الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تفاصيل الزيارة إلى سورية في عهد حافظ الأسد

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:26:33:08

كنا بندوة ومعنا معن بشور وكان صديقاً للخدام (عبد الحليم خدام) وهو لبناني سوري وكانت له علاقات مع النظام ومازالت له علاقات مع النظام، ولم نكن مفصولين مثلما نحن اليوم مفصولون في الثورة وقلت له: يا معن السفير السوري دعاني وأنا متوجس وهل هو يريد أن يسممني فأنت ماذا تتصور أنه يريد. وقال: لا، لا يوجد شيء. وقلت له: أنا ذاهب إلى السفير إذا لم أعد فأكون قد رحلت، ولا أحد يعلم ماذا سيحدث، وكان من كلامه واضحاً أنَّهم يريدون شيئاً، وكان الوضع في سورية.. كان حافظ [الأسد] في حالة مرض ويريد أن يصالح قليلاً ويغير الجو في البلد وبعد ذلك تبين ذلك ورياض [نعسان] آغا كان لديه أفكار أخرى، وذهبت إلى العشاء بعد أن أخبرت الناس الذين كانوا في الندوة وقلت: أنا ذاهب إلى رياض غداً، وأخذت احتياطاتي.

عندما ذهبت رأيته وقد جهز سفرة (مائدة طعام) وجاء هو والسكرتير وقد جهز طاولة سفرة كبيرة وفيها أكل عربي وسوري وأنا كنت قد اتخذت قراراً أنَّني سأراه، ولكن لن آكل، فقال لي: تفضل، وقلت له: شكراً، ولكنني لست جائعاً وأكلت قليلاً وهو لفت نظره أنَّني لم آكل شيئاً، وجلس يكلمني ومثل أي شخص في هذا الموقف أنَّني شخص مهم وسورية هي بلدي وكل الناس يرحبون بي وإلى آخره من هذا الكلام كان يتكلَّم معي بتلك الطريقة، وقال لي: أنا اقترحت على الرئيس أن أجهز لمؤتمر للمثقفين والمفكرين السوريين في دمشق. وقلت: هذا شيء عظيم إن استطعت. وقال: إنَّ الرئيس ليس ضدك والكلام كله ترحيب وليس عدوان. وقلت له: إذا حصلت فرصة نرى بعد ذلك وهو لم يدعوني، ولكنه أفهمني أنَّهم مهتمون بأن يعيدوا المفكرين، وأنا فسرتها فيما بعد أنَّ النظام في حال معين والرئيس كان مريضاً وعاش عدة سنوات، ولكن الجو متهافت في البلد لا يوجد حاكم عملياً.

 وبعد عدة أشهر تم الاتصال بي عبر الهاتف [وأخبروني] أنَّ أبي مريض كثيراً فقلت أنا لأستفيد من الجو وأرى والدي قبل موته وهذا في الـ 96 فكان لدي صديق من جماعة صلاح جديد معارض أو كان معارضاً وبعد ذلك في الثورة وقف مع النظام وهو علوي ولم أكن أميِّز في تلك الفترة، وتكلمت معه: والدي ممكن أن يموت قريباً فأريد أن أقوم بزيارة ولو خمسة أيام لو ترى لي. وهو كان يقول لي عندنا عائلة كبيرة وعندنا ناس. وقال لي: الناس مرحبون وأنت سترى ذلك وبعد أسبوع تتصل بي السكرتيرة للسفارة وتقول لي: الملحق العسكري يريد أن يتصل بك وأين تحب في مكتبه أم في بيتك أن تشرب قهوة؟ فقلت لها: لماذا في بيتي؟ فقلت لها: أنا أذهب له إلى المكتب وهي غير فاهمة ماذا يعني. 

النظام كله عسكري فهو يكون مخابرات وهذا على صلة قرابة لسليمان الذي هو صديقي فأنا بالنسبة لي علاقات جانبية أو هو الذي تكلَّم معه، وذهبت وجلس ورأيته لوحدي، وفي تلك الفترة الشخص لم يكن يخاف لأنَّني أصبحت معروفاً وأستاذ في الجامعة، ورحَّب بي مثل السفير و[كان يقول] أنَّك ابننا وابن البلد والناس يحترمونك وقال لي محاضرة في الديمقراطية وأنَّها بضاعة أمريكا وكان يقنعني وأنا لا أريد أن أدخل في مناقشة، وقلت له: هذه أفكارك يمكن، ولكن لكل شخص قناعاته. وقلت له: هناك إمكانية للدخول [إلى سورية]؟ وقال: هذه بلدك. وكنت أقول له: أنا أعلم كل شخص يعود إلى البلد يقدم تقريراً ماذا فعل في الخارج وهكذا كان الوضع في تلك الفترة وقلت له: إذا كان هناك تقديم تقرير فلن أذهب وأنا ذاهب إلى والدي لأنَّه من الممكن أن يموت. وقال لي: هذا الأمر لا مهرب منه أبداً، لأنَّه حتى الوزير ورئيس الوزراء إذا خرج سيقدم تقريراً. وقلت له: اعتبر أنَّني لم أطلب شيئاً. وتركته وذهبت وبعد أسبوع تتصل بي نفس السكرتيرة وهو يتكلَّم معي وقال لي: أنا سأرى الموضوع أنَّه إذا تكتب أو لا وقلت له: أنا ليس لدي شيء يضطرني أن أذهب وهناك حاجة عائلية وشخصية وإذا كانت الأمور غير ناضجة وتريدون تقريراً فالأمور غير ناضجة، وبعد أسبوع يقول لي: اتركها لي. وبعد أن قال: لا يجوز. وحتى رئيس وزارة سيفعل نفس الأمر وتتصل السكرتيرة تقول لي: سيراك الملحق. وذهبت وقال لي محاضرة عن قصة الديمقراطية وأنا كنت أجعلهم يتعصَّبون من محاضراتي عن الديمقراطية وهي تضرب على عصبهم فيتكلمون بها وكنت أقول له: هذه وجهة نظرك وهذا ليس موضوع نقاش وماذا حصل في الموضوع فقال لي: أنا عرفت أنَّ لك صديقاً هو مستلم كل المخابرات. فقلت: كيف صديقي في المخابرات؟ فقال لي: ألا تعرفه لحسن؟ وكان هو قد تعين نائباً لعلي دوبا وبعد ذلك أخذ مكان علي دوبا وقلت له: فعلاً أعرف حسن. وهل أصبح مسؤول نائب المخابرات العامة؟ قال لي: نعم، وأنا تكلَّمت معه وهو يحبك كثيراً ولا يوجد أي مشكلة. وقلت له: كيف لا يوجد مشاكل وهذا الرجل كان يقتل بيده. فقلت له: أنا فعلاً أعرفه وهو يتردد إليَّ ومن الأصدقاء كان يأتي إلى دمشق وينام عندي حين يذهب إلى الجيش وأعطيته أغلب الكتب من مكتبتي وكان يتردَّد علي كثيراً وهو يعتبر نفسه سيعمل النسخة الثانية من كتاب الغريب لألبير كامو. وقلت له: فعلاً أنا أعرفه، ولكن القصة لها أكثر من 26 سنة لا أعلم كيف صار. وقلت له: إذا دخلت وطلبوا مني أنهم سيحققون معي مع التقرير من الذي سيدافع عني وقال لي: أنا أضمن لك ألا أحد يتكلم معك فقلت: من يضمن لي وأنا في المطار؟ وقال لي: أهم شخص في المخابرات هو صديقك. فقلت: أعطني رقمك إذا حدث شيء أخبرك. ورأيته قام باتصال من السفارة إلى حسن وتكلم معه وحكى معي وكان يتكلم معي بترحيب وتسهيل وقال: الآن ضمنت ألا تحصل مشكلة. وأنا أعرف أنَّه من القتلة، ولكن كنت أعرفه تماماً وأخذ من عندي كتب كثيراً.

