الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الاستقالة من هيئة التنسيق الوطنية قبل تشكيل المجلس الوطني

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:26:00:13

في اليوم الثاني، كنت أتابع تشكيل شيء من المعارضة في الداخل، ولم أخطط لتشكيل مجلس وطني في الخارج، حتى أنني لا أريد أن أكون رئيس مجلس أو غير ذلك. والناس كانت تتكلم بشكل رجعي، كيف يفسرون سلوكاً لم يعجبهم، وكنت أنتظر أن تكون القيادة في الداخل، وأن تأخذ الأحزاب القيادة؛ من أجل ذلك لم أذهب إلى أي مؤتمر في الخارج، وموقفي كان واضحاً. وبعد ذلك، كنت أنتظر أن يخرجوا موحدين، فوصلني بيان من الصحافة، ولم يتصل بي أحد من هيئة التنسيق، وأتحدى أي واحد منهم، قال لي: نحن نريد أن نعينك، أو عينَّاك. قرأته في الصحافة، كتبت في اليوم الثاني: أنني صُدِمت في أن يفشلوا في مثل هذا الظرف الذي دخلت فيه الثورة بحرب مع النظام، وذُهِلت أن يعينوني نائباً لحسن عبد العظيم، وموقفي كان دائماً أقرب بمليون مرة إلى "إعلان دمشق"، وهم يعرفونني، وأنا صديق لكل "إعلان دمشق"، وعملت معهم كثيراً. فاعتبرت أنَّ هيئة التنسيق تريد أن تستفيد من اسمي؛ ففي اليوم التالي، أخرجت بياناً، ولم يضغط عليّ أحد. واعتبرتها إهانة وفشلاً بالنسبة لي، وبدل أن يتوحدوا انقسموا، ويريدون أن يضعوني شاهداً على التقسيم، ويجعلونني جزءاً من هذا الانقسام؛ فأخرجت (أصدرت) اعتذاراً، ولا أريد أن أقطع [علاقتي] مع الهيئة، ولا أريد أن أشتمهم، نحن في حرب، نريد أن نجمع كل القوى، وكان هدفي ألا نتخلى عن فكرة جمع كل القوى. وأصدرت بياناً، وقلت: أنا التزامي بالثورة والشباب، وتعني أنَّي ليس لي علاقة بهم، وأعتذر عن المنصب الجديد، وقلت: سأستمر في العمل من أجل توحيد القوى. 

هذا مضمون الاستقالة، لم يكن ضد الهيئة، ولا هو تغيير موقف. سأستمر بتوحيد القوى كما قلت، ووراء النشطاء. ولم يكن المجلس [الوطني] قد تشكَّل بعد. بعد ذلك قمنا بتشكيل المجلس؛ لأنَّهم فشلوا قمنا بتشكيله، تشكل المجلس بعد شهر أو شهر ونصف، وكنا لم نفاوض حتى مع جماعة المجلس، وحين خرجت هذه القصة، واعتذرت كانت المفاوضات (على المجلس الذي تشكَّل فيما بعد) لم تبدأ بعد. 

لم يكن عندي حساسية تجاه "إعلان دمشق"، أو حتى "هيئة التنسيق"، وكنت أحاول المستحيل لأجمع كل الأطراف. وأنا برأيي: لا تمشي المعارضة إلا إذا كانت موحدة، وإذا ذهب كل شخص إلى طرف فلن تمضي الثورة. هذا الذي لم يفهمه الآخرون، حيث كان كل شخص يفسر لماذا ذهب إلى فلان، ولم يذهب معي، أنا أرفض؛ لأنَّ مشكلتكم كلها هي أنكم لم تجتمعوا مع بعضكم، وتريدون أن أكون شاهداً على الانقسام. 

[هذا ما حدث] بالضبط، ما الذي جاء بي إلى هنا؟ أنا ليس لدي حزب، ولست ناشطاً سياسياً، في الأساس، ولو كنت معارضاً كمفكر وكمثقف، والذي حاولت أن أقدِّمه هو: أنَّ هناك توافقاً عليّ من الجميع، وهناك ثقة عند الأطراف (الإعلان وهيئة التنسيق) وحاولت أن أقدم نفسي هدية؛ ليقوموا بالتفاهم على حسابي، وهذا ماكنت أعرفه، وكنت سعيداً به، بمعنى: أنني أقدم شيئاً، وأحضرت الأطراف التي كانت بعيدة (المجلس الوطني القديم وغيره) الذي سموه: "المؤقت". وكان هذا الكلام للإساءة فقط. 

