مدرسة جودت سعيد والخلاف مع المدرسة العنفية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:10:11:11
وفي تلك الفترة بدأ الناس يتفاعلون أكثر حتى في شهر آذار/ مارس أثناء الحرب وما بعدها بدأ شباب داريا الذين يتمتعون بطبيعة فكرية مختلفة عن الرأي العام السائد وتقريبًا جميعهم بقيادة الدكتور عبد الأكرم السقا كانوا قد تشربوا أفكار الأستاذ جودت سعيد.
الناس فوجئوا بهذا الوضع ولكن من يعرف تفاصيل هذه المدرسة الفكرية القائمة على مجموعة من البنود وأحد أهم البنود أنه ممنوع رفع السلاح وهذا يتهموننا أنه ضعف، ولكن بالمقابل كان من طروحات الشيخ جودت أنه ممنوع حمل السلاح ولكن في الوقت نفسه لا يجوز لك إلا أن تقف وقفة الحق وأن تقول قول الحق حتى لو مت دونه؛ لذلك بالنسبة للنظام كان هذا طرح أخطر من حمل السلاح لأن حمل السلاح التهمة جاهزة والمبرر لاعتقالك جاهز وهنا كيف سوف يقاومك؟ أنت تأتي وتطرح فكرًا إصلاحيًا، ولكنك تقول الحق وكان الشيخ جودت يعتمد على حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمامه فأمره ونهاه فقتله" هذا الشخص الذي يدافع عن قوله الحق ويموت من أجل كلمة الحق فيقتله الإمام فهو سيد الشهداء مع حمزة.
أنا تقديري أن هؤلاء الشباب جسدوا فعليًا مدرستهم الفكرية وبالتالي لم يكن هناك أي تناقض في أفعالهم، بالنسبة لهم المبدأ السلمي هذا مبدأ لا يمكن الحياد عنه والثبات على المبدأ وقول الحق هذا لا يمكن التخلي عنه، حتى لو ماتوا دونه وبالتالي هم عندما اعتقلوا بعدها كانت ضمائرهم جدًا مرتاحة لم يذهبوا إلى السجن وهم خائفون وخانعون أيضًا كان من أفكارهم فهم لهذا المعنى دقيق لقوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وحتى يغيروا ما بأنفسهم كما كان يشرح الشيخ جودت حتى يغيروا ما بعقولهم ولعلها توجد مناظرة رائعة جدًا لعلَّ الناس يستطيعون أن يعودوا إليها حصلت في بيروت عام 1993 مناظرة بين الشيخ جودت والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي كل منهما تبنى وجهة نظر مختلفة الشيخ البوطي باعتبار أنه ينتمي إلى المدرسة الصوفية مدرسة تزكية النفس كان يقول (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) أي حتى يغيروا ما بقلوبهم، وإذا غيروا ما بقلوبهم فإن الله سوف يتدخل بقوة علوية لتغيير هذا الواقع المأساوي. لاحظ أنه يفهم كيف هو تسلسل الأفكار، بينما جودت سعيد كان يقول (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) أي حتى يغيروا ما بعقولهم وأن ما لدى الأمة الإسلامية -وهذه طبعًا الفكرة مأخوذة من أيام الشاعر الباكستاني محمد إقبال ومالك بن نبي- وأن ما لدينا من إخلاص يكفي للإقلاع بالنهضة، ولكن ما ينقصنا هو العقل ومن هنا هؤلاء الشباب في داريا عندما طرحوا فكرة (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فهم كانوا واعين لما يطرحونه يعني لابد من إجراءات عملية ذات خلفية فكرية بطريقة سلمية مع الثبات على الحق ثم المبدأ الآخر الذي طرحوه في تلك الفترة أن التغيير يبدأ بعمل صغير لذلك بدؤوا بتنظيف الشوارع وتوزيع اللوحات: "لا للرشوة" "لا للتدخين" "اغرس شجرة" يعني للأمانة أصبحت ظاهرة تتحدث بها المدينة بأكملها وبالنسبة للنظام هذا مرعب، لكن التيار الإسلامي في ذلك الوقت كان ينظر إلى هذه التجربة لا أريد أن أقول بشيء من السخرية ولكن بشيء من الاستخفاف بينما النظام الفاعلين منهم الذين دبروا ما سماه المؤامرة أقل شخص تعرض لأربع سنوات من السجن.
