الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

بداية الحراك الثوري في داريا وأحداث "الجمعة العظيمة"

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:28:56:20

في موضوع سنة 2003 قبل الدخول في بداية الربيع العربي أنا عشت هذا الألم في 2003، وأنا لم أكن في تلك المجموعة ولكن أخي حين تم اعتقاله كانت زوجته حاملًا واعتقل وهي في هذا الحال واختفى وكان الوضع كارثيًا بالنسبة لعائلتنا وخاصة أنَّ لدينا تجربة سابقة وأبي خرج من سورية ولدينا تجارب مؤلمة مع هذا النظام وأخي جسدها مرة ثانية. 

وكنت أرى أخي شيئًا عظيمًا وأنه يعمل كل هذه الأمور ليُثبت أفكاره، ولكن كان من المؤلم وضع المجتمع ونظرة المجتمع لهم والتي بقوا يحملونها من 2003 بقوا منبوذين من المجتمع حتى عام 2011 يعني ثمان سنوات بسبب الأفكار التي عبروا عنها عن أنفسهم وعن غضبهم من الوضع في سورية.

وهذا الشيء كله الذي عشته أنا في ظل أسرة خرجت من سورية وظل أخ لديه توجه فكري وسياسي ضد النظام كل هذا يوجد في نفس الإنسان وفجأة خرج في الربيع العربي و"الثورة السورية" وهي أجمل شيء كان في حياتي رغم كل الألم الذي تعرضنا له، وفقدت زوجي الذي كنا متفاهمين كثيراً وسعداء كعائلة أنا وهو، وكان سنداً لي ولكن أشعر أنَّ "الثورة السورية" جعلتنا نجد أنفسنا ونُعبر عن ذاتنا ، وموضوع الحرية ليس شيئًا بسيطًا، والناس التي تقول أنَّنا "كنا عايشين" هذه ليست عيشة كونك لست حرًا  ومتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا، وحتى أساس الدين هو الحرية وحين لا تكون حراً فأنت بعيد عن الدين، وإذا كان الدين لا يُعطيك حريتك فهذا ليس الدين وأساسًا الإنسان وُلد حراً فلا يجوز لأحد أن يأسره. 

وموضوع الربيع العربي وشغفي به لم يكن عن عبث له تاريخ، وحين بدأت الأمور في تونس وبعدها في مصر وليبيا كنت أنا وزوجي نرتقب وكنا نجلس يوميًا أمام  التلفاز وننتظر الشرارة في سورية، وفي هذه الاثناء وبسبب معرفتنا في سورية وأنَّ النظام متوحش وقاسٍ وخاصة أننا لنا تجربة سابقة معه، وخرجت في تلك الفترة نكت (مزاح) مثل أنَّه سيخرج أحد في القامشلي ويحرق نفسه ويأتوا يطفوه حتى لا تكون  ثورة، وكانت نكت وأنَّه لا يمكن في سورية أن تحدث ثورة  وأن ما حدث في تونس بأن شخصًا قد أحرق نفسه لو الشعب السوري يحرق نفسه فلن يجرؤ أحد أن يحكي بوجه النظام، ولكن أنا كنت أشعر أنَّه سيحدث شيء، ولكن شعرت أنَّ تلك الموجة التي جاءت الى تونس وغيرها حتمًا سوف تصل إلى سورية بالنهاية، وهو النظام الأشد قمعية من تلك الأنظمة التي حدثت فيها ثورة. 

وحين قاموا بمظاهرة أمام السفارة الليبية وهذه المظاهرة شارك فيها أخي الثاني ليس الذي اعتُقل في 2003، وكان فيها رزان زيتونة موجودة وأغلب الناشطين كانوا، وعلمت بتلك المظاهرة وكنت أريد المشاركة ولكن كان لدي ظرفٌ عائلي ولم أستطع المشاركة، وكنت أتابع ما الذي سيحصل في تلك المظاهرة، وحينها انفضت بشكل غير سلمي، ولكن لم يحصل شيء. 

