دور النظام في إرسال جهاديين إلى العراق، وملف عبدة الشيطان
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:13:39:18
عندما بدأ العمل على موضوع عبدة الشيطان في دمشق، وأصبح رئيس فرع المخابرات الجوية العميد مطانيوس شهدا يريد ملفات يظهر فيها أمام قيادته، في تلك الأثناء، بدأ الاحتلال الأمريكي للعراق واجتياح الأمريكان للعراق، وكان النظام يهيئ الجهاديين، ويجمعهم في سورية، ويرسلهم للتفجير في العراق والقيام بأعمال ضد القوات الأمريكية، وفي نفس الوقت يسلّمهم للأمريكان، وفي نفس الوقت يتعامل مع المقاومة العراقية، ويضرّ المقاومة العراقية.
ومما شهدته وكنت [مطلعًا] عليه أن العميد مطانيوس كان يضع هاتفه أمام التلفزيون بحيث يكون دائمًا هناك منبع صوتي على الهاتف حتى لا يكون هناك أي اختراقات، ويأتي، ويدردش معي، ويقول: اليوم عندنا سيارتان ستدخلان من سورية باتجاه العراق وبغضون هذه الساعة سنسمع أخبار جيدة. وكان يشاهد القنوات التي تنقل البثّ المباشر، وبالفعل وأثناء جلوسنا في مكتبه، كنا نسمع أنه حصل تفجير ضد القوات الأمريكية، وحصل تفجير ضد القوات البريطانية، وهذا الكلام كانت تتبّعه أجهزة استخبارات النظام بشكل دقيق جدًا، وتعمل عليه، فقلت له: أريد أن أفهم ما هو الهدف من هذا الموضوع؟ فقال: لأن القوات الأمريكية والبريطانية والمحتلين للعراق إذا عاشوا بأمان وسلام في المنطقة وبدون مقاومة شديدة فالوجهة الأخرى لهم هي سورية؛ وبالتالي يجب دائمًا أن نشعرهم بأنهم لن يستطيعوا السيطرة على العراق، ويسقط منهم قتلى دائمًا، وتحدث تفجيرات، ويفهمون أن عملية السيطرة على البلاد لن تكون سهلة، وستكون الفاتورة كبيرة جدًا، وبالتالي هذا الموضوع يخدم سورية، وهذا بالعكس فنحن لدينا توجهات بتشجيع مثل هذه العمليات.
بعدها بالنسبة لعبدة الشيطان والملف الخاص به، يمكنني التطرق له بشكل سريع، كنت موجودًا عند أحد الأشخاص من ذوي الشأن في دمشق، ولا أريد ذكر اسمه؛ لأن الموقف حساس قليلًا، وهو كان يقول لي- وهو شيخ ومتدين وله قيمته- أنه قد أتاه أحد الأشخاص، وقال له: يا شيخ أنا نادم؛ لأنني فعلت شيئًا كبيرًا، وأريد أن أجد طريقة حتى يسامحني الله سبحانه وتعالى، وأحتاج إلى مساعدتك في هذا المجال. فسأله الشيخ: ماذا فعلت؟ فذكر له القصة على أنه تمّ تكليفه من قبل أجهزة الأمن باستجرار أبناء إحدى الشخصيات الاقتصادية الكبيرة في سورية حتى يكونوا ضمن ما يُسمى جماعة عبدة الشيطان، وهذا الشخص كان يعمل سائقًا لدى الشخص الذي يجب أن يستجرّ [أولاده] إلى هذا الموضوع، واستطاع هذا السائق بالفعل بسبب ميول بعض أولاد هذا التاجر الكبير أن يأخذهم إلى عدة أماكن، وجعلهم ينخرطون مع هذه الجماعة التي كان النظام يحاول السيطرة عليها وتوجيهها باتجاهات محددة، وهم تورطوا بالطقوس التي تقوم بها عبدة الشيطان من شرب الدماء والرقص مع الأموات وإخراجهم، وهذه حادثة معروفة، نشرتها الجرائد السورية بأنهم أمسكوا أشخاصًا أخرجوا جثة أو يحاولون إخراج جثة في دمشق من أجل الرقص معها والقيام بطقوس تتعلق بعبدة الشيطان. وطبعًا كانت هذه هي نهاية الجماعة عندما قررت أجهزة الأمن إنهاءها، ونشرت هذا الموضوع، ولكنها حصلت على القصة التي تريدها.
