سيرة ذاتية- توثيق اليوميات في حي الوعر
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:10:52:02
هنا كنت في حصار الوعر، كنت في الوعر مرةً أخرى.
في الحقيقة أنا في الحصار؛ سواءً في حمص القديمة أو حتى في الوعر، كان يتنازعني مجموعة من المشاعر، والمشاعر الأولى هي أنك يجب أن تكتب بشكل يومي عن الأحداث، وتحاول قدر الإمكان أن تفصلها، وهذا يجب أن يكون جهدًا يوميًّا مستمرًّا، أو جهدًا على الأقل كل يوم عليك أن تجلس نصف ساعة أو أكثر، ولكن حقيقةً كان يوجد نداء ثانٍ، كان يجعلك لا تستمر بالتوثيق بشكل يومي، وإنما بحسب وقت الفراغ -يعني كل أسبوع أو 10 أيام-، لأنه كان يوجد أحداث -حقيقةً- متسارعة على الأرض، وأنا أعتقد أنه في حمص القديمة، كان لي دور نسبيًّا مع الجميع، وعلى الأقل كنت أحاول أن أفعل شيئًا مع الجميع، وفي الوعر نفس الشيء كنت موجودًا بين الجميع؛ سواءً كتائب أو مدنيون، وأحاول أن أزورهم بشكل كامل، وأعرف ما يفعلون، وكنت أشعر أن هذه تفيدني فيما بعد بموضوع التوثيق، يعني لدرجة أنني كنت أخبّئ قصاصات الورق الخاصة بالاجتماعات، طبعًا أنا في أغلب الاجتماعات أكاد أجزم أن 90 % من الاجتماعات، لم أكن أرضى إلا أنني (أن أكون) أنا من سيكتب المحضر -إذا كان يوجد شيء رسمي-، وإذا لم يكن يوجد شيء رسمي، كنت أنا أكتب لوحدي، وأنا كنت آخذ معي دفترًا وقلمًا، وأجلس وأكتب، وكنت أكتب الخطوط العريضة (الأمور الأساسية) التي حصلت، لأنني أعرف أن الذاكرة يعني يعتريها ما يعتريها، بعد فترة أكيد سوف ننسى، وستضيع بعض الأحداث، وبعد فترة يوجد أشخاص، أنا كنت أجد أنه بين يوم وآخر، سيغيرون كلامهم، وهذا كنت أراه كثيرًا في الجلسات، فكنت أقول لهم: أنت قلت كذا البارحة! انظر لقد سجلتها، وأتفاجأ أنه في اليوم الآخر مثلًا أصبح يوجد رأي آخر، سواءً بناءً على المشاورات أو بناءً على التطورات، أو شخصيته تقبل التذبذب، فكنت أسجل المحاضر، وأحتفظ بها عندي، ولم أكن أتلف المحاضر، مع أنه كان حملًا وعبئًا كبيرًا جدًّا علي؛ يعني كان ممكن أن يشكل علي خطرًا، لدرجة أنه كان لدي مجموعة من الوثائق، أحيانًا كنت أهربها من مكان إلى مكان، حتى عندما كنا في مناطق آمنة نسبيًّا من النظام، كنت أشعر أن هذه من الممكن في لحظة من اللحظات ممكن أن تُسرق، يعني لم أكن أخاف على شيء آخر، فأذكر -على سبيل الاسترسال-، أذكر في إحدى المرات شعرت بالخطر من جهة ما -ليس لها علاقة بالنظام-، وأول أمر فعلته أنني نقلت هذا الأرشيف (مكان حفظ الملفات والوثائق) من المنزل إلى شخص آمن -يعني إلى شخص من أصدقائي الذين أثق بهم-، وحملت الأرشيف في حقيبة، وقلت له إن هذا الهارد (القرص الصلب)، وهذه الدفاتر اتركها عندك، لأنني سأغيب عن المنزل لمدة يومين أو ثلاث، وأنا أحس أن هذا الأرشيف ممكن إذا سقط صاروخ أو حدث شيء، ممكن أن يحترقوا، وطبعًا أكيد لم أخبره بما أشعر، أو بالقصة كاملةً.