 وهناك مظاهرة عفوية في الحريقة وتجمعت الناس على أثر إهانة شرطي لموظف وانطلاق شعار "الشعب السوري ما بينذل" وكنت أُتابع كل هذه التفاصيل وأرتقب وأنتظر، وكنت كل لحظة أفتح التلفاز وأنتظر قول أحدهم: بدأت الثورة في سورية إلى أن حصلت قصة أطفال درعا التي حصل عليها تكتم كبير للغاية، وكانت الأحداث قد بدأت في درعا، ونحن لا نعلم ما الذي يحدث في سورية؟ 

وبدأت وخرجت قصة أطفال درعا وما حصل وشعرنا بأنَّ الثورة وصلت لعندنا، وشعرنا أنَّه المضحك المبكي أنَّك فرحان كل الفرح أنها خرجت الشرارة من عندنا ولكن أنت في نفس الوقت تبكي لأنك تعلم  سورية ماذا سيحصل فيها ولأننا نعرف النظام السوري والأحداث التي حصلت في حماة، وكنت أقول دائمًا: أنَّنا غدًا لم نكن نخرج ولا نجرؤ على الكلام أمام النظام ليس لأنني خائفة من الموت وأعلم  بأنَّ هذا النظام سيقتلني ولكن كنا نخاف على سورية من هذا النظام لأنَّنا نعلم أننا حين نقول له: لا فإنه سيحرق سورية بالتي فيها، وهذا ما حدث والبلد كانت غالية علينا ولدرجة نشعر أنَّنا إذا لم نقم ضده فلأننا فقط نخاف على سورية من هذا النظام  أكثر من خوفنا على أنفسنا، ولكن قامت الثورة  وقام أطفال درعا وبدأت تخرج الأخبار .. والجمعة الأولى في 25 آذار/ مارس 2011 والتي شاركت فيها كل المدن الثانية مناصرةً لأطفال درعا، وإلى هنا كان همي أن أُشارك وأقوم بأي شيء، ولم أكن أعلم أي أحد من نساء المدينة لديهم هذا التفكير وينتظرن مثلي في ذلك الوقت كان الخوف لا يزال مخيمًا وكل شيء مُراقب.. الهاتف وغيره، وكنا نترقب من مكاننا وننتظر ما الذي سيحدث؟  

وأتاني تلفون (اتصال) ولم يكن واضحًا في ذلك الوقت وقبل 25 آذار/ مارس وبعد قصة أطفال درعا تقريباً هناك عشرة أيام، وكان الخوف في داريا وكان أغلب الخطاب السائد ألا تقوموا بشيء ولا تخرجوا بمظاهرة وأن هذا النظام ابن حرام، وهذا الخطاب السائد بين العالم والناس والمشايخ وأننا لسنا قادرين عليه، وكان الكل مترددًا بموضوع مظاهرة 25 آذار/ مارس، إلا أن فاجأني تلفون من أخي وكان يبكي ، وقال متى سنبقى نحن نعيش بهذا الذل، وكان قد مضى على خروجه من سورية خمس سنوات  ولا يستطيع أن ينزل (يأتي) الى سورية بسبب أحداث 2003 ، وكان يبكي، وقال: متى سنبقى نحن نعيش بهذا الذل وأن قوموا وتحركوا، وكأنه متحرقٌ لذلك، وشعرت بلحظة كل شيء شعرت وكأن شيئًا فتح في داخلي وأنَّني سأقوم بأي شيء لأنزل في 25 آذار/ مارس مهما هددوني ولا يمكن بعد الذي حصل بأطفال درعا وكل الوطن العربي، وشعرت أنَّ الشخص سينزل والذي سيحدث يحدث، وكنت أمًا لثلاثة أطفال وكان لدي رضيع صغير عمره سنة، وكانت وصلت معي الأمور وأنا مشحونة من ثورة تونس ومصر حتى وصلت لهذا الحدث فلا مجال للتراجع. 