أتحدى أي إنسان يقول لي: بأنَّه تكلم معي عن علم الثورة، لم يكن علم الثورة مطروحاً، وفي خطاب إعلان المجلس لست من حضر الجو، والذي وضع العلم، لست أنا من قال: يجب أن تضعوا العلم. هذا شيء طبيعي، والعلم في ذلك الوقت كان لم يتغير بعد. وبعد ذلك، تغير العلم، جاء أشخاص غيروا العلم، وربما في البداية هناك أشخاص أخرجوه في مظاهرة، ولكن في الجو العام كان العلم السوري هو المستخدم. في خطاب العيد كنت واضعاً العلم، ولست أنا من وضعه، أنا لا أقول لهم: أحضروا العلم. لأنه لم يكن هناك علمان، وإنما علم واحد، وبالتالي نحن نتكلم عن العلم السوري وليس علم الثورة.

 لا أعرف من أحضر علم الثورة هذا بعد [تشكيل] المجلس [الوطني] بشهرين أو ثلاثة. وكان خطاب العيد بعد شهر من تكوين المجلس، وكان لايزال العلم السوري المعروف، وكان هو ذريعة لبعض الأشخاص لتبرير خطئهم تجاه المجلس، وتجاهي شخصياً؛ فيقولون: برهان كان مع الهيئة (هيئة التنسيق)، برهان لا يريد علم الثورة، ثم يصبح برهان ضد الثورة. 

 كنت أرى أنَّ الناس كانت تهتف بالمظاهرات استغاثة، وليس بهذا الشكل تناقش مسائل السياسة الدولية. والذي يريد أن يقوم بتدخل يجب أن يقوم بنقاشات، ونحن كنا قد بدأنا مجرد بداية، ألا يجب أن نرى ماذا يقول لنا الوزراء والمسؤولون الأجانب. وهذا لا يعني أنني سأشتم من سيخرج في المظاهرات، ويقول: تدخل دولي. ولكن أريد أن أعرف ماذا أستفيد من الدعم الخارجي لتعزيز مواقفي.

 ناقشت مع عدة وزراء: الألماني والفرنسي ومع الأمريكيين، وكانوا يقولون: لا تفكروا بتدخل دولي منذ البداية. ولا حاجة لأن أتكلم عن ذلك؛ لأن [روبرت] فورد كتب عدة مقالات، وقال: الأمريكان أخذوا قراراً أنَّهم لن يتدخلوا. وهذا بعد تأسيس المجلس، لم أكن قد تناقشت مع أحد أبداً قبل تأسيس المجلس، ناقشت مع الوزراء أيضاً، ليس مع هؤلاء فقط، وفورد كان سفيراً، وكتب مقالات، وبيّن ذلك. وفيما بعد اتضحت سياسة [باراك] أوباما. وهم حتى اليوم يعترفون بأنهم أخطؤوا في سورية؛ لأنهم لم يتدخلوا. لازال هذا الموضوع مطروحاً للنقاش، معنى ذلك أن الناس كانوا يتوهمون أن التدخل لم يحدث؛ لأنَّ برهان لم يطلب التدخل، وهل تتدخل الدول من أجلي أم من أجل مصالح استراتيجية كبرى. وهل يلقي أحد بجيشه وسمعته، ويخلق حرباً ضد الإيرانيين والروس؟ هذا عمل أطفال صغار، ونحن يجب أن نرى ما الذي نستطيع أن نأخذه منهم، كنا نفاوضهم ليس من أجل التدخل العسكري، إنما كنا نفاوضهم من أجل منطقة حظر طيران، وليس تدخلاً عسكرياً، والناس لا ترمي جيوشها من أجل عيوننا، من غير سبب، وطالبنا في البداية بمناطق حظر جوي مثل الذي يقوم به الأوكرانيون اليوم، وكنا نقول لهم نحن لدينا شباب تقاتل، لا نريد تدخلاً دولياً، بمعنى: لا نطلب منكم إرسال قوات إلى سورية. عندنا ملايين الشباب تقاتل. وقلنا لهم: نريد أن تحمونا من العدوان الذي يستخدم الطيران. وهكذا كانوا يناقشون: نريد الناتو، نريد الناتو. وهل الناتو موظف لدينا؟! بعد ذلك، بدأنا بالمفاوضات، وقلنا: نريد ممرات آمنة من أجل أن يخرج الناس، وحتى هذه لم نأخذها، والناس كانت تعتقد أنَّ الأوروبيين والغربيين مهتمون بنا بشكل كبير! لقد كنا بالنسبة لهم [بالحقيقة] مشكلة، ولسنا هدية، وشكلنا بالنسبة لهم تحد لا يريدون أن يردوا عليه. لأسباب كثيرة: ليس لهم مصالح كبيرة، وإسرائيل و[بشار] الأسد أصدقاء لهم، والنظام السوري كان يلبي كل مطالبهم؛ فلماذا يغيرون النظام السوري؟ وكان النظام السوري قد أعطى إسرائيل السلام "ببلاش" (مجاناً)، وأعطاهم الجولان "ببلاش"، ولم يطلق عليهم رصاصة، ويتعاون مع الأمريكيين في موضوع المخابرات والإرهاب والأمن وإلخ، وبالنسبة للروس هو حليف السلاح والجيش، والتدريب كله كان مع الروس، وكان لديه صداقات مع الخليجيين واستثمارات، وكان يزورهم، وكانوا أصدقاء عائليين. 

