الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

انتفاضة درعا تجبر النظام على إرسال وفود لاحتواء الثورة الشعبية

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:28:24:20

نحن في 20 و21 آذار/ مارس، والنظام كان من الواضح أنه يعتمد على إستراتيجية مكوّنة من

محورين، المحور الأول قتل وقمع مع تكرار التظاهر وازدياد للقتل وللقمع، وهذا تطبيق للمثل القائل:

الذي لا يُحل بالقوة يلزمه مزيد من القوة، وكان دائمًا الرهان على أن الحل الوحيد هو إرغام الناس على

السكوت واحتواء الحراك المحلي قبل أن ينتشر ويتوسّع، من ناحية أخرى كان يلجأ إلى المحور الثاني

وهو محاولة التهدئة الكاذبة والخادعة بحيث يرسل وفودًا ويستخدمون ذلك الخطاب الذي شرحناه سابقًا

سواء خطاب رستم غزالة أو هشام بختيار وأصلًا إرسال شخصيات من هذا النوع، شخصيات أمنية

وليست أي شخصيات أمنية، هذه شخصيات مشهود لها في سورية بالطغيان والجبروت والقتل والعقلية

الأمنية المستحكمة، وكان رستم غزالة يستعين بهم في مهمات خارج البلد وأقصد بذلك لبنان. 

فالأسلوب الأمني لم يثمر، لأن الدماء سالت في الشوارع وبعد ما حصل لم تؤخذ بعين الاعتبار قيمة

الشهادة وأهل الشهداء بل بالعكس أتت أوامر أمنية بمنع التشييع وممنوع أن يخرج أحد معكم ويجب أن

ترجعوا إلى بيوتكم، وهذا لم ينجح، والأسلوب الثاني أيضًا لم ينجح وبعد الاجتماع خرجوا إلى ساحة

الاعتصام، حيث المتظاهرون موجودون ومن مناطق متعددة وهذا كان يرفع المعنويات لدينا وليس فقط

من درعا المدينة وسأتكلم عنه بشكل تفصيلي عن ظاهرة أول اعتصام حقيقي في سورية، وحتى عندما

وصل الوفد إلى هناك وكان الوجهاء في ذلك الوقت عليهم ضغط من ناحية الضغط الأهلي، أبناؤنا الذين

تظاهروا بناءً على اعتقال أبنائنا في مدرسة الأربعين والآن أصبح لدينا شهداء ومطالب مُحقّة وهذا

مبعث للضغط والضغط الآخر [أن] الدولة السورية، الحكومة أرسلت وفدًا وهذا الوفد يعطي وعودًا

بسيطة لم نرَ أي تنفيذ [لها] وفي نفس الوقت يستخدم لهجة أمنية قاسية وتحذيرية مباشرة، وما عاشه

الوجهاء كان بعيدًا عن أن يعيشه المتظاهرون، في اللحظة الذي وصل فيها الوفد وحقيقة مما استجمعناه

من أخبار فيما بعد حتى [أن] الوفد أوصل أخبار سابقًا إلى ساحة الاعتصام وأخبارا في محتوى الخطاب

الأمني الذي تكلم به الوفد من دمشق، وبالتالي الشباب كانوا مستعدّين وفي لحظة الوصول حُرّر

الوجهاء من هذا الضغط بأن أطلقوا الشعارات وقالوا: كذابون كذابون، وبمعنى [أنّ] هذا النظام لن

يحقق شيء ونحن لدينا مطالب واضحة وهذه المطالب نريد أن تتحقق. 

وفي يوم 20 آذار/ مارس انتهى بعدة نقاط أساسية، الأولى استمرت المظاهرات وكان هناك هدف

لشباب درعا البلد أن يصلوا إلى [درعا] المحطة وهذه الضفة الأخرى التي لم نرَها ونحن في الضفة

الثانية، أنا جزء من عدد كبير موجود في درعا المحطة هدفنا أن نصل إلى درعا البلد وبين الضفتين

نفس الحادثة التي ذكرتها قبل أيام كان يوجد قوة أمنية سنتعرف إليها لاحقًا، تتألف من عناصر الأمن

للفروع [في] المحافظة، وهناك وحدات التدخل السريع ووحدات مكافحة الشغب، وبعد ذلك أتت وحدات

إضافية نتحدث عنها حينها، وأذكر جيدًا أن نفس المجموعة التي نزلت من جانب السرايا وكنا نحن

فيها، نحن الأطباء وخرجت بعض السكرتيرات في العيادات، وكنا نجعلهم في الصفوف الخلفية، ولم

نكن نضمن الأمن كيف يتعامل ورأيناه يتعامل بقسوة بالغة جدًا خلال اليومين الماضيين وكنا نريد أن

نواجه ذلك بدل أن نعرض الصبيّات لذلك، وفي ذلك الوقت القناصون المنتشرون على أسطح المباني

العالية وغير العالية، ودرعا مدينة يغلب عليها طابقان وأربعة وخمسة، أكثر من ذلك لا يوجد إلا إذا

كان في (يوجد) برج مياه أو [شركة] سيرياتيل (شركة اتصالات) أو ما شابه، والقناصون منتشرون في

كل مكان ونحن نتكلم عن أطباء، أين وعود الأمن؟ وهذه لجنة تفاوض الناس وتهدّئ على أساس وما

يحصل في الشارع مختلف عما يقولونه. 