القصة التي كانت تريدها أجهزة الأمن هي زجّ أولاد هذا المسؤول في هذا الموضوع، ثم القبض على عدة شخصيات ومنهم أولاده. وفي التحقيق، يظهرون له الصور- في الحقيقة، كانت الصور إشكالية كبيرة جدًا- وأن هذا يساوم جهاز الأمن المسؤول على الموضوع. وطبعًا، كان جهاز الأمن في وقتها هو إدارة أمن الدولة، ويساومهم على إنهاء القصة وهم يساومونه لصالح شخصية سياسية في سورية من أجل تحصيل وكالات حصرية كانت موجودة عند هذا التاجر الكبير، وأن تنتقل الوكالات الحصرية إلى شخص محدد وهو رامي مخلوف؛ وبالتالي تمّت العملية، وبعدها شعر هذا الرجل بندم شديد؛ فصحيح أن الأولاد خرجوا من موضوع عبدة الشيطان، ولكن توجد صور لهم ومستمسكات، ودخلوا في موضوع المخدرات، ودخلوا في مواضيع قاسية جدًا. وهذا الموضوع وما تكلمت به خلال دقائق وأنا أحاول أن أخفي أسماء؛ لأن تأثيراتها إلى الآن قائمة، وحتى الأشخاص إذا سمعوا هذا الكلام الآن فهم يعرفون أنهم المقصودين. والحقيقة أنهم كانوا ضحية، ولا أريد أن أذكر أكثر من ذلك.
عندما حاولت المخابرات الجوية أن تتدخل بالموضوع [عبر] العميد مطانيوس، وسأل عن القصة، وأنا تكلمت عن نهاية القصة، ولكن قبل أن تنتهي القصة هي امتدت لثمانية أشهر، وأصبح لديه اهتمام حتى يعرف ماذا حصل، ومن دخل في الموضوع ومن له علاقات. وبعد ذلك وفي إحدى المرات، قال لي: إن هذا الموضوع انتهى، ولا يجب علينا المتابعة فيه إطلاقًا؛ لأنه جاءنا توجيه بعدم التدخل فيه، وهو قال لي: يبدو أنه ملف خاص بإحدى الجهات الأمنية في دمشق وممنوع أن يعمل فيه أحد إلا هم. وبالتالي كانت هذه هي إحدى اللعب الاستخباراتية للنظام بالأشخاص النافذين في المجتمع السوري، سواء كانوا اقتصاديين أو أصحاب وجاهات.
بعدها بسبب توطيد العلاقة في هذه الاتجاهات مع المخابرات الجوية استطعت أن أتابع في القاعدة (قاعدة حميميم) عندنا بنفس الطريقة التي كنت عليها من التميز، ولكن كان هناك حذر من الأمن العسكري؛ لأن القاعدة عندنا تدخلت فيها المخابرات الجوية والأمن العسكري... لدرجة أن قائد المطار بكل بساطة طلبني إلى مكتبه، وقال لي: سأتحدث معك بكل صراحة، وعندها صُعقت، وقال: التقارير التي تُكتب بحقك عن طائفيتك كبيرة جدًا، و في الحقيقة، أعرف أن علاقتك أصبحت جيدة مع فرع المخابرات الجوية في اللاذقية، وأنا تجاوزتهم، ورفعت تقارير إلى الإدارة، وتفاجأت أنه حتى الإدارة راضية عنك، ولكن سأتحدث معك بكل وضوح، وأنا بالنسبة لي لا أنظر لك إلا أنك سني متميز، وإذا بقيت على هذا الرتم فأنت تشكل خطرًا على الطائفة العلوية في الأيام القادمة.