أنا دائمًا كنت أشعر بالخطر، وبالدرجة الأولى من النظام، ولكن في بعض الأحيان كنت أشعر أن بعض الأشخاص لا يريدون للتوثيق أن يكون موجودًا، ولا يريدونني أن أكتب عن أحداث معينة، وأحيانًا كنت أضطر أن أدخل في تفاصيل لها علاقة، وأعود وأقول أن الناس غير مهتمين بالتوثيق بحد ذاته -لبعد 10 سنين-، وإنما مهتمون -بالآن- بالنتيجة التي ستخرج، فكنت نتيجة وجودي مثلًا أكتب محاضر اجتماعات -على سبيل المثال- في بعض الاجتماعات، فتحدث أشياء في الاجتماع -أحيانًا تكون معيبةً فعلًا-، فكان البعض يقول لك أنه لا يجب أن أحتفظ بها، لأننا تصالحنا، أو بعض الأشخاص كانوا -كما ذكرت- يغيرون رأيهم، أو أحيانًا نحن نحصرهم في الزاوية (نضيق عليهم) في قرار معين، فهم يعترفون بأن الأمر ليس كما كانوا يصرحون، وإنما كان يوجد أسباب أخرى لها علاقة بقضايا أخرى حدثت؛ مثل اتصالات خارجية، أو مثلًا أنهم يحسبون حسابات شخصيةً -يعني ليست لمصلحة الثورة، وإنما لمصلحتهم الخاصة-، فكنت أكتب هذه الأمور، وبعض الناس كانوا من الممكن أن يخافوا منها لسبب أو لآخر، حقيقةً لا أعرف لماذا؟ وفي الثورة لا يوجد من يحاسب، لكنهم يخافون من الكتابة وتسجيل الملاحظات، والشاهد في الأمر أنني عندما كنت آخذ -مثلًا- أذكر حاج خضر الحلواني -رحمه الله-، وهو كان قائد كتيبة اسمها ثوار حمص، وهو شخصية معروفة جدًّا في البلد، كان هو أحد الأشخاص الذين يكتبون بالاجتماعات، فكان دائمًا أمامه ورقة و قلم، ويكتب ملاحظات، وبعد الاجتماع كان يترك الأوراق على الطاولة، وكنت دائمًا أستأذنه، وأقول له إنني سآخذ الأوراق، وهذه مع الجميع تقريبًا، وأعتقد حتى اليوم أقوم بنفس الشيء، وأحاول إذا كان يوجد ورقة أمامي -حتى إذا لم تكن لي-، يعني هو أحيانًا ليس سلوكًا جيدًا، ولكن حقيقةً آخذ الورقة، وأحتفظ بها، حتى إذا لم أكن أعرف مضمون الورقة؛ يعني يوجد ورقة مكتوب عليها شيء، يجب أن آخذها، وفيما بعد سأرى ما تحتويه.
فيما بعد صدر الكتاب في بداية عام 2015، ولكن كان يوجد عهد أنه -إن شاء الله- يوجد شيء آخر سيكون.
طبعًا الكتاب حتى عندما صدر، أنا لم أره إلا في الصورة، لأنني كنت في منطقة محاصرة، وفيما بعد يوجد الكثير من الناس طلبوا مني، أين هذا الكتاب؟ فقلت لهم: إذا وجدتموه أعطوني نسخًة عنه، وسأكون فرحًا جدًا.
طبعًا نحن بقينا في الحصار، هو صدر في بداية 2015، وبقينا في حصار الوعر إلى شهر 5 -أيار- (مايو) 2017، يعني نحن خرجنا في أيار (مايو) 2017 من الوعر من حمص، وأنا إلى تلك المرحلة لم أكن أعرف الكتاب ولم أره، وللأمانة كان يوجد شخص تعرفت عليه، هو شخص مصري من الصليب الأحمر، وكان يوجد علاقة ودية بيني وبينه، وفي إحدى المرات قال لي: إنه اشترى الكتاب من بيروت، وقال لي: عندما أدخل إلى الوعر سأدخله معي، وأنت توقع لي عليه، فكنت فرحًا جدًا، ولكن للأسف لم يدخل! -يبدو أنه لم يستطع-، وفيما بعد تغير وانتقل موقعه من حمص إلى جنيف، والآن موجود طبعًا، أكيد لم ينتقل بسبب الكتاب، ولكن كان لسوء حظي أنني لم أستطع أن أراه، وفيما بعد بقيت في إدلب لفترة -أيضًا فترة طويلة جدًا-، وأظن أن أول مرة أرى الكتاب ورقيًا بشكله المطبوع، كانت في مرحلة متأخرة، في عام 2019 أو نهاية 2018، يعني عندما قدمت إلى تركيا، وهذا بالنسبة لموضوع الكتاب وقضية التوثيق.
الحقيقة هنا يعني منذ عام 2014 -يعني بداية 2014-، كان الكتاب موجودًا، وحتى يوجد فصول كُتبت من قبل، وبدأت أشعر أنه لابد من قراءته من جديد، وعندما بدأت أقرأ بعض الفقرات، وجدت أنه فعلًا توجد قصص كثيرة يجب العمل عليها فيما بعد، وأول شيء -أنا كما ذكرت- أصلًا كان يوجد أشياء وجدت أنها لم تكتمل، وتحتاج إلى كتابة، ويوجد أشياء حذفتها، لأنه يوجد بها أسماء، ويوجد بها ناس من الممكن أن يتضرروا، ويوجد أحداث لم تكتمل فصولها، وأنني فعلًا من الممكن عندما أقابل أشخاص جدد كانوا موجودين في الخارج -أعرفهم فقط على الهاتف-، ممكن أن آخذ حقيقةً أخرى، وأطلع على الموضوع من زاوية أخرى، فبالتالي من الممكن أن أكتب، فكانت هذه أول نقطة، والنقطة الثانية: يوجد بعض الأشخاص الذين كانت لهم شهادة حية ضمن الكتاب، أو كانوا موجودين في قلب الحدث في حمص القديمة، فيما بعد جزء منهم فعلًا مات -استُشهد أو مات بطريقة غريبة، فأنا وجدت أنه فعلًا يوجد شيء خلف هذا الأمر، يجب أن يُكتب، ويوجد بعض الأحداث مثلًا أذكر صدفةً كنا نتساير (نتحدث عن أمور حياتنا) مع بعض الشباب، فلان يقول: لقد تزوجت، فنبارك له ونسأله: هل جاءك أولاد؟ فيقول: زوجتي حملت، ولكن الصبي مات -أو طرحت (ألقت الجنين قبل أوانه)-، وشخص ثان وثالث نفس الشيء (حدث معهم)، فكان يلفت نظري مثلًا أن 7 من الأشخاص الذين رأيتهم فيما بعد، أو تكلمت معهم بشكل مباشر، توفي الجنين الأول لزوجاتهم -وأنا منهم-، وطبعًا أنا لدي ابن قبل الثورة، ولكن بعد الحصار عندما رأيت زوجتي، واجتمعت بها، الجنين الذي جاء بعد اللقاء أيضًا توفي! وحقيقةً كنت أقول يبدو أن القضية تحتاج إلى دراسة طبية وصحية لنفس الأشخاص، وهل بسبب الضعف الجسمي الذي كان لديهم من قلة الفيتامين نتيجة مثلاً الريزيرف -المخزون- لديهم انتهى من الجسم، أم أن القصة لها علاقة بضرب الكيماوي في المنطقة، وحقيقةً هي ظاهرة تحتاج إلى متابعة، فكنت أشعر أنه يوجد الكثير من الأحداث، ممكن أن تُتابَع كخطوط عريضة، منها مثلًا موضوع المجتمع الجديد الذي خُلق بعد أن خرجنا، وكيف أصبحت طبيعة البلد مثلًا، فوجدت أنه يوجد الكثير من القصص يمكن متابعتها، وبناءً عليها أيضًا بدأت أضع خطوطًا عريضةً (المواضيع الأساسية)، ومن الأشياء التي وُجدت أنها أيضًا تجب متابعتها، أنه يوجد أشياء حقيقةً لا تُوثَق، بمعنى أن فلانًا (شخصًا غير محدد) قال لي، أو فلانًا أعطاني الوثيقة، أو أنا كنت حاضرًا في محضر الاجتماع، وكان قد حضر فلان وفلان، أو الحدث الفلاني كان شاهدًا عليه ألف أو ألفان.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/07/30
الموضوع الرئیس
سيرة ذاتيةكود الشهادة
SMI/OH/95-3/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
قبل الثورة
updatedAt
2024/04/14
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-مدينة حمصمحافظة حمص-الوعرشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الصليب الأحمر الدولي
كتيبة ثوار حمص