دور نظام الأسد في التحريض الطائفي وحمايته لعلم تنظيم القاعدة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:12:24:16
أنا أريد التحدث عن وضع المطار (مطار حميميم) وما هي المهام وما حصل فيه، وأنا التحقت منذ دورة القيادة والأركان، وكانت الثورة السورية قد بدأت منذ شهر تقريبًا، ورأيت أن الوضع في القاعدة (قاعدة حميميم العسكرية) هو أن لديهم حذر من الضباط السنّة فقط وتوجّس وهاجس. وصدرت قرارات فيما يخصّ حماية القاعدة؛ لأن القاعدة بعد أن حصل فيها انشقاق وخاصة [انشقاق] الرائد حسن عبد العال -رحمه الله- وهو أول ضابط انشقّ من عندنا من قاعدة حميميم، وبالتالي كانوا يقولون بأنه يعرف مداخلها ومخارجها ومحارسها، ومن أين يمكن أن يدخل، ومن أين يمكن أن يتسلل، وإذا أحضر معه أشخاص فيستطيع أن يقوم بعمل تخريبي في القاعدة، وهنا رفعوا هذا الأمر إلى القيادة، ودرسوا الموضوع، وأصبح لديهم [أمر] بأنه لا يُكتفى بحراسة سور القاعدة والأماكن الداخلية للقاعدة من قبل المجندين، بل يجب أن يشارك الضباط في ذلك. وإذا شارك الضباط فلك أن تتخيل ضابطًا مثلًا: عقيد ركن أو عميد ركن طيار ولديه في اليوم الثاني طيران، ويحتاج أثناء الطيران أن يكون مرتاحًا في الليل كثيرًا، ويخرج بنفس الوقت في دوريات، ويذهب إلى نقاط الحراسة راجلًا على المهبط، وعلى مستودعات الوقود، وعلى نقاط محددة من الساعة كذا حتى الساعة كذا وفق برنامج موضوع. ولم يكن ذلك الأمر فقط من أجل حماية القاعدة، وكانت الغاية الأساسية من أجل مراقبة الضباط لأنفسهم وبين بعضهم البعض، وحتى يراقبوا بعضهم، وفي الليل، عندما يكونون في الدوريات المشتركة فإنهم يتسايرون (يتناقشون) بما يحدث، ويسبرون أغوار بعضهم، وتحصل عمليه إلهاء لهم، وتحصل عملية تغيير فكر للمنتمين إلى مناطق متوترة عندما يقومون بمهام لصالح القطعة العسكرية، وهذا يمكن أن يخفف التوتر الحاصل ضد النظام وضد الجيش والأمن، وفي نفس الوقت، هم يحققون إشغالًا لحيز كبير من تفكيرك بحيث لا تنساق خلف الانشقاق.
قدّر الله وأنا أحمد ربي عليه أن قاعدة حميميم لم تشارك إلى يوم انشقاقي، وحتى بعده بأشهر بأي عمل قتالي ضد الثوار في اللاذقية أو أماكن أخرى، وذلك لأن المطار كان فيه طائرات وحوامات مضادة للغواصات، وبالتالي هي حوامات بحرية ومهامها بحرية، علمًا بأنه كان لدينا حوامات رُكّب عليها رشاشات "بي كي سي" يعني [عُدلت] تعديلًا، وهي لا تكون موجودة في أساس الحوامات البحرية، وكان هناك تخوّف بالنسبة لي ولبعض الضباط أن تخرج هذه الحوامات، وتنفذ دوريات معينة، وخاصه أنه يوجد فيها رشاش، يعني "البي كي سي" لا يُعتبر سلاحًا متوسطًا، فهو سلاح خفيف، وبالتالي من الممكن إذا تمّ استخدامه من الجو، وحصلت إصابات، أن يقول النظام: إن هؤلاء مندسون و"البي كي سي" موجود مع المندسين. و كان لدينا تخوّف من استخدام ذلك، ولكن لم يتمّ استخدامه في فترة وجودي، ولكن خرجت الطائرات بطلعات تصوير، والحقيقة أنا من الأشخاص الذين شاركوا بعملية تصوير، فركبت في طائرة يقودها قائد المطار العميد بديع [معلّا] نفسه، أنا كنت معه في الحوامة ومعنا فريق تصوير في الحوامة في غرفة الحمولة، ويقوم بتصوير المظاهرات المؤيدة للنظام، وهي كانت المظاهرات المضادة للمظاهرات التي تخرج ضد النظام، وكان طيراننا فوق هذه المظاهرات آمنًا، وأما كحوامة تطير فوق مظاهرات ضد النظام فهناك خوف؛ لأنه من خلال بندقية روسية يمكنهم إصابة خزانات الوقود أو قمرة القيادة، وبالتالي كنا نراهم من بعيد، وكنا نرى المظاهرات الكبيرة، ونتناقش ونحن في الجو، وكان يقول لي العميد بديع: هؤلاء هم جماعتكم، و ليثبّت الله عقولهم و يصلحهم. وهكذا كان يتكلم عن المتظاهرين، ويقول: انظر إلى الرقي والحضارة [في المسيرات المؤيدة]، وانظر هنا كيف الأعلام والنساء، إنهم رجال ونساء يفدون قائد البلد [بشار الأسد] بروحهم، ويهتفون له. وأنت من الجو كنت ترى المفارقات.
وكان يلفت الانتباه مستوى التباين في ساحات المظاهرات نفسها، وأماكن المتظاهرين هي مناطق مهملة وفقيرة وشوارع غير رئيسية، ويقتربون من بعضهم خوفًا من أي هجوم، وأما المظاهرات المؤيدة في الساحات الكبيرة والشوارع الرئيسية وبحماية الأمن والطيران فوقهم والتصوير، يعني هذه مظاهرة لدولة بكل إمكانياتها، وهذه مظاهره لفئة ضد هذه الدولة رغم كل التضييق الحاصل عليها حاليًا، وما قد يحصل عليها من ردود فعل لاحقًا، ومع ذلك كانوا [أي عناصر النظام] يخافون من هذه المظاهرات. فكان الخوف عندما ننزل فأقول له: كيف ترى الوضع؟ ويقول: كلما نطير من أجل التصوير نرى أن جماعتكم يصبحون أكثر، والخوف أن يمتدّ [التظاهر] إلى جماعتنا. ونحن هنا نناقشه، ونقول له: كيف يمتدّ إليكم؟! فيقول: وهل تظن أن كل العلويين مؤيدون للنظام؟ ويقول: يوجد أشخاص مثل الذين لديكم مجانين ومخطئون، مثل: رابطة العمل الشيوعي وجماعة بسنادا ويوجد في كلماخو ودوير بعبدة، ويسمي لي القرى العلوية التي يتخوفون منها من قرى العلويين، وأنت- سبحان الله- كنت تعرف كيف يتكوّن النسيج الاجتماعي في منطقة اللاذقية.
من المفارقات التي رأيتها، وهذه تُذكر للتاريخ، ويجب أن تدوّن، ويجب أن يعرفها السوريون، وكنت شاهد عيان عليها: حيث جاء ضابط أمن المطار، وطلب عددًا من الضباط من ذوي الرتب الصغيرة، وأنا في تلك الفترة كنت مقدمًا ركنًا وعلى أبواب الترفيع إلى عقيد، وطلبوا رتبة ملازم وملازم أول ونقيب، يعني يكون المقصود أن تكون أعمارهم دون الثلاثين، فذهبوا، وحضروا اجتماعًا، وعادوا، ثم دخلوا إلى الفندق الذي كنا موجودين فيه نحن الضباط، وقالوا: تصور أن المهمة التي سنذهب إليها، فسألتهم: وما هي المهمة؟ قالوا: طلبوا منا النزول مع المتظاهرين. وسألتهم: كيف تنزلون؟ وهل ستقمعونهم؟ فقالوا: لا، وإنما نأخذ دور المتظاهرين. فسمعت، وقلت لهم: حسنًا. وقالوا: نحن سنذهب، ولكن طلبوا منا ارتداء الثياب المدنية. و تفاجأنا أنه نزل من القاعدة (قاعدة حميميم) حوالي 15 ضابطًا، وذهبوا إلى مظاهرات جبلة في حي الدريبة، وحي الدريبة هو حي سني في جبلة، وهو كان مركز المظاهرات، وكانت تمتد، وكان النظام بكل بساطة يستطيع قمع المتظاهرين، فكانت أعدادهم حوالي 500 شخص حتى 800 شخص، وكانت عملية ضبهم (قمعهم) في جبلة..، فصحيح أنه في جبلة عدد السنّة كبير، ولكن أصبح فيها ما يشبه التغيير الديموغرافي، وعدد العلويين الموالين للنظام أكبر بكثير جدًا وبالتالي كان بإمكانهم تطويقهم وأخذهم جميعًا إلى المعتقلات، ولكنهم تركوهم من أجل أشياء مقصودة.
