منع منتدى الأتاسي واغتيال رفيق الحريري والتمهيد لإعلان دمشق
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:17:53:06
يوم إغلاق منتدى الأتاسي كانت هناك دعوة لندوة وكان يوجد أجواء أنه نعم يمكن أن يكون هناك منع للمنتدى لأنه كان من الأساس قد وصل قرار أو بُلغت إدارة المنتدى بالإغلاق بقرار [من] الدولة أنه أغلقوه وانتهى، وكان هناك تحد من جزء من إدارة المنتدى لهذا القرار، وأننا نحن سنكمل وإذا أردتم أن تمنعونا أنتم تفضلوا تعالوا وامنعونا.
في يوم المنع ما عدت أتذكر التاريخ بالدقة بالضبط (2 تموز/ يوليو 2005 - المحرر)، وصلت إلى المكان وجدت شرطة حفظ النظام قوات حفظ النظام منتشرة بكثافة شديدة وباصات ثلاثة أو أربعة وعساكر كثيرون وكان غير مفهوم، يعني منتدى يحضره مثقفون وناس مدنيون لا توجد مظاهرات ولا يوجد شغب ولا يوجد اعتصام، [المنتدى] بمنطقة سكنية ضاحية سكنية من ضواحي دمشق البعيدة عن المركز لا يوجد أي احتمال أن يكون هناك تعطيل لحركة عامة أو إثارة كل ما يمكن أن يزعج أي سلطة. ِ
فكانت هناك مبالغة كبيرة وتقديري أنا أن هذه المبالغات كانت للإرهاب وتقديري إنها لإرهاب الناس و[أنّنا] نحن جديون وكذا، حاولت أول شيء [أن] أدخل إلى المنتدى إلى البيت فصدتني الشرطة أول شيء، والشرطة ناس مساكين شباب مجندون من مناطق مختلفة من سورية، لكن لفت نظري حواري مع واحد منهم أنهم لا يعرفون لمَ هم موجودون هنا ومن هؤلاء الذين نحاصرهم؟ والذين نمنعهم من الدخول وأحدهم يظن أننا نحن أكراد نعمل الاعتصام، وشخص آخر يظننا إخوانًا مسلمين ليسوا فاهمين هم الموضوع لماذا؟
الآن [الوضع] صدّ ورد وكذا لم يكن هناك عنف وضرب وإلى آخره كانت هناك فقط محاولات صد والعدد الكبير كان كافيًا للردع...، وبعض أعضاء إدارة المنتدى أذكر الأستاذ أكرم البني لم أعد أذكر أيضًا إذا كان هناك آخرون صارت مشادات بينهم وبين الأمن وأخذوهم وقتها وأصعدوهم بالباصات واعتقلوهم، أذكر وقتها أنهم توقفوا لفترة زمن قصير وبعدها أخلوا سبيلهم ولم تحدث حملة اعتقالات.
وبعدها دخلت أنا البيت بعد قليل عندما قليلًا خف الضغط، وكان هناك بعض الأصدقاء والشباب من حلب أذكر حسن قاسم كأنهم قد وصلوا قبلنا بفترة، واجتمعنا وتكلمنا بالوضع العام للمنتدى وكذا وأنه فعلًا النظام أحبط المحاولة التي قمنا فيها من أجل الإبقاء على المنتدى مستمرًا، وكان هذا تقريبًا آخر ذكرياتي مع منتدى جمال الأتاسي؛ لأن المنتدى بعدها لم يستطع أن يستمر في ظل القبضة الأمنية، وحتى إدارة المنتدى مع بعض في جزء منها قرروا أنه لامجال لتحدي السلطة، ودعونا الناس ولم يستطع الناس أن يأتوا، وليس من المعقول أن نحمّل أصحاب البيت كل هذا العبء في كل أول شهر ، أمن وحفظ نظام وضغوطات أمنية وإلى آخره، فهذا كان آخر ذكرياتي مع منتدى جمال الأتاسي والذي أعتبر أنه كان آخر ظاهرة من ظواهر ربيع دمشق التي نشأت مع قدوم بشار الأسد إلى السلطة.
المنتدى بالأساس هو بيت شقة سكنية مع حديقة صغيرة "وجيبة" وملحقة بها، وبالتالي هو بالأساس لا يتسع لأعداد ضخمة من الناس ما عدت أتذكر بدقة لكن بتصور مئة الى مئة وخمسين شخصًا يمكن أن يتسع كأقصى حد، ففعلًا هو ورواده من العشرات لا نستطيع أن نقول أكثر، وحاولوا، أنا رأيت كثيرًا من الوجوه القيادية والوجوه المستمرة بالحضور أنها تأتي وتحضر وتدافع عن هذا الموضوع وتقاوم إلى حد ما هذا القرار قدر الإمكان، الشباب كانوا قد وصلوا قبل وجهزوا أنفسهم أنه سيكون هناك منع، وبالتالي وصلوا قبل بزمن طويل، ودخلوا البيت لأنه كانت توجد احتمالات مثلًا أنه ربما صار هناك اقتحام واعتقال لصاحبة البيت السيدة سهير الأتاسي من البيت فنحن نكون موجودين للتضامن معها وإلى آخره.
حقيقة [أنه] كان سلوك السلطة بتلك المرحلة هو استعراض قوة وجدية وحسم في المنع هذا كان سلوك السلطة العام دون أن يجعلوا من الحادثة سببًا لموجة جديدة من الاعتقالات واسعة النطاق فهذا هو شكل المقاومة التي كانت ولا يستطيع أن يستمر.
حقيقة لا يمكن الحديث عن إعلان دمشق برأيي بتقديري دون الحديث عن حدث كبير هو اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق المرحوم رفيق الحريري في 14 شباط/ فبراير 2005، في تلك المرحلة كان السوريون وفي المعارضة بشكل خاص ينظرون إلى الساحة اللبنانية باهتمام كبير، رفيق الحريري، وليد جنبلاط، البطرك صفير، كانوا يقودون حراكًا لبنانيًا باتجاه معارض لسورية، [بل - المحرر] للنظام وسياسة النظام في لبنان؛ لأنهم كان عندهم اعتراض على التجديد لإميل لحود، وكان بشار الأسد قد أعطى إشارات بأنهم لن يدخلوا لصالح التجديد لإميل لحود وسيصلون لتفاهم مع بقية اللبنانيين حول الرئيس اللبناني المقبل ويخففون القبضة الأمنية والتدخلات الأمنية العسكرية السورية في الشأن اللبناني.
لكن بشار الأسد وبالتنسيق مع حزب الله ومع إيران [فإن] قرارهم النهائي كان أنه لا، هناك تجديد لإميل لحود وإرغام الشعب اللبناني على التصويت لإميل لحود، وهذا كان بداية تشكيل هذا الحلف الثلاثي والذي طبعًا كان يوجد آخرين له في صفوفهم، طبعًا واستمر وكانت له إرهاصات لقاء قمة الشهوان ولقاء البرستو وإلى آخره وصولًا إلى أنهم بدؤوا يحضّرون أنفسهم للانتخابات النيابية كهذا الثلاثي، وكانت هناك توقعات كبيرة جدًا أنهم يستطيعون أن يربحوا الانتخابات النيابية بنسبة عالية، وبالتالي يغيرون حسابات حزب الله وسورية في لبنان، وطبعًا العنصر الأساسي أو حجر الزاوية الذي كان في هذا الحلف هو المرحوم رفيق الحريري.
وسمعنا لاحقًا أنه كانت هناك تحذيرات دولية له، وأنه هناك تفكير في اغتيالك وأنه هو كان عنده ثقة زائدة بأنه مهما وصلت الخلافات واحتدت بينه وبين السوريين (النظام السوري) وبين حزب الله في لبنان لن تصل إلى مرحلة أن يصفّوه، لكن حصل وعندما حصل حدث شيئان كبيران جدًا، ثورة 14 آذار هذا الالتفاف اللبناني العابر للطوائف بشكل كبير جدًا والذي ضم طيفًا لبنانيًا ديمقراطيًا معارضًا واسعًا، فيه قوميون فيه يساريون فيه زعامات سياسية تقليدية إلى آخره، زخم شعبي واسع جدًا يعبر عن نفسه في تشييع رفيق الحريري وزخم دولي أيضًا زخم دولي كبير، وغضب فرنسي أمريكي هائل من حادثة الاغتيال لأنهم هم حذروا، مثل ما حكى "جاك شيراك" لاحقًا أنهم أرسلوا رسائل واضحة للنظام بعدم الإقدام على مثل هذه الخطوة بعدها يصدر قرار مجلس الأمن، ويطلب من النظام السوري سحب القوى العسكرية السورية من لبنان.
فبدأنا نحن كمتابعين من الشأن السوري وفي المعارضة السورية والنشطاء نشعر أن النظام الآن تحت ضغط هائل، بعدها تطورت الأمور باتجاه تشكيل المحكمة الخاصة بلبنان من أجل التحقيق في قضية اغتيال المرحوم رفيق الحريري.
لاحقًا تتشكل لجنة تحقيق طبعًا، ويأتي "ديتلف ميليس" وينزل إلى سورية ويقابل ضباطًا أمنيين على مستويات عالية، وتبدأ تتسرب معلومات أن "ديتلف ميليس" وضع يده على كامل القصة، وأن حزب الله والنظام السوري وبأوامر مباشرة وعلى الأقل بموافقة من بشار الأسد، مقترح قدم له تم الموافقة عليه، وتورط ماهر الأسد [بالإغتيال] كنا نسمع هذا الكلام في هذه الفترة التي تلت الاغتيال.
فوجدت فكرة أنه ربما تحت هذه الضغوط الشديدة تتصاعد الأمور دوليًا لتفرض مسألة التغيير في سورية، وأنا برأيي هذا كان اعتبارًا أساسيًا جدًا في أذهان من تداعوا الى تشكيل إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، أن النظام تحت الضغط ومن الممكن [أن] يُفرض التغيير على سورية نحن بحاجة -وتراوحت التوقعات من الناس- من يقول: نحن بحاجة إلى جسم جديد للمعارضة السورية أوضح وأوزن وأكثر تمثيلًا يقدر أن يستفيد من فرصة الضغوط هي من أجل الدفع بالتغيير أو أنه..، وهناك ناس ذهبوا بعيدًا لأنه من الممكن [أن] يصير انهيار للنظام وبالتالي بحاجة الى حامل سوري وطني معارض يستطيع هو [أن] يكون المعبر السياسي ويقود البلد، لكن باعتقادي أن هذه المسالة كانت أساسية عند كل الأطراف التي ساهمت في تأسيس إعلان دمشق، وكنا نسمعها في الأحاديث الجانبية.
كنا نسمعها من البعض طبعًا في دوائر متفرقة هنا وهنا، من شخصيات الإعلان، الشخصيات المعروفة كانت تحكيها في الدوائر المغلقة تحكي: أننا نحن الآن أمام وضع جديد انتقلنا من مرحلة الحوار مع القادم الجديد إلى السلطة الذي هو بشار الأسد ومحاولة الدفع ببعض الإصلاحات السياسية لمرحلة أن الآن النظام بسبب سياساته وضع سورية تحت الضغط تحت الخطر، وعلينا الاستجابة إلى هذه المسألة عبر تشكيل جسم وطني معارض شامل أكثر ما يكون تمثيلًا للسوريين، وبالتالي الحساب للعامل الخارجي كان أساسيًا وحساب أن العامل الخارجي كان سيستمر بالضغط على النظام إلى أن ينتج تغييرًا سياسيًا ما بالمحصلة كان حاضرًا عند كل قيادات الإعلان وهذا كان موجودًا.
طبعًا كان هناك رأي آخر كان الرأي الآخر يقول: إن وحدة المعارضة دائمًا وأبدًا مطلوبة، وكل عمل بهذا الاتجاه هو عمل إيجابي، لكن نريد أن نتمهل بموضوع الحسابات السياسية يعني أن أبني جسمًا سياسيًا مفترضًا أنه سيكون هنالك تغيير قريب بفعل العامل الخارجي وبفعل خروج القوات السورية من لبنان وبفعل إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة قتلة المرحوم رفيق الحريري وبفعل التسريبات التي صدرت عن مسؤولية النظام السوري في حالة الجريمة هذه، وبفعل وجود إرادة دولية يقودها "جاك شيراك" و"جورج بوش" من أجل محاسبة النظام، وهذا كان يجب التعاون معه بحكمة أعلى.
الحكمة تقول: هناك سبب إضافي، أولًا أن نقول: إن هناك سببًا إضافيًا من أجل وحدة المعارضة ومن أجل الإصلاح السياسي ومن أجل التغيير السياسي هو تمتين البلد في مواجهة الضغوطات الخارجية التي تتعرض لها، ثانيًا، الانتظار لا أن أستبق الأحداث بل أنتظر ما سيحصل ويبنى على الشيء مقتضاه، مثلًا: إذا وُجه اتهام مباشر كان في وقتها بمسؤولية بشار الأسد عن الجريمة وطلبوه للمحكمة مثلما حصل في السودان في يوم المحكمة الجنائية الدولية اتهمت عمر البشير أنه هو مسؤول عن جرائم دارفور وطلبته [للمحاكمة]، فعندما يصدر مثل هكذا اتهام يُبنى على ذلك، أما افتراض أن المسألة انتهت ومسألة وقت وأن السفراء الأوربيين وبعض المسؤولين وبعض الدبلوماسيين وبعض المحللين يقولون: إن المسألة اقتربت وأنها مسالة وقت هذا كان افتراضًا متسرعًا جدًا.
وبالمناسبة الوثيقة الخاصة بإعلان دمشق فيها عبارة شهيرة تقول: إن لحظة التغيير قد بدأت. حسنًا، لحظة التغيير قد بدأت كيف؟ بفعل العامل الخارجي؟ هل بالحسابات هذا الأمر مضمون؟ هل حدث؟ كانت هذه وجهة النظر الثانية التي تقول...طبعًا في المعارضة السورية في تلك الفترة أيضًا كانت هناك تيارات من التي هي تيارات معادية للغرب والمعادية للإمبريالية والمؤيدة لحزب الله وخط ما يسمى المقاومة، التي أخذت موقفًا سلبيًا من كل القصة وصارت تقول: نحن واجبنا على العكس مواجهة هذه الهجمة وإلى آخره. لكن أحكي أنا عن الرأي الذي أنا كنت منه، وهذا كان السبب عندما تمت دعوتي للانضمام الى إعلان دمشق، هذا السبب لرفض الدعوة بالنسبة لي، أنني شعرت أنه يوجد تسرع كان من الأفضل أن نقول: سورية الآن تواجه ضغطًا خارجيًا علينا تمتين الجبهة الداخلية والدفع بمسألة الإصلاح السياسي من أجل تحسين وضع البلد في مواجهة هذه الضغوط، كان هذا منحى الكلام بالسياسة برأيي كان هو الأسلم في تلك المرحلة، وأن ننتظر تطورات الملف كيف ستتطور الأمور ويُبنى على الشيء مقتضاه.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/07/15
الموضوع الرئیس
النشاط السياسي قبل الثورة السوريةكود الشهادة
SMI/OH/51-11/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2005
updatedAt
2024/08/12
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
حزب الله اللبناني
مجلس الأمن الدولي - الأمم المتحدة
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي
قوات حفظ النظام