سياسات نظام الأسد ودوره في إرسال المقاتلين إلى العراق
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:26:34:12
أتذكر في هذا الإطار قصة، ونحن مجموعة من الأطباء غير التنظيم النقابي، لنا جلسات مع بعض من
همّ الشغل والعيادات، نخرج بشكل فردي إذا الشباب حابين (يحبون أن) يتعشوا ويأركلوا (يدخنوا) أو
عائلة أحيانًا كل واحد مع زوجته وأولاده نخرج إلى مزرعة وجلسة.
وعادةً -ونحن كلنا مشغولون- قبل عدة أيام نقول: يا شباب ما رأيكم الخميس القادم نطلع (أن نخرج) إلى
كذا.
ويأتي أحد الأصدقاء فجأة ويقول: أنت وين (أين توجد)؟ قلت: في العيادة وقال: ربع ساعة أكون عندك،
وأنا ما عهدته هكذا، وخطر في بالي، وقلت: ممكن أحد من أهله مريض أو هو مريض، فجاء وقلت:
نغلق [العيادة] ونخرج إلى البيت نتعشى مع بعض، وقال: نريد موضوعًا بيني وبينك وقال: في حولك
نقود؟ قلت له الحمد لله النقود موجودة ولكن أي نقود؟ و[هل] أنت دافع زكاةً؟ وواضع في برنامجك أنك
ستدفع نقودًا؟
ونحن كنا نضع برنامجًا في رمضان فمثلا واحد عنده أسر فقيرة أو أحد يحتاج عملية أو من هذا
القبيل.. فقلت له أنا دفعت [زكاتي] ولكن ما الأمر؟ وقال: أنا معي 80 ألفًا ونجمع لأننا نريد دعم
المجاهدين في العراق وقلت: وحد الله يا رجل ما هذا الأمر؟ مجاهدو العراق! وقال: لا تخف وكله بعلم
الدولة لا تخف وقلت: بلا دولة بلا بطيخ أي دولة! وقال: لا لا لا [إنهم] جامعين الناس، وهم خارجون
من البرامكة من السرافيس (الحافلات الصغيرة) ونظامي 100% والأموال هم يستلمونها ونحن نحملها
معنا فقلت: لا لا لو غيرك قال هذا الكلام وهذه كلها لعبة وسيعودون ليلتقطوكم واحدًا واحدًا وقال تصطفل (لك ما تريد) أنت الظاهر لا تريد أن تدفع! وقلت:
بهذا الموضوع لن أدفع، توجد لعبة، وصار يشرح لي هم يقدمون جواز السفر وينقلون الناس ويبقون
على تواصل معهم بعدما يذهبون للعراق، والعملية منظمة ومرتبة.
وذهب الشخص من عندي مضطربًا ولم يكن مرتاحًا أنّ الطبيب نصر لا يريد أن يدفع.
وبعد عدة أيام الرجل مختف وقالوا: مسافر لدولة ما وهكذا، وكان مختفيًا ونحن اضطربنا كلنا نحن
وأهله وبعد عدة أيام رجع لوحده وقال: كنت في العراق وقال: كانت رحلةً استطلاعيةً ولم أشارك في
شيء وكان الأمريكان في العراق وحذرته مرةً ثانيةً قلنا: هذا الموضوع ليس فيه لعبة، منذ متى يقوم
النظام بدعم الجهاد ويجمع أموال الزكاة؟! وفعلًا بعد فترة ولم أعد أذكر وممكن أن أحضر التواريخ
بسهولة، لأنه هو خرج من السجن 2011 وهذا الشخص طبيب بشري.
ومرةً من المرات كان هو مساهمًا معنا في مركز الرحمن الطبي التخصصي وكلفنا مبلغًا
محترمًا وكان شبه مشفًى ومرةً من المرات -يوم
جمعة أذكر- ويقول: أين أنت؟ قلت: في المشفى وقال: بعد قليل آتي إليك وقلت له: نذهب إلى البيت يوم
الجمعة؟ وقال: لا لا؟ أيوجد مجال أن نذهب إلى المركز؟ وذهبت وكان الشخص وجهه مضطرب، فهو
في العادة شخص متبسم وقال: لو سمحت اكتب لي ورقةً أنَّ هذا المبلغ الذي ساهمت به، أبي يأخذ
أرباحه وقلت: هذا مبلغ بسيط وهو بحاجة لكتابة عند المحامي، فقال: لا اكتب تلك الورقة وبعد ذلك
أهندسها عند المحامي وقلت: أبا سعيد ما هي مشكلتك أنت غير طبيعي ما بك؟ وقال: اكتبها وكتبت أنَّ
تلك الحصة من العيادة السنية هي لوالده وأنا كل فترة لا (دون أن) نحسب الأرباح نرسلها لوالده بدلًا
عنه.
