عمل التغيير في سورية وسورية هي ليست دولة عادية، وسورية هي منطقة جيوسياسية مهمة جدًا، ونحن فعلًا رأينا هذا يظهر بسرعة، يعني تهم كل القوى الدولية أمريكا وأوروبا وروسيا وحتى الصين، وهي في منطقة حساسة واتصالها بإسرائيل ووجود حدود مباشرة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، هذا أدى إلى إعطاء المزيد من الاهتمام بسبب النفوذ الإسرائيلي المعروف في الدول الغربية؛ لذلك النجاح في الثورة يحتاج إلى تخطيط، ويحتاج أيضًا إلى توزيع الأدوار وعدم حصرها في ثلة صغيرة من الأشخاص، وهذا كان جزءًا من الإعداد للمجلس في البداية لهيكليته ولطريقة اتخاذ القرار، ولكن مع الأسف تم تجاوزه بتفاهمات بين القوى الأساسية التي دخلت المكتب السياسي (المكتب التنفيذي)، وتحكمت به.

عند تشكيل بنية المجلس توليت رئاسة مكتب التخطيط والسياسات وكانت الغاية من هذا المكتب هو وضع خطط وتصورات والاعتماد على القرار السوري القرار الوطني، بمعنى أننا نذهب إلى الدول بقرار، ولن نذهب حتى تعطينا الدول الداعمة قرارها، يعني نحن لا نبحث حتى نسأل هذه الدول: ماذا نفعل؟ وماذا تريدوننا أن نفعل؟ ولكن نذهب، ونقول: هذا هو القرار. ونتمسك به، يعني نجعله ملزمًا للجميع، ولو أننا فعلنا ذلك...، وطبعًا سورية كما تعلمون هي ورقة أساسية في البنية العربية، وهي دولة عربية مهمة، وكان لابد من حمل هذه المكانة الخاصة لسورية، وأقصد مكانها في بناء المنظومة العربية عبر الفترة الماضية والاعتماد على قرار ذاتي.

وأنا أذكر أن هذا فعلناه، وحاولنا فيما بعد في أول هيئة سياسية عندما انتخبت بعد أن نجح أحمد الجربا، وأنا كنت في تلك الهيئة مع ميشيل كيلو، و ميشيل كيلو- رحمه الله-أيضًا طرح موضوع صندوق وطني، ونحن نحتاج إلى صندوق وطني يكون تحت يد أصحاب القرار في الهيئة السياسية في الإئتلاف سُمح لها -ربما يأتي الائتلاف لاحقًا- ولكن هنا من باب الاستطراد لأن نفس المشكلة تكررت، فإذا كان هناك دائمًا غياب لآليات القرار، يعني العدالة الإجرائية -كما تسمى- ولابد أن تكون الإجراءات عادلة كي تكون المؤسسة فاعلة، والإجراءات العادلة يعني أن تتمسك بالإجراء ولا تستخدمه كوسيلة لتمرير قرار سابق من قبل بعض المتنفذين في أي مؤسسة سياسية. وهذا طبعًا يمكن أن يفهم بسبب قلة الخبرة، ولكن أيضًا يمكن أن يفهم أنه هناك أيضًا رغبة واعتماد كامل على قرار خارجي، فأنا شعرت في مرحلة من المراحل أن المعارضة كانت تنتظر الحل من الخارج، وهي ليست مستعدة أن تطرح الحل، وتبادر في تقديم تصورات لكيفية حل المشكلة، والتخطيط كان غائبًا، وحتى في الائتلاف، وأنا أذكر في إحدى المرات بعد جهد جهيد وافقت الأمانة العامة بالتصويت على أن يتم اعتماد خطة يعني تطوير خطة لعمل الائتلاف، ولكن الذي حدث أن قيادة الائتلاف رفضت، يعني قالوا: أنتم طوروا الخطة، وأعطوها لنا. فقلت لهم: إن التخطيط الاستراتيجي يتم من قبل الأشخاص الفاعلين، وليست خطة جاهزة؛ لأنها جزء من تطوير الأولويات، يعني قيادة أي مؤسسة يجب أن تكون جزءًا من تطوير الأولويات ومن مناقشة الاستراتيجيات ثم من وضع الخطط، يعني هذا التخطيط الاستراتيجي معروف وهو علم وهو ليس عبارة عن شيء نخترعه اليوم، ولكنهم رفضوا أن يكونوا جزءًا من أي عملية تخطيط، وأنا رفضت أن أعد خطة ونعطيها لهم، وأصلًا في علم التخطيط لا يجوز أن تعطي أحدًا خطة هو لم يشارك في صنعها.

تم وضع رؤية أولية تم طرحها حتى في الائتلاف، ولكن لم يكن هناك إرادة، يعني إرادة التخطيط كانت غائبة في تقديري من الائتلاف [الوطني لقوي الثورة والمعارضة] ومن المجلس [الوطني السوري]، وهناك اعتماد كامل على من تمت تسميتهم بأصدقاء الشعب السوري وخاصة الدول الإقليمية، وطبعًا الأيام أظهرت أن هذه الصداقة هشة جدًا، وليست صداقه قوية بالطريقة التي تصورها قادة المعارضة، ونحن نعلم في السياسة أنه لا يوجد شيء اسمه صداقة دائمة أو عداء دائم، وهناك مصالح يعني من هو في موقع القيادة يجب أن يرعى مصالح الناس الذين يمثلهم، وليس قضية صداقات شخصية، والصداقات الشخصية قد تحدث، ولكنها ليست بديلًا لوجود رؤية وقرار وطني تقوم به المعارضة ومبادرة تحملها المعارضة.