مجزرة الساعة واقتحام حي بابا عمرو
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:19:05:08
تحدثنا أن المظاهرة التي حدثت في يوم 25 آذار/ مارس 2011 كانت نقطة تحول في تاريخ محافظة حمص، والحقيقة ما جرى أيضًا يوم 19 نيسان/ إبريل 2011 في ساحة حمص عند الساعة الجديدة في حمص أيضًا كان نقطة تحول كبيرة جدًا، وبعد ارتكاب نظام الأسد عدة جرائم ترقى إلى مرتبة المجازر في بعضها في عدد من أحياء محافظة حمص مدينة وريفًا؛ وتحديدًا بعد ارتكاب مجزرة في باب سباع ومجزرة تل النصر "المقبرة" المجزرة الشهيرة؛ بدأت الدعوات للاعتصام في ساحة الساعة الجديدة في حمص، وهذه الدعوات لاقت تجاوبًا كبيرًا جدًا من أبناء محافظة حمص، فبدأ التوافد إلى هذه الساحة من كل أحياء مدينة حمص وقراها وبلداتها ومناطقها، وتم تنظيم هذه التظاهرة بشكل رائع من قبل مجموعة من الشبان من أبناء مدينة حمص، حيث تواجدوا على مداخل الساحة وقاموا بتفتيش الناس بأدب وهدوء حرصًا على منع دخول أي آلة حادة أو قطعة سلاح إلى المنطقة، وهؤلاء الشبان قدموا الماء وقدموا العصائر وقدموا العشاء للمتظاهرين، وهذا العشاء والماء والعصائر قدمها بعض من تجار حمص مشكورين، وقاموا بشكل رائع جدًا بتنظيم هذا الحفل حتى بالكلمات التي ألقيت عند الساعة الجديدة نفسها. والحقيقة ما جرى في ذلك اليوم كان رائعًا من تلاحم الناس فيما بينها وتعاضدها وتكاتفها، وفي ذلك اليوم بعض المتواجدين في الساحة صلوا صلاة العشاء واستمر في التظاهر، ومع وصولنا للساعة 10:00 مساء بدأت بعض الدعوات بإخلاء الساحة، وأذكر يومها أن من دعا إلى ذلك كان الشيخ سهل جنيد ومعه بعض رجالات الدين كحوري عثمان وغيره، التقوا مع رؤساء فروع الأمن وطالبوهم بأن يقنعوا الناس بالخروج، فكانت الرسالة أن ما أردتموه كمتظاهرين من جمعكم هذا قد تحقق، وأن أصواتكم وصلت باجتماعكم وهتافاتكم وماذا تريدون بعد؟ اذهبوا إلى بيوتكم، وخطابات وشعارات مثل الحفاظ على دماء المسلمين.
وفي هذه الأثناء كانت مجاميع من أجهزة الأمن تصل إلى مدينة حمص من محورين؛ من مدينة حماة ومن مدينة دمشق، وتصل هذه المجاميع إلى مناطق مجاورة لمنطقة الاعتصام، ما قمت به أنا بأني عند الساعة 11:30 أنا غادرت الموقع وغادر الكثيرون إلا أنه بقي جزء كبير جدًا من المتظاهرين في الساحة، وعند الساعة 01:00 أو ما بعد بقليل بدأ إطلاق النار على المتظاهرين، والبعض قال لم يُقتل أحد والآخر قال إن النار أُطلقت لترهيب الناس وترويعهم وإجبارهم على الخروج من الساحة، ولكن ما قمنا نحن به فيما بعد من استقصاء عن هذه المجزرة تؤكد أن مجزرة وقعت في ذلك اليوم وأن المخابرات الجوية في حمص متمثلة برئيسها العقيد جودت سليمان (المقصود العميد جودت الأحمد - المحرر) المكلف من اللواء جميل الحسن ومن ماهر الأسد ومن بشار الأسد متورطون في هذه الجريمة إضافة إلى من قَدِم إلى حمص من خارجها أو من باقي الأجهزة الأمنية في حمص، وسوف أصرح بأمر لأول مرة أذكره نحن قمنا بتوثيق مكان دفن تلك الجثث ومن نقلها وكيف نُقلت والى أين.
رقم الضحايا غير معروف ولكن من شارك في نقل أولئك الضحايا أكثر من 50 سيارة، ونعرف عائدية تلك السيارات لأي جهة في الحكومة السورية في الإدارات السورية.
وقام نظام الأسد صباحًا بإحضار سيارات الإطفاء ونظف المكان وشاهد دماء الناس وبعض قطع أجسادهم الكثير من الشهود الذين ما زالوا ومنهم مستعد للإدلاء بشهادته عقب سقوط النظام لأنه ما زال حتى الآن موجودًا في حمص، وقد يكون تسرح من العمل تقاعد وقد يكون ما زال ولكنهم كثر.