فنزلت في 25 آذار/ مارس، وكانت مظاهرةً خرجت من أكثر من مسجد في داريا، وقتها عملت على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى "الفيسبوك" وكانت كلها حسابات وهمية ولا أحد يُصرح باسمه الحقيقي، وكان حسابي على "الفيسبوك" الذي أنشأته وقت الثورة لم يكن باسمي الحقيقي، وكانت هناك دعوات وأخي كان يُخبرني وكان على تواصل مباشر مع يحيى شربجي والذين يُنظمون المظاهرة، وكنت أعلم حقيقةً ماذا يحصل من خلال الأشخاص المنظمين لهذه المظاهرة، وهم أولاد عمي وأخي الذي كان في خارج سورية وكان على تواصل معهم. 

فنزلت ولكني لم أكن أعرف ما هذا؟ وكان أبي - رحمه الله - في ذلك الوقت معنا ولم يُشارك وكان فقط يُريد أن يطمئن علينا، وكنا نحن نُريد أن ننزل أنا وأخي الأصغر وكان أبي فقط يُراقبنا من بعيد إذا كان سيحصل شيء.

نزلنا وخرجوا من جامع العباس والذي أطلق الشرارة من جامع العباس هو ابن عمي معن شربجي استُشهد أخو يحيى، وفي وقتها كان الشيخ يتكلم بعد أن انتهت خطبة الجمعة وألا يحدث شغب فكان يُهدئ الناس حتى لا يتحركوا، وكان معنا قال: بكفي الى هنا وثاروا، وحكى عدة كلمات وهنا الناس كلها قامت وكبروا من المسجد وخرجوا من المسجد باتجاه تاج الملوك حيث الساحة وهي مفرق تقاطع طرق، واجتمعوا هناك. 

وكان العدد تقريباً حوالي 200 متظاهرًا ولم يكن هناك نساء إلا نساء يقفن على الأطراف، وكنت أنا واحدة منهم، وهناك أخريات وهناك من أعلمهم وهناك لا أعلمهم من السيدات، وكانت حريةً ولم يكن هناك أي كلام ضد النظام أو إسقاط النظام، وكان هناك مخابرات كثيرة أو كانوا مخبرين يكتبون تقارير ويُرسلون، وكان واضحًا أنَّ هناك أشخاص لا علاقة لهم بالمظاهرة وكانوا موجودين ليعلموا من الذي كان يتواجد وكانوا واضحين من أشكالهم، وبعد ذلك انفضت المظاهرة ولكن في نفس الوقت بعدها مباشرةً خرجت مظاهرة مؤيدةٌ عفوية لسيادته يحملون صور بشار الأسد وهكذا. 

ومشينا (سرنا) معهم حوالي عشر دقائق في المظاهرة وانفضت بسلام وعدت الى البيت وكنت كلي طاقة إيجابية ولم نعمل شيئًا خارقًا ولم يكن هناك نساء كثير، ولا نستطيع أن ندخل مع الرجال ولم أهتف ولكن كان شعورًا رائعًا وكأنه قد وُلدت من جديد وأنَّك فعلت شيئًا، وحتى هذا الشيء البسيط الذين حرمنا منه، أنَّك تقف في الشارع وتُعبر عن انزعاجك  ضد هذا النظام الذي يحكمك الى هذه الدرجة كان هذا الأمر شيئًا كبيرًا، وشعرت أنَّ هذا الطريق هو طريقي ووجدت نفسي في هذا الطريق، ومن شدة السعادة التي كنت بها أنَّني خرجت وحضرت هذه المظاهرة. 

ومن النساء اللواتي رأيتهن هناك بعضهم أعرفهم كصداقة لأخي بسبب أحداث 2003 فيوجد معرفة عائلية ومعرفة صداقة وهناك من لا أعرفهم وتعرفت عليهم، وهكذا تبادلنا أرقام الهواتف وأصبحت أتواصل معهم من أجل المظاهرات الثانية أومن أجل التنسيق لأي عمل سيحصل، وأصبح لدي عالم غير عالمي الذي أعيشه في داريا وهو المدرسة صار عندي عالمٌ آخر هو عالم الثورة، وأصبح لدي أشخاصٌ أعرفهم فكان هناك شيء خاص بالثورة، وأصبحت أبتعد تماماً عن العالم الذي كنت أعيش فيه وكنت أعيش حياةً مرفهة عند أهلي وزوجي ولم يتوقع أحد وقد سمعت هذا بأنني من غير الممكن أن أُشارك بهذا الشكل وتكون هذه الثورة حياتي وأني لا ينقصني شيء، وأساسًا هذه الثورة ليست جوعًا ولكن ثورة كرامة، ونحن لم يكن ينقصنا شيء على المستوى المادي حتى نُشارك حين دخل النظام الى بيوتنا كان بيت أهلي فيلا ومسابح وجنائن، فكان يقول: ما الذي ينقصكم حرية؟ وما هذه الحرية التي تنقصكم؟ وهذه نقطة قوة كبيرة في داريا أن الذي خرج في الثورة هم أكثر الناس الأغنياء في المدينة، وهذا الشيء القوي أعطى مصداقية للآخرين مثل يحيى شربجي وآل زيادة وكثير من العائلات كانوا من أغنى العائلات المرتاحين مادياً في المدينة هم الذين خرجوا وأعطوا وقدموا أرواحهم على أكفهم، وهذا الأمر أعطى مصداقيةً كبيرة، وجعلت الباقي يتبعونهم، وهذه الأمور من الأمور القوية في داريا أن الذي كان يمشي في المسيرة ليس هم الأشخاص وحتى النظام لا يقول: أنَّ هذه ثورة جياع لكن حقيقةً كانت ثورة كرامة، والناس التي خرجت لم يكن ينقصها الأكل والشرب ولم يكن ينقصها شيء في حياتها.

بعد أول مظاهرة أنا شخصيًا تفاجأت: النظام لم يقم بشيءٍ في أول مظاهرة، وكنت أتوقع بأنه سيستشرس (يقتل ويقمع) من أول يوم ولكن يبدو أنَّه كان يُحاول أن يرى الوضع وبعد ذلك يبدأ بالعملية المتوحشة لديه، والناس في أول مظاهرة كان هناك انقسام بين المع أو الضد (المؤيد والمعارض) وكان هناك خوف مخيم على أهالي المدينة من هذا الوضع القائم، ولم يكن أحد مُطمئنًا والكل يعرف أنَّ النظام لن يصمت على خروج المظاهرات، وهذا كان بالرد فوراً بعد أول خطاب لبشار (بشار الأسد) بعد المظاهرات الأولى في سورية وكان هناك تهديد واضح من طرفه. 

والخطاب الأول للرئيس فاجأ الجميع وهو الخطاب الذي جعل الجميع يقلب عليه أكثر، والناس في داريا الذين كانوا ضد أي تحرك ضد النظام لمعرفتهم بظلم النظام وكان الكل يُراهن أن بشار الأسد حتمًا سيقوم ببعض الأشياء التي تُهدئ الوضع، الكل كان يُراهن على هذا الشيء ومن بينهم أنا مع علمي بالنظام وأنه لا يستسلم ولا يتنازل، وكنت أقول إننا حتمًا في 2011 النظام سيقوم بأمورٍ لتهدئة الناس وليس كالتي استخدمها حافظ الأسد في أحداث حماة (1982) وأنَّ هذا متعلمٌ أكثر ويفهم أكثر. 

ولكن الخطاب الأول كان كارثيًا للغاية وكان كأنه يقول: قوموا بثورة عليّ ولست خائفًا منكم وأكثر شيء سأحرق سورية وسأحرقكم معها، وكان صادمًا للجميع حتى للمؤيدين له، أنا بحس الخطاب الأول جعل جزءًا كبيرًا من الناس تعود وتُشارك بعد أن كانت قد أخذت موقفًا، وهو صدم كثيرًا من العالم بخطابه والرماديين قلبوا لصف الثورة ولهذا الحراك حين سمعوا خطاب بشار، وكان خطابه الأول تهديديًا، وحتى أنا انصدمت..

وتابعت خطابه كلمة كلمة وأعدته وهذا الشخص ما الذي يُفكر به؟ وشعرت أنه يمكن أن يحرق سورية وليس لديه مشكلة يعني نفس التوقع والمخاوف التي عندي وسبحان الله تشعر أنَّه مهما جاءتك تهديدات تصبح المسألة مسألة تحدي وخلص مهما فعل فإنَّك لا تريد العودة مهما هدد وقتل لقد خرجت وتنفست بالأحرى والمظاهرة الأولى التي تنفست فيها قليلاً لا تستطيع أن تعود إلى القفص. 

وبعد ذلك جاءت "الجمعة العظيمة" التي حدث فيها القتل والتقتيل وكان واضحًا من خطابه أنَّه سيقتل وأنَّ الجمعة الثانية التي سيحدث فيها تحرك ستكون جمعةً دموية. 

وفي 1 نيسان نزلنا ولكن لم نستطع أن نتجمع، كان عناصر الأمن قد جهزوا أنفسهم من قبل الصلاة، وكانت سيارات الأمن موجودةً، وكان لديهم ضوء أخضر للقتل، وكانت جمعةً دموية في كل سورية وليس فقط في داريا هذا يعني أنهم قد أخذوا الضوء الأخضر من القيادة أن يصفوا الأشخاص في المظاهرات،  وكان الوضع كارثيًا ولم نسمع شيئًا سوى الرصاص، ورأيت عناصر الأمن يضربون الشباب بالعصي واستُشهد ثلاثة أشخاص في ذلك النهار، ولم أرَ مرحلة الاستشهاد لأن الحالة كانت فوضى والكل يركض وحالة ذعر، وحين علمنا باستشهاد ثلاثة أشخاص بكيت كثيراً حين عدنا إلى البيت ووضعوا على [قناة] "الجزيرة " كل أعداد الشهداء في سورية، ويومها بكيث كثيراً وشعرت أنَّني لست نادمةً ولكن شعرت أنَّنا داخلون إلى طريق صعب للغاية، وهناك طريق دموي جدًا، كانت طريقة تفكيري سلمية وأنت مع هذا النظام الدموي ستكون سلميًا!، هو أمر صعب أن تضبط نفسك وأن تقنع الناس الذين حولك أنَّ الطريق السلمي هو الطريق الأصح والأسلم وهو الذي سيسقط هذا النظام فعلينا مهام ليست فقط مهمة أن تنزل إلى الشارع، وبعد "الجمعة العظيمة" أدركنا صعوبة المهام التي تقع على كاهلنا إذا أردنا إسقاط النظام، وأصبحنا بمرحلة ليست أن نخرج ونقول الكلمة ولكن مرحلة كيف نُقنع العالم أنَّ هذا النظام الدموي لا تحمل في وجهه السلاح وأنَّ هذا النظام الدموي حتماً سيدفع بالناس لتحمل السلاح وهو بعد اندلاع الثورة بعشرة أيام استخدم العنف وبشكلٍ فظيع. 

وشعرت أنَّ هناك حجم مسؤولياتٍ كبيرة علينا كيف تُنظم وتقوم وتعمل وكل هذه الأسئلة تأتي بلحظة، وأنَّ هناك ثلاثةً ماتوا وقُتلوا، وخرج في ذلك الوقت صوتٌ من نفس جماعة السلمية في داريا والذين كانوا أقرب لأن يكونوا ضد التحرك وأنَّ هذا النظام دموي وأنت ترمي بالناس للتهلكة والخطاب الآخر من جماعة السلمية أنَّنا يجب أن نتحرك ونستمر بشكلٍ سلمي وستأتي فترةٌ من الفترات وسيضع المجتمع الدولي في لحظة من اللحظات سوف حدًا للنظام وإجرامه. 