فدخلت إلى المطار بعد 26 سنة ودخلت بصفتي سورياً ولم يعطوني جواز سفر سوري حيث كان يجب أن يخرج من سورية وأنا طلبت زيارة وذهبت عبر جواز السفر الفرنسي وكنت أريد أن أرى والدي [الذي كان] مريضاً كثيراً قبل أن يتوفى ونزلت في المطار ولم أكن مرتاحاً وحين نزلت المطار رأيت شخصاً طويلاً ومدنياً وقال لي: أنت الدكتور برهان غليون؟ قلت: نعم. قال: ممكن جوازك. فقلت: من أرسلك؟ فقال: أرسلني صديق. ولا يريد ذكر اسمه وأعطيته جوازي وأنا إذا ذهب جوازي لا أعلم ماذا أعمل، وأخذ الجواز ومررني بسرعة وقال لي: هناك سيارة تنتظرك. وأنا هنا قلت له: إخوتي ينتظروني على باب المطار لست بحاجة أن آخذ سيارة وشكراً كثيراً، وفعلاً دخلت ورأيت إخوتي، وبعد غياب كبير عن سورية رأيتها صغيرة مثل شخص عائد إلى قرية، وذهبت إلى حمص وعدت إلى الحي الذي وُلِدت به وهو حي شعبي وكان أهلي منتقلون لمكان آخر، ولكن البيت القديم زرته وزرت الحارات القديمة وشعرت أنها صغيرة وأنت قادم من باريس تشعر بفرق كبير. 

كنت أعيد اكتشاف المجتمع السوري وليس المجتمع الذي أعرفه، ولكن أكتشفه من أول وجديد والناس لم أعد أعرفهم أليفين جداً وإنَّما لا أعرفهم وهم أليفون ويعرفونني، ولكن أنا لا أعرفهم كثيراً ومن الأمور التي حصلت يومها بعد عدة أيام أتى شخص، وكان هناك في حمص جمعية للخريجين ويقومون بندوات وهو مسؤول والمكتب كله من الحزب و[قال]: هناك شباب يحبونك ولا يعرفونك شكلاً ونريد أن نعمل ندوة في جمعية الخريجين، وكان إحساسي العميق إعادة الاكتشاف وليس شيئاً ثانياً وكان في تلك الفترة فترة جمود لا يوجد معارضة ولا ثورة والبلد تموت وتحتضر مثل رئيسها، ولكن لم يكن هناك موت ولكن كان ركود في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، فقلت له: أنا لن أشترك في ندوات ولن أقوم بندوة أبداً ولكن إذا كان هناك 10 أو 15 شخصاً يحبون أن نشرب قهوة مع بعضنا أنا مستعد أن أشرب قهوة وأنا آخذ احتياطي أنني سأرجع وقلت: نشرب كأس شاي في الجمعية ونتكلم مع الناس وكان لدي رغبة في الدردشة واكتشافهم.