وحاولت أن أفهم ما به ولم أعرف وحين خرجنا هذه السيارة التي معه تلف بسهولة وكان لا يعرف كيف
يلفها يعني كان يوجد ارتباك فأوقفته وقلت: ماذا يوجد؟ أهناك مشكلة لديك؟ وراح، ورجع في يوم
السبت صباحًا وإذ الباب عندي يخبط، وفتحت فإذا أبوه وأمه،
قالوا: الطبيب فلان أين هو ليس عندك؟ وكانوا خائفين وقلت: البارحة أتى إليَّ وقالوا: لا البارحة قال:
آخر شخص رآه أنت، وهما -أبوه وأمه- جدًا أصدقاؤنا ولكن فقدا السيطرة فهو ابنهما وقالوا: لا أنت
تعرف أين هو؟ وقلت: أتى عندي مضطربًا طلب أن أكتب الورقة وذهب.
ويوم واثنان وثلاثة وانطوشت الدنيا (انتشر الخبر) حتى أن أحد أقاربه أرسل لي تهديدًا: أننا سألنا
الصيدليّ الذي على باب المركز [وأخبرنا أن] آخر واحد رآه هو أنت معنى ذلك أنك تعرف إلى أين
ذهب، أنا أعرف أنه ذهب من عندي وبعد ذلك راح وأين ذهب لم أعرف.
وبعد أشهر عرفوا أنَّه معتقل وكان الشخص في عيادته من درعا، وهو خارج من العيادة خرجت
سيارتان في وجهه وأخذوه وعرفوا أنه معتقل، وأهله ونحن كلنا صرنا نشغل كل شيء لدينا من معارف
-لنعرف الشخص حيًّا أو لا- وأموال عدة أشخاص [جاء أشخاص يقولون] أعطني مليونين وأنا أخرجه
أو أعطني مليون أؤمن لك زيارةً، وتم دفع أموال بلا جدوًى والشخص ليس لديه علاقة في شيء، طبيب
محترم مبادر شجاع لم يكن لديه أي حركات أبدًا ولكن يبدو أن شخصًا من الشباب يقول له: هكذا الدولة
تدعم العراقيين وإذا كان معك مبلغ أدفع لك، ومثل قصتي مع المركز الثقافي دعوني للمحاضرة
وحاسبوني لماذا عملت المحاضرة؟ وهكذا سنة وسنتان وثلاثة بيتهم تحول إلى مأتم وفقدوا ابنهم وأنا
خجِل وما زلت في دائرة الاتهام أنَّك أين ذهبت بالرجل والناس تخربطت وهكذا.
وأعتقد آخر فترة أنهم يمكن سمحوا بالزيارة وبعد ذلك في بداية الثورة حين أخرج النظام ناسًا من
السجن دق علي (اتصل بي) أبوه وقال: سأبشرك بشارةً وقال: صاحبك اليوم خارج وقلت: بالله العظيم؟!
قال: إي والله.
وذهبنا وانتظرنا كأنَّه عرس وسيخرج يوم كذا ساعة كذا ورحنا أنا والدكتور ياسين -أخي- إليه وعندي
الفرحة فرحتان: فرحة صديق عمري وأخي وأراه حيًّا يُرزق بعد الفترة الطويلة من الاعتقال والأمر
الآخر: يتكلم ما حصل معه أنَّني ليس لي علاقة وخرج وكانت لحظةً حساسةً للغاية و4 سنوات لم نرَ
بعض أبدًا ولولا الثورة كان سيطول أكثر وأصلًا أثناء الأحداث التي كانت موجودًا في [سجن] صيدنايا
كان موجودًا ويمكن لولا الثورة [لم نكن لنعلم] ماذا كان النظام سيحاكمه وماذا سيفعل به -الله أعلم-،
وذهبنا وشاركنا في مراسم الاستقبال وكانت لحظات جدًا مؤثرة وأهل البلد الكل خرج ولم يعد أحد
خائفًا.
وحين جلسنا وحلينا تحليةً وأنا أخذت حبة نوغا (نوع من الحلويات) وضعتها في جيبي، وأنا ذاهب
اعتُقلنا وأذكر وهذه من الأمور التي لا تُنسى أنَّ حبة النوغا أخذها مساعد الأمن العسكري في ازرع
وحين فتشني رأى حبة النوغا فتحها وأكلها وهذه التي أخذتها من إطلاق سراح الرجل صاحبنا.
والقصة مثل هذا -أبي القعقاع- وتجنيد الناس ويضعون أشرطة أبي القعقاع في السيارات وفي حافلات
المدرسة ويا جماعة هذه لعبة من النظام وهذا واضح وهذا الأسلوب الذي يعمل به النظام في تلك الأيام
والقصص كثيرة حوادث فردية أو جماعية مع النظام.
وأتتنا بعض المحطات التي صرنا نشعر فيها بالأمل مثل موت باسل الأسد وكانت صوره لا تقل عن
صور حافظ [الأسد] وكان واضحًا أنه يحضر لرئاسة سورية، والسجل لباسل لا يقل عن سجل أبيه وهو
واضح رجل مجرم وشخصيته عسكرية أمنية ولا يقبل برأي آخر، ويعني أسلوب سلطة إجرامية بكل
معنى الكلمة. وسبحان الله جاءت على حين غرة وبدون مقدمات، وأنا أذكر فعلًا حين سمعت بوفاة باسل
الأسد كنت أنا أحرث على المحراث وأبي عنده المحراث وأدواته ومرة قال لي: تعال ساعدني بالحراثة
وبعد ما انتهيت من الحراثة ذهبت لأملأ المحراث بالمازوت وأنا أمشي لاحظت أن هناك شيء غير
طبيعي وصففت المحراث أمام بيت عمتي وزمرت زمورًا موسيقيًّا وخرجت بنت عمتي [لتوقفني]
وقالت: ما يوجد؟ وقالت: باسل الأسد مات فقلت لها باسل الأسد [مظهرًا سعادتي] فقالت: اسكت لا
تفضحنا، فكانت فرحة لنا أن باسل الأسد مات، يعني بدأنا نرى واحدًا من العائلة يموت، يعني فعلا هم
عائلة ليسوا آلهة ونريد أن نرى لحظة انكسار، فطول عمرهم كابسون على الناس وسرت مشاعر أمل
وسعادة تسري بين الناس وحتى بين أصدقائنا وأقاربنا حلينا وبعضهم ذبح ذبائحًا وبعضهم دعا بعضهم
للولائم أنها بداية انهيار لحكم آل الأسد.
وأنا كنت خطاط أكتب، ليس كمهنة وإنما كهواية -وحين يكون في أيام المدرسة، والحجاج حين
يحجون- وكنت خطاطًا وبعض المناسبات أكتب لهم وهي هواية لدي، وأتوا يريدون أن يعملوا لافتات
لباسل الأسد بعد ما مات ولافتات عزاء وكذا و "إلى جنان الخلد يا باسل" و "كلنا باسل" وأنا
قلت: مشغول بدراسة وما (شيء مثل) دراسة.
وفي المناسبة وهذه تقال يمكن كنت صف خامس وأصدقائي كلهم سجلوا في الكاراتيه وأنا أريد ذلك،
وأنا طول عمري الأول في المدرسة ويمكن أن الأوائل دومًا لديهم طقوس خاصة، ولا نحب أن نلتهي
كثيرًا، ودومًا كتبنا ودراستنا وأصدقائي ذهبوا وسجلوا في الكاراتيه
وذهبت إلى أبي وعملت معركةً لأقنعه أنني أريد أن أسجل وهو ليس لديه رغبة لسببين: السبب الأول:
أنت ليس لديك إلا مدرستك وستلهيك عن مدرستك، وأنت مالك غير مدرستك مالك بهذه الأشياء الغير
مفيدة، واثنان: الكارتيه بحاجة لرسم ومتابعة وأبي لا ينقصه، والمصروف ليس سهل، وبالإقناع،
وعلاماتي جيدة فوافق أبي، وسجلت في الكاراتيه ووصلت إلى الحزام البني، وأتى أستاذي ليرى أبي
في صلاة الجمعة ويقول: يا أبا ياسين نصر مستواه في المدرسة يتراجع، وأكيد سيتراجع لأنَّها أخذت
جزءًا من وقتي وحياتي، وذهبت إلى دمشق في بطولة وتدريب وقال له: ابنك صار في المدرسة
يتراجع، وقال أبي: لا تحلم بها، ووصلت إلى الحزام البني وتركت.
واعتذرت شعارات عزاء وقلت: يدي توجعني، وأني مشغول في القراءة وهكذا،
فأتى شخص لدينا في المدرسة ونصحني وقال: قيل عنك أنك رفضت أن تكتب لباسل الأسد ولا تضع
نفسك في فوهة المدفع واكتب لافتةً وانصرف عن الموضوع، وقلت: لن أكتب ولست فاضيًا (متفرغًا)
ولم أكتب ولم نكن كبارًا في تلك الأيام ويمكن وضعوها عندي في السجل وبعد ذلك حين تمت
الملاحقات في 2005 طلبوني في السويداء عدة مرات وفي تلك الفترة النظام أسهل أمر عليه الدفتر
الأمني أبو حيدر أبو جعفر أو المراجعة الأمنية تعال إلينا أو الاعتقال وكانت الغاية منها دومًا أن يشعر
الناس بالرعب وأنَّ هناك من يتابعك وأنت مراقب.
وهذه السنوات التي وعيت بها من الـ 90 فيما بعد ولا فترة إلا تسمع أنهم طلبوه للمراجعة أو عملوا
دراسةً أو اعتقلوه، والتهم هي جاهزة إما موضوع سلاح أو إضعاف الشعور القومي والإقلال من قيمة
الدولة أو التعامل مع العدو الصهيوني ودرعا لها حدود مع إسرائيل وخط جبهة أو إخوان مسلمون
عندما لا يجدون حجة ويكون الشخص متدين أو امرأته محجبة، فهذا تناسبه تهمة الإخوان المسلمين.
وحتى في بعض الأحيان تقع بعض الأخطاء أن واحدًا مسيحيًا وضعوه في المعتقل على أنه إسلامي،
وأي تهمة تزبط (تصح) عليه تمشي. ومن وقتها بدأ خطنا مع النظام يأخذ منحًى رسميًّا أنَّ هؤلاء
الجماعة ليسوا مع النظام، أي نعم لم نقم بممارسات كبيرة ولو أنه حصل بعض الممارسات.
يعني مثلًا وفي الفترة الأخيرة كان موضوع غزة وفلسطين هذا الحاضر الغائب، وشعور المحافظة تجاه
فلسطين وما يجري في فلسطين وحصار غزة، والنظام في تلك [القضايا] لم يكن لديه مشكلة ويمكن أن
تكون ضرته إلى حد ما، أنه سمح، وجعل الناس تتكلم عن فلسطين وتجمع التبرعات لغزة، وفي تلك
الفترة خرج كلام أنَّ المساعدات كلها تُسرق في دمشق من قبل النظام، وما يصل إلى غزة إلا من الجمل
أذنه والنظام يسرق كل شيء، وهذه كانت حاضرةً دومًا وقلما تهدأ، ونرى فترةً لا نرى كلامًا عن غزة
أو تبرعات لأهل غزة أو مسيرات خطابيةً ضد الاحتلال الصهيوني والنظام لم يكن ضد هذا الأمر
والنظام يريد دومًا أن يلتهي الناس، وخاصةً إذا أمر يقوي موقفه حيث يشعر بأنه يفعل شيئًا وأحسن من
أن تتكلم في السياسة والديمقراطية والأحزاب، لا [يا أخي اشتموا إسرائيل وهو يتفاهم معها.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/09/02
الموضوع الرئیس
التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسدمحافظة درعا قبل الثورةكود الشهادة
SMI/OH/130-03/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
قبل الثورة
updatedAt
2024/05/06
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةمحافظة درعا-محافظة درعاشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
حزب الله اللبناني
سجن صيدنايا العسكري
القيادة القطرية لحزب البعث