وطبعاً صار تشييع ثاني يوم لثلاثة شهداء، وهذا التشييع كان من أكبر التشييعات التي حصلت في داريا وشارك فيه أكثر من عشرة آلاف شخص، وكانوا بصوت واحد ونفسٍ واحد وبهم واحد شيء يجعلك تبكي وبمجرد رؤية هذا التشييع بهذه الضخامة تشعر أنَّ هذا الشعب من الممكن أن يُسقط النظام وعاد إلينا الأمل مع أننا حزنا كثيراً في "الجمعة العظيمة" ولكن في اليوم الثاني ومستوى التشييع والتنظيم شعرت أننا قد عاد إلينا الأمل أننا بإمكاننا أن نقوم بشيء ويمكن أن نسقط هذا النظام وكان التشييع على مستوى كبير للغاية وشيعوا ثلاثة شهداء الى مقبرة الخولاني ودفنوهم، ونحن كنساء لم نشارك في التشييع ولكن كنا موجودين في أحد الشقق التي يمر من أمامها التشييع الشارع الأساسي للتشيع كنا قد جهزنا أنفسنا وكان لدينا مستلزمات طبية ومعدات وأنَّ النظام يمكن أن يهجم على الناس أثناء التشييع والحمد لله لم يحصل شيء يومها، ولكن بعد التشييع الناس أو الحالة النفسية للناس كأنها تحمست بعد القتل في سورية و"الجمعة العظيمة" وخرجوا في التشييع، وبعدها امتصوا الصدمة وبعد ذلك عادوا إلى الخوف السابق وأنَّ هذا النظام  لسنا بقدرته عاد يخيم على المدينة خطاب أن لا نستطيع أن نقوم بالمواجهة معه ، وأصبحوا يستهزؤوا بجماعة السلمية الذين يخرجون بمظاهرات فيها الورد والماء، وماذا سيأثر الخطاب الاستهزائي و ماذا سيفعل الورد مقابل البارود هل تحلمون؟ ومن كل شيء حولك وستي (جدتي) كل يوم تدخل إلينا، وتقول لنا: أنَّنا لسنا قادرين على هذا النظام فاقعدوا، والمدينة بعد "الجمعة العظيمة" عاد وخيم عليها الخوف والحذر وأن الموضوع ليس بلعبة، فعادوا وامتصوا الموضوع، والصدمة بعد استشهاد ثلاثة أشخاص كان صعبًا جدًا ولكن أننا بشكل سلمي يجب أن نستمر كنا نعزز الأفكار السلمية في المدينة، والسلمية هي أمر صعب والنضال اللاعنفي هو صعبٌ جدًا ومن السهل أن تُمسك سلاحًا وتضرب، ولكن من الصعب أن تبقى مؤمنًا وأن هذا الزمن  ليس زمن الصراعات المسلحة حيث لا تناسب في ميزان القوى، هناك شخص معه طيران والسلاح وغيره وهناك طرف معه بارودة فمن المستحيل أنه.. يعني هذا زمن لا تنجح فيه الثورات المسلحة مثل ما حصل من مئة سنة ولكن حتماً في هذا الوقت كان السبيل الوحيد لنجاحنا  في الثورة هو النضال السلمي وأن يصل النظام لمرحلة بأنَّه لم يعد قادرًا على إقناع الشبيحة لديه بأنَّ هؤلاء المتظاهرين سيقتلونكم، وبالتالي تحدث انشقاقات داخلية كبيرة جدًا، ونصل لمرحلة أنَّ المجتمع الدولي يضع حدًا لهذه المجازر التي حدثت، ولكن للأسف كنا نعرف أنَّ هذا الطريق صعب للغاية أن نجعل الشعب يبقى سلميًا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/10/09

الموضوع الرئیس

الحراك في داريامظاهرات الجمعة العظيمة

كود الشهادة

SMI/OH/118-03/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2-4/2011

updatedAt

2024/04/17

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

قناة الجزيرة

قناة الجزيرة

الشهادات المرتبطة