الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

سيرة ذاتية، مدينة الباب وأحداث الثمانينات

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:27:23:05

أسامة نعوس العمر 41 سنة، خريج معهد هندسي من جامعة حلب 2001 عملت بعدها في التجارة وفي مجالات حرة بعد الخدمة الإلزامية وناشط في الثورة

مدينة الباب تعتبر أكبر ريف لمحافظة حلب وتبعد عن حلب 40 كم وتشتهر بعدة أمور وغالب طابع المدينة هو زراعي، وتتميز بصناعة الألبان والأجبان، وصلة القرابة بين المدينة و"الباب" كبيرة بسبب قربها من مدينة حلب وخاصة من الطرف الشرقي لمدينة حلب؛ مناطق الشعار وطريق الباب والميسر، وفيها عدد من الشخصيات المهمة في مدينة الباب من عشرات السنين مثل الشيخ عبد الوهاب سكر، وهو من الأشخاص الذين كتبوا الدستور في الخمسينات 1951، ولاحقًا كان هناك معاصرين مثل الدكتورة نجوى عثمان مختصة في التاريخ وعائلات مختصة في العلم الشرعي والديني مثل الشيخ محمد علي المسعود، وشخصيات ثانية كثيرة موجودة في الباب.

وتتميز بأنَّها مدينة صافية ممكن نقول عنها، وكلها مسلمون وليس هناك من إخوتنا من باقي الطوائف أو الأديان، ولدينا نسبة من الأكراد والتركمان والباقي مسلمون سنّة، وتتميز المدينة كباقي حلب ومدن سورية أنَّها مدينة محافظة، يعني يوجد التزام في الأديان وعدد كبير من المساجد وتتميز بالاهتمام بالعلم الشرعي مثل باقي مناطق محافظة حلب، وتتميز النساء بالحجاب ولا يوجد عندنا مناظر مثل المدن الكبيرة وتتميز بذلك الأمر مدينة الباب، العادات الموجودة في المدينة باعتبارها مدينة نصف ريفية وهي قريبة للمدنية والريف في ذات الوقت، ولها قرى كثيرة تابعة لها ونواحي كثيرة تابعة لمدينة الباب وهي في ذات الوقت تابعة لحلب، فأصبح فيها خليط من المجتمعين: المجتمع المدني والريفي، وتتميز بصلات قرابة كبيرة بين كل المكونات الموجودة فيها من الكردية والعربية والتركمانية وحتى هناك بعض الشركس وبعض العائلات الأرمنية القديمة التي استوطنت في الباب وأصبحت من سكان المدينة، وعدد سكان الباب يقارب 125 ألف سابقًا وهذا من إحصاءات 2009 ومثل كل المجتمع العربي والمجتمع السوري فيها عادات كرم وعادات حب الضيف وإكرام الضيف، وأي حارة وأي مكان فيه ميت ترى الأفراح تتأجل في الحارة يعني غير الذي أصبحنا نراه بعد ذلك، والاقتراب من الحياة المدنية جعل العادات تتغير ولكن ماتزال العادات يتمسك بها الناس.

الجامع الكبير في مدينة الباب يعتبر أقدم معلم في المدينة، وهناك معالم أخرى مثل جبل الدير فيه مغر، وتل بطمان فيه آثار رومانية قديمة، ومعلم الجامع الكبير يمكن إعادته إلى الحقبة التاريخية وقريب من عهد المماليك وهذا بسبب الطريقة المعمارية الموجودة به وبعض الأمور التي توحي بتلك الفترة وهذا الكلام من الأشخاص الذين درسوا الآثار والتاريخ وكان لديهم مقارنات ويعرفون ذلك، والجامع الكبير مئذنته تعتبر أثرية وخلال الترميم الأخير الذي حصل في عام 2019 للمسجد الكبير، وطبعًا تهدم كثيرًا منه خلال قصف النظام والقصف الذي حصل أثناء معركة تحرير الباب من "داعش"، فتهدم الكثير من الجامع الكبير وتم ترميمه، ولكن خلال الترميم كشفت أشياء جديدة، وهي نوعية الحجارة المعمر بها سابقًا ونوعية النقوش، وكان يوجد نقوش على الجدران يعني توحي بتاريخ قديم للمسجد وأنَّه سابقًا ربما كان معبدًا قبل أن يكون مسجدًا، وخبراء الآثار هم الذين لديهم تأكيد على هذا الكلام أو نفيه.

الجامع الكبير موقعه وسط المدينة، وتجمع مدينة الباب سابقًا هو عبارة عن المنطقة المحيطة بالجامع الكبير، وكل الناس متعلقون بالجامع الكبير وهو جامع مركزي وأكبر جامع في المدينة، والمركزية التي يحتلها، فكان له أهمية كبيرة لدى الناس وقِدمه التاريخي وعدم وجود قبور فيه، وسابقًا الناس تأخذ هذا بعين الاعتبار؛ إنه مسجد فيه قبور أو أولياء فهو بعيد عن كل تلك الأمور، وفعلًا اسمه الجامع الكبير، تلتقي كل الناس حوله وفيه، وأهل المدينة القديمة في المدينة يعتبرون هم أساس المدينة ولذلك كان يوجد تكتل كبير حوله وأصبح يوجد جوامع جديدة لاحقًا على أطراف المدينة، ولكن إلى الآن حتى تاريخ 2021 الناس تأتي من أقصى المدينة لتصلي في المسجد الكبير، فيه روحانية مميزة وليس فيه مناظر ولا يوجد فيه إسراف وبذخ مثل المساجد التي بنيت فيما بعد، والناس ترتاح به روحانيًا، وتاريخيًا له اسم كبير.

بحكم أن مواليدي 1980 وطبعًا كل الناس تعرف التاريخ من خلال قراءة الكتب وشهود العيان، وإذا تحدثت عن الحقبة قبل ولادتي فهي حقبة مرت بها سورية بعد سقوط الدولة العثمانية وبداية تأسيس الدولة السورية وتشكيل مجلس الشعب السوري، وجاء الاحتلال الفرنسي وحاول تقسيم سورية إلى عدة دويلات؛ أربعة دويلات وهي: دولة الساحل ودولة حلب ودولة الدروز ودولة دمشق، وفشلت التقسيمات في تلك المرحلة بسبب الوعي لدى الشعب السوري في تلك الفترة ووجود مناضلين في الفترة السابقة في سورية، والباب في النهاية هي جزء من المجتمع السوري وكان هناك جزء كبير من الناس المشاركين في الثورة، وحتى في فترة التحرير من المستعمر الفرنسي والبعض منهم مات منذ سنوات، وطبعا ناهيك عن المشاركة التي شاركها أهالي الباب سابقًا مع الدولة العثمانية قبل سقوط الدولة العثمانية وكان هناك شهداء كثر، والآن بدأت تُذكر هذه الأمور ومعركة "جناق قلعة" وجدي لأبي هو منهم، وموجود قبره في المقبرة نفسها.

والتجربة السورية هي أكثر تجربة نوعية في الوطن العربي بتشكيل مجلس الشعب والانتخابات بعد سقوط الاحتلال الفرنسي، وطبعًا فترة النضال كانت طويلة حتى تحررت سورية عام 1946 وبدأ ظهور الحياة السياسية في تلك الفترة، ويتكلم الناس الذين عاصروها وإلى الآن موجودون أنه كان يُوجد هناك حرية في ذلك الوقت ودستور جيد يحكم البلاد تم وضعه من قبل أشخاص مختصين ومن قبل أشخاص عايشوا الوضع، وكان يوجد الكثير من الانقلابات العسكرية التي كانت تحصل كثيرًا ومعظمها كانت انقلابات سلسة كان يتم برأس السلطة في العهد السابق وإسقاط رأس السلطة، وكان يستلم سلطة جديدة، والشعب ليس هناك قتل أو دمار إلا بعض الأجزاء في مدينة دمشق كان الجيش يسيطر فيها على فرق معينة وتحصل انقلابات، وكل الناس الذين يتحدثون عن الحقبة السيئة التي كانت من بعد الوحدة بين سورية ومصر وكان فيها دور البعث (حزب البعث) كبيرًا في إفشال الوحدة بين سورية ومصر، ولا نتكلم عن إيجابياتها وسلبياتها وكان لها سلبيات وإيجابيات كثيرة، ولكن بشكل عام حزب البعث حين بدأ يتغلغل في مفاصل الدولة والجيش وثورة الثامن من آذار/ مارس عام 1963 التي قام بها حزب البعث كانت بداية تغيير كبير في الحياة السياسية السورية وبداية لقمع كبير في الحريات، حتى أتى الانقلاب الذي قام به حافظ الأسد وأسماه "الحركة التصحيحية" وهو مجرد انقلاب عسكري مثل الانقلابات الأخرى ولكن بقبضة حديدية استطاع السيطرة على الحكم في سورية وتحويل الأصوات التي ضده إلى مجموعات إرهابية، وطبعًا بتغطية دولية وبقبول دولي، وفي الفترة تلك لم يكن هناك إعلام كبير والناس رأت المعارك التي كانت تحصل مثل "معركة تشرين" (تشرين الأول/ أكتوبر 1973) وكثير من الناس يتكلمون موجودون إلى الآن، رغم أنها كانت بيعًا وشراءً في النهاية "معركة تشرين" وكثير من الناس شهود العيان قالوا إنهم شربوا من بحيرة طبريا وإذ تأتيهم الأوامر بالانسحاب، يعني الحياة السياسية كانت معتركًا كبيرًا في ذلك الوقت، ووجود أناس مناضلين كانوا مصرين على مواقفهم تمت تنحيتهم من قبل نظام البعث وخاصة حافظ الأسد بعد أن مكّن السلطة لنفسه في سورية. وفي تلك الفترة كان يوجد تزاوج بين السلطة ورؤوس الأموال، واستطاع حافظ الأسد أن يجمع هذه الخيوط كلها في يده ويصفي كل معارضيه، وأتت الفترة بعد عام 1980 ولو أحببنا أن نتكلم عن شيء رأيته بعيني يعني إذا تكلمنا عن الجانب الاقتصادي، كانت سورية في ذلك الوقت تمر بأزمة اقتصادية كبيرة في تلك الأيام بسبب سياسة حزب البعث، وكل الناس تذكر أنَّ الدولار كان يساوي 4 ليرات وتحول خلال فترة حافظ الأسد إلى خمسين ليرة وهبطت قيمة العملة كثيرًا، والأزمة على الخبز والتي مررنا بها في التسعينات وحولها، وهي مستمرة إلى الآن ولكن في تلك الفترة كنا نذهب إلى أفران الخبز قبل خمس ساعات ونقف على فرن الخبز في الدور حتى نضمن أن نأخذ ربطة خبز في النهاية، والمواد التموينية كلها تصرف عن طريق "البونات" و"البونات" هي قسيمة يعطيك إياها لكل فرد له كيلو سكر في الشهر وبعد ذلك أصبحت خلال ثلاثة أشهر، وطبعًا أردأ الأنواع تتوزع من السكر والشاي والرز والمحارم التي لم نكن نحلم بها، وأذكر كنا نقف من الساعة 11 ونصف ليلًا على براكية الخبز لنستطيع أخذ ربطة خبز في النهاية ونحن أطفال، ونفس الشيء الكبار في السن لم يكن يوجد إمكانية للحصول على ربطة الخبز. وهذا الأمر مسيّس في النهاية ومرتبط بالسياسة، ولا نستطيع أن نضعه في الجانب الاقتصادي لوحده، ولكن حافظ الأسد في القبضة التي مارسها على الشعب كان يجوّع الشعب ليستلم قراره ويلتهي (ينشغل) الشعب برغيف الخبز ولا يفكر بأي شيء في الحياة السياسية أو التغيير في سورية، وكان همّ الفرد في تلك الفترة أن يؤمن الخبز لأولاده، والرواتب كانت متدنية جدًا جدًا، وأنا أذكر توظفت في فترة في مدرسة كانت الرواتب 2300 ليرة في الـ 1998 كان راتب الموظف وأنا كوكيل كان راتب وكيل المدرسة 2300 والمدرس المعين كان يقبض 2100 ليرة ولا يأخذون منا ضرائب ويأخذون من الموظف الرسمي، و2200 ليرة لا تكفي الموظف أربعة أيام حتى يعيش وإذا عاش فهناك ضائقة مالية عليه وعلى عائلته، يعني راشيتة الدواء (وصفة الطبيب) لا يستطيع صرفها، ولدينا واجهات كلها كذب يقول لك مؤسسة ويوجد دعم للمعلمين يعني مثلًا مؤسسة الألبسة، وأنت طبعًا تذهب إلى مؤسسة الألبسة وهي مؤسسة فاسدة مثل كل المؤسسات، وإذا احتجت إلى لباس فيوجد أردأ الأنواع، وقد لا يكون معك المال فيجعلونك تضطر لبيع كرت الألبسة الذي يعطوه لك وقيمته 700 ليرة تبيعه بـ 200 ليرة لتذهب تشتري جراب أو شيء يناسبك.

والحياة السياسية طبعًا كانت قمع حريات، واستطاع حافظ الأسد بعد الثمانينات (أحداث الثمانينات) أن يقمع السوريين بشكل هائل جدًا وأضعاف ذلك قبل الثمانينات، وهو استغل مرحلة الإخوان المسلمين والشيء الذي حصل في تلك الفترة والقانون الذي وضعه في الدستور السوري المادة 49 على ما أعتقد أن أي شخص يثبت عليه جرم التعاون مع الإخوان المسلمين كان حكمه الإعدام في سورية، واستطاع خلال تلك الفترة أن يقمع كل الحياة السياسية، ونحن كنا نذكر كل الناس الكبار يوصوننا أن "الحيطان لها آذان" ولا تتكلم في المدرسة ولا تتكلم في الجامعة ولا تتكلم في العسكرية (الخدمة العسكرية) لا تتكلم ولا تأمن جانب أحد، وانتشرت تلك الثقافة بين الشعب نتيجة القمع، وأي كلمة تحكيها كان الأمن مسلطًا على رقابنا ومباشرة يعتقلك ولا أحد يعرف أين مكانك لعشرات السنوات، وأذكر أحد أقربائي في تلك الفترة كان عريسًا لشهر وتم سجنه بتهمة الإخوان المسلمين لمدة 15 سنة، وهو لمجرد أنَّه كان يجلس جلسة مع أناس لا يعرف أنهم منظمون مع الإخوان المسلمين، وتم سجنه 15 سنة، ومثله كثير من الأشخاص في نفس الفترة مروا بها ظلمًا وعدوانًا، عدا عن المحاكمات الشكلية التي يقوم بها النظام تحت حكم الدستور الذي يحميه كان، ويحمي العناصر الأمنية لديه وكثير من الناس ماتوا تحت التعذيب، ومجزرة حماة الشهيرة والتي راح بها الآلاف ولا نستطيع أن نقدر العدد الحقيقي، ومجزرة سجن تدمر التي حصلت، آلاف السجناء تم إعدامهم ميدانيًا عن طريق رفعت الأسد وأركان الحكم القائمين مع حافظ الأسد في تلك الفترة ناهيك عن الجرائم الثانية التي حصلت في كل سورية، والحياة السياسية كانت غائبة وليس هناك نشاط سياسي والأحزاب الموجودة في سورية ربطها كلها بالجبهة الوطنية التقدمية وهي من المفترض أن تكون معارضة وتطالب بحقوق المواطنين وكانوا هم تحت جناح حزب البعث، ووضع المادة الثامنة للدستور والتي هي "مبدأ الحزب القائد" وحزب البعث هو القائد لكل مؤسسات الدولة والمجتمع يعني كل مؤسسات الدولة والبلديات لأي شيء آخر للمؤسسات والمديريات كلها لا يجوز أن يكون فيها مدير إلا من حزب البعث والموظفين في الجيش والقطاع العام والقطاع المشترك كلهم كانوا بعثيين ويجب أن يكون لديهم موافقات أمنية لاستلامهم أي منصب من أصغر المناصب؛ يعني مدير مدرسة لا يجوز أن يكون إلا بعثيًا، ومؤذن في الجامع يجب أن يكون بعثيًا، وجعلوا الحياة مقرفة للسوريين، كبت وظلم فظيع جدًا ناهيك عن التعتيم الإعلامي الذي كان، ونحن السوريين لا نعرف إلا القناة الأولى الموجودة في سورية والنظام يبث الذي يريده وزرع فكرة المقاومة والممانعة بأنَّ الدولة السورية هي مقاومة وممانعة ضد الاحتلال الصهيوني وهذا الشيء كان يغذي الشعب به من خلال الإعلام الوحيد ووجهة النظر الواحدة التي يلقيها على آذان الشعب السوري وأسماعهم. وفي مرحلة معينة كانت القنوات الفضائية ممنوعة والقمع في كل المجالات السياسية والإعلامية والاجتماعية، والقمع شامل يمكن اعتباره تجاه الشعب السوري.

الذي حصل في مدينة الباب في الثمانينات فترة الإخوان المسلمين، وطبعًا مدينة الباب لم يحصل بها الذي حصل في حماة، وكلنا نعرف أنه حصل في حماة قصف ومجازر كبيرة في حماة، وكانوا يخرجون الناس ويرشونهم (يطلقون النار) كل شيء شباب نساء أطفال يقتلونهم في الشوارع ناهيك عن القصف المدفعي الذي قصفوا فيه المدينة، ومدينة الباب في تلك اللحظة تم إنزال عناصر فيها من سرايا الدفاع والصراع والتي كانت تابعة لرفعت الأسد في الفترة السابقة قبل تشكل الفرقة الرابعة والقوات الخاصة التابعة لرفعت وتم إنزال عناصر بالمروحيات وتم اقتحام البيوت وكان يوجد مراعاة نوعًا ما لمدينة الباب بحكم أن العماد حكمت شهابي وهو أحد أركان الدولة السورية مع حافظ الأسد ومصطفى طلاس وضباط المخابرات الذين كانوا في الصف الأول في تلك الفترة، فكان يوجد مراعاة نوعًا ما لمدينة الباب، وبالطبع كان يوجد اقتحامات، ويقتحمون البيوت كلها بطرق مهينة، والذي يريدون أن يعتقلوه أكيد خرجوا وهربوا خارج البلاد، واقتحام البيوت وتفتيش البيوت. عمتي ذكرت لي وهي لم يكن لديها أولاد إنهم دخلوا على البيت ومجرد أن اعترضت عليهم بأمر أنهم يدخلون أحد البيوت خربوا لها البيت وخلطوا الرز مع السكر مع غيرها من المؤونة الموجودة في المطبخ ومضايقات كثيرة للأهالي في تلك الفترة والناس لا يستطيعون أن يخرجوا من بيوتهم والعساكر الذين يخدمون في الجيش تم منع الإجازات ولا يعرفون ما يحصل، وتكتم إعلامي كبير، والأمر الوحيد الذي راعوا فيه أهالي مدينة الباب هو أنها فيها عائلة الشهابي التي تعد من أكبر العائلات في مدينة الباب بحكم صلة القرابة مع العماد حكمت شهابي فكان يوجد مراعاة نوعًا ما للمدينة، وطبعًا لأنه لم تحصل أية ردة فعل من الأهالي وكان الجيش الذي اقتحم المدينة وقتها؛ لو حصلت أية ردة فعل من قبل الأهالي كان يوجد أوامر بالقتل المباشر والقصف حتى قد تصل.

فكرة أنَّ الاعتقال والإساءة لهم وأخذوهم بالسيارات حصل هذا في المدينة، ومنهم أبو شحود الحطاب وهذا تذكره كل أهالي المدينة، والذي حصل بعدها في التسعينات تدخل بها بعض الشخصيات وسمحوا للذين فروا من الإخوان المسلمين أن يرجعوا إلى سورية ضمن شروط معينة، ويوجد شيء نعرفه وشيء لا نعرفه، والكلام الذي قيل إنهم أعطوا أسماء مطلوبين للنظام ويجب أن تعطونا أسماء لنسوي وضعكم، وحصل في وقتها تدخل من (الشيخ) البوطي، وكان يوجد تقارب بين حافظ الأسد والسعودية كان الملك فهد بوقتها والأمير عبد الله، وكان يوجد علاقات جيدة جدًا مع حافظ الأسد، وكان يوجد الكثير من الوساطات حتى يقبلوا رجوع الناس لسورية، ورجعوا تحت تشديد أمني كبير وكثير من أهالي مدينة الباب مثل كل سورية أذكر شخصيات رجعت إلى الباب مثل محمد جمعة الشخويص وحسن عبد الحميد وشخصيات كثيرة من مدينة الباب، وتزامن خروج المعتقلين من السجن مع عودة هؤلاء وخرج كثير من الأشخاص من السجن من الإخوان المسلمين، ومنهم ابن عمي كان مسجونًا وخرج، وطبعًا تحت تشديد أمني كبير، ومراجعة للفروع كثيرًا، وكل شهر ستراجع فرع الأمن العسكري وأمن الدولة، والذين كانوا في الخارج بصعوبة عادوا إلى هنا، ولديهم هاجس الخوف أن يرجعوا إلى هنا ويتم اعتقالهم، ولكن يبدو كان يوجد كفالات دولية من السعودية وتدخل البوطي وغيره وحاولوا يرجعوهم ولكن بعد ما بلغوا من الكبر عتيًا وصار عمره سبعين وثمانين في تلك الفترة.

أنا درست الإعدادية والثانوية في ثانوية البحتري وهي أول ثانوية في مدينة الباب، ويمكن تم بناؤها في الستينات، ومعظم أهالي الباب في تلك الفترة درسوا بها، وبالنسبة للأمر الذي رأيته في الفترة الإعدادية في الـ 93 وبعد ذلك وفترة الإعدادية والثانوية وفي فترة الابتدائية كانوا ينسِّبون الطلاب كلهم لمنظمة طلائع البعث، وهي منظمة تابعة لحزب البعث وهدفها تغذية الطفل وهو صغير بفكرة القائد الواحد الذي هو حافظ الأسد والدفاع عنه وحبه واعتباره المخلّص للدولة السورية من كل شيء وهو المدافع الأول عن سورية وكل شيء يحصل في سورية من منجزاته، حتى تخيل إذا تعمر جدارًا أو تم زرع شجرة فهي من منجزات الحركة التصحيحية، يعني حتى يكبر الطالب من الابتدائية وينتقل إلى الإعدادية يوجد شيء اسمه منظمة شبيبة الثورة وهي نفس الشيء لتضم الشباب وتزرع الفكرة وتنميها فيهم، وتجري لهم اجتماعات معينة ونشاطات معينة وطبعًا ربطها كلها في القائد وحافظ الأسد وحزب البعث هذا الهدف الواضح منها، وفي المرحلة الثانوية يبدؤون بتنسيب الطالب لحزب البعث، والطالب يكون عمره تقريبًا 17 سنة أو 16 سنة ويبدؤون بتنسيبه لحزب البعث، وطبعًا التنسيب هم يوحون لك أنه غير إجباري ولكن هو إجباري، ويطلبوا من الطلاب كلهم أن يتقدموا بطلب انتساب لحزب البعث ولا أحد يجرؤ أن يقول إنني لن أتقدم بطلب وفورًا سيكون مغضوبًا عليه أمنيًا أو عائلته أو كذا، فكان هناك توصية دومًا من الأهالي أنه يا ابني تنسّب لحزب البعث ولا يوجد أي مشكلة لأنَّه في الآخر لن يتم توظيفك إذا لم تكن في الحزب، أذكر كنا في الصف العاشر في 1995 تقريبًا، جاء موفد من شعبة الحزب الموجودة في الباب وهي شعبة تابعة لفرع الحزب في حلب وطلبوا من الطلاب أنه: نحن حزب البعث أهدافه وحدة حرية اشتراكية، وهدفه وحدة الدول العربية وهدفه حرية المواطن العربي وهدفه القضاء على إسرائيل وتحرير فلسطين، كانوا يزرعون هذه الأفكار وأي شخص يحب أن تكون الدول العربية مجتمعة وتتحرر فلسطين ويأخذ الفلسطينيون حقهم، وكان يتاجر بهذه القضية مع الشباب ومع وجود الخوف والتوصية من الأهل أنَّه هكذا أمور تجاوبوا معها بشكل إيجابي؛ كان الطلاب بشكل لا إرادي ينضمون لحزب البعث، ويقول لك سجل اسمك واجلب دفتر العائلة أو هويتك ويأخذون بياناتك ويسجلونك وينسبونك لحزب البعث، وتصبح عضوًا نصيرًا في حزب البعث، وحزب البعث فيه مرحلة العضو النصير، وبعدها مرحلة العضو العامل، والعضو العامل يجب أن يكون له عدة سنوات مُنَسّب إلى حزب البعث، بعدها حتى يتطور ويصبح عضوًا عاملًا، وطبعا العضو العامل هذا يمكنه وهذه الميزة تسمح له بالحصول على مراكز أفضل فيما بعد، يعني بعد أن ينتهي من الدراسة يتوظف في أي سلك من الدولة ويحصل على مراكز معينة وإلا فسيبقى مغضوبًا عليه وحتى وظيفة لا يتم توظيفه.

أتذكر في وقتها في الصف العاشر نسبوا كل الطلاب في الصف ونحن كنا 40 طالبًا ما عدا خمسة أو ستة طلاب، وكنت واحدًا منهم في البداية، وبعد ذلك قبلوا تنسيبي لحزب البعث والذين لم يقبلوا تنسيبهم كان لهم أقرباء في الإخوان المسلمين، وأحد الشباب كان عمه متهمًا بالإخوان المسلمين والشخص الثاني كان أحد أقربائه متهمًا وأنا كنت متهمًا أن ابن عمي في السجن، وعلى هذا النموذج، وأذكر مرة دعونا بشكل انفرادي نحن الخمسة وذهبت إلى هناك وكان موجودًا مندوب شعبة الحزب أبو راغب أبو نعسو كان اسمه، وعبد الناصر صباغ أمين السر في المدرسة والمدير عدنان حساوي ومنهم موجودون إلى الآن ومنهم ماتوا، وكان اللقاء وسألوني عن أشخاص في الإمارات وقلت لا أعرف إذا لدي أقرباء في الإمارات أو يقربوني أو لا، وقالوا يوجد رسام فقلت لا أعرف وهو قد يكون من أقارب والدي ولا أعرف وفعلًا أنا عمري 16 سنة ولا أعرف الأقرباء الكبار من يكونون في الخارج، وطبعًا المدير وأمين السر هم أعضاء عاملون في البعث، ومروجون لحزب البعث، ولهم تعامل مع الأفرع الأمنية والمخابرات كاملة، ورحت أنا وسألوني يا ابني هل ستنتسب لحزب البعث قلت طبعًا وقال لا يوجد مشكلة اذهب وبعد سنة حتى أرسلوا خبر أنه تم قبولك، وأنا هنا كنت في الصف الحادي عشر وأعتقد بقي شخصان لم يقبلوهما أبدًا، لأنَّه كانت لديهما صلة قرابة مع أناس متهمين بالإخوان، ربما من الدرجة الأولى، وأحد الأشخاص كان عمه، وهذا لم يقبلوه أبدًا وكان الموضوع شبه إجباري والناس لديها خوف وبالنهاية أنا أدرس ولن يوظفونني إلا إذا كنت في حزب البعث والذي يكون في حزب البعث له ميزات وأنت في الجامعة أو في البكلوريا حين تأتي تسجل في الجامعة وتنقصك علامة من أجل فرع معين إذا كنت من حزب البعث يعطونك علامة يساعدونك بها وطبعًا بعد أن يجروا لك معسكرًا ثانيًا ليساعدوك بعلامة توفر عليك جهد سنة كاملة، ولذلك الناس تقبل وتندفع لتمشي مصلحتها وأمورها ضمن الدولة سابقًا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/03/01

الموضوع الرئیس

أوضاع ما قبل الثورةالتركيبة الاجتماعية

كود الشهادة

SMI/OH/77-01/

أجرى المقابلة

بدر طالب

مكان المقابلة

الباب

التصنيف

مدني

المجال الزمني

عام

updatedAt

2024/03/22

المنطقة الجغرافية

محافظة حلب-مدينة الباب

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

الجبهة الوطنية التقدمية

الجبهة الوطنية التقدمية

منظمة طلائع البعث

منظمة طلائع البعث

اتحاد شبيبة الثورة - النظام

اتحاد شبيبة الثورة - النظام

سرايا الصراع

سرايا الصراع

سرايا الدفاع

سرايا الدفاع

الشهادات المرتبطة