النشاط التوعوي، الجيش الحر وسياساته المتبعة في داريا
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:20:01:22
أكثر الأشخاص الذين حملوا السلاح وإن كنت أنا أرفض إرجاع موضوع حمل السلاح للأشخاص المتدينين لأننا كنا دائمًا نتحدث حول ذلك، وتكلمت عنها في التسجيل السابق أنّنا كنا نخاطب المجتمع في داريا المجتمع المسلم المحافظ، وكنا نقول لهم: السلمية ليست بعيدةً عن الدين والرسول كان لمدة 13 عاماً في مكة في بداية دعوته ولم يرفع حجرًا بوجه قريش وكان سلميًا لمدة 13 سنة قبل الدخول في الحرب، وحتى الغزوات كان دخوله فيها دفاعاً عن النفس، كنا نتكلم عن هذه الأمور كثيرًا وأن لا تلصقوا الجهاد بالدين وحمل السلاح بالدين، وكان هناك مفاهيم مغلوطة فيما يخص هذا الموضوع.
ولكن الخطاب العام أنَّه يجب أن تحمل السلاح لتُدافع عن دينك ومعتقدك وعرضك ونوعًا ما من حمل السلاح هم الذين يتبنون هذا الفكر والخطاب.
والجماعة الثانية وهي جماعة السلمية الأقرب إلى فكر جودت سعيد الذي نسف فكرة الجهاد من الإسلام، لذلك يُكفره كثيرٌ من العلماء بسبب هذه الخاصية، وصعب جداً في هذا المجتمع وبغض النظر إن كان الجهاد موجودًا أو غير موجود، فحمل السلاح في هذا الوضع واستخدامه بشكلٍ عشوائي هو دمار لنفسك بعيدًا عن الدين وبحسب إمكاناتنا وإمكانيات العدو الذي أمامنا، وهذا الموضوع كان صعبًا أن نُوصله إلى الطرف الآخر، وبالنسبة لهم نحن جماعة السلمية نحن جماعة يخونوننا وبأننا جماعةٌ ضعيفة وخائفون، وأنه ليس لدينا الشجاعة والجرأة، وتم إهانتنا بألفاظ لأنَّنا نحن نُحاول البقاء سلميين لأبعد وقت ممكن وسلميتنا هذه ربما تُنقذ مدينتنا وتخفف خسائرنا لكن الطرف الآخر كان يرانا جبناء علمًا أنه بالعكس الشخص السلمي هو أكثر شجاعةً لأنه عندما يتواجد في المظاهرة وأمام الأمن فهو يُطالب بإسقاط النظام وبإصلاحات وبالحرية وهو لا يملك شيئًا يُدافع فيه عن نفسه إلا صوته فهو شخص شجاع وليس جبانًا لكنه مدرك لخطورة حمل السلاح وخصوصاً حمله بشكل عشوائي ربما لو كان هناك قيادة واحدة في "للجيش الحر" بشكل حقيقي من الممكن حل الموضوع ولكن وجود "الجيش الحر" كفصائل وكل فصيل له قيادة ومدعوم من جهة ومجموعة كان كارثةً للثورة ولسورية.
"الجيش الحر" في البداية لم يظهر في المظاهرات وكانوا غالباً عندما كنا نراهم كانوا يحملون سلاح ويلبسون بناطيل لونها عسكري وكنزات عادية من فوق ويحملون السلاح ودائمًا البارودة على ظهرهم وهكذا، وأنا من الشخصيات التي لا تُريد أن تتعمق في موضوع السلاح أو موضوع "الجيش الحر" في تلك الفترة لأنني كنت أخاف من موضوع الاعتقال ولهذا لا أحب أن أعرف ما ليس ضروريًا ولكن في وقتها قبل المجزرة كان هناك جيش حر بقيادة واحدة وليس فصائل وكان غالبية الشباب الذين فيها ليس شرط شباب عسكريين منشقين كان جزء منهم مدنيين وهذا قبل المجزرة، وبعد المجزرة اختلف وضع "الجيش الحر" كثيرًا.
قبل المجزرة كان غالبية الشباب في "الجيش الحر" غير متعلمين وغير مثقفين ولكن مخلصين جدًا للقضية ويريدون الدفاع، وبعد المجزرة أصبحت ترى في "الجيش الحر" الجامعيين والمهندسين والحقوقيين لأنه تنظم وضع "الجيش الحر" وأصبح الذي يديره المجلس المحلي والقوة المدنية هي التي تُدير القوة العسكرية في المدينة فاختلف كثيرًا وقبل المجزرة كان دائماً هناك مواجهة مع المجتمع وكثيرًا ما تحدثنا في موضوع قتل المخبرين، وعندما كنا نتكلم ونواجه الشعب كنا نُخاطب أهل داريا المحافظين بخطابٍ حسب مفاهيمهم كنا دائمًا نقول: رسول الله كان يعرف المنافقين أخبره الله عن كل المنافقين الموجودين في المدينة، والرسول لم يُصرح بقتلهم وهذا يعني أن القتل العشوائي غير موجود في ديننا وأي شخص إذا كان خائنًا هناك أسس ومعايير ومحاكمات ولجان تُقر بأنَّ هذا الشخص خائن ليتم قتله، كنا نُخاطب بهذا النفس وهدم الكعبة عند رب العالمين أهون من قتل إنسان، ولا نُحاول أن نستسهل هذا الأمر، وموضوع قتل المخبرين جعل الناس تستسهل القتل إذا رأيت شخصًا مقتولًا أمر عادي، وأصبح الناس بعد ذلك يستخدمون ذريعة المخبر لتصفية حساباتهم الشخصية بين بعضهم البعض وهذا ما حدث في كثير من المدن السورية، والأشخاص الذين قتلوا بهذه الطريقة لا يشترط بأن يكونوا مُخبرين، فأنت تقتله في هذا الوقت ثم تقول أنَّه مخبر وخرج عليه هذا العار وتلك السمعة الى عائلته وستصبح تلك السمعة لأولاده ويمكن أن يكون هناك مشكلةً شخصية مع جاره وليس موضوع خيانة.
نحن على قدر ما المجتمع نبذ المخبرين ونساءهم وأطفالهم، نحن كتجمع حرائر داريا عملنا على هذا الموضوع حين نعمل أي نشاط للأيتام نأتي بأولاد المخبرين الذين تم قتلهم على أيدي" الجيش الحر" ونُحاول أن نقوم بتوعية، وأصبحت كثير من المحلات لا تبيع أولاد المخبرين وكنا نحاول أن ندمجهم مع باقي الأولاد لأنَّهم أطفال أيتام مثلهم مثل غيرهم، وداريا فيها وعي نوعاً ما أكبر من غيرها من المدن وليس من السهل مواجهة تيار متشبث بأفكاره ويرى هذا الموضوع صحيحًا وأنت تحاول أن تخفف من خطورة ما يحدث في ذلك الوقت.
ذكرت سابقًا أنه في 2003 كان هناك نبذ لهم بسبب أفكارهم وبسبب نشطاء عام 2003 وحين بدأت الثورة في 2011، أغلب هذه المجموعة كانوا مرتاحين جدًا مادياً وثقافياً في داريا وأول من خرج في الثورة هم، وكان له أثر إيجابي في موضوع الثورة في داريا أنَّ الناس الغنية والمرتاحة مادياً هي التي قادت وأنَّ هذه الثورة ليست ثورة جائعين وليست ثورةً اقتصادية فهي ثورة كرامة وأكبر دليلٍ على ذلك أن الناس التي كانت في الصفوف الأولى هم الناس الذين كانوا مرتاحين ماديًا في المدينة ومنهم شباب الـ 2003 وهؤلاء الشباب لم يُرد لهم اعتبارهم إلا بعد الاجتياح الأخير عن مدينة داريا والحصار وهم طيلة هذه الفترة هؤلاء جماعة السلمية بحسب قولهم أنهم هم من يخافون وهم من يريد دولةً علمانية وكل هذه الفترة حتى في بداية الثورة كان هناك خطاب آخر ضدهم بشكل قوي جدًا حتى حصار داريا بشهر تشرين الثاني / نوفمبر 2012 بقوا هم في داريا وكان لديهم شهادات عالية وعندهم علاقات مع منظمات وقادرون على الخروج إلى الدول الأخرى جميعهم قد بقوا في داريا مثل معتز مراد ومحمد شحادة وأخي رشدي معه جنسية فرنسية بقي في داريا عامان ونصف في المشفى الميداني وجميعهم قد تم إعادة اعتبارهم بعد صمودهم وبقاءهم مع باقي الناس في داريا ورفضهم الخروج منها وعاد اعتبارهم من الـ 2003.
كنا نشعر كجماعة سلمية بخطورة "الجيش الحر" بهذا الشكل وخطورة تقديس الناس لهم وحالة الغرور التي أصابت عناصره لأنه كان موجودًا لسبب وبالتنسيق مع جماعة السلمية والتنسيقية الأخرى بعدها كانت الأمور تسير إلى منحى آخر بسبب تشجيع الناس له، وشعر بوجود شعبية ولم يعد يضبط تصرفاته، وأصبحنا نسمع أنَّ أحد عناصر "الجيش الحر" يقوم بانتهاكات على بعض الأفراد بسبب تصرفات فردية من بعض عناصر" الجيش الحر" وهذا الموضوع استمر لوقت المجزرة، والمجزرة كانت مؤلمةً للغاية وفاتورتها كبيرةٌ جدًا لكن بعد المجزرة انضبطت الأمور في داريا، وبدأ المسار ينصلح ويعود ويُوضع على الطريق الصحيح لأنَّ الناس شعرت أنَّ الفاتورة التي دفعتها كبيرة بسبب عشوائية "الجيش الحر" أو تصرفاته الغير مدروسة فتغير الكثير من انطباعها اتجاه "الجيش الحر".
عدد سكان مدينة داريا 250 ألف نسمة كأهالي المدينة وهناك من الخارج من أهالي دمشق يسكنون في داريا ويوجد تقريباً 300 ألف نسمة وكانوا يسكنون في داريا بسبب قربها من المدينة ورخص الأسعار مقارنة بدمشق فهي مدينة قريبة من دمشق، تبعد 3 كم عنها، وهناك شيء يسمى "داريا قبلية" و"داريا شمالية" والشمالية هي ما بعد السكة والقبلية قبل السكة وإلى الآن هناك نزاعات مناطقية ما بين داريا القبلية وداريا الشمالية وكثير من أهالي القبلية لا يُزوجون ابنتهم للشمال والعكس صحيح وهذه ضمن المدينة الواحدة، حيث أن هذه المشكلة موجودة في كل سورية، موجودة عند الناس.
مع ظهور "الجيش الحر" كنا نُحاول أن نُكثف من ظهور" الحراك الثوري" المدني وبدل أن نخرج مرة قبل وجود "الجيش الحر" أصبحنا نخرج ثلاث مرات في الأسبوع مع وجود "الجيش الحر" لنُظهر للناس أهمية وجود الحراك واستمرار الحراك الشعبي وحتى لو وُجد "الجيش الحر" لأن الهدف الأساسي أنه حراك شعبي، وعملنا على موضوع التوعية، وبعد الثورة التي ظهرت بشكل مفاجئ وأثناء مسيرتنا في الثورة اكتشفنا قلة الوعي عند الناس وهذا طبيعي بسبب سياسة التجهيل الظلم والقمع على مدى 50 عامًا، أصبحنا نعمل أكثر على المواضيع التوعوية وعملت على ورشات في منزلي عن اللاعنف والحراك المدني وأهميته وأثره في منزلي للنساء، ولماذا نحن خرجنا ثورةً؟ وأغلب الشعب لا يعرفون لماذا خرجنا ثورة؟ وأننا كنا نشرح أنَّنا نسعى لدولة فيها سلطات منفصلة ولا يكون الرئيس بيده كل شيء وهذه كلها ألف باء السياسة وكل هذه الأمور غير موجودة عند الشعب السوري، وأنشأت ورشات في منزلي لأكثر من 150 امرأة عن كل شيء له صلة بهذه المواضيع، وتكلمنا عن العدالة الانتقالية وكمجتمع داريا أيضاً لا أحد يعلم عنها، وتكلمنا عن موضوع المصالحة الوطنية، وكنا نستبق الأحداث ونشعر أننا سنذهب إلى وضع سيء وكيف سنتصالح مع الطرف الآخر، وأنا كنت استلم الشق التوعوي لأجل نوعي بأكبر قدر ممكن إلى أين ذاهبين؟ وأنا كنت أعمل على مستوى النساء، والشباب كانوا يعملون في المواضيع الثانية وليس بهذه المواضيع، وأنا برأيي أعلم أنَّ السلاح سينتشر وكلنا نعلم ذلك ولكن نعلم أنَّه في يوم ما سيختفي السلاح فلا يمكن أن نعمر البلد والسلاح موجودٌ بين الناس، فأكثر طرف من الممكن أن يكون له تأثير في اختفاء السلاح هي المرأة التي من الممكن أن تُأثر على قرار أخيها وأبيها وزوجها وابنها، وكنا نُحاول أن نقوم بتوعية، وكان هناك تجاوب كبير وكنا نقوم بتقييمات بعد كل ورشة ودورة وكنا نعيش في داريا ونقوم بشكل سري بعيدٍ عن أعين النظام بهذه الدورات، وكانت في بيت على فرشات على الأرض فقط لنوصل أفكارًا لأكبر شريحة ممكنة وكان لها أثر إيجابي وربما لم يكن كبيًرا فيما لو استمرينا وبالتالي كان سيعطي أثرًا أكبر، ولكن بالنسبة للناس الذين استطعنا أن نصل لهم كان لها أثر.
كان الشباب يجتمعون في المساجد وكانوا يتكلمون عن الديمقراطية وعن مبادئها وأهدافها ويقومون بدورات عن ذلك، وكانوا يعملون على برنامج لإعداد القادة، ولو أنني أشعر أنَّنا كسوريين لا نحتاج لدورة إعداد القادة لأنَّ كل السوريين كانوا قادة الحمد لله، طبعًا الشباب لم يفرغوا مثلنا في موضوع الدورات لأنَّهم كانوا يلاحقون "الجيش الحر" أكثر وتنظيمه ويضبطون انتهاكاته ويضعون له حدًا وسياسة وينظموا "الجيش الحر" في المدينة، فكان أغلب وقتهم يُستهلك في تنظيم "الجيش الحر"
في بداية الثورة قبل أن يبدأ النظام بشكل شرس على المدينة أصبح هناك بعض الندوات في المركز الثقافي في داريا، وربما كانت هذه لعبة من النظام، والنظام سمح للنشطاء في بداية الثورة أن يظهروا ويجلسوا ويُقدموا محاضرات لكي يعرف من هم الناس الذين لديهم الوعي والمؤثرون في الحراك وكان هذا الموضوع بإدارة النظام وموافقته وكان لأكثر من مرة يحيى شربجي موجودًا في ذلك الوقت ويعطي.
"الجيش الحر" تم إعطاؤه كل مواضيع الندوات في القوانين الدولية وقوانين الحروب وتم إعطاؤه هذه الدورات متى لا أعلم لكن أعرف أنَّه قد تم توعيتهم بهذه الأمور مثل القوانين الدولية واتفاقيات جنيف والتعامل مع المدنيين وأنا لم أكن مع تسليح الثورة ولكن أعتقد أنّ "الجيش الحر" في داريا كان نوعًا ما نموذجًا جيدًا إلى حد ما مقارنة في باقي المناطق
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/10/18
الموضوع الرئیس
الحراك في دارياتطور نشاط الجيش الحركود الشهادة
SMI/OH/118-07/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
عسكري
المجال الزمني
2011
updatedAt
2024/04/22
المنطقة الجغرافية
محافظة ريف دمشق-مدينة دارياشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الجيش السوري الحر
تنسيقية داريا - لجان التنسيق المحلية
تجمع حرائر داريا