الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

محاولات شبيحة النظام كسر العصيان في حي الصليبة باللاذقية

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:14:30:16

أول مرة يُستخدم فيها شعار: "الشعب يريد.. إسقاط النظام". حيث بدأ بعد ساعة ونصف تقريبًا من انطلاق المظاهرة الأولى بعد أن سقط أول شهيد، وهنا في شارع القوتلي في محافظة اللاذقية كانت هناك أول صيحة: "الشعب يريد.. إسقاط النظام". وفي اليوم الثاني وأثناء عملية التشييع، بطبيعة الحال تصدر هذا الشعار المشهد بشكل كامل، وكنا نردد عدة شعارات، ولكن كان عندنا إصرار على أن الشعب يريد إسقاط النظام، وهذا كان الشعار الغالب، مع أول قطرة دم، كان واضحًا أن الناس ينتظرون هذه اللحظة، وكلنا ننتظرها؛ لأن تجربتنا مع النظام لم تكن تجربة مشجعة سابقًا قبل انطلاقة الثورة السورية، كان عندنا على وجه الخصوص في محافظة اللاذقية، وهذه العلاقة مع السلطة كانت علاقة دائمًا مرتبكة وغير جيدة؛ وبالتالي القلب كان ممتلئًا، وجاءت الفرصة. 

في اليوم الثاني وأثناء عملية التشييع، كانت هناك محاولة جادة من قبل المؤسسة الدينية للدخول على الخط (للتدخل)، وذكرنا أنهم كانوا منقسمين بين بعضهم: قسم يريد الانحياز للثورة بشكل مطلق وواضح وجريء، وقسم ثاني كان يحاول أن يقدم خدمات للسلطة من خلال وجوده ومركزه المشيخي ومن خلال الموانة (التأثير على) على هؤلاء الناس.

 كان من الملفت للنظر أيضًا أنه كان هناك وعي كبير جدًا من الشباب في الشارع، وكان هناك استعداد نفسي لعدم إعطاء هذه الفرصة لأي رجل دين ولأي شيخ يحاول أن يستخدم جموع المتظاهرين؛ حتى يحقق مكاسب شخصية لدى السلطة. وبالتالي كل المقترحات التي كانت تُقدم من قبل هؤلاء المشايخ في محاولة لوأد هذا الحراك، ومحاولة تطويق هذا الحراك واحتوائه كانت كلها لا تجد قبولًا لدى الشارع.

فعلًا، حضر في ذلك الوقت وألقى كلمة بعد صلاة العصر الشيخ فهد الراعي- رحمه الله- ولم تكن مشجعة إطلاقًا، وكان واضحًا تمامًا أن فيها محاولة للاحتواء، ونحن لاندخل في النوايا، ولكننا نتعاطى مع المشهد كما حصل، ولم يكن إيجابيًا إطلاقًا، وكان يريد احتواء هؤلاء الناس، وكان دائمًا ينتقي مصطلحات حمالة لأوجه، والجميل أن الناس كانوا منتبهين إلى هذه المصطلحات، وكانت جاهزة، وإذا صدر مصطلح حمال أوجه فإن الناس مستعدون للتعبير عن غضبهم بشكل مباشر؛ لأن الناس كانوا واعين، والمحاولة من خلال المؤسسة الدينية أو من خلال هذا الخطاب الديني والشرعي ومحاولة تطويقي واحتوائي هذا الشيء غير ممكن إطلاقًا؛ وبالتالي كل محاولات المشايخ لاحتواء المشهد باءت بالفشل، وعلى العكس تمامًا كان هذا يسبب رد فعل عكسي، وكانت هناك حالة من الغضب، وبالتالي هذا دفع بعض المشايخ لإعلان مواقف واضحة وانحياز لشباب الثورة.

أريد التأكيد على أن الأسبوع الأول كان أسبوعًا حافلًا وساخنًا جدًا لخصوصية مدينة اللاذقية، وبالمقابل أيضًا النظام تعاطى (تعامل)، ولم يتراخ مع المشهد في محافظة اللاذقية، فلم يترك الأمور تفلت من بين يديه، وعلى العكس تمامًا، إذا عدنا الآن إلى أول فيديو وتصريح رسمي خرج من النظام على لسان بثينة شعبان، حيث كان في 25 آذار/مارس، وكانت هناك رواية جاهزة قد أعدها النظام لتصوير المشهد في محافظة اللاذقية، وبالتالي من أول يوم فإن بثينة شعبان كانت تقول: مندسين ومجموعات فلسطينية وهي التي تحرك الشارع، وتحرض.

وطبعًا هذا مناف للواقع تمامًا فأولًا- المظاهرات عندما انطلقت فإن الأماكن التي انطلقت منها المظاهرات وأماكن التجمعات كلها مناطق لا يتواجد فيها الإخوة الفلسطينيون؛ لذلك فيما بعد نشعر بأن النظام كان من جملة الخطوات التي قام بها هو محاولة نقل هذا الحراك من مناطقنا من مشروع الصليبة والقوتلي وأوغاريت، يعني يريد أن ينقلها من مركز المدينة باتجاه الأحياء الشعبية المتداخلة بشكل أو بآخر مع مخيم الفلسطينيين (الرمل الجنوبي).

 حاولنا في اليوم الثاني الإعلان عن موقف وإغلاق مناطقنا بشكل كامل بأنفسنا؛ لأنه أصبح هناك دم، وبالتالي التهديدات التي تأتينا أيضًا من المناطق الموالية لنظام بشار الأسد (المناطق العلوية بكل أسف) كان فيها خطاب تحريضي وطائفي وحاقد تجاه أهل السنة والجماعة في محافظة اللاذقية، وكان هناك إصرار على تصوير هذا المشهد في اللاذقية على أنه صراع ما بين السنة والعلوية، وبالتالي نحن اتخذنا قرارًا بإغلاق مناطقنا من أجل حماية أنفسنا، ولا يوجد عندنا سلاح، وبالتالي نحن عرضة لأي هجمات. وفعلًا في اليوم الأول، كان هناك قطعان من الشبيحة تحاول الوصول إلينا، وهم لديهم إمكانيات ولديهم سلاح، وظهر بشكل مباشر السلاح من الطرف الآخر، فأنت تجد أشخاصًا مدنيين علويين يحملون السلاح وقادمين باتجاهك، وبالتالي يجب أن تتخذ هذه الخطوة الجريئة، وتقول: سوف أغلق مناطقي. وفعلاً، قطّعنا الطرقات بالحاويات وبعض الإطارات بشكل بدائي، حتى نمنع وصول سيارات الأمن لمحاولة الاعتقال، وبعد أن أغلقنا مناطقنا بشكل كامل، حاول النظام اختراقنا من عدة جهات، واستمر في محاولات دفع المؤسسة الدينية للضغط علينا، وهذا كان اختراقًا، ويحاول النجاح فيه، ومحاولة الاختراق الثانية هي بعض رجال الأعمال المحسوبين عليه الذين فتحوا قنوات الاتصال معنا لتهدئة الأوضاع، و[كانوا يقولون]: ما هو المطلوب حتى نساعدكم؟ ومن خلال بعض الشخصيات ورجال السلطة الذين كانوا جديدين على المنطقة، وكان منهم المحافظ الدكتور رياض حجاب.

أعتقد أنه كان واضحًا للنظام أن المشايخ سيفشلون في هذه المهمة؛ لأنه لم يكن يلمس صدى حقيقيًا من الشارع، وعلى العكس تمامًا ومن خلال الفيديوهات، كنا في كل لقاء (اجتماع)...، وكانت الاجتماعات كلها علنية في أول اعتصام، ونحن في اليوم الثاني اعتصمنا في الطرقات، ولم نتركها، وجمعنا الناس، وأخذنا من ساحة الصليبة مكانًا للاعتصام.

من خلال مشاهداتي المباشرة للمنطقة التي كنت موجودًا فيها لم تكن هناك أي قطعة سلاح، وبكل تأكيد في الأسبوع الأول، لم أشاهد أي قطعة سلاح أبدًا في منطقة الصليبة ومشروع الصليبة وشارع القوتلي الذي أصبح مركز الحدث، وعلى العكس تمامًا فإنني الآن عندما أستذكر تلك اللحظات التي كان من يحمل فيها سلاحًا كان يحمل عصا، ويقول: يجب عليّ الدفاع عن أهلي ومنطقتي في حال حاول العلوية الاقتحام باتجاه مناطقنا. ولم يكن هناك أكثر من عصا في حدود مشاهداتي، وكنا مصرين، وكنا نغلب الخطاب الوطني، ونغلب الشيء السلمي؛ لأننا كنا معجبين بالتجربة المصرية، وكنا معجبين بالتجربة التونسية، وهذا لا ننكره، وكان عندنا إعجاب بهذه التجارب، فهل يمكنك إجراء التغيير من خلال تمسكك بالسلمية؟ وشعرنا في لحظة من اللحظات بأنه ممكن، ويوجد الكثير من أصدقائي الذين لا يزالون على قيد الحياة حتى الآن يذكرونني ببعض الشعارات التي قلتها في أول يوم عندما كنت أقول لهم: الرئيس التونسي بعد 8 أيام ذهب، والمصري بعد 18 يومًا ذهب، ونحن إن شاء الله لن يستمر الأمر عندنا أكثر من 10 أيام، والآن هم يضحكون، وكنت أعتقد فعلًا أنه لن يبقى طويلًا، وإذا سألتني: كيف بنيت هذا التحليل؟ أنا مدرك صلابة النظام كنظام، ولكنني لم أكن مدركًا أن بشار الأسد مجرم وتافه إلى هذا المستوى، وهذا الرجل لا يوجد عنده حياء، فحتى في خطابه الأول وصحيح أنه خدمنا من زاوية أنه شكل صدمة مرعبة للناس، ولكنه منفصل عن الواقع بشكل كامل، وهذا بخلاف ما صور نفسه عليه في الفترة السابقة، ومنذ أن استلم الحكم حتى انطلاقة الثورة السورية، صور نفسه عبر الإعلام ومن خلال لقاءاته مع الشارع السوري على أنه رجل حضاري ومثقف ولطيف بخلاف شخصية والده، وكان يحاول تصوير نفسه بهذه الطريقة، لم أكن أتوقع أنه من الممكن أن يصر على مواجهة إرادة الشارع السوري مع أنني كنت مدرك بأن هناك كتلة من النظام سترفض، ولكننا نستطيع التغلب عليها، ولكن فيما بعد كان واضحًا لي أن هذا التصور خاطئ.

عندما أغلقنا مناطقنا بشكل كامل كانت هناك عدة محاولات لاقتحام مناطقنا وفتحها بالقوة، ويشارك في هذه المحاولات الأمن مع قطعان الشبيحة، و أقصد بقطعان الشبيحة أنه كان من الواضح لنا أيضًا أنه عندما انطلقت الثورة في محافظة اللاذقية أن النظام كان جاهزًا والموالون للنظام كانوا جاهزين، فقد وضعوا سيناريو للتعامل مع هذا المشهد من خلال التجهيزات العسكرية واللوجستية و التواصل فيما بينهم؛ وبالتالي هم كانوا يواجهوننا فكما أن لديك مظاهرة حاشدة بالآلاف هنا فهم بالمقابل كانوا يحتشدون لمواجهتك أيضًا بالآلاف، وبالتالي هذا لم يحصل بالصدفة، فهذه التجهيزات لم تكن عفوية، وعلى العكس تمامًا، كانت جاهزة، وبالتالي ربما أخذوا على عاتقهم أنهم كما يعتبرون أنفسهم أبناء منطقة الساحل لأنهم حتى الآن يعتبرون أن الساحل ملكهم، وبالتالي أخذوا على عاتقهم أنه يجب عليهم وأد الثورة في محافظة اللاذقية منذ انطلاقتها، ويجب أن يتم إخمادها بشكل كامل، وهذا كان واضحًا. 

وكانت هناك عدة محاولات للدخول إلى مناطقنا وفتح الطرقات بالقوة، وتمت مواجهتها بالحجارة، ونحن لم يكن عندنا سوى الحجارة حتى نواجه بها، فنقطع الطرقات من خلال الإطارات وإشعال الإطارات، ونحاول بالحجارة، وهذا كل ما نستطيع فعله، وهكذا كان المشهد في الأسبوع الأول، والمتظاهر لا يمتلك إلا الحجارة للدفاع فيها عن نفسه في حال حاول الشبيحة الاقتحام، بمعنى أن قوات حفظ النظام المجهزة بكل اللباس الميداني كانت في المواجهة في البداية، ثم عندما تنهار صفوفنا الدفاعية، و أقصد هنا مجموعة من الشباب يحملون الحجارة والعصي وليس أكثر من ذلك؛ وبالتالي عندما تنهار الصفوف الدفاعية كانت قوات النظام تبتعد، وتبدأ قطعان الشبيحة بالتغول باتجاه مناطقنا، والمشهد كان بهذا الشكل، ولكن كل هذه المحاولات فشلت، وهي فشلت لأنه كان هناك خوف من قبل الجميع تجاهنا، وكان عناصر الأمن خائفين، وهذا بإمكانه أن يعيدنا قليلًا بالتاريخ إلى الوراء، فالطائفية التي عمل نظام حافظ الأسد على تعزيزها هي من جانب دمرت المجتمع، ولكن من جانب آخر وطوال السنين السابقة ما يزال العلويون ينظرون لأنفسهم على أنهم أقلية وشعور الأقلية هو شعور يعطي دائمًا ديمومة الخوف والتخوف من الأكثرية؛ وبالتالي بمجرد أن نصرخ: "الله أكبر" في المظاهرة كان الطرف الآخر ينهار ويهرب. وسوف أتحدث لاحقًا عندما بدأنا بالتكبير ليلًا، والحقيقة أنه كان هناك انهيار كامل من الطرف الثاني، وذلك الطرف بشكل أو بآخر، كان النظام يعمل على أن تكون غالبيته لا ديني، وبالتالي كانوا يشعرون بالرهبة والخوف الشديد من كل تحرك وتصرف كنا نقوم به، وصحيح أنهم يحملون السلاح ومعهم الآليات والجرافات وسيارات الإطفاء وكل الإمكانيات اللوجستية والتي -منطقيًا- تتيح لهم وتساعدهم على الدخول والسيطرة على كل مناطقنا، ولكنهم كانوا دائما يشعرون بالخوف، وبالتالي لم يستطيعوا في الأسبوع الأول الدخول إطلاقًا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/12/25

الموضوع الرئیس

الحراك السلمياعتصام ساحة الصليبة في اللاذقية

كود الشهادة

SMI/OH/61-12/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

آذار 2011

updatedAt

2024/08/14

المنطقة الجغرافية

محافظة اللاذقية-الصليبة

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة