الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

صرخات الحرية الأولى وصداها في مدينة الباب والاعتصام أمام السرايا

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:24:52:09

الذي حصل قبل 15 آذار/ مارس (2011) وكل الناس تعرف ماذا حصل في درعا واعتقال الأطفال في درعا وتعذيبهم بطريقة بشعة وكيف تم الرد على أهلهم بطريقة أسوأ، وخلال هذه الفترة نحن كان لدينا في مدينة الباب في مدينة بزاعة التي تبعد عن الباب 3 كيلو متر وبعد سقوط بن علي؛ كُتبت على الجدران شعارات "إجاك الدور يا دكتور" وطبعًا بشار الأسد هو دكتور فكتبوا "إجاك الدور يا دكتور" وفي وقتها استنفر الأمن كثيرًا وحاولوا البحث عن الفاعلين ولم يكن يوجد إمكانية حتى يلقوا القبض على أحد، ولكن هنا ازدادت القبضة الأمنية على أهالي مدينة الباب وريفها.

في تاريخ 18 آذار/ مارس وطبعًا أهالي درعا نتيجة المفاوضات مع النظام ومع ابن خالة الرئيس (عاطف نجيب) كان رئيس مفرزة الأمن العسكري، وهو الذي عذب الأطفال بشكل مباشر ومارس التعذيب تجاههم وحتى إنه قلع أظافرهم لأنهم كتبوا على الجدران بعض الشعارات ضد الحكومة وضد بشار الأسد، وهذه شكّلت ردة فعل لدى أهالي درعا، وفي النهاية هم أطفال والطفل يكون تجاهه شعور عاطفي، يمكن للشخص أن يفعل أي شيء تجاه الطفل حتى ينقذه من شيء معين وحتى قالوا لهم: "انسوهم ونحن سوف ننجب لكم بدلًا عنهم"، يعني هكذا كان الجواب القذر لأهالي درعا من قبل السلطات الأمنية، وجاء يوم الجمعة 18 آذار/ مارس 2011 وأنا كنت في المنزل جالسًا أمام التلفزيون، ولا نعرف هل سوف يحصل شيء في درعا أم لا يحصل، وهذا أول يوم جمعة بعد 15 آذار/ مارس ويمكن أن يكون هناك شيء، وكان يوجد دعوة لشيء بعد صلاة الجمعة باعتبارها تجمعًا كبيرًا للناس حتى يخرجوا ويطالبوا بمطالب معينة، وطبعًا نتيجة ضعف الإعلام ولم يكن يوجد أشخاص إعلاميون وكان الأمر مجرد تصوير بالهواتف، واستطاع الناس إرسالها إلى قنوات فضائية وأنا أذكر حتى الآن أنه كنا في منزل أهلي وكان إخوتي موجودين عندنا وأنا أتابع الأخبار حتى رأيت على الشريط الإخباري خروج مظاهرات في مدينة درعا وسقوط شهداء، أعتقد على قناة وصال، ومكتوب سقوط شهداء في مدينة درعا، واستمريت بمشاهدة التلفزيون ثم اتصلت مع إخوتي فقالوا: هل هذا معقول؟ فقلت لهم: نعم هذا معقول وخرجت في درعا مظاهرات، فعدنا إلى نفس النقاش: هل يمكن أو لا يمكن، فقلت لهم: نعم يمكن وبما أنهم خرجوا في درعا وتم إطلاق النار عليهم وسقط شهداء، وفعلًا رأينا أحد الفيديوهات عما فعله النظام في درعا وكيف يطلق النار بشكل مباشر على المتظاهرين، وطبعًا هو حاول إخمادها مباشرة من درعا وسقط شهداء، وطبعًا كان يوجد تشييع للشهداء في اليوم الثاني، وأيضًا يوجد تجمع جماهيري كبير وأيضًا سوف تخرج مظاهرة ثانية وأيضًا يسقط شهداء، والأمن يطلق عليهم النار، ومن هنا بدأت المظاهرات تنتشر إلى مناطق أخرى في سورية.

المناطق الأخرى التي بدأت تنتشر فيها المظاهرات في تلك الفترة هي بانياس، كان يوجد الشيخ أنس عيروط -هذا لاحقًا تم سؤالي عنه عندما تم اعتقالي في فترة معينة- وحمص طبعًا خرج الناس بردة فعل، يعني ضد الجرائم التي تحصل بحق الشعب السوري، فـأهل درعا في النهاية هم أهلنا وهم شعب ومواطنون سوريون، فكان الناس يرفضون فكرة إطلاق النار على المظاهرات، والجميع شاهد ما حصل بعدها بمحاصرة المسجد العمري وقصف المسجد العمري واعتقال الناس، ثم بعدها استدعاء وجهاء درعا إلى دمشق لمقابلة الرئيس بشار الأسد في تلك الفترة، وذهب أحمد حسون إلى بيوت التعزية في درعا وأذكر أنه حاول تهدئة الناس وأن: السيد الرئيس لا يرضى بهذا الشيء وسوف تتم محاسبة الفاعلين، ولكن للأسف لم تتم محاسبة أحد وكان مجرد كلام ومجرد ذر الرماد في العيون، وحتى أحد الوفود التي ذهبت حتى تقابل الرئيس في النهاية لم يستقبلها الرئيس في فترة معينة وهذا الشيء زاد تصميم الناس على الخروج نصرة لدرعا، وبدأوا يقولون نحن موقفنا مع درعا ونحن يجب أن ندعم إخوتنا في درعا بالتظاهر، وحتى إنه بدأت تخرج مظاهرات تصرخ "بالروح بالدم نفديك يا درعا" وحتى الآن لم يكن يوجد شعار إسقاط النظام في المظاهرات، يعني دخلنا في شهر نيسان/ أبريل [ومضى] 15 يومًا ولم يصح أحد بإسقاط النظام، وشعارات السوريين في تلك الفترة كلها هي المطالبة بالحرية فقط.

طبعًا الشُعَب الحزبية (التابعة لحزب البعث) والمخابرات حتى يُسكتوا الناس قليلًا أصبحوا يتبعون أسلوبًا معاكسًا، هل تريد أن تخرج بمظاهرات ضد النظام ومطالبة بحقوق؟ فبدأوا يقومون بإخراج مسيرات شعبية حتى يظهروا أن مدينة الباب هي مؤيدة للنظام ومؤيدة للدولة السورية ولا تريد شيئًا، يعني لا تريد أي حقوق تطالب بها، فكانوا يجمعون الموظفين مثل العادة يعني المسيرات في سورية أي مسيرة مؤيدة للبعث (حزب البعث) أو النظام كانوا يجمعون الموظفين ويجبرون الموظفين على الخروج في مسيرة مؤيدة لهم، وهذا طبعًا يتبعونه في كل مكان، واتبعوه في مدينة الباب، فالشُعَب الحزبية نظمت مسيرات تأييد للدولة أنه نحن لا ينقصنا شيء، وكانوا يخرجون في مسيرات في يوم الجمعة ويستغلون بعد الصلاة حتى لا يخرج الناس بالمظاهرات ليخرجوا في المسيرة، وطبعًا هذا الشيء أعطى ردة فعل عندنا جدًا سيئة، أنه بعد أن قتل المواطنين في درعا ورغم كل القهر الذي يمارس في سورية يعني كان الأمر استفزازيًا ويحاولون استفزازنا في هكذا مسيرات، وطبعًا الناس لا يعلمون، فيخرجون والموظف مُجبر أن يخرج وغيره من الشباب الصغار الذين لا يعرفون فكانوا يخرجون في هذه المسيرات.

في تاريخ 9 نيسان/ أبريل 2011 في هذا التاريخ أنا كنت في السعودية وعدت إلى سورية، وفي تاريخ 8 نيسان/ أبريل 2011 خرجت أول مظاهرة في مدينة الباب في يوم الجمعة، وفي تاريخ 9 نيسان/ أبريل 2011 أنا كنت أراقب، يعني أنا في السعودية وأراقب يوم الجمعة في مدينة الباب، وإذ اتصل معي بعض الأصدقاء وقالوا لي: خرجت مظاهرة في مدينة الباب في يوم الجمعة، خرجت من جامع الريحاوي وكان العدد لا بأس به لأول مظاهرة تخرج، كان العدد 200 شخص تقريبًا، وطبعًا هؤلاء الأشخاص الذين خرجوا هم من الأشخاص الواعين في مدينة الباب، ومعظمهم متعلمون ومثقفون وطبعًا هذا عكس الشيء الذي كان يروج له النظام وأذناب النظام، أنه خرج الجاهلون وخرج الأشخاص السيئون الذين هم ضد الدولة، ولكن هذا على العكس تمامًا، واستطاعوا أن يكسروا حاجز الصمت في مدينة الباب ويهتفوا بالحرية.

الأمن في الباب وشعبة الحزب تفاجأوا بهذه المظاهرة التي خرجت وجابت معظم شوارع المدينة، وعندما كانت تمشي في شوارع المدينة كانت تزداد يعني تزداد بأمرين: إما الأشخاص الذين يدخلون ويشاركون في المظاهرة مع المتظاهرين ويهتفون بنفس الشعارات، أو تزداد من الناس المتفرجين الذين يلحقون بهم ويمشون خلف المظاهرة حتى يراقبوا ما يحصل، فهذه حادثة فريدة من نوعها، والذي زاد أعدادهم أكثر وظهرت أنها مظاهرة بشكل كبير هم عناصر الأمن وعناصر الشعبة الحزبية وطبعًا استنفر كل عناصر الشعبة الحزبية وعناصر الأمن وأعتقد كان عددهم 50 أو 100 شخص حول المظاهرة، وأحاطوا بها من أربع جهات حتى لا ينضم إليها المزيد وطبعًا لم يستطيعوا، وأيضًا حتى يراقبوا الأشخاص المشاركين في المظاهرة ويسجلوا أسماءهم ويصوروهم بالكاميرات. 

في البداية هي فرحة لا توصف، وهي أول مظاهرة فكانت فرحة لا توصف ولا يعادلها إلا فرحة سقوط النظام في النهاية، وهي كانت الحاجز الكبير، وهو كان حاجز أول صرخة وحاجز أول صوت وهذا ما كان يخيفنا، يعني كان شعورًا من الفرح العارم جدًا وأنه فعلًا يوجد أشخاص واعين لهذه المرحلة ويوجد أشخاص لديهم فهم للواقع الذي نعيشه ويوجد أشخاص يتبعون الأسلوب الحضاري والسلمي ليعبروا عن مطالبهم، وهذه بحد ذاتها فرحة كبيرة جدًا لكل الناس الموجودين في الخارج، أن خرج أشخاص سلميون حتى يطالبوا بحقوقهم وهذا قمة الحضارة وقمة الحياة المدنية التي يتكلمون عنها والتي يروج عنها الغرب وغيره، وطبعًا نحن ديننا أساس فيها وأساس أن نطالب بطريقة معينة ونطالب بالكلام بحقوقنا.

في الجمعة التي بعدها وطبعًا أنا عدت من العمرة، ومن يأتي من العمرة فإنه يوجد فترة استراحة يومين أو ثلاثة، وبعد أن ذهبت إلى العمل قال لي أحد أصدقائي؛ وفي الجمعة التي بعدها لم تخرج مظاهرة، يعني ذهبنا إلى الجامع وصلينا الجمعة ولم يكن يوجد مظاهرة، وبعد يومين قال لي أحد أصدقائي: إنه من المفروض أن يتم تنظيم المظاهرات، ويجب أن يكون الشيء منظمًا، وقال لي: من المفترض على المثقفين أن يأخذوا دور التنظيم في هذه المرحلة حتى يمشي الناس خلفهم ومن غير المعقول أن يأتي شخص أُمي ويقود المظاهرة، فقلت له: إن شاء الله خيرًا، وقلت له: يوجد شباب خرجوا سابقًا ويمكن أن يخرجوا، ومن بعدها أذكر أنه في هذه الجمعة أو في الجمعة التي بعدها في المسجد الكبير؛ ناجح تمرو -رحمه الله- هو كان من أحد الشخصيات المعارضة في مدينة الباب والذي كان ضد النظام وكان له كلمته في المدينة في مجال الثورة والمظاهرات، عندما لم تخرج مظاهرة بعد صلاة الجمعة وفي صلاة العصر في الجامع الكبير انتهى الإمام من الصلاة فوقف بين المصلين وقال: يا شباب نحن لدينا كلمتان ونحن نريد التعبير عنهم في الخارج ومن يريد أن يشاركنا فليتفضل ويشاركنا، فخرج من المسجد وفعلًا خرج وراءه بعض الأشخاص وهي كانت بدون تنظيم يعني مجرد أن حضر هذا الشخص في المسجد الكبير وهو أكبر مسجد في المدينة وفيه عدد لا بأس به من المصلين، ولم يكن يوجد أساليب تواصل في تلك الأيام أو تنظيم، فاستطاع من خلال وجوده أن يخرج بعض الأشخاص معه إلى خارج المسجد وبدأوا يهتفون: "حرية" وبدأ الناس يمشون خلفهم وجابوا شوارع المدينة، وطبعًا الشيء غير المنظم فإن الأمن لا يعلم به ولا يسمع به، فكانت مفاجأة بالنسبة للأمن أن مظاهرة تجوب شوارع المدينة ولا يوجد لديهم علم بتنظيم أو المخبرون الذين لديهم لم يستطيعوا إيصال الصورة أنه هكذا سوف يحصل، وهذه كانت إحدى الأمور الإيجابية لعدم التنظيم الكبير لمرحلة مؤقتة طبعًا، فمشت في شوارع المدينة، وحاولوا مضايقتها من بعض الناس الذين أرسلتهم المخابرات والأمن وبعض العائلات وبعض المخبرين، ولكن الشباب المتظاهرين كانوا سلميين وليس لديهم شيء ويحملون علم الجمهورية العربية السورية ويهتفون، وعندما حاولوا مضايقتهم حتى يفتعلوا مشكلة معهم، يعني استطاعوا فض المظاهرة بطريقة ناجحة وبدون صدام مع أي أحد من المدينة أو المخبرين أو من عناصر الأمن الذين كانوا يأتون بشكل مدني.

في تاريخ 22 نيسان/ أبريل وهو كان يوم جمعة، وطبعًا نحن خلال الأسبوع بدأنا ننسق من أجل مظاهرات يوم الجمعة بعد الصلاة، وأنا كنت أحد الأشخاص الذين نظموا المظاهرة، وطبعًا كان تنظيمًا مبدئيًا، يعني ندعو أصدقاءنا الذين حولنا: يا شباب في يوم الجمعة في الجامع الكبير سوف نخرج مظاهرة، والناس كانوا يخافون، والبعض يقول: لا أشارك، والبعض يوافق، فقلنا لهم: نحن سوف نخرج حتى نطالب بالحرية السياسية وكرامة المواطن السوري، وهذه هي مطالبنا، وكان اسمها يوم "الجمعة العظيمة" فتم تنظيم المظاهرة وبسبب عدم التنسيق بشكل جيد خرجت المظاهرة من مكانين؛ أحدها هو الجامع الكبير في وسط المدينة والمكان الثاني هو جامع أسامة، وهذا بسبب أنه لم يكن يوجد تنسيق، الشعب بشكل عفوي كان يريد أن يخرج مظاهرة ولم يكن يوجد تنسيق ولم يكن يوجد رأس حتى يقود المرحلة، وأنا بحكم أن منزلي قريب من المسجد الكبير فخرجت من المسجد الكبير يعني انتهت الصلاة وبدأنا نتجمع وبدأ الناس يمشون ويهتفون، ونحن قبل يوم عندما عرفنا أنه يوجد مظاهرة في المسجدين نحن اتفقنا مع الآخرين أن نلتقي في مكان معين حتى تكون مظاهرة واحدة وتبقى أفضل وأجمل وفي المرات القادمة اتفقنا أن تكون في مكان واحد.

خلال مسيرة المظاهرة التي خرجت من المسجد الكبير وطبعًا كان يوجد الكثير من الناس مترددون بالخروج في المظاهرة، وحتى إنه كان يوجد أشخاص من عائلة نجار قالوا: إذا جاءت المظاهرة سوف نشارك ونحن حاولنا أن يكون طريقنا من عندهم واتجهنا باتجاه جامع أسامة، وفعلًا من جامع أسامة كانت المظاهرة قد خرجت، وكانوا يهتفون أيضًا والتقت المظاهرتان مع بعضهما وانطلقنا في مظاهرة واحدة، وتفاجأنا أثناء اجتماعنا مع بعضنا بوجود باصات للأمن وفيها عناصر من الجيش أو الأمن ويحملون الهراوات معهم، وبدأوا يلاحقوننا، وأذكر أن الملاحقة بدأت بشكل جدي عندما اقتربنا أن نصل من مدرسة "قتيبة" ونحن قادمون من جهة الجنوب إلى مدرسة "قتيبة"، وهنا بدأت الملاحقة، و[كانوا] يحملون العصي ومعهم عناصر الأمن الموجودون في الباب، وحتى عناصر الشرطة وعناصر الأمن الجنائي وحتى المدنيون وكان يوجد معهم أشخاص مدنيون، الذين أطلق عليهم فيما بعد مصطلح "شبيحة" وهم من أهالي المدينة ولكنهم مؤيدين للنظام، فكانوا يشاركون الأمن بقمع المتظاهرين.

انطلقنا وانطلق خلفنا الأمن وأصبحنا نركض، وفرقونا بطريقة معينة، وخلال هذا تم اعتقال 11 شخصًا، ونحن وصلنا إلى سوق الخميس القديم، وتم اعتقال 11 شخصًا في المظاهرة من المتظاهرين، وأخذوهم إلى فرع الأمن وطبعًا نحن انتشرنا وكل شخص ذهب إلى منزله، ونحن وصلنا إلى مرحلة كان فيها الجميع منزعجين ويائسين، يعني كيف خرجنا في مظاهرة وفي النهاية تم إلقاء القبض على عدة أشخاص! ماذا سوف نفعل؟ أنا كنت في المنزل متعب ومنزعج كثيرًا، ثم اتصل معي شخص من أصدقائي اسمه فراس عثمان فقال: كيف حالك وماذا تفعل؟ فقلت له: تم إلقاء القبض عليهم، فقال لي: ماذا نفعل؟ فقلت له: لا أعرف ماذا يمكننا أن نفعل، والمهم اتفقت وقلت له: أنا قادم إليك، وذهبت إلى فراس إلى محله وجلسنا في المكتب بجانب منزله وكان موجودًا عبد الرؤوف عثمان والكثير من الشباب الذين كانوا مشاركين في المظاهرة كانوا موجودين، وخلال النقاش قلنا إنه يجب أن نذهب ونرى الذين اعتقلوهم، يعني نذهب إلى قرب فرع الأمن، فقال الشباب: ونحن بصفة ماذا سوف نذهب ويجب أن يذهب أقرباؤهم وأهلهم، وكان معي شخص اسمه محمد بطحيش وهو موجود حتى الآن، فاتفقت معه أن نذهب إلى العائلات التي اعتُقِل أبناؤهم ونخبرهم أنه يوجد اعتصام أمام السرايا هو مكان الاعتقال أو المحكمة، وهناك كان موجودًا فرع الأمن وفعلًا بدأنا على الدراجة النارية نذهب إلى الأهالي ونخبرهم، وأتذكر أننا ذهبنا إلى شخص من عائلة عفورة، ذهبنا إلى أهله وقلنا لهم: إنه يجب أن نجتمع هناك حتى يخرج المعتقلون، وقلنا لهم: إنه سوف تأتي بقية العائلات، فتشجعوا، وعندما سمعوا أنه سوف تأتي بقية العائلات تشجعوا.

أحد الأشخاص المعتقلين كان أخ زوجتي، وأخبرنا أقرباءَه بهذا الأمر، وفعلًا جاؤوا أيضًا وأهالي الأشخاص المعتقلين الآخرين بدأوا يأتون تباعًا، وطبعًا في يوم الجمعة الأسواق مغلقة بشكل عام والناس تخرج في فصل الربيع ويتمشون في الشوارع فبدأوا يشاهدون كيف يتجمع الناس مقابل السرايا فبدأت الأعداد تزداد، بحيث وصلنا إلى فترة العصر فأصبح العدد 100 شخص موجودين مقابل السرايا، وطبعًا السرايا أبوابها مغلقة وعناصر الأمن في داخلها، وبعد العصر بدأت الأعداد تزداد بشكل كبير جدًا، وأذكر حتى الآن أنه جاء المغرب ووصل العدد إلى ألف تقريبًا من أهالي المعتقلين، وأشخاص آخرون جاؤوا للمشاهدة، وجاء أيضًا الأشخاص الذين يريدون المشاركة في المظاهرة، وعندما رأى عناصر الأمن أن الأعداد أصبحت كبيرة، قاموا بإرسال عناصر حرس أمام الأبواب، ثم جاء وقت المغرب وصلى الناس في الشارع حتى لا يقوم الأمن بقطع الطريق، وفعلًا يوجد مجموعة صلت في الشارع ومجموعة كانت تهتف، وفعلًا تحولت هذه الوقفة من محاولة معرفة وضع بالمعتقلين إلى المطالبة بالإفراج عن المعتقلين فبدأت الهتافات تصدح "بدنا المعتقلين بدنا المعتقلين" ثم لحقت بها الشعارات الأخرى المطالبة بالحرية، وهنا الأمن استنفر كثيرًا وحتى إن مدير المنطقة وهو برتبة عميد جاء وذهب، وبعد قليل تفاجأنا -وطبعًا هذا الشارع كان عريضًا- نحن تفاجأنا بسيارة شاحنة كبيرة أرسلها عناصر الأمن حتى تخترق الشارع، وتفض الناس بحجة أنه يريد أن يمر من هذا الطريق، فاستطاع الناس إعادته من الشارع نفسه لا أذكر من هو هذا السائق، ولكن استطاع الناس إعادته لأنه وجد أعدادًا كبيرة وقال له الناس: نحن هنا متوقفون ولدينا معتقلون ولا يمكنك المرور من هنا وهو أنكر أنه جاء حتى يفض الاعتصام بطريقة معينة وعاد في النهاية.

هنا ازداد عدد المتظاهرين والهتافات وبدأت تكبر الهتافات، والأصوات أصبح يمكن سماعها في كل أرجاء المدينة، أنه يوجد أشخاص يتظاهرون، وبعد قليل أرسلوا خلف وجهاء المدينة حتى يأتوا ويفضوا الاعتصام، أو ماذا يريد الناس، فجاء الشيخ زكريا المسعود والشيخ أحمد شريف النعساني، والتقوا معنا مع المتظاهرين، وأصبحوا يقنعوننا أن نذهب إلى منازلنا، فكانت ردة فعل الناس أنه نحن لا نذهب حتى نأخذ المعتقلين، وحاولوا التوسط بشتى الوسائل ولم ينجحوا، يعني الناس لها معتقلون والناس تريد أن تخرج للتظاهر، وبسبب الصدمة التي حصلت معنا ظهرًا في المظاهرة أردنا أن نعبر عنها هنا بشكل أكبر، ثم جاء مدير المنطقة وتفاوض معنا، وفي النهاية وصلنا إلى أمر أنهم سوف يخرجون المعتقلين، فقالوا اذهبوا، فقلنا: لن نذهب حتى يخرج المعتقلون وأنتم استعجلوا بالإجراءات ونحن ننتظر ولن نذهب حتى يخرجوا، وفعلًا بعد قليل بدأ يخرج المعتقلون تباعًا، وعندما خرج المعتقلون وطبعًا الناس حملوا المعتقلين على الأكتاف، وازدادت الهتافات وخروجهم تحول إلى مظاهرة عارمة جدًا يعني كانت خمسة أضعاف المظاهرة التي خرجت ظهرًا وجابت أرجاء المدينة كاملة من الشوارع العامة والأعداد تزداد، يعني وصل العدد إلى ألفي شخص وامتلأت الشوارع والأمن لم يتجرأ على الوقوف ضدنا لأن الأعداد أصبحت كبيرة، وهو لم يرد تأجيج الموضوع، يعني إذا اعتقل فإننا سوف نأتي ونعتصم، فترك الناس، وعندما تركوا الناس بحريتهم خرجوا بشكل عفوي، خرج آلاف المتظاهرين بشكل عفوي يعبرون عن رأيهم، وجبنا شوارع المدينة كاملة، و[كانوا] يقومون بإيصال كل معتقل إلى أهله، والناس كانت سعيدة جدًا، وعوضت الشيء الذي حصل ظهرًا من قمع للمظاهرة.

أنا أتذكر حتى الآن حادثة جرت معي في المظاهرة وأثناء وجودنا في المظاهرة ونحن نهتف "حرية حرية" صاح أحد الأشخاص: "الشعب يريد إسقاط النظام" وأذكر أن الذين حوله قالوا له: "اسكت ونحن لا نريد إسقاط النظام ولا نريد هذا الشعار" ولم يكن يوجد أحد يريد إسقاط النظام والكل كان يريد الإصلاح ويطلب تغيير الوضع الذي نعيشه وهذه الحادثة كان لها ردة فعل كبيرة عند الجهات الأمنية وعلى أثرها في اليوم التالي عززوا التواجد الأمني بشكل كبير في مدينة الباب، وحتى إنهم وضعوا باصين (كل باص يتسع لخمسين عنصر) تركوهم بشكل دائم، ومن وقتها بدأت الملاحقات الأمنية وبدؤوا باستدعاء الناس وملاحقتهم أمنيًا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/03/08

الموضوع الرئیس

التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسدالبدايات الأولى للثورة السورية

كود الشهادة

SMI/OH/77-09/

أجرى المقابلة

بدر طالب

مكان المقابلة

الباب

التصنيف

مدني

المجال الزمني

نيسان- أيار 2011

updatedAt

2024/07/20

المنطقة الجغرافية

محافظة حلب-مدينة البابعموم سورية-عموم سوريةمحافظة حلب-بزاعة

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

فرع الأمن العسكري في درعا 245

فرع الأمن العسكري في درعا 245

قناة وصال

قناة وصال

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

الشهادات المرتبطة