الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

طريق الخروج من سورية إلى الأردن

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00;09;02;09

في هذا الوضع، وكنا قد أصبحنا في بداية شهر (كانون الأول/ ديسمبر)، وابني وأنا ملاحقان، ونحن الاثنان نريد أن نخرج، وكلانا لا نملك جواز سفر، حتى أن ابني ليس معه هوية؛ وبالتالي طريق الخروج لا بد من أن يكون هناك جهة دولية تساهم به، وفعلًا ساهمت فرنسا في تسهيل خروجنا بمنحنا ورقة سفر باسم Laissez passer، وأنا استلمتهم لي ولابني في منزل رياض سيف من السفير الفرنسي إيريك [شوفالييه] شخصيًا، وزوجتي معها جواز سفر وسافرت مسبقًا قبلنا، وكان علينا (أنا وابني) أن نتوجّه إلى الحدود الأردنية، ومن هناك نعبر الحدود سيرًا على الأقدام. وفي درعا، لنا رفاق وأصدقاء لتسهيل المهمة، والمهمة لا يستطيع شخص غريب عن المنطقة أن يقوم بها دون أن تُقدم له المساعدة من شباب الثورة هناك ورفاقنا على صلة بهم، وذهبت أنا وابني على طريق درعا، ونزلنا على المفرق وباتصال مع أحد الشباب، جاء ثوار أخذونا من مفرق أوتوستراد درعا عند الحدود الأردنية، ودخلنا إلى المدينة إلى منزل في أحد أطراف المدينة، وفيه حديقة واسعة ومسوَّر، ودخلت عليه، ولأول مرة أرى السلاح في أيدي الثوار، وكان مكانًا فيه مسلحين وفيه على الأقل 20 أو30 شابًا من مختلف الأعمار، وتنظيمهم واضح، وكل شخص يعطي مهامًا للآخر، واستقبلونا بحفاوة كبيرة، ويعرفونني شخصيًا عن طريق الإعلام الذي كنت نشيطًا فيه، والبعض الآخر يعرفونني شخصيًا من خلال الزيارات لدرعا والعمل في إطار "إعلان دمشق" والتجمع الوطني الديمقراطي، وكان المطلوب فورًا هو الذهاب إلى الحدود الأردنية، وكانت المهمة لديهم عادية؛ لأنهم كانوا قد ساهموا في إخراج العديد من الشخصيات الوطنية السورية والعديد من المطلوبين للخروج خارج الحدود. هناك أكثر من معبر، وأجروا التواصلات حول المعبر المناسب، فكل معبر له توقيت مناسب وفقًا للوضع الأمني فيه، واختاروا أحد المعابر، ومشينا 10 كم، ويأتي اتصال بأن حالة المعبر غير جيدة، وعلينا أن نبدّل إلى معبر تل شهاب، وتوجّهنا إلى تل شهاب، كنا أنا وابني نركب السيارة في الخلف، ويوجد في الأمام سائق وبجانبه شخص مرافق من الثوار. 

ناقشتهم حين خرجنا في السيارة من قلب مدينة درعا، والنظام لازال موجودًا فيها وكذلك الجيش، فلفت نظري أنَّهم يتحركون (هم ملاحقون حتمًا ومعهم سلاح) في المدينة بحرية وفاعلية، وسألته: كيف تميزون؟ فقوات النظام مازال لها متاريسها ومكانها، وبعد لحظة يقول: التفت وراءك. والتفت ورائي، وإذا بساتر ترابي كبير وقوات النظام والعلم والعسكر، وهو يلتف حوله. فالمدينة تقاسمتها قوات النظام التي لها مواقعها الخاصة ولها حواجزها الخاصة والأستار لديها، والثورة أيضًا لها ممراتها الخاصة التي يعرفونها تمامًا، ومتساكنون بهذا الشكل والسلاح بجانب السلاح. خرجنا إلى خارج المدينة وكنا متجهين إلى الشمال الغربي باتجاه تل شهاب، وعلى الطريق يوجد موقع للنظام، وهو آخر موقع قبل الحدود (موقع متقدم)، وعلى الطريق تمامًا على بعد خمسة أمتار الخيمة موجودة، وهناك عسكري ويضع بندقيته على كتفه، ويفصفص (يأكل) "البزر". وقبل كيلو متر واحد تحدثوا بين بعضهم، قال له: الدورية موجودة وعلى الطريق، فتوقفوا لحظة، والبنادق تلقّمت وتحضّرت، وبندقية السائق في حضنه وكذلك الذي بجانبه والمسدس بيده، وأمسك المسدس وأعطاني إياه، وقال: يا أستاذ، إذا كنت تريد. فقلت: لا، لا أتقن استخدام السلاح. وقلت: هل هناك احتمال بأن نشتبك؟! قال: هناك احتمال. ولكن لا تاكل هم (لا تقلق)، إذا كانوا عشرة أشخاص لا تحمل همهم (لا تقلق) نحن نجد لهم حلًا. فالمشهد [بالنسبة لي] أنني أصبحت في واقع جديد، وأنَّنا لا بدّ أن نعبر ولا نستطيع العودة من أمام الدورية، وإمكانية استخدام السلاح واردة؛ لأنَّ السلاح ملقَّم. وبدأنا نقترب من العسكري، والمرافق الذي كان يجلس بجانبه قال للسائق: ارفع يدك أنت قبل عشرة أمتار فإذا ردّ التحية مشينا، وإذا أشار لك لإيقاف السيارة سأنهيه، وتكمل طريقك. فعرفت الوضع، فصارت السيارة تقترب من الجندي، وهو واقف بكل أمان، وأنا في قلبي أدعو له: أرجوك لا تشر لإيقاف السيارة؛ لأنَّ حياتك ستنتهي وربما حياتنا، وأنت ليس لك ذنب في الموضوع ولا تعرف القصة ولا نحن أيضًا وهؤلاء الشباب، ولكن ما يجري في البلد وضعنا أنا وأنت في هذا الشكل المتعادي ونحن لسنا أعداء، وأنا ليس لي مبرر أن تُضرب بوردة، وأنت ليس لديك أي ثأر عندي. فكان هناك شيء من الحزن والألم ليس فيه شيئًا شخصيًا، ولكن شيء له علاقة بالوضع العام، لأن هذه الصورة أصبحت موقع السوريين الذين اصطفوا في خنادق العداء وليس هناك شيء بين بعضهم. انقطع التنفس تمامًا، وعندما اقتربنا رفع السائق يده، فما كان من ذلك الجندي الرائع إلا أن رفع يده بالتحية، ومرّت السيارة بسلام.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/07/24

الموضوع الرئیس

النزوح من سورية

كود الشهادة

SMI/OH/56-41/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

12/2011

updatedAt

2024/11/15

المنطقة الجغرافية

محافظة درعا-تل شهابمحافظة درعا-مدينة درعا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

التجمع الوطني الديمقراطي

التجمع الوطني الديمقراطي

معلومات الشاهد

الموضوعات المرتبطة

الكلمات المفتاحية

الشهادات المرتبطة