حصلت مشاكل في بانياس مختلفة عن مجزرة بانياس، وقبلها حصلت مشاكل في بانياس، وحصل استخدام للسلاح، ونحن في المطار (مطار حميميم) عندما بدأت الثورة تمّ تشكيل فصيل طوارئ من الضباط، وفصيل الطوارئ  مكوّن من عدد كبير من الضباط  (حوالي 30 إلى 50 ضابطًا)، ويمكن أن يُطلبوا لأي حالة طارئة داخل القاعدة (قاعدة حميميم العسكرية)، فأصبحت أجهزة الأمن تستخدم فصيل الطوارئ حتى خارج القاعدة، وأذكر أنه كان عددًا من هؤلاء الضباط تمّ طلبهم كطوارئ مناوبين، وذهبوا إلى جبلة إلى فرع الأمن العسكري في جبلة، ثم وجّههم الفرع باتجاه المشاركة في اقتحامات وفي أعمال عسكرية، وتمّ استخدام السلاح فيها من قبل أجهزة الأمن، وليس من قبل الجيش، ولكن بوجود ضباط من الجيش مسلحين، ولكنهم قالوا بأن التعليمات كانت [بعدم استخدام السلاح] وذلك لسبب، وقالوها بكل وضوح: يوجد في الطرف الآخر أشخاص تابعون للأمن، وأنتم لا تعرفونهم. وحتى لا يحصل أي شيء ويحصل اشتباك ويُقتل عناصر من الأمن وهم مع الطرف الآخر فلا يجب عليكم المشاركة في العملية، ويجب عليكم فقط حمايتنا من الخلف ومنع دخول الأهالي والمساندات أو المؤازرات التي يمكن أن تأتيهم.

 والحقيقة أنه كان منهم - قالها لي بكل وضوح- قال لي: يا أبو عبادة كان هناك أشخاص يأخذون حبوب هلوسة، فسألته: ممن؟ فقال: من عناصر الأمن. وقال: [عندما يتعاطى الحبوب يصبح] مختلفًا عن الشخص المتزن الذي تعرفه، ويشارك في الاقتحام وهو مهلوس، ولا يرى أمامه إلا الدم، وبعدها أنا سألتهم: لماذا تحصل معكم هذه الحالة؟ فقالوا: هذا بسبب الحبوب التي نتعاطاها. وطبعًا النظام كان يقول: إن المتظاهرين يتعاطون الحبوب، ولكن النظام هو الذي وزّع هذه الحبوب. وبدأ يحاول أن تصل هذه الحبوب إلى الثوار والمتظاهرين، ونحن نعرف أن الناس ليسوا شريحة واحدة، وتوجد شرائح متفاوتة، ويوجد أشخاص يمكنهم تعاطيها لمجرد التجربة فيدمن عليها.

[هتاف المسيحية على بيروت والعلوية على التابوت] هذا الهتاف نادى به في جبلة ضباط من مطار حميميم بطلب من أجهزة أمن النظام، وهذه من الشعارات التي طُلبت، ومن الشعارات التي طُلبت ورُفعت شعارات [تنظيم] القاعدة والسلفية الجهادية وتحكيم شرع الله، وهذه الشعارات التي تدلّ على وجود إسلاميين متشددين أو متطرفين ضمن صفوف الثوار.

لأن هذا الهتاف هو تفرقة دينية وتفرقة طائفية، يعني هو ضد الدين المسيحي وضد الطائفة العلوية، وبالتالي هذا الهتاف كان مدروسًا جدًا، وأجهزة الأمن اشتغلت كثيرًا في المراحل الأولى من أجل تفرقة الثوار والمتظاهرين، ولكن اشتغلت في أماكن، ونجحت في أماكن، ولكن في أماكن كثيرة لم تنجح فيها، وكل هذه الأمور لم تستطع السيطرة عليها، وأنا أذكر أنهم في [حيّ] الخالدية [كانوا] لا يلتفتون إلى كل هذه الأمور، وعندما كان يخرج عبد الباسط الساروت، ويحرّك المتظاهرين بالآلاف لم يكن أحد يجرؤ على أن يكون لديه شبهة على أنه يتعامل مع النظام، وكان في سورية المئات من نقاط المظاهرات بهذه الطبيعة، وهم قد يسيطرون على خمسة أو ستة نقاط، وتكون مخترقة بشكل بسيط، ولكن الأمور أفلتت من يدهم بشكل كبير جدًا لدرجة أنه عندما أفلتت الأمور من يدهم، وأصبحوا غير قادرين على القيام بالكونترول (التحكم بهم) على المدنيين بشكل كبير جدًا دفعوا باتجاه تسليح الثورة السورية، وذلك كي ينهوا الحراك الثوري السلمي، وينتقلون إلى حرب الشوارع بكل معنى الكلمة، وهذا خطّط له النظام؛ لأنه سيجرّك إلى الساحة التي يكون فيها قويًا وأنت ضعيف، وسينهي التعاطف الشعبي لشريحة كبيرة معك إلا الشريحة المتضررة التي ترى القتل بعينها، وبالتالي ترى أنك تدافع عن المقتول أو تدافع عن نفسك أو تدافع عن عرضك، وهذه الشريحة كانت قليلة، والشريحة الأكبر هي التي كانت وراء شاشات التلفزيون، وتتعاطف معها في دول العالم، وأن هؤلاء سلميون والنظام يقابلهم بالقتل، ولكنهم كانوا يريدون جرّك إلى ساحة مختلفة تمامًا، وهذا كان له إرهاصات وسنتكلم كيف عمل النظام عليها بشكل محترف.