أتذكر أن هؤلاء الشباب عندما عادوا وعندما كنا ندردش معهم في السهرة وبعد تنفيذهم للمهمة، وطبعًا كانت المهمة أن ينزلوا كل يوم، ويشاركون في المظاهرات، ويعودون، مثلًا: المقيم في القاعدة يعود في وقت متأخر في الساعة 5:00 أو 6:00 مساء، ولأنني مقيم فكنت أجلس معهم، وأشرب المتة (مشروب عشبي)، ونتحدث بما يحصل، [وأسألهم]: ماذا رأيتم؟ ومن الذي سردوه: نحن دخلنا في المظاهرات، وأصبحوا (أي عناصر النظام) يطلبون منا أن نهتف هتافات محددة ضد العلويين وشعارات سلفية. ويوجد ملازم أول، ولا أريد ذكر اسمه؛ لأنني كنت أرى أنه لم يكن راضيًا وكان ممتعضًا، وأنا رأيته يبكي على حسن عبد العال- رحمه الله- عندما عرف أنه استُشهد، وأنا عرفت أنه في مكنون نفسه هو رجل مسالم، ولا يريد الظلم الواقع، ويريد الأمور أن تهدأ أكثر من ذلك. فسألته: ماذا حصل؟ فقال: تصوّر أنهم أعطونا علمًا، وهو علم [تنظيم] القاعدة، وهو علم أسود، ورفعته أنا وفلان وفلان، ونحن كنا نرفع أعلام القاعدة في المظاهرات، وننادي بدولة إسلامية. وهذا كان هو الدور المطلوب، وهنا يجب أن ننتبه لأمر وهو: لماذا كانوا يأخذون هؤلاء الضباط من قاعدة حميميم وهم ليسوا من أهالي جبلة وليسوا من أهالي الساحل؟! فحتى لو أن أهل الساحل وأهل جبلة رأوهم فهم لا يعرفونهم، وأما لو أخذوا شخصًا من أهل المنطقة أو طلبوا من شخص من حي الدريبة أو من أبناء جبلة أن يقوم بهذا العمل فإنه سيُكشف أنه من أجهزة الأمن وأنها تمثيلية ومسرحية، وأما عندما يأتي هؤلاء الضباط، وهذا من حمص، وهذا من السلمية، وهذا من حلب، وهم من يقوم بهذا الدور فهم لا يعرفونهم. وأنا سألته: ألم يكن عليكم [حراسة] من أجهزة الأمن؟ فقال: لقد كنا محاطين بعناصر من أجهزة الأمن. كل الدائرة الضيقة التي حول العلم وهي مركز ونواة المظاهرة كان الأمن نفسه يحميها، وكانت الكاميرات تعمل، وقال لي: إن الغاية بكل بساطة هي إظهار إسلامية الثورة، وأن هؤلاء هم عناصر من [تنظيم] القاعدة. وقال لي: إنهم أخرجوا أشخاصًا من السجن محكومين بالإعدام ومنهم من ارتكبوا جرائم قتل، وقالوا لنا: إنهم موجودون معكم في المظاهرة. وهم كانوا يريدون الإيحاء بأن هذه المظاهرات يقوم بها السلفيون الجهاديون وأشخاص طائفيون وهم من المجرمين وقطاع الطرق، ولديهم مخالفات ومهربون، وهذا الكلام لأهالي جبلة واللاذقية؛ حتى لا تكون المظاهرات بشكل أعنف وأكثر.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/04/21
الموضوع الرئیس
التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسدكود الشهادة
SMI/OH/115-10/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
أنطاكيا
التصنيف
عسكري
المجال الزمني
2011
updatedAt
2024/08/14
المنطقة الجغرافية
محافظة اللاذقية-مدينة جبلةمحافظة اللاذقية-حي الدريبةمحافظة اللاذقية-مدينة اللاذقيةمحافظة اللاذقية-مطار حميميم العسكريشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
تنظيم القاعدة
الجيش العربي السوري - نظام
قاعدة حميميم العسكرية الروسية - مركز العمليات الروسية
رابطة العمل الشيوعي