هنا يعزز جوابي السابق لك إنه لم نكن أمام حالة تنسيقيات أو تنظيم أو حالة فصائل يعني في المجازر الأخرى التي حدثت كان هناك حالة من التوثيق الأكثر دقة، وأما في الحقيقة في مجزرة الساعة لم نكن بعد في حالة منظمة أو حالة منضبطة، يعني تطوع الشباب تطوعًا من أجل تفتيش الناس الداخلين إلى الساحة وتوزيع ماء الشرب أو بعض العصائر أو بعض الأطعمة عليهم، أما هي فلم تكن حالة تنسيق أو حالة إدارة منضبطة لكي تصل إلى هذا الأمر. ونحن هنا نتحدث عن ظرف حدث زمانًا ومكانًا في ظل سيطرة مطلقة لنظام الأسد في حمص، وحتى سيارة الأمن تستطيع الدخول إلى أي مكان في حمص، حتى هذا التاريخ وهنا يتشكل عامل الخوف ويتشكل عامل: من أنا حتى أشتغل على هذا الموضوع؟ غدًا سوف يعتقلونني، فهذا الأمر يجب أخذه بعين الاعتبار، يعني حتى التوثيقات التي حصلت أو الاستقصاء الذي حدث قد حدث بعد فترة كبيرة من مجزرة الساعة.
أذكر في اعتصام الساعة حدث أن أُلقي عدة كلمات ومعظم المتنطحين لإلقاء هذه الكلمات كانوا من أهل محافظة حمص من الأحزاب اليسارية، وأذكر في هذا الصدد المرحوم منصور الأتاسي وغيره من بعض الشباب المتحمس المندفع، وقد أستحضر بعض الأسماء ولكن الآن ليست موجودة عندي.
أبناء محافظة حمص وما جرى معهم في الأشهر الأولى للثورة ونتيجة العنف والإجرام والإرهاب الذي ارتكبه نظام الأسد اتخذوا قرارًا بعدم العودة عن ثورتهم، فكانت أول مظاهر هذا الأمر قطع أي علاقة عضوية مع نظام الأسد، فكان تكسير الهويات، وأصبح أحدنا في حمص يعلن فك ارتباطه مع النظام ومؤسساته من خلال كسر هويته إيذانًا منه بعدم العودة إلى هذا النظام ومؤسساته، وهذه الظاهرة انتشرت كثيرًا في حمص، وهذه الظاهرة اختصت فيها محافظة حمص، ومن المؤسف أن الكثير من أبناء محافظة حمص يعانون الأمرين الآن في مناطق نزوحهم في إدلب وعفرين وجرابلس والباب، عندما يقوم أحد الحواجز بتوقيفهم وطلب هوياتهم يقول له الشاب أنا من حمص وأنا كسرت هويتي فتعال وأقنع هذا الرجل بالشيء الذي حصل عام 2011، يعانون الأمرِّين أبناء محافظة حمص في هذا الأمر وأتمنى من المسؤولين في هذه المناطق أن يراعوا هذا الأمر ويأخذوه في حسبانهم.
بعدما جرى في اعتصام الساعة في 19 نيسان/ أبريل 2011 ازدادت حدة المظاهرات في حمص بشكل عنيف جدًا الأمر الذي قابله نظام الأسد بدعم حواجزه الأمنية والتشبيحية بالمدرعات والآليات العسكرية، واستمر هذا الأمر حتى نهاية شهر نيسان/ أبريل من نفس العام، كانت حمص مغطاة بالكامل بالحواجز والدبابات وعربات البي إم بي ومختلف أصناف الآليات العسكرية، وقطعت أوصال حمص تقطيعًا، ووضعت هذه الحواجز ليس فقط عند تقاطع الطرقات وعلى رؤوس الشوارع الرئيسية والمفارق؛ وإنما وضعت بمثابة ثكنات عسكرية في المدارس والمستوصفات والبلديات وكافة الدوائر الحكومية، وفي هذا جرم يضاف على جرائم نظام الأسد الذي استغل تلك المباني لغايات أخرى وحولها إلى ثكنات عسكرية وقام بتدشيمها وتدشيم أسطحها ونصب حتى على أسطحها الرشاشات والقناصات، الأمر الذي قيد حركة المتظاهرين وانتقالهم من منطقة إلى أخرى، فردة فعلهم كانت أن كل منطقة تقوم بمظاهراتها لوحدها.
كان يوم 6 أيار/ مايو 2011 وفي هذه الصورة العسكرية لانتشار قوات نظام الأسد يومًا أيضًا مميزًا في حمص وفي هذا اليوم يفترض أن تقوم مظاهرة في حي بابا عمرو، فأبناء المنطقة المجاورة المتواصلين سكانيًا مع حي بابا عمرو رغبوا بالنزول إلى الحي وبالفعل تشكلت مظاهرة في قرية تل الشور التي سارت إلى الطريق وصولًا إلى جوبر وصولًا إلى منطقة السلطانية، وفي كل محطة كان ينضم إليها أناس آخرون، وكان هناك أحد حواجز النظام فيما يسمى باسم مفرق كفر عايا وهو الذي يفصل منطقة السلطانية عن بابا عمرو، ومنع هذا الحاجز المتظاهرين من الوصول إلى بابا عمرو فتحرك قسم من المتظاهرين من بابا عمرو إلى هذا الحاجز ليشكلوا ضغطًا معنويًا عليه، إلا إن الأوامر جاءت لقيادة الحاجز باستهداف المتظاهرين بالنار، وهذا ما تم فعلًا وأطلقت النار على الناس العزل المتظاهرين وقُتِل عدد منهم نسأل الله أن يحتسبهم من الشهداء، وفزع الآخرون وانتشروا في الأحياء، إلا إن ردة الفعل من الأهالي الذين قُتِل أبناؤهم أو من غيرهم كانت كبيرة جدًا، لدرجة أنه تم الهجوم على هذا الحاجز وقتل كل من فيه من عناصر الأمن والشبيحة وعددهم تجاوز الـ 60. وهذه الحادثة شكلت ردة فعل عنيفة جدًا عند النظام السوري الذي بدأ في يوم 8 أيار/ مايو 2011 بهجوم على حي بابا عمرو ثم السلطانية ثم جوبر وصولًا إلى تل الشور ثم قرية المشاهدة وقرية زيتي البحرة، وقتَلَ عددًا من الناس ولم يحدث أي اشتباك في هذا الهجوم. وهنا وفي هذا الصدد أود أن أنبه لأمر هام جدًا: في يوم 8 أيار/ مايو 2011 دخل جيش بشار الأسد إلى بابا عمرو بقوة عسكرية كبيرة جدًا وانتشر في كافة أحيائها، وطبعًا دخوله كان عقب خروج ما يزيد عن 80,000 من أبناء الحي هروبًا إلى المناطق المجاورة خارج أوتستراد حمص- دمشق، ما يسمى باسم "التحويلة" (خارج التحويلة) وبقي من بقي في الحي، فقام بإجراء عمليات تفتيش ومداهمة واعتقالات واسعة في كل الحي، وفي هذه الأثناء وفي هذا الجو وعند الساعة 12:00 ليلًا وصل قطار إلى محطة كفر عايا، وكان في هذا القطار مجموعة غريبة من البشر ليسوا سوريين، وكانوا إيرانيين وعددهم يزيد عن 50 شخصًا، وتم نقلهم من محطة كفر عايا إلى مفرق كفرعايا ومن هنا دخلوا إلى بابا عمرو سيرًا على الأقدام، وكان معهم أسلحة نارية ومعهم سلاح أبيض، ودخلوا إلى بابا عمرو وبقيوا حتى الصباح وخرجوا ولا نعلم حتى الآن ماذا فعلوا في بابا عمرو، والملفت للانتباه أنه بعد وصول أولئك المجموعة إلى محطة كفرعايا حدث خلاف بين الجيش المتواجد في المحطة وبين أجهزة الأمن، وهذا الخلاف تطور إلى تلاسن بالألفاظ وتطور إلى عراك وتطور إلى إطلاق نار، وكانت أصوات الأوامر بإطلاق النار من الجيش على عناصر الأمن على المايكروفون الخاص على المايك الخاص بمؤسسة السكك الحديدية في المحطة، بمعنى أن كل من في المنطقة في السلطانية غرب المحطة وفي كفرعايا شرق المحطة قد سمع الصوت، وعرّف عن نفسه: أنا العميد فلان أطلقوا النار على الأمن، وبالفعل حدث اشتباك عنيف وتدخل بعدها جيش قوات من خارج المحطة لقمع الجيش، وهذا العميد أبلغت فيما بعد أنه بعد هذه الواقعة قد هرب وقُتل في مقبرة مسكنة الشق المسيحي وهناك تمكنت الأجهزة الأمنية منه وقتلته وأتمنى أن أعرف حتى الآن من هو هذا الرجل ولم أستطع، ولكن هذا الأمر كان مُشاهَدًا من قبل الموظفين في المحطة ومسموعًا من قبل الأهالي كلهم في المنطقة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/10/27
الموضوع الرئیس
التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسداعتصام الساعةكود الشهادة
SMI/OH/97-03/
أجرى المقابلة
منهل باريش
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
نيسان 2011
updatedAt
2024/07/23
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-كفر عايامحافظة حمص-بابا عمرومحافظة حمص-ساحة الساعة الجديدةمحافظة حمص-محافظة حمصشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الجيش العربي السوري - نظام
فرع المخابرات الجوية في حمص / المنطقة الوسطى