أيضًا من شباب داريا من الأشخاص الذين كنا ننسق معهم وتعرفنا عليهم عيانًا فيما بعد كان أخونا الدكتور هيثم الحموي الذي كان من الشخصيات البارزة الفاعلة الذي كان يجمع ما بين الإخلاص والصواب الإخلاص لفكرته والصواب بحيث أنه كان يفهم تفاصيل المدرسة وكيف يمكن أن يعمل ويتحرك، وكان له وجود كبير فيما بعد الثورة السورية رغم وجوده في بريطانيا والشاهد في القصة أن هذه المدرسة أو بالأحرى هذا نتاج للمدرسة كان ينبغي أن يدرس من قبل التيار الإسلامي قبل غيره وأن يستفاد منه وألا تقلل من أهميته يعني شباب أبناء هذه المجموعة لم يلقوا اهتمامًا كافيًا من التيار الإسلامي بحيث أنه يتم تبني الخطوات التي قاموا فيها ويسيروا على نهجهم لأنه بشكل عام التيار الإسلامي لا يؤمن بهذه الطروحات الثابتة الحازمة بل في عقله فكرة العنف.
[حاولت مجموعتنا التواصل معهم] بشكل محدود لأننا كنا نتلقى الضربات في دير الزور بسبب الهجومات الكبيرة وبالتالي كنا حتى تلك الفترة لانزال محليين أعتقد أكثر شخص كان له صلة بمدرسه الأستاذ جودت هو أنا كنت أذهب وآتي ونلتقي ونتبادل وجهات النظر. أنا لا أزال أتذكر إحدى تلميذات الشيخ جودت كانت تلميذة رائعة هي الشيماء ابنة الأستاذ عبد الودود يوسف -رحمها الله- يعني كانت طاقة مذهلة وكانت تملك قدرات عقلية كبيرة جدًا وهي بالأصل خريجة كلية الشريعة، ولكن طورت دراستها و سبحان الله فيما بعد لم يستفد من مثل هذه الطاقات وما أكثرهم يعني في تلك الفترة كانوا قريبين من الدكتور محمد شحرور وأصبحوا يصدرون نشرات: "أفلا يعقلون" "أفلا يبصرون" يعني مثل هذه الأسماء القريبة منها كان جهدًا يترابط بعضه ببعض، ولكن لم يأخذ زخمًا في الشارع كما قلت آنفًا: البنية الفكرية للتيار الإسلامي بشكل عام كانت حتى لو لم تُنفذ على الأرض كما نُفذت فيما بعد، ولكنها كانت أميل إلى ممارسة العنف ورفض مثل هذه الطروحات واعتبارها طروحات خانعة بينما الحقيقة ثبت يقينًا أن مثل هذه الطروحات هي الأكثر رسوخًا في الأرض فهي بطيئة لكن مؤكدة، يعني لا أزال أتذكر أنه كان البعض يناقش الأستاذ جودت بقسوة أنه أنتم خانعون وتجلسون في جيب السلطان وتطرحون هذه الطروحات النظرية بينما الوغى هو الأساس وأن مشروعكم هذا طويل ثم اتضح فيما بعد أن هذا الطريق هو أقصر الطرق يعني هذا الطريق يأتيه الشخص ويحصل التغيير.
مع الأسف الشديد والنظام عندما شعر أنه لم يحصل له امتداد وترافقت مع أحداث العراق والناس جميعها النظام يريد الناس الإسلاميين المتحمسين حتى يتخلص منهم ويذهبون إلى العراق وبنفس الوقت يحققون مآربه.
الحقيقة كانت تجربة تذكر كنقطة بيضاء في تاريخ التيار الإسلامي المعتدل، الإسلامي الديمقراطي، الإسلامي الذي يريد الخير لبلده، الإسلام العقلاني الإسلام الذي يقبل بالتعايش مع العلمانية، الإسلام الذي يقبل مبدأ التشارك مع الآخرين، الإسلام الذي يقبل فكرة إعادة النظر في ميراثنا الفكري وما أكثر الأفكار التي نحملها وهي أفكار ظلوم.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/03/02
الموضوع الرئیس
النشاط السياسي قبل الثورة السوريةكود الشهادة
SMI/OH/6-11/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2001-2003
updatedAt
2024/04/17
المنطقة الجغرافية
محافظة ريف دمشق-مدينة دارياشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية