الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تفاصيل اللقاء التشاوري للمعارضة في الدوحة، التوافق والاختلاف

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:24:09:14

قبل أن ندخل في تفاصيل اللقاءات التحضيرية لتأسيس المجلس الوطني (السوري)، أريد أن أوضح بعض النقاط المتعلقة باللقاء التشاوري للمعارضة السورية التي استضافتها الدوحة في بدايات أيلول من عام 2011.

أستطيع أن أقول: إن هذا اللقاء بدأ بداية إيجابية، وكانت هناك مكونات أساسية من المعارضة السورية ومن الداخل السوري على اعتبار أن هناك أشخاصًا عن إعلان دمشق، ويوجد أشخاص عن هيئة التنسيق، ويوجد أشخاص يمثلون- إن صح التعبير- مجموعة الـ 74 ولقاء التنسيق الذي حصل بينهم مع مجموعة العمل وما إلى ذلك.

في تلك المرحلة ومع بداية اللقاء، الإخوان [المسلمون] لم يكونوا موجودين بشكل رسمي، وطبعًا أقصد بأنهم غير موجودين بشكل رسمي أن الإخوان يوجد لهم عنوان رسمي هو المراقب العام وقيادة الإخوان، وهم الذين يحددون من يمثلهم أو من يفوضونه في مثل لقاءات كهذه، ولم يكن هناك أحد من طرفهم من طرف القيادة الرسمية للإخوان، وكان هناك شخص قريب منهم مثل مجموعة العمل، ولكن لا يوجد أحد يمثلهم وكان موجودًا في هذا اللقاء، وطبعًا كان ذلك ملاحظ من قبل الحاضرين، ولم نكن نعرف الأسباب، ولم تجر مناقشة هذا الشيء، ولكن أستطيع أن أقول: ربما يكون أحد الأسباب الرئيسية هو عدم تعريض الأشخاص الذين جاؤوا من الداخل السوري وتحديدًا من هيئة التنسيق وإعلان دمشق لأي احتمال مساءلة قانونية في حال شاركوا في لقاء رسمي سيُعرف على العلن مع أعضاء رسميين من جماعة الإخوان المسلمين والتي يوجد فيها قانون خاص، استحدثه النظام في الثمانينات من القرن الماضي، وهو القانون 49 الذي يجرّم أي عملية تواصل مع أي شخص من "الإخوان المسلمين"، وربما لعب ذلك دورًا، ولكن في الحقيقة بعد أن استكملت المحادثات حصل لقاء معهم، وعُرضت النتائج التي حصلت، وهم بعد تعديلات بسيطة جدًا كانت مقبولة وافقوا على أن يكونوا جزءًا من احتمالية المشروع الذي كان من الممكن أن يخرج من مثل لقاء كهذا، وهذه هي النقطة الأولى. 

والنقطة الثانية: هي أن الإيجابية التي بدأ بها هذا اللقاء أصيبت بانتكاسة، عندما قرأنا في الجرائد نص المبادرة العربية أو مبادرة الجامعة العربية التي كانت مقدمة لسببين، السبب الأول هو: أن سقفها السياسي لم يكن بالشكل الذي كنا نطمح له، وهذا طبيعي بالنسبة لنا في ذلك الوقت، وثورات الربيع العربي كان سقفها عال. والأمر الثاني أنها حددت جهة من الموجودين في هذا اللقاء التشاوري أن تكون هي التي تفاوض النظام، وكأننا استبقنا نتائج اللقاء، واستبقنا الشيء الذي سيخرج من هذا اللقاء سواء كان جسمًا، أو كيانًا، أو مجموعة، أو هيكلية معينة أن تكون هي من تفاوض النظام من أجل حل في سورية. فتحديد هيئة التنسيق في هذه المبادرة جعل هناك انطباعًا بأن هناك شيئًا معينًا يُراد تمريره، وهذا الشيء كان من المفترض ألا يكون بهذا الشكل، فعندما تحصل دعوة لمجموعة أطراف في مثل لقاء تشاوري كهذا وفي منتصف هذا اللقاء التشاوري، يتبين أن هناك طرفًا من الأطراف الموجودة هو الذي سيعطى- إذا صح التعبير- الأولوية أو الحصرية أو الواجهة في هذا الموضوع، فلا شك أن الأطراف الأخرى سيحصل عندها رد فعل وقلق، وخاصة أن هناك تباينات في الموقف السياسي ما بين هيئة التنسيق والأطراف الأخرى، مثل: إعلان دمشق، والإخوان، والحراك الثوري على الأرض، ولا يجب أن ننسى أنه في ذلك الوقت كان سقف المتظاهرين عاليًا جدًا.

 كان هناك موقف سياسي إلى حد ما لم يكن بمثل السقف الذي كان يطالب به المتظاهرون على الأرض، ويطالب به "إعلان دمشق"، ويطالب به بقية السياسيين المعارضين.

 كانت المداخلة أثناء جلسة صباحية كما أذكر، وكان فيها كافة الأطراف المدعوة إلى هذا اللقاء التشاوري، وكان الدكتور عزمي بشارة موجودًا أيضًا في هذه الجلسة، وحصلت مداخلات لعدد من الحضور، وأنا أجريت مداخلة، وهذه المداخلة تحدثت فيها بوضوح وصراحة عن المبادرة التي قرأناها في صباح ذلك اليوم، وقلت: إن هذا استباق للنتائج التي سيخرج بها هذا اللقاء التشاوري، وإذا كان الأمر بهذا الشكل فنحن لماذا نتشاور بخصوص جسم أو مجموعة تمثل أو بخصوص خط سياسي أو بخصوص خطة إذا كانت هناك جهة تم اختيارها؟ وخاصة أن هذا الشيء إذا طُرح على الجامعة العربية وتم تبنيه من الجامعة العربية يصبح هذا الطلب ليس جهة معينة فقط، وإنما يصبح طلب الدول العربية، وهذا له رمزية كبيرة جدًا.

 الذي قلته لامس مخاوف الكثير من الذين كانوا جالسين، والبعض منهم لم يستطع قولها بهذا الشكل، وربما الشيء الذي قلناه بهذه النبرة التي تحدثنا بها سبب مشكلة أيضًا وخاصة للمنظمين ومنهم الدكتور عزمي بشارة، وكان جوابه بشكل واضح بأنه لا توجد خطة خفية في هذا الموضوع أبدًا، وموضوع المبادرة هذا ليس له علاقة باللقاء التشاوري، وأن اللقاء التشاوري هو الذي سوف يخرج بالنتائج المطلوبة، وهو الذي سيقود مثل حل سياسي كهذا.

بعدها كانت هناك مداخلة أيضًا للدكتور عماد الدين الرشيد الذي وضح فيها خطورة أن يتم تجاوز التيار المحافظ في سورية في وقت حساس مثل هذا الوقت مع وصول الثورة إلى زخمها الكبير في الشوارع والمدن والقرى، وأن هذا التهميش لن يكون في مصلحة أحد، لن يكون في مصلحة السوريين أو في مصلحة العرب أو في مصلحة الإقليم، ولن يؤدي إلى نتيجة، وكانت مداخلته فيها قدر كبير من العاطفة، وربما لامست بعض قلق وهموم الناس الذين كانوا موجودين في القاعة.

كان الجواب بأنه لا يوجد تهميش أبدًا ولا يوجد تجاوز، ولكنني أستطيع القول: إنه في تلك الجلسة حصل نوع من الانطباع بأن هذا اللقاء التشاوري يواجه تحديًا حقيقيًا أمامه.

بعد هذه الجلسة، حصلت جلسة مسائية، كان فيها إعلان دمشق فقط وهيئة التنسيق، وكان موجودًا فيها الدكتور برهان غليون، وحصلت هذه الجلسة إلى حد ما من أجل لملمة الأمور والحديث عن الخطوة القادمة. طبعًا الكلام كان بشكل عام مسؤولًا، ويأخذ بعين الاعتبار تحديات المرحلة، ولكن أثناء المداولات حصلت مداخلة من الأستاذ فايز سارة الذي كان يمثل هيئة التنسيق في ذلك الوقت، فاجأتني هذه المداخلة أيضًا وحتى الآن أذكرها؛ لأنها نوعًا ما جعلت عندي عنوانًا للموضوع، وكنا نتكلم عن موضوع المبادرة والمشكلة التي حصلت وضرورة أن نعمل معًا، والأستاذ فايز قال، وهو ينظر بطريقة كانت مفاجئة بالنسبة لي: أنتم لا تهتموا (لا تقلقوا)، نحن سنأخذ إعلان دمشق بعين الاعتبار، ما رح نطلعكن برا (لن تكونوا خارج المبادرة). فنظرت إليه وإلى الحاضرين من هيئة التنسيق، وقلت له: أنا ممتن لك يا أستاذ فايز، أنتم (هيئة التنسيق) لا تريدون إخراج إعلان دمشق خارج الأمر، وهذا يُحسب لكم، طبعًا قلتها بطريقة تدل على عدم الرضا عن هذا السياق من الحديث، ولكن هذا الكلام لم يكن الأستاذ فايز يقوله كشيء شخصي، وإنما كان في الحقيقة يعكس انطباعًا لامسه وهو جزء منه، أنا لا أعرف، ولكنه يعكس انطباعًا، وهذا الانطباع كرّس عندنا هذا التخوف وهذا القلق من موضوع اللقاء التشاوري.

طبعًا، تشعر بأن هيئة التنسيق في ذلك الوقت أصبح عندها شعور بأنها أصبحت على خطوة واحدة من الانتصار، بمعنى أن تكون هي واجهة المعارضة السورية، وعندما تقول الجامعة العربية هذا الشيء فإنه من المفترض أن البقية يقولون: حسنًا، سنمضي بهذا الاتجاه. والجامعة العربية لسبب أو لآخر يبدو لي أنها كانت متحمسة لهيئة التنسيق أكثر من حماسها للقوى الأخرى ومنها إعلان دمشق، وهذا كله لعب دورًا أساسيًا في الانطباع الذي حصل فيما بعد أثناء نقاشاتنا مع الزملاء في قيادة إعلان دمشق بعد انتهاء اللقاء التشاوري.

 فيما بعد، وصلنا نوع من التغذية الراجعة من قبل الجهات المنظمة للقاء التشاوري، وربما يكون منهم الدكتور عزمي نفسه بتحميل المسؤولية للذين كانوا موجودين من التيار المحافظ، وربما إعلان دمشق بخصوص عدم تقدم هذا اللقاء وعدم الوصول إلى النتيجة المرجوة منه.

وطبعًا بعد انتهاء اللقاء، جرت تشاورات مع قيادة الإعلان في الداخل (في دمشق)، والأستاذ جبر الشوفي ذهب إلى القاهرة كانت عنده مواعيد هناك، والأستاذ سمير نشار ذهب إلى سورية، وأنا عدت إلى بريطانيا، وحصلت لقاءات عبر "السكايب" مع قيادة إعلان دمشق.       

بعد انتهاء اللقاء التشاوري، حصلت هناك جلسات تقييم مع قيادة إعلان دمشق في الداخل حول ما جرى وتفاصيل ما جرى في اللقاء التشاوري، وأستطيع القول: إن الانطباع لم يكن إيجابيًا جدًا حول هذا اللقاء التشاوري، وبدأ أيضًا يتشكل عند قيادة الإعلان انطباع غير إيجابي بما يتعلق بالدكتور برهان غليون، وخاصة بما يتعلق بكونه ربما شخص يسوّق لفكرة ومشروع هيئة التنسيق الوطنية والتي لم يشارك فيها "إعلان دمشق"، وأن يأتي على رأس هذا الجسم، وهذا كان مقلقًا لقيادة الإعلان في الداخل، أولًا- بسبب موضوع المواقف السياسية لهيئة التنسيق. وأيضًا بسبب المنافسة الموجودة ما بين إعلان دمشق وهيئة التنسيق في ذلك الوقت والأحزاب المشاركة في الجهتين.

طبعًا هنا أستطيع أن أقول: إن اللقاء التشاوري كان مهمًا أيضًا من ناحية تبيان مفهومين متعلقين بالعمل السياسي لصالح الثورة وتمثيل الثورة والعملية السياسية التي ستأتي فيما بعد وموضوع التفاوض والمفاوضات والحل السياسي، و كان واضحًا تمامًا أن هناك أشخاصًا كان عندهم مفهوم المجلس الوطني وبما يمثل ذلك من تشابه مع دول أخرى في "الربيع العربي" تحديدًا مثل ليبيا، وكان هذا المفهوم يمثل مجلسًا وطنيًا تكون مهمته الأساسية التغيير وإزاحة النظام السابق، وأن يكون بديلًا عن هذا النظام، بمعنى أن مفهومه يقوم على أساس التغيير، وهذا التغيير إما أن يأتي بشكل طوعي من قبل تنحي رأس النظام أو بالطرق العسكرية، وفكرة هذا المجلس الوطني كانت الأكثر شعبية إذا صح التعبير عند المتظاهرين وعند القوى السياسية، مثل: إعلان دمشق، والإخوان، ومجموعة الـ74 ، والعديد من السياسيين في ذلك الوقت. والمفهوم الآخر كان مفهوم الائتلاف السياسي الذي كان يتكلم به اللقاء التشاوري، بمعنى أن سورية ليست مثل بقية الدول، وسورية ليست مثل ليبيا، ولن يحصل تدخل عسكري، والأفضل أن تكون هناك قيادة سياسية تعمل على حل سياسي وحوار سياسي يصل بنا إلى حل للمشكلة من دون أن تتطور أكثر فأكثر باتجاه مواجهة شاملة.

ليس بالضرورة، في وقتها لم تكن الأمور قد وصلت بعد إلى هذا الحد، ولكن ربما قد يعني في ذلك موضوع الإصلاح، وقد تكون الأولوية من خلال هذا المفهوم هي الإصلاح وليس التغيير، وهذان المفهومان كانا يتزاحمان معًا، ويواجهان بعضهما من أجل الحصول على أولوية التمثيل السياسي، وكما ذكرت أن مفهوم المجلس الوطني من الناحية الزمنية بدأ باكرًا كتحضير، ولكن الفترة الثانية كانت موجودة منذ تأسيس هيئة التنسيق.

في اللقاء التشاوري، كان أصحاب المفهوم الأول وأصحاب المفهوم الثاني يجلسون مع بعضهم، وكانوا يتكلمون مع بعضهم، وكانت الرسالة التي يحاول المنظمون إيصالها لهذا اللقاء هي: يا جماعة الخير، إن الشيء الذي سيوصلنا إلى النتيجة هو خيار الائتلاف. بمعنى مفهوم الائتلاف وليس مفهوم المجلس الوطني، والإعلان كان يقول: حسنًا، حصلت عندي ثورة بشكل لم يكن أحد يتوقعه، وبدأت تأخذ زخمًا كبيرًا جدًا، وبدأ الحديث يكون بشكل كبير عن احتمالية كبيرة لسقوط النظام، ورأينا دول "ربيع عربي" أخرى حصل فيها تغيير، لم يأخذ وقتًا كبيرًا، وحتى عدد من الدول عندما تحصل لقاءات معها تعطي انطباعًا بأن النظام لن يطول [بقاؤه]، وهذا خلق أيضًا انطباع عند قيادة الإعلان أنه في حالة مثل هذه الحالة، لماذا يجب عليّ أن أترك هذه الفرصة المهمة جدًا للتغيير الذي نحن كنا نطالب به دائمًا كمعارضة جذرية في سورية وتحديدًا كإعلان دمشق منذ عام 2005 و2006، لماذا يجب أن نذهب باتجاه خيارات أقل؟ ونحن نعرف أن هذا النظام يستعصي على الإصلاح، وحتى لو وافق على إجراءات إصلاحية فإنه سيقوم بتغييرها فيما بعد، وذلك بعد أن يتمكن، ويقوم بإسكات الناس، وهذا النظام لا يمكن الثقة به على الإطلاق، وهذا كله دفع باتجاه أن يحصل نوع من التمييع لنتائج اللقاء التشاوري، وكان من المفترض أن يكون بعد أسبوع من انتهاء اللقاء قرار من قبل المرجعيات (الأشخاص الذين كانوا موجودين)، وبطبيعة الحال، هيئة التنسيق لم تكن عندها مشكلة، وكان التحدي عند الإعلان، و الإعلان كان عدم رده بحد ذاته ردًا، وكان عدم إصداره بيانًا هو بحد ذاته بيان لموقفه، وعندها فهذا الشيء حصل على اعتبار أنه أصبحت عندنا مبادرة في هذا اللقاء التشاوري، كانت خلفها جهة إقليمية، وكانت عندنا مبادرة قدمتها الجامعة العربية، بمعنى أن جميع الدول العربية كانت سوف توافق على هذا الشيء، بدا هناك شعور بأنه لم يعد ممكنًا الانكفاء أكثر من ذلك بوجه كل المطالب والاستحقاقات المطلوبة من المعارضة السياسية.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/03/18

الموضوع الرئیس

الحراك السياسي في بداية الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/129-45/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

09/2011

updatedAt

2024/07/29

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي

هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي

المجلس الوطني السوري

المجلس الوطني السوري

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جامعة الدول العربية / الجامعة العربية

جامعة الدول العربية / الجامعة العربية

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

مجموعة الـ74 - الكتلة الوطنية المؤسسة

مجموعة الـ74 - الكتلة الوطنية المؤسسة

الشهادات المرتبطة