ومن الخطوات التي قام بها (حافظ الأسد) هذا المجرم فتح البنوك أمام الطائفة النصيرية والسوريين بشكل عام، إلا أنَّه يدرك تمامًا أنَّ السوريين السنة لا يتعاملون مع البنوك لحرمتها، والشعب السوري معتدل وملتزم بدينه، ولا يمكن أن يتبع الحرام، ففتح البنوك أمامهم وبالتالي أصبحوا من أصحاب الأموال، وحتى ما يسمى "قروض البطالة" رجل ليس لديه عمل -جالس- ممكن أن يسحب من البنك ما يريد، ولو أراد أن يفتح أي مشروع له ذلك، وعند السداد حين لا يتوفر معه فهو معفًى من هذا الدين، وهذه النقطة حقيقة أيضًا لعبت دورًا كبيرًا جدًّا في التفاوت ما بين السنة الذين يزدادون فقرًا والنصيرية الذين يزدادون غنًى، وأيضًا فتح باب الوظائف أمام الطائفة كما [التطوع في] الجيش وقضية الوظائف فلا توجد وظيفة في مؤسسة كانت رسمية أو غير رسمية إلا وكان النصيرية لهم الأولوية، وإن لم تتوفر عندهم الإمكانات فضلًا عن الأجهزة الأمنية والمخابراتية التي كانت تمتلئ بهم، وما من بيت في جبال النصيريين إلا وكانوا موظفين في سلك سواء مدني أو عسكري أو أمني، والأمور مفتوحة لهم في الوقت الذي لا يمكن لنا كسنة أن نخدم بأي أمر من هذه الأمور.

 ومن الأمور التي خفيت عن الشعب السوري آنذاك هي سرقة النفط، ولم نكن على دراية أنَّ سورية لديها من الإمكانات النفطية والثروات الباطنية بهذا الشكل، ولديها كان الكثير حقيقة، وكان يذهب أكثر من 80% كما كنا نعلم إلى المجهود الحربي، وهي كانت للعسكرة وشراء الأسلحة من طائرات وغيرها، إلا أننا وجدنا [أن] تلك الأسلحة تُجهز لتُسلط على الشعب السوري، إضافة [إلى] ما كان يذهب إلى الجيش ومكتب الرئاسة في الجمهورية، ولا يمكن لأحد أن يتكلم بها أو يطلع عليها إلا ما سمعنا من الأموال التي تقدر بمليارات الدولارات في حساب بشار الأسد وحافظ الأسد وحساب رفعت الأسد، وهذا الأخير حين خرج أفرغ البنوك كلها والآن معروف كم يملك من الجزر في فرنسا والدول الأوروبية، وهذه كلها كانت من الثروات السورية التي تآمر هو وهذه العائلة الخبيثة على ثروات سورية.

 كثيرة هي الخطوات التي قام بها حافظ الأسد من أجل إخضاع سورية لهذه المرحلة حتى أوصلها إلى حكم العائلة الواحدة وتدرجت من حكم الحزب الواحد إلى القائد الأوحد إلى العائلة الواحدة مزرعة الأسد، والسوريون مع الأسف أضحوا عبيدًا عند هؤلاء المجرمين من خلال ما قام به من خطوات كانت صعبة للغاية، في الوقت [الذي] لا يعلم الشعب كيف يتحرك، وهذه الخطوات لم تكن في فترة بسيطة ولكن كان يعمل خلال 30 عامًا بحيث ينتقل السوري من عام 1970 إلى 2000 وقد تغير نظامه بشكل كامل.

 ومن الخطوات التي قام بها هي التطهير العرقي في سورية وما قام به من إعدام شباب الإخوان المسلمين عندما أصدر المرسوم 79 [الذي] يحكم بإعدام كل من ينتمي إلى تنظيم الإخوان المسلمين، وهذا القرار هو عبارة عن كلمات ولكن له معان كثيرة للغاية وحين قال كل من ينتمي؛ فإنَّه [قد] حكم على كل شعب سورية بالإعدام، وليس من ينتسب ويكتب طلبات أو يحضر اجتماعات أو يدفع رسومات، وإنما على كل من حضر درسًا وكل من دخل مسجدًا واستقبل أخًا كريمًا، أو قام بعمل فيه من التوعية الإسلامية، وبالتالي بهذا الأمر قضى على أجيال كاملة تُقدر بعشرات الآلاف من شباب سورية، ولن تأتي سورية بأمثالهم على مدار عقود، وذلك من خلال الاعتقالات المكثفة في عام 1980 إلى عام 1995 وإعدامهم على حبال المشانق في سجن تدمر، والناس لم تكن تشعر بهذا الأمر، وهذا لو دققت به لوجدته كان من الأسس والشروط التي مُكِّن ولا بدَّ له أن يقوم بها حتى يقوم بحكم سورية، وهذا كان اتفاقًا بينه وبين إسرائيل أنَّه لا بدَّ لك من القضاء على الجماعات الإسلامية من أجل هذا التمكين، وهذا أعتقد [أنه] مصنف في الوثائق الموجودة، وأيضًا قضية التعليم والتهميش وتجهيل هذا الشعب.

 وسألت عبد الحليم خدام قبل أن يموت قرأت له في مذكراته أنَّ حافظ الأسد قال له بالحرف الواحد: الجيش والتعليم بيدي واليد التي ستمتد إليهما سأقطعها، لأنَّ الجيش حقيقة هو القوة المادية، والتعليم هو القوة العلمية، وبالتالي لا بد من أن يتمكن من هاتين الحقيبتين حتى يصنع الجيش على يديه ويسير في البلد كما يريد، ويقوي من أبناء طائفته وينهي الأكثرية السنية حتى يستطيع أن يسير في البلد كما نراه اليوم، وما نحصد من نتائجه في هذه الأيام.