من كان منزعجاً دولياً من النظام السوري؟ أعطيني دولة واحدة كانت منزعجة. هل إسرائيل كانت منزعجة؟! هل الأمريكان كانوا منزعجين؟! هل كان الأوروبيون منزعجين؟! الأوربيون هم الذين دعوه بمناسبة الثورة الفرنسية من أجل أن يكون في الصدر (أجلسوه في منصة الشرف أثناء حفل الذكرى السنوية للثورة الفرنسية). لم يكن أحد منزعجاً من الأسد، الأسد الأب والابن أتت قوتهما الدولية؛ لأنَّهم باعا سورية كما يحدث الآن، ولكن بشكل أكثر سوقية. ويؤمن مصالح كل شخص على حساب الشعب السوري: إسرائيل تريد الأمن، فيقول لهم: هذا هو الأمن. إسرائيل تريد الجولان، فيقول لهم: تفضلوا. الأتراك يريدون السوق الاقتصادية؛ فباعهم الاقتصاد السوري قبل الثورة، وذهبت الصناعة التحويلية كلها بسبب اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، أعطاهم الذي يريدونه؛ ومن أجل ذلك الأتراك كانوا متمسكين به، وبقي أحمد داوود أوغلو يذهب ويأتي إلى دمشق 14 مرة حتى يحل المسألة، وليس لدعمنا، وإنما يريد أن يحفظ السوق الاقتصادية (وحصته) التي أخذها من الأسد.

هل الروس كانوا سيدعموننا؟ وكنا نحفر بأظافرنا من أجل القليل من الدعم؛ لأنَّ الأسد لديه كل الدعم الدولي، وحتى يبقى الأسد إلى الآن كان هذا النظام قد أعطى الجميع مصالحه؛ فلذلك كان يجب أن نكون موحدين؛ من أجل أن نفرض رأينا، وحتى لا يقال عنا كما قيل بعد ذلك. لمن يجب أن نعطي؟ هذه الذريعة التي أخذوها، من هي المعارضة التي سنفاوض معها؟ برهان غليون، أم محمد، أم أحمد، أم الخضر، أم الهيئة، أم الإعلان. ومن هم النشطاء؟ هل هي قيادة مركزة معروفة؟ هم مجموعات صغيرة وشباب هم نفسهم يتنافسون أيضاً، وكان يجب أن يكون هناك قطب سوري موحد، يستطيع أن يفاوض، ويفرض، ويقوم بفضح الغرب؛ حتى ينتزع منهم تنازلات (دعماً). والناس لم تكن تعرف ما هو الوضع، كانوا يظنون أنه كما حدث في ليبيا، وهذا ما خدع الناس، وخدع السياسيين (إعلان دمشق وغيره)، [كانوا يسألون]: لماذا جاء "الناتو"، وجاء الأوربيون، وهجموا في ليبيا، وغيروا نظام القذافي؟ يظنون أنهم غيروا نظام القذافي حتى يحققوا ديمقراطية، قاموا بتغيير نظام القذافي حتى يأخذوا النفط، [أما] في سورية فلماذا يغيرون نظام الأسد، ويدفعون أموالاً، ويضحون بعلاقاتهم؟

هناك دول لديها أوهام، وبمن فيهم الأتراك، وكتبت عنها، بمعنى [كانوا يقولون لنا]: أنتم بعد شهرين ستذهبون، وتكونون [قادة سورية] وأحمد داوود أوغلو والذي لم يكن ضدنا، وكان أحسن شخص معنا، الذي جعلهم يغذون هذا الوهم عندهم هو: أنَّ هذا النظام هم جزء منه، وهم داعموه، ولديهم أمل بأنَّه سيكون عقلانياً، وهكذا كانوا يريدون، ودخلوا في الوهم: بأنَّهم ممكن أن يربحوا المعركة بدون أن يضحوا بشيء بما في ذلك النظام. الخليج والأتراك كلهم حاولوا إقناع النظام بأن يقوم بإصلاحات، ويبقى. ولم يخطر على بال أحد أن يدعم احتجاجاتنا لإسقاط النظام، وإلى الآن يعيرونا لأننا تكلمنا بإسقاط النظام، وكأنَّنا عندما قلنا: إسقاط النظام. كان أمراً عجيباً، وفي القاهرة أسقطوا النظام، وفي تونس أسقطوا النظام، "الشعب يريد إسقاط النظام" هو ليس اختراع السوريين، بل اختراع العرب.

[الشعار] واقعي بالتأكيد؛ إذا كنت أمام شعب يثور لا تقولين له: سنقص أظافر النظام، وليس معنى ذلك أننا سنسقطه. هذا الشعار شيء، كما هو الحال عندما أفسر لك أن الشباب خرجوا، وقالوا: نريد تدخلاً دولياً. أنا كسياسي أفهم من ذلك أنَّ هذا طلب استغاثة، وأنَّنا وصلنا لطريق مسدود، وأنَّ القتل استفحل بنا، ولا يوجد حل لدينا، وأنا إذا كنت سياسياً فسوف أترجمه بعبارات سياسية ومطالب سياسية. ولكن لا أطلب من الناس الذين يتحملون الضرب ومن شباب صغار وعمال وفلاحين وموظفين صغار، لا يوجد عندهم رؤية سياسية، ولا يوجد عندهم معرفة بالعلاقات الدولية: أنَّ يقرروا خطة العمل، وأن يعرفوا ماذا يجب أن نفعل، وليس لديهم صلة بالدول، ولا يعرفون مواقف الدول أو مصالحها، فلماذا نريد قيادة سياسية؟ لأنَّها ستقدر ماذا سيخرج من هذا ومن ذاك، وكيف أستطيع أن أغير مواقفاً هنا ومواقفاً هناك. 

لم يقل جماعة "إعلان دمشق" أنَّه يجب أن تطالب بالتدخل، كان معروفاً أنهم ليسوا ضد التدخل، ولم يكن هناك مطالبة بالتدخل. وكان معروفاً أن الهيئة (هيئة التنسيق) لديها تحفظات على التدخل، وأنا ليس لدي مشكلة، وهذه مواقف يسمونها: إعلان نوايا. ولكن إعلان النوايا شيء، وحين ينزل الشخص إلى الميدان شيء ثان. فقد يغير خطته، ومثل أي حرب أو معركة: الشيء الذي أتخيله قبل أعيد ترتيبه على حسب الوقائع الحقيقية، وماذا أمتلك من أدوات ومواد، وما هي القوى التي لدي، وماذا أستطيع أن أطلب.

 إذا ذهبت إلى اليابان، ورأيت الوزير، وسألت ما الشيء الذي يمكن أن يفيدنا به اليابانيين؟ فقلت لهم: لديهم صناعات مهمة للأرجل الاصطناعية من أجل شبابنا، ونريد منكم أن تهتموا بهذا الموضوع. ولا أذهب إلى هولندا، وأقول لهم: يجب أن تقوموا بتدخل عسكري وحظر جوي. مثل هذه الأمور نتكلم بها مع فرنسيين وأمريكيين وأوروبيين، ولكن لا نتكلم بها مع بلدان أخرى. والسياسة هي ترجمة للواقعية حسب الإمكانيات، ترجمة للمطالب الشعبية.

 أما عن موقفي من التدخل فهو موقفي الذي أعلنت عنه: ألا نقطع فكرة التدخل من أذهاننا فقد نحتاجها إذا استشرس النظام، ولكن لا نراهن في عملنا على التدخل، وليكن رهاننا الرئيسي على جهدنا الشخصي وتنظيمنا؛ ومن أجل ذلك كنت مهتماً بتوحيد القوى، وكان لدينا قوى، والناس يريدون بشدة وحماس أن يدافعوا عن وطنهم، ويدافعوا عن الحرية، ولكن نحن لم نعرف كيف نقودها.

كان هدفي ألا أتوقف عن ترداد "لن نقلع شوكنا إلَّا بيدنا"؛ لأقول للناس: لا تعتمدوا كثيراً على الخارج. ولم أكن أقول: لا يوجد تدخل. لأنني إذا قلت ذلك فسأحبطهم؛ لأن الناس أصبح أملهم الوحيد للاستمرار هو التدخل، وهو إعطاء فرصة للنظام، ولكن كنت أقول لهم: - وارجعي إلى الخطابات- يجب أن نراهن على أنفسنا، لن نقلع شوكنا إلا بأيدينا؛ ومن أجل أن نؤكد على عدم المراهنة كثيراً على الخارج، وهؤلاء جماعة إعلان دمشق ظنوا أننا إذا طالبنا كثيراً بالتدخل فإنه سيحدث. لا يوجد دولة ترمي نفسها في حرب، وهذه الحرب منذ البداية ظهرت آفاقها، ليست حرباً مع شعب صغير، أهم من أوكرانيا، أمامهم إيران، وهي ليست لعبة، وهي منبع الإرهاب الإقليمي كله والمنظمات المتغلغلة التي يحسبون لها حساباً، وأمامهم روسيا، ويرونها في مجلس الأمن تقوم بـ16 "فيتو"، والذي يقوم بحظر سلاح في تلك الفترة سيرجع ويواجه موسكو. فكان هدفي هو تهدئة الجو، لأقول: إن استراتيجيتي- فأنا أرى الصراع ووجهتي النظر والموقع الصعب الذي أنا موجود فيه- هي: كلما تقدمنا سياسياً بسرعة، ونجحنا في أن نكون بموقع دولي مهم، نحل مشكلة التدخل ومشكلة صراعنا الداخلي، ويصبح الدعم لنا يغطي على موضوع: يوجد تدخل أو لا، ويصبح لنا مهمات ثانية، وننشغل عن موضوع: هل يوجد تدخل أم لا؟ ونخوض معركة مقاومة جدية، وكان رهاني أنه يجب أن نحقق إنجازات سياسية في أسرع وقت؛ ومن أجل ذلك، في الأشهر الأولى تقريباً، ذهبت في إحدى المرات من برلين إلى موسكو، وحاولنا أن نكسب دعماً سياسياً دولياً كبيراً؛ من أجل أن نغطي على ضعفنا الاستراتيجي أمام المصالح الأخرى، ونحاول تفادي الانقسام الذي بيننا، ولكن أين خسرت القصة؟ على عكس ما يقول الناس، المجلس الوطني في الأشهر الأولى لم يكن فاشلاً، والذي يقول عنه: فاشلاً، يكون أعمى؛ لأنَّ القضية برزت، واعترف بنا بشكل هائل في الأشهر الأولى، في اللقاءات والزيارات والمؤتمرات الصحفية، فلا يوجد لقاء مع وزير إلَّا وينتهي بمؤتمر صحفي، نقوم به معاً، وهذا له معنى. 

 شعروا أنَّ الثمرة نضجت، وإذا أزحنا برهان عن الواجهة -هؤلاء جماعة الإعلان- التدخل يصبح أمراً واقعاً. والذي أتى بعد ذلك كل يوم كان يطلب تدخلاً، ولم يحدث التدخل بالطبع، بمعنى: قتلوا العمل السياسي على أمل أن يدخلوا بتدخل فوراً، وينقذوا الموقف. وأنا برأيي ليس بسبب الجهل والأوهام وإنما السبب أنه لا يوجد تواصل حقيقي بيني وبين القوى (لا أعني عدم وجود اتصالات هاتفية) ولكن لا يوجد تواصل بمعنى لغة [مشتركة]، وهناك عدم ثقة، وأحدهم علق تعليقاً: ظنوا أنَّ النظام سيسقط، وأنت ستصبح رئيساً، وخرجت كتابات عن رئيس سورية القادم. برأيي لم يكن هناك تواصل؛ لأن الناس كلها عاشت في السجون وكانت معزولة لفترة، وحين تتكلم يكون التواصل سطحياً، ولا يوجد ثقة عميقة. 

وأنا أعيش بعيداً، وحسب ما رأيت: إن أشخاصاً مثل "الإعلان" ورياض الترك الذي هو المحرك الحقيقي للإعلان وللجان التنسيق المحلية، كان شعوره: - حسب ما فهمت وهنا يكمن الخطأ- أن برهان صديقنا، وبرهان لم يكن سياسياً، ونحن السياسيون، وهو رئيس المجلس الوطني، ونحن الذين وضعناه، ويجب أن يعمل كما نقول له. ليس هو من يقرر، نحن الذين نقرر. والإخوان المسلمون فكروا بنفس الشيء: أنَّ برهان ليس سياسياً، نحن الذين نقرر. الإعلان يريدني واجهة، والإخوان يريدونني واجهة، والمجلس المؤقت يريدني واجهة؛ لأنهم يعتبرون أنهم المجلس الأصلي، ونحن خطفنا المجلس منهم بالمفاوضات، وغصبتهم (أجبرتهم) ألا يكونوا المسؤولين الرئيسيين؛ وبالتالي أنا أدين للجميع، ويجب أن أنفِّذ سياستهم، وإذا نفذت سياسة الجميع سينتهي المجلس، ونجح المجلس لأنه خرج منه شخص يجسد سياسة الثورة الممكنة، ولا يمثل سياسة أي أحد منهم: لا سياسة الهيئة ولا سياسة الإعلان والإخوان. هم لم يفهموها هكذا،

 الإخوان يقولون: هذا لا يعمل مثلما نريد، والإعلان يقول: من هذا برهان غليون؟ نعطيه مذكرات فلا يطبقها، رياض [الترك] كان يرسل مذكرات مع سمير [نشار] في كل أسبوع، فلا يطبقونها، لست أنا من لا يطبقها، لقد عرضتها على المكتب التنفيذي، وكل مرة يقرؤنها وأقول لهم: ناقشوا يا شباب. فأنت تجلس في حلبون، في الشام (دمشق)، إذا كنت تريد أن تقود الثورة فتعال، خذ بطاقة طائرة، وتعال. وأنا أنسحب، وقل لي: أنت يجب أن تنسحب. وإذا لم أنسحب اشتمني، أو اقتلني. أما أن تقودني من دمشق، ولا ترى أحداً، ولا تفاوض مع أحد، وتظنني "رجل كرسي" (مجرد واجهة)؛ فهذا شيء معيب! والذي فعلوه يدل على أنَّهم أطفال لا يعرفون شيئاً، ولا يوجد حد أدنى من الاحترام، لماذا ترسل لي مذكرات تملي عليّ فيها ما يجب أن أفعل؟ لماذا لا تتصل بي هاتفياً؟ وتقول لي: ما رأيك؟ لا أن ترسل لي مذكرة عن طريق شخص.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/03/14

الموضوع الرئیس

 المجلس الوطني السوري

كود الشهادة

SMI/OH/91-14/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

2011

updatedAt

2024/09/10

المنطقة الجغرافية

عموم سورية-عموم سورية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي

هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي

مجلس الأمن الدولي - الأمم المتحدة

مجلس الأمن الدولي - الأمم المتحدة

المجلس الوطني السوري

المجلس الوطني السوري

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

لجان التنسيق المحلية في سوريا

لجان التنسيق المحلية في سوريا

حلف شمال الأطلسي - الناتو

حلف شمال الأطلسي - الناتو

الشهادات المرتبطة