الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

آليات تنفيذ "حفَلات الإعدام" في سجن تدمر

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:10:39:06

بعد أن شاهدنا وأيقنا وسمعنا بالتكبيرات لهؤلاء الشباب، أيقنا أننا أمام مرحلة خطرة الآن على الرغم من الآلام والحزن الذي جثم على صدورنا وجثا في قلوبنا وعلى شبابنا الذين افتقدناهم، ولاحظنا أنَّ تلك الحفلات سميناها في مصطلحات السجن حفلات الإعدام، وهي كانت تحصل بأعداد كبيرة وكأنها حفلة، فكنا نسميها حفلات الإعدام، ولم نكن ندرك تمامًا كيفية ترتيب هذه الحفلات، وكيف تتم على أي أساس وأية معايير؟ ولم نكن ندرك ذلك الأمر، ولكن مع الأيام اطلعنا على هذا الأمر ووجدنا وكأنَّها كانت تنفيذًا للقانون 49، ولكنها كانت أيضًا تبعًا للأحداث الخارجية، وحين حصلت أحداث حماة في الـ 82 كان لدينا كل أسبوع تقريبًا 3 مرات إعدامات، سبت واثنين وأربعاء أو خميس أو أحيانًا مرتين في الأسبوع أحد وأربعاء أو اثنين وخميس، أو أحيانًا حين تخف لدينا مرة في الأسبوع إما سبت أو ثلاثاء.

 إذًا كانت تتباين "حفلات الإعدام" يبدو تبعًا للأحداث الخارجية، لكنها في السنوات الأولى من الـ 80 حتى الـ 83 أو نهاية الـ 82  كانت بشكل كبير جدًّا، فكانت كثيرة وكانت أعدادها كبيرة للغاية، وكانت تبدأ تقريبًا من 50 شخصًا إلى 200 أو 300 شخص، ومازلت أذكر في عام 84 أعتقد حين مرض الهالك حافظ الأسد ونُقِل إلى المشفى، أيضًا قام رفعت الأسد بإعدام 390 أخًا في يوم واحد على ما أظن، وتم يومها تفريغ مهجع 32 الكبير والورشة، لأنَّ الورشة لا يمكن أن تتسع لكل تلك الأعداد، وتم إفراغ مهجعين وأظن وقتها 390 أخًا استُشهدوا.

 وفي نفس العام في 1984 كان هناك أحداث على مستوى سورية، وكان هناك اضطراب بين رفعت الاسد وحافظ الأسد، وتم تصفية دفعة ثانية 290 أو 190 أخًا، وهذه كانت دفعات كبيرة، أما الدفعات العادية كانت من 50 إلى 150 أخًا في الحفلة الواحدة، وفي عملية حسابية بسيطة إذا وضعت أنَّ كل أسبوع على الأقل كان لديك 200 شخص هؤلاء إلى الإعدام، وهذا كمعدل عادي، وكان يزيد أكثر بكثير أيام أحداث حماة، وفي الشهر لديك 800 أخ، وفي السنة اضرب (ذلك العدد) بـ 12.

 وبدأت تلك الأمور كلها تقريبًا إلى حد الـ1984 كانت مكثفة، وفي 1985 و1986 تقريبًا كل 15 يومًا حفلة إعدام أو كل شهر حفلة إعدام، وبعدها في الـ1987 أو 1988 يعني بقيت هذه الحفلات حتى عام 1990، وهنا كانوا تقريبًا كل من أرادوا أن يعدموه تم إعدامه بالكامل حسب المخطط الذين كانوا هم مخططين له، وبالنسبة لقانون 49 -كما قلنا- هو يحكم بالإعدام  كل من ينتمي لتنظيم الإخوان المسلمين، وبالتالي كل من حُوكم قبل تعديل القرار من الـ 80 إلى 83 كل من حُوكِم في تلك الفترة تقريبًا طاله الإعدام؛ أغلبهم طالهم الإعدام، وقضية الانتساب غير الانتماء فالانتساب قد يكون يكلف في مهام ولديه تنظيم واشتراكات، بينما الانتماء [قد حُكم به] كثير من شباب السجن فبعضهم حضر حلقة قرآن أو حضر مجلس علم وبعضهم استضاف رجلًا كان مطلوبًا دون أن يدري، وبالتالي كل هؤلاء يُسمون منتمون، وكل من يدخل إلى صلاة الفجر أو العصر أو يرتاد بعض المنتديات الفكرية هذا اسمه انتماء، وبالتالي لو حُوكِمَ آنذاك كان يمكن أن يطاله حكم الإعدام، وكل تلك الأمور لم نكن ندري بها.

علمًا أنَّ المحاكمات كانت كثيرة للغاية، وسأتكلم عنها -بإذن الله- من أجل أن يتابعوا قضية تصفية هؤلاء الشباب في أقصر فترة ممكنة، ولذلك في زمن الثمانينات وخاصة أحداث حماة كان ينالنا الكثير الكثير من حفلات الإعدام، وكنا نفقد هؤلاء الشباب، وحين كنا نفقد هؤلاء الشباب أقصد المهندسين والأطباء والأساتذة المعلمين المربين كانوا كلهم حقيقة في هذا الشكل، وممكن [أنه] كان لدينا بعض الشباب الذين كانوا هم صغار السن وكانوا يُسمون الأحداث، وكنت أنا أحدهم، وكان عمرنا 17 سنة، وبالتالي تحت السن القانوني، فكانوا يسموننا الأحداث علمًا أنَّ من هؤلاء الأحداث حقيقة من تم إعدامه عندما أُدخِل إلى القاضي المجرم سليمان الخطيب رئيس المحكمة الميدانية آنذاك، فكان يكبر مواليده، وإذا كانت مواليدنا في تلك الأيام 1963 يعني عمرك 17 سنة، فكان يجعله 62 أو 61 وبالتالي يحكمه بالإعدام ويعدمه، ولم ينج من هذا الأمر إلا القليل ولحالات خاصة، وبالتالي تم إعدام -أعتقد حسب ما أحصيناه بشكل تقريبي- ليس أقل من 25 ألف أخ إلى 35 ألف أخ، والعدد حقيقة كبير للغاية من النخب السورية، وهذا إن دلَّ على شيء لا يدل على الحقد السياسي بل على الحقد الطائفي وتصفية النخب السورية، حتى لا يبقى أي جيل والقضاء على جيل النخب.

وأقول الحقيقة وبكل صراحة فما فقدته سورية من نخبها وأبنائها المثقفين ومن قاماتها الفكرية أعتقد أنَّه لا يمكن تعويضه على مدى عقود، ويحتاج لعقود، لذلك علمًا أنَّ الشعب السوري هو أهل علمٍ ونباهة وكرامة وأدب وأخلاق، ولكن حين سُلِّط عليه هذا النظام المجرم كان حقيقة إصداره لهذا القرار هو تصفية الشاب المسلم صاحب الفكر الذي يمكن أن يعيد لتلك الأمة عزتها وكرامتها، وأقول بالنسبة للإعدامات كانت من أصعب المحطات النفسية التي كانت تمر بنا حين كنا نخرج إلى التنفس، كانت محطات فيها من الآلام الجسدية، أمَّا الإعدام كان من المحطات النفسية التي تؤلمنا بشكل كبير جدًّا وخاصة عندما تودع [أحدًا] من الشباب، ولم يكن يمر أسبوع إلا ونودع 1 و2 و3 و5 و10، وأحيانًا من الشباب.

 وسأتكلم عن حادثة أو عن حوادث حصلت أمامي وعشتها حياة لهؤلاء الشباب الذين خرجوا إلى أعواد المشانق أمامنا، وبعد دقائق بسيطة نسمع تكبيراتهم، ونحن نعتصر ألمًا لما نعيشه من حياة قاسية للغاية، علمًا أنه حين تنفذ تلك الحملات كنا نُحصر في زاوية من الزوايا أو يبطحوننا (يجعلوننا نستلقي) في المهجع أو تُشدَّد علينا المراقبة حتى لا نستطيع أن نكشف ما يفعلون، إلا أنَّ الله أبى إلَّا أن يكشف جرائمهم على أيدينا وعلى أعيننا، لنكون شهودًا على هؤلاء وعلى إجرامهم.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/12/28

الموضوع الرئیس

الاعتقال قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/159-25/

أجرى المقابلة

خليل الدالاتي

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/08/09

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-سجن تدمر

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

سجن تدمر

سجن تدمر

الشهادات المرتبطة