والحقيقة، أنه فاجأني بصراحته، وسألته: ما هو المطلوب مني؟ فقال: أنا أعرف إنني لا أستطيع أن أحجّمك إلا إذا عزلتك من الأماكن التي تعمل فيها، ولكن هذا سيعطيك قوة زائدة. وقال: تابع في عملك، ولكن أنت دائمًا تحت المجهر عندي، وتصرفاتك عندي دائمًا هي موضع شك، وما رأيك أن تذهب، وتخضع لدورة؟ وسوف أسهّل عليك الذهاب إلى حلب، وتقوم بالدورة الأساسية وهي دورة مهندس سرب، وهي تُعدّ دورة قائد كتيبة عند القوات البرية، وبالتالي هذه الدورة تستمر لستة شهور، وخلالها أنت ترتاح، وأنا أرتاح قليلًا منك. وهو كان يتحدث معي بكل هدوء، فقلت له: ليست لدي مشكلة. وبعد فترة جاء اسمي من أجل الخضوع للدورة، علمًا بأنه لم يكن دوري؛ لأن دوراتنا لها أدوار، وأنت تعرف أنه مثلًا في السنة الفلانية يجب أن تخضع لدورة، وهذه اسمها دورة أساسية، فعندما ذهبت إلى هناك، وأنا بطبيعة الحال متعوّد على الدوام الطويل والجلوس الطويل والدراسة الكثيرة وعلى تطوير الذات، فكنت الأول في دورة مهندس السرب، وأنت تتكلم عن دورة ليست بسيطة وهي دورة معقدة ومعك أشخاص حاصلون على دكتوراه في نفس الاختصاص، وأنا الأول في دورة هندسة الطيران، ومعك أشخاص حاصلون على دكتوراه في هندسة الطيران، ويخدمون في قيادة القوى الجوية، وكان معي ثلاثة ضباط حاصلون على دكتوراه، ورغم ذلك استطعت تجاوزهم، فعلاقاتهم حتمًا أكبر من علاقاتي ومع ذلك كنت الأول، وهذا كان في الحقيقة تميّز أُضيف إلى التميّز في العمل والتميّز في التحصيل العلمي.
في الحقيقة، الذي ساعدني هو قدرتي على [تحمّل] الضغط في العمل، وأنت عندما تجلس يوميًا للدراسة من 19 إلى 21 ساعة، [وتستمر] يوميًا بعملية الدراسة حتى وأنت تأكل، وتقوم بالمراجعة، وحتى وأنت تنام، فتنام نصف ساعة أو ساعتين، وإذا كان هناك فحص فتدخل إليه من دون أن تنام، وتقضي إجازاتك في القطعة أو في معهد التأهيل الجوي حتى تدرس، فهذا في الحقيقة لا يقدر عليه الكثير من الناس، وكان هناك أشخاص يقومون بنفس الأسلوب، ولكن العدد كان محدودًا، وقدّر الله أن أكون الأول. وعندما عدت إلى القاعدة أدى ذلك إلى فتح صفحة جديدة بيني وبين قائد القاعدة نفسه. وعندما عدت وأنا حاصل على المركز الأول، قال لي: كنت أظن أن تميّزك في العمل ناتج عن علاقات شخصية وقدراتك المادية، ولكن بما أنك عدت وأنت الأول في الدورة الأساسية فأنا أصبح عندي قناعة بأن لديك إمكانيات ذاتية. ولكن أثناء غيابي والعمل الذي كنت أقوم به كان هناك أشخاص آخرين يقومون به، فبدل العمل الذي كنت أقوم به كان هناك خمسة ضباط آخرين يقومون به، وهذا يشكل خللًا في العمل، فقال لي: تفضل، واذهب حتى تستلم الضباط الخمسة الذين وضعناهم بدلًا عنك حتى يستطيعوا أن يقوموا بعملك، وبالنسبة لي تمّ فتح صفحة جديدة، واعذرني إذا تكلمت بطائفية، ولكنني متحسس (قلق) من موضوع الإخوان [المسلمين] والأحداث والأمور الأمنية التي تحصل، وأنت قد لا تكون على دراية بها، ولكن في دمشق يوجد قلاقل، ونحن خضنا في هذه القلاقل، وجاءتنا توجيهات وتعميمات، ونحن يجب أن يكون [الأشخاص الذين يعملون] لدينا دائمًا مثار شك، وعلى كل حال أهلًا وسهلا بك.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/04/20
الموضوع الرئیس
المؤسسات العسكرية والأمنية في نظام الأسدكود الشهادة
SMI/OH/115-05/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
أنطاكيا
التصنيف
عسكري
المجال الزمني
2003
updatedAt
2024/08/09
المنطقة الجغرافية
محافظة حلب-مدينة حلبمحافظة دمشق-مدينة دمشقمحافظة اللاذقية-مدينة اللاذقيةمحافظة اللاذقية-مطار حميميم العسكريشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
قاعدة حميميم العسكرية الروسية - مركز العمليات الروسية
إدارة المخابرات العامة / أمن الدولة
فرع الأمن العسكري في اللاذقية
فرع المخابرات الجوية في اللاذقية / المنطقة الساحلية