في نفس الوقت اللقاءات سواء على الإنترنت الافتراضي أو اللقاءات الشخصية بدأت تصبح أنضج وأعمق، ومن المجموعات العامة أصبح هناك مجموعات خاصة ومغلقة، وواحدة من المجموعات كان اسمها "دائرة الثقة" Trust Cycle، ومن هذه المجموعات العامة حين نعرف شخصًا ونتأكد منه 100% كنا نُدخله إلى تلك المجموعة الخاصة، ولم تكن كبيرة جدًّا وكان هذا قرارنا المعتمد، وكانت تلك المجموعة بالعشرات، وكنا منها ننتقل إلى اجتماعات سكايبي أو اجتماعات فيزيائية، وكانت تضمّ أشخاصًا من الخارج والداخل، وأعتقد على سبيل المثال أن أسعد العشي تعرّفنا عليه من خلال هذه المجموعة ولم نكن نعرفه سابقًا، وكنت أنا ورزان [زيتونة] ووائل [حمادة] ويحيى شربجي، وزينة ارحيم أيضًا كانت معنا. هذه المجموعة لم تكن حالة تنظيمية، ولكن نحن هؤلاء الذين نعرف بعضنا ونعمل مع بعض ونتحرك مع بعض، وكذلك هيام جميل [هنادي زحلوط] وعدة أشخاص.

والنقاشات كانت أحيانًا [تتعلّق] بترتيب الأمور وقراءة الواقع وتحليل، وكنا نستفيد من الموجودين في الداخل والخارج ومن الجاليات والناس الموجودين قديماً [في الخارج]، وكل هذه الأشياء. ومنها أصبح هناك مجموعات على السكايب وكانت كثيرة، وكان هناك برنامج "إيمو"، وبدأنا نستخدم برامج التشفير وتواصلنا مع شخص، وأرسل لنا برنامج اسمه "تور"، وأصبحنا نستخدمه بشكل دائم، وبدأنا نعرف الــ "VPN"، وكنا نستخدم البروكسيات منذ زمن لنستطيع الدخول إلى الصفحات المحجوبة، ولكن "تور" أظن يومها عبد الهادي الخواجة هو الذي نصحنا به وأرسله لنا.

وأتذكر في رحلة البحث عن الشرارة [شرارة الثورة] عقدنا اجتماعًا مع فؤاد عليكو وعبد الحكيم بشار في دمشق، واتصلنا بهم وقدموا إلى دمشق وذهبنا للغداء في مطعم "أهل الشام" في ساحة عرنوس، وكان معهما شخص ثالث وكنت أنا ورزان [زيتونة]، وتحدثنا عن الوضع والحالة وكيف هو الوضع الكردي، وأذكر أننا قلنا لهم: إن 21 آذار آتٍ، وهناك النيروز، والناس يتجمعون ويتجمعون، فلنذهب ونكثّف حضورنا كلنا في الديماس، ونحن عائدون بدلاً من أن نعود إلى بيوتنا نقف في ساحة الأمويين، ونقوم باعتصام في الساحة. ونحن كنا نفكّر بذلك بشكل عملي، وهذه واحدة من الخطط التي تناقشنا بخصوصها، وأن تكون النيروز هي الشرارة والفرصة؛ ففي كل الأحوال تتجمّع أعداد ضخمة بالآلاف وتحديداً في الديماس وركن الدين، وكنا نقول: إنه إذا كثّفنا الحضور على ألا يكون فقط كرديًا، و[إذا عملنا على أن] نوجّه الناس بشكل غير معلن، وكنا نرسم السيناريوهات والطرقات والمخططات، وإن القسم الآتي من الديماس يمكن أن ندّعي أن هناك باصًا قد تعطّل أو شبه حادث صغير، ونقطع السير، وينزل الناس إلى الساحة ويملؤونها. وكنا نتكلم مع فؤاد عليكو وعبد الحكيم بشار ونضع السيناريوهات وهم يستمعون، وحضرت فورًا على الطاولة [وفي النقاش انتفاضة] عام 2004 [انتفاضة قامشلي] وما حدث خلالها، وتناقشنا في كل التفاصيل السياسية، وكنا متفقين بشكل شبه كامل سواء فيما يتعلق بالتحليل أو مسألة العنف والطائفية، وأضافوا عليها خلال النقاش مسألة القضية الكردية، وكيف يمكن أن يستغلّ النظام صدامًا عربيًا كرديًا في مناطق معينة. وكنا متفقين على كل شيء، ولكن لما أتينا على موضوع التنفيذ لم يكن هناك قبول، وحضرت [مجريات] العام 2004، ونحن حاولنا بكل شيء [حينها] وعملنا وخرجنا كلنا إلى الجزيرة، وحاولنا ولم ندر ظهرنا. ربما كنا 5 أو 10 أو20، [ووجهة نظرهم أن]: القصة كانت وطنية وتحمّلنا [تبعاتها] وحدنا، وأصبحت القصة التهدئة بين الكرد والعرب والقضية لم تكن هكذا في الأساس، وفتحنا هذا الموضوع "2004"، وكيف تمّ التعاطي مع تلك القضية، ولم نتفق.

هناك وجوه كنا نراها بشكل دائم مثل وجوه إعلان دمشق، وكان التعاطي بشكل عام حذرًا، وهناك شخصيات مندفعة بالمعنى الأخلاقي، ولكن عندما نتحدث عن الشرارة السورية وكيف يمكن أن تنطلق، كانت هنا تختلف وجهات النظر. ونحن حاولنا ودرسنا كل السيناريوهات التي يمكن أن تخطر على البال بشكل أو بآخر ووضعنا فرضيات وقمنا بمحاولات.