ذهبت الساعة السابعة وأخذني نجاتي طيارة وكان من أصدقائي وموجوداً في حمص ويعرفهم وصديقه الثاني في قلب هذا التجمع ونجاتي طوال عمره في المعارضة، وذهبنا ودخلنا فإذا 40 شخصاً هناك وأتى الذي دعاني فقلت: ما هذا؟ ونحن لم نتكلم هكذا وقال: أقسم بالله لم أقل لأحد والناس الذين قلت لهم قالوا وأتى الناس ماذا أفعل؟ وقلت: نحن لا نستطيع أن نشرب فنجان قهوة وهم سيحملوك ثمنها غالياً وقال: ماذا نعمل؟ قلت: أولاً صارت شبه ندوة فضع لي طاولة في الأمام. وبعد ذلك أصبحوا ثمانين شخصاً وأنا كنت دقيقاً وجلست وقلت لهم ما حدث وأنا متفق أن نقوم بدردشة وبعد ذلك لا أعلم ما حدث وأتيتم أنتم وقلت لهم ما هي انطباعاتي عن حمص بعد 25 سنة ولم أتكلَّم في أي موضوع سياسي وكلهم واعون تماماً حدود ونوعية اللقاء ولا شخص أحرجني وكل الأسئلة شخصية ومثلما أنت سألتيني ما رأيت في حمص وأنا شرحت لهم مشاعري وشهاداتي وبشيء لطيف وسألوني وأجبتهم وسألوني عن باريس وفرنسا وما كتبت وانتهينا وسلمنا على بعض، وخرج معي الرجل الذي دعاني ونجاتي ونحن خارجون قلت له: ستدفع ثمنها غالياً. قال لي: لماذا؟ أنا اتفقت معهم نحن خمسة أربعة من الحزب وقلت لهم: سنجلس مع بعض. وقلت: لن تمر أنَّ شخصاً مثلي يقوم بندوة في حمص فأنا كسرت كل الحدود لهم وبدون أن أتكلَّم سياسة بالنسبة لهم تحدٍ وقلت له: على كل حال أتمنى لك الخير وأنا لم أخف لأنَّ ظروفي واضحة، ولكن خفت عليه وعليهم.

 وفي اليوم التالي صباحاً قال لي: ممكن أن نشرب قهوة في الروضة وأتى لي ببيان أو قرار من المحافظ بحل الجمعية كلها واحتفظت بنسخة منه، والتذكير بالنقاط في حال حصول ندوات أو مقابلات بأنَّه يجب أن يكون النص مقدماً قبل 15 يوماً إلى المخابرات، وكل كلمة يجب أن يتم الرد من قلب نص المحاضر والذي كاتبه في النص سيرد عليه وحلوا كل شيء وأنا شرحت لهم أنَّ ما حصل كان غلطاً واتفقنا أن يكون 15 شخصاَ وهم جنَّت عقولهم كيف وزير يدعو لندوة لا يأتي أحد وهو يأتي كذلك. وكانت هذه أول مفاجأة ومن الجيد أنَّهم لم يزعجوهم وأنا لم يزعجني أحد من المخابرات وخرجت بدون أي شيء. 

أذكر هذه الحادثة لأنَّها كبيرة وبعدها خرجت والتقيت الذين كانوا في حمص كلهم والأحزاب المختلفة التي أعرفها. 

أنا تشجعت رغم حلَّهم للجمعية، ولكن اعتقدت أنَّهم أصبحوا ضعفاء ولم يعد لديهم شيء يقولونه للناس وأنَّ آثار الثمانينات انتهت ولم نعد نحن أمام صدمة مواجهة بين النظام والمعارضة والنظام متهافت والرئيس يموت وربطتها في الحديث مع رياض [نعسان] آغا والدعوة لي، وأنا اعتبرت أنَّ النظام في حالة سياسية أصبح ضعيفاً للغاية وكان بودي ألا نبقى نحن تحت الأرض وأن نظهر وجوهنا وأنَّنا موجودون وهذا الذي كنت أتكلَّمه مع جمال [الأتاسي] والآخرين أنَّني لا أقول أن نصطدم مع النظام، ولكن إذا بقي وجهنا غير معروف معنى ذلك أنَّنا غير موجودين ونحن عملنا مع الجمهور ويجب على الجمهور أن يعرف أنَّ هناك معارضة لديها خط سياسي مختلف عن النظام وإذا لم يرونا سيبقون ممحوقين ويجب أن يظهر بديل يقول للشعب البديل السياسي للحكم المخابراتي والعسكري والقمعي، وكيف سنشكل الحكم الجديد؟

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/02/22

الموضوع الرئیس

النشاط السياسي قبل الثورة السورية

كود الشهادة

SMI/OH/91-04/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

1996

updatedAt

2024/04/18

المنطقة الجغرافية

عموم سورية-عموم سوريةمحافظة حمص-مدينة حمص

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة