدة.. وحدة وطنية، سنية وعلوية".

في تلك اللحظات أذكر حادثة، بضع شبان أصبحوا ما بين طريق الذهاب والإياب، وهو طريق أوتوستراد سريع عبارة عن جادتين أو ثلاثة ذهاب وجادتين أو 3 إياب، والطريق واسع وبينهما فاصل حديدي (منصف حديدي)، وتوجه إليه عدة شبان وبدأوا بخلعه حتى يحصلوا على قضبان حديدية، لأنه نحن الآن متوجهون إلى محطة اليمن.. دوار اليمن الذي هو أحد الدوارات الرئيسية في مدينة اللاذقية، وهو على أطراف المدينة، ويحده من الشرق الجنوبي محطة القطار، وخلفه منطقة الريجي، وخلفه هناك ثكنة عسكرية، وما بعدها مناطق العلويين وهي تعتبر خارج البلد، ويمكن أن نصطدم مع قوات حفظ النظام أو قوات الشرطة العسكرية، لأن أحد مخارج هذا الدوار يؤدي إلى مقر الشرطة العسكرية، وبدأ هنا الشباب -يعني 6 أو 7 شباب- كانوا يريدون أن يأخذوا معهم قضبان حديد حتى يبقى معهم للدفاع عن النفس، وطبعًا أنا لا أقول إنه عمل جيد، لا، هو كان عملًا همجيًا بالنسبة لنا جميعًا، وعندما بدأوا يهزون الحديد أنا كنت من الأشخاص الذين ركضت عليهم وسألتهم: ماذا تفعلون؟ وماذا تخربون؟ ونحن لم نخرج حتى نخرب أبدًا، نحن خرجنا حتى نصلح. وأكلوا نصيبهم من صراخ وضرب، وقلنا لهم: اندمجوا مع الناس وإذا اقتربتم من شيء.. ومنِعوا من تكسير هذا المنصِّف، وأنا أذكر أنه كُسِر جزء منه، وانقهرت كثيرًا لذلك.

ولاحقًا بعد بضع دقائق أو قبل، كنا نمشي إلى الأمام في طريق الإياب، يعني عكس السير، والسير كان متوقفًا، ويوجد سيارة تاكسي لسائق تكسي ومعه عائلة في السيارة، ويبدو بطريقة ما أن أحد الموجودين -وهو [سائق التكسي] طبعًا توقف في هذا الازدحام ونحن عددنا بالآلاف- ويبدو أن أحدًا ما من المتظاهرين يعلم أو يعرف هذا السائق، وفي هذا المكان أنت تكون كحقل من القش، وعندما تقال كلمة فإنها تنتشر مثل الهشيم، وعُرِف لنا جميعًا أن من في داخل السيارة هو سائق علوي، وفي لحظة المعلومة دخلت إلى وعينا وانتشرت المعلومة في الجموع أن السائق علوي والعائلة التي معه علوية، واتجه شابان أو 3 إلى أمام السيارة وبدأوا يضربون غطاء المحرك و مقدمة السيارة لأنه علوي.. يجب أن تُكتب هذه القصص وتعلق بماء من ذهب حتى من يصفنا بالطائفية نضعها في عينه، فاجتمع الناس على هذه السيارة وشكلوا حولها سورًا بشريًا ومشوا معها حتى خرجت من الازدحام، وأنا كنت من الناس ولم أستطيع الانضمام إلى السور، ولكنني تابعت معهم حتى أخرجوا السيارة من ازدحام المتظاهرين، [وكان ثمة صراخ:] نحن أخوة ونحن أهل، وكان يوجد رجل في مخيلتي هو عبارة عن رجل ضخم بدون ملامح وقف أمام السيارة وقال: من يقترب عليها سأذبحه، ونحن إخوة وأهل. وتمت حماية السيارة بمن فيها، وأنا للأمانة رأيت الأم، يعني امرأة ومعها طفل أو طفلان في داخل السيارة، خائفين ويخافون أن نأكلهم كوحوش بشرية، ونحن نُدعى "السنة" [ والصورة عنا أننا] نأكل البشر، وكانوا خائفين جدًا وزاد الموضوع خوفًا عندما هجم شخصان أو 3 على السيارة وأصبحوا يضربون السيارة من الأمام بأيديهم.

وتمت حماية السيارة بطريقة تدعو للفخر وطريقة عظيمة، وأنه نحن أنجزنا إنجازًا وأثبتنا أننا لسنا طائفيين، وقمنا بتطويق الهتاف الذي هتفناه، أو ربما كان هو سبب الهتاف أنه وحدة وحدة وطنية سنية وعلوية، وفي لحظتها كان يوجد شخص معه كرتونة وبعض الأشخاص كانوا يحملون أقلام فلوماستر، وكانوا متجهزين وكتبوا على الكرتونة: سنية علوية وحدة وطنية. ورفعت الكرتونة.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/06/23

الموضوع الرئیس

الحراك السلميجمعة العزة

كود الشهادة

SMI/OH/59-07/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

آذار 2011

updatedAt

2024/04/22

المنطقة الجغرافية

محافظة اللاذقية-مدينة اللاذقية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الشرطة العسكرية - نظام

الشرطة العسكرية - نظام

الشهادات المرتبطة