وفي هذه المظاهرة أذكر جيدًا قناصًا من جهة اليمين أطلق طلقة (رصاصة) وهذه الطلقة أصابت رأس

شاب أمامنا والدكتور ن.أ و الدكتور ع . أ والدكتور أخي ياسين وأطباء آخرين، أذكر أن رُمي أمامنا

وهنا الناس توترت بأنه حصل إطلاق نار مستمر، والموضوع ليس غازًا مسيلًا للدموع ولا رصاصًا

مطّاطيًا وركضنا نحن شمالًا والشباب الذين أمامنا رفعوا هذا المُصاب الذي لم نلحق نرى إلا أنه

أصيب، ونحن ركضنا والذين يحملون المصاب أيضًا ركضوا وأذكر قبل الزاوية التي عند السرايا أنا

لفيت (اتجهت) إلى اليسار وبقينا راكضين إلى المشفى، أنا عن نفسي والشباب البقية كل شخص [توجّه]

إلى شارع. 

وفي المشفى أذكر ذلك اليوم كأنه أمامي، طلعنا (أخرجنا) من المصاب مفاتيح دراجته النارية والدماء

عليه وكانت الإصابة في الرأس واستُشهد سريعًا، وهذا يوم 20 آذار/ مارس، وهذا تصويب لفكرة

ذكرتها سابقًا والاسم هل كان رائد كراد الشخص الذي رأيناه في المشفى الوطني؟ أم رائد كراد هو

الشخص الذي استُدعيت إليه في مشفى الشرق؟، وهذه المحاولات، أن نصل بين الضفتين بقيت مستمرة

وكان الحاجز الأمني يمنع الوصول، وثانيًا تم الإفراج عن الأطفال في يوم 20 آذار/ مارس مثل ما

وعدوا، وحكيت القصة، وذهب أهلهم إلى الشام (دمشق) ودخلوا [إلى] الأمن العسكري ولم يخرجوا بعد

ذلك، يبدو [أن] رستم غزالة أعطى توجيهاته وأفرجوا عن الأطفال في درعا وعن الأهالي في دمشق. 

ولكن الناس كانت في وارد آخر مختلف تمامًا، واستشهاد رائد كراد هذا الشهيد الثالث الذي تثبت

شهادته في درعا وهذا قد شكّل رسالة قاسية مجددًا أننا لم نكتفِ بالذين استُشهدوا يوم الجمعة، وأن

الجهد الذي قام به النظام من يوم الجمعة ليوم 20 آذار/ مارس هو جهد كاذب والدليل على ذلك أن

الأجهزة الأمنية أعدادها في ازدياد والناس الذين يعتلون الأبنية من أجل القنص يزدادون واللون الغالب

[في لباسهم] هو اللون الأسود، ورمز السواد له معنى واحد من ناحية ليبثّ الخوف في قلوب الناس،

وطبيعي حين يرى أي شخص ناسًا أمنيين معهم أسلحة ويرتدون السواد ليس كنفس الانطباع حين

يرتدي [لباسًا] مدنيًا، ومعروف أن أفرع الأمن أغلب لباسهم مدني ولم نرَ عسكريًا، وقوات الأمن وهي

تمارس النشاط الكابح للمتظاهرين والموجودين بأكثر من مكان ويقومون بأكثر من حركة كانوا من كل

أفرع الأمن، وعرفنا لاحقًا من العناصر الأمنية التي تتواصل معنا أو التي انشقت لاحقًا أن أعداد

العناصر الأمنية في درعا من وجهة نظر الدولة السورية لم تكن كافية لمواجهة هؤلاء المتظاهرين

وإطباق الخوف عليهم، ولذلك منذ اليوم الأول والمظاهرة لم تخرج كانت طائرة مروحية تأتي بعناصر

من الشام تحت مسميات مختلفة، التدخل السريع ومكافحة الشغب، وإلى آخره. 

حين خرج الأطفال أنا شخصيًا لم أزُرهم وإنما نتابع الأخبار وكان الشارع السوري الحوراني في ذلك

الوقت يغلي من جهتين، أولًا تعذيب الأطفال الذي تعرّضوا له ومشاهدة آثار التعذيب بالعين المجرّدة،

وكنا نسمع من بعض الأطباء والممرضين الموجودين في درعا البلد أنهم تعرضوا لتعذيب وأكثر من

طبيب عاين سمعنا منهم، وطريقة التعامل التي حصلت والإهانة التي وُجّهت للأهالي والناس تغلي

وصارت تغلي أكثر، وثانيًا الباب الجديد الذي فُتح وهي مظاهرات مطالبة بحقوق مشروعة والنظام

واجهها بالقتل وكل يوم نرى قتلًا وبالتالي حالة غليان عامة بدأت تتجاوز كل التفاصيل. 

وفي يوم 20 آذار/ مارس والغضب مما جرى والغضب من اللغة التهديدية للوفد الأمني الذي أرسله

النظام إلى درعا والغضب من منع اتصال الأهالي بين درعا المحطة ودرعا البلد والغضب من إطلاق

النار والسباب والشتائم، الناس في [درعا] المحطة عملوا مظاهرة وحدهم، ونحن بعد ما خلصنا في

المشفى (أنهينا العمل) وجلسنا في العيادة قليلًا وجلسنا نحن والشباب قليلًا أتانا خبر أنَّ هناك مظاهرة

تتجمع في ساحة السرايا في ذلك الوقت أينما نخرج في أي شارع نرَ تجمّعًا ولكن تلك التجمعات غير

قادرة على الالتئام في تجمع واحد كبير بسبب الظروف الأمنية التي يقوم بها النظام، وصارت هذه

المظاهرة وتجمعت في ساحة السرايا والأمن [يواجهها] بالشتائم وإطلاق غاز مسيل للدموع وإطلاق نار

في الهواء وأحيانًا موجّه [نحو الناس] وحاول أن يمنع المظاهرة ولكن لم يستطع ذلك، ومشت قليلًا في

الشوارع وفي وقتها خرج (قيل) أنّه تم إحراق سيارة أمام القصر العدلي وسمعنا أنه كان هناك أمام

الشارع شقة صغيرة لمكافحة المخدرات وأنه تم الهجوم عليها وتم إحراقها، ويقال، أنا لم أرَ، ولكن

أغلب الظن مثل النظام ما عمل لاحقًا في الجامع العمري وغيره، نحن نظن أنها عبارة عن خطوات

تدبيرية من قبل النظام حتى يُلصق موضوع الإرهاب والترهيب بالمتظاهرين ليوجِد حججًا إضافية

لتسليط أدوات قمعه على الناس وقتل الناس، وأنا رأيت السيارة تحترق أمام القصر العدلي والقصر

العدلي في درعا مثل القصر العدلي في كل المحافظات السورية مليء بالشرطة ورجال الأمن، ونحن لم

نستطع أن نتجمّع في الساحة أمام السرايا فكيف شخص سيقترب من السرايا ويشعل النار في سيارة ولا

أحد يمنعه من قوات الأمن؟ وهذا الذي حصل في موضوع المخدرات، ويقال إن أطفالًا هجموا عليه،

ومن هم الأطفال ومن أرسلهم؟ لا نعرف، وكبّوا (أراقوا) المازوت في الداخل وولّعوا (أشعلوا) فيه النار

وبدؤوا يأتون [إلى] وثائق للمؤسسة وينثرونها في الشارع، وهذا ولّد لدينا محاذير شديدة بأنَّنا بدأنا نفهم

تكتيكات النظام بدءًا من استخدام القوة الأمنية الرادعة الوحشية المُفرطة، مرورًا بمحاولات التهدئات

الخدّاعة إلى محاولات إلصاق التُّهم الجاهزة على المتظاهرين وإحداث شغب ليرسلوا رسالة أنهم ليسوا

متظاهرين وهناك بعض الأشخاص يقومون بعمليات تخريبية ونحن دورنا كدولة أن نحمي النظام العام

وهذه مسؤوليتنا حفظ النظام والأمن العام ولا بدّ من التدخل لتبرير عمليات القتل التي قام بها رجال

الأمن، وهذا مسلسل، وكان في كل مرحلة النظام يبتدع أساليب جديدة حتى يُكمل هذا المسلسل الذي

صوّره منذ بداية الثورة.

وفي هذا الوقت أيضًا بدأت تتبلور فكرتان مهمّتان في درعا، فكرة الاعتصام والمطالب، وهنا الناس

بدؤوا -ولا أريد أن أقول- يحجّون أو يأمّون الجامع العمري بشكل مستمرّ وأصبح هو مركز تظاهر دائم

وفي هذا الجامع ترى حضارة الشعب السوري كلها في ذلك الاعتصام، فمثلًا الساحات تم تنظيفها

وتنظيمها وتم زرعها باللافتات التي تعبّر عن شعاراتنا السلمية السامية وأيضًا بصور الشهداء، أبناء

درعا الذين ارتقوا خلال اليومين [أو] الثلاثة [الماضية] ولا زلنا في بداية الثورة وتم تنظيم الكراسي

والمنصة والميكرفون من أجل إلقاء الخطابات أحيانًا وإخبار المