في بداية الثورة السورية، سمعتْ الجماهير الكردية عن ثورات "الربيع العربي" في تونس وليبيا ومصر، واستبشروا خيراً، وكما نعرف كان الكرد يعيشون خلال المرحلة التي سبقت الثورة السورية أجواء من اليأس والإحباط، حيث الكل يغني على ليلاه، والحركة الوطنية السورية كانت مشتتة جداً، ولم يكن هناك تقريباً قوة سياسية أو تعبير سياسي على المستوى الوطني العام. وطبعاً، كان هناك تيارات، ولكنها كانت تيارات غير شاملة لجميع المساحة السورية، وعملياً كانت هناك أحزاب على الأقل متهمة بأنها تنطلق من خلفيات دينية وأخرى تنطلق من خلفيات قومية، وحتى بعض الأحزاب التي كانت تنطلق من خلفيات اشتراكية يسارية وغير ذلك لم يكن لها الأثر الكافي لطمأنة الكرد مثلاً؛ وبالتالي كان الكرد ينتظرون لحظات يتخيلون فيها التغيير الشامل في سورية، فكانت الثورة السورية هي الدواء المذاب في أحلى شراب بالنسبة للكرد في سورية، واستبشروا خيراً، وكان الثوريون الكرد أول من صفق وغنى لبداية الثورة السورية.

كان الكرد موزعين في ثلاثة أطر: التحالف الديمقراطي الكردي في سورية، وكان يضمّ مجموعة من الأحزاب، والجبهة الديمقراطية الكردية، ولجنة التنسيق إلا أنه قُبيل الثورة تماماً وفي نهاية عام 2009، كان هناك تجمّعان فقط: المجلس السياسي الكردي، وكان يضمّ تسعة أحزاب، والتحالف الديمقراطي الكردي، وكان يضمّ حزبان فقط: الحزب التقدمي، وحزب الوحدة. وكان الكرد موزعين في هذين الإطارين فقط. 

مظاهرة 15 آذار بحسب ما أتذكر، جاءت هذه المظاهرة على عجل، ولم تكن هناك مشاركة كردية بشكل رسمي، [كانت المشاركة] بشكل غير رسمي، أو لنقل بحسب ما أتذكر أن بعض القيادات التي كانت في مهمّة هناك شاركت في تلك المظاهرة إلا أنه في اليوم التالي للمظاهرة في 16 [آذار] أمام وزارة الداخلية، حضر مجموعة من الكرد، مثل: المعتقل السياسي كمال شيخو، وكان هناك 4 من الأكراد لا تحضرني أسماؤهم حالياً، حضروا تلك المظاهرة.

الكرد بطبيعة الحال كانوا جاهزين للثورة نفسياً بشكل كبير جداً، وكما تعرفون بعد الانتفاضة الكردية في عام 2004، استمرت المظاهرات ومع الأسف لأسباب قد يطول شرحها كان الكرد فقط يخرجون في المظاهرات في المناطق الكردية، يعني لون واحد، وذلك له أسبابه، وكانت هناك خشية، وكان الأكراد مسكونين بخوف استخدام النظام للفوبيا الكردية وتهمة النظام للكرد بأنهم انفصاليون. وطبعاً، كان الإعلام محتكَراً من قبل النظام، واستطاع النظام إقناع الكثير من المواطنين السوريين غير الكرد بأن الأكراد انفصاليون، ولا يقتصر الأمر على الاتهام فقط، بل كانوا يقومون بشحن وتعبئة الكثير من غير الكرد وخاصة من العشائر العربية للقيام بمداهمة المظاهرات الكردية و فتح محلاتهم أحياناً ومداهمتها واستباحة المتاجر الكردية؛ وبالتالي كان الكرد يخافون من خوض هذه الثورة لوحدهم في البداية، وكان الكرد يرغبون بأن يتمّ البدء بالثورة من قبل الإخوة العرب أو الكلدان والآشوريين في البداية كبروفا (تجربة) ثم ينخرط الكرد فيها خشية من استخدام تلك الذرائع.

المظاهرات عندما بدأت في يوم 15 آذار، ثم جاء عيد النيروز، وكان عيد النيروز يختلف عن بقية الأعياد جداً، تعرفون أنه في أعياد النيروز كانت تحصل اعتقالات ومداهمات وحرق وقطع وتمزيق الأعلام الكردية. وفي هذه المرة، وعدت أجهزة الأمن بعض الشخصيات الكردية الذين نسميهم تريفازي (الذين يتنقلون بين النظام وبين الحركة الكردية) [قائلة]: هذه المرة اخرجوا، وأنتم أحرار، ولن تروا الأجهزة الأمنية أو الشرطة تعيقكم، وحصل ذلك، وتمّ تسهيل الخروج. وفي الكلمات التي أُلقيت في ساحة أعياد النيروز، تمّ التضامن وإرسال التحيات للمتظاهرين في دمشق ودرعا وغيرها من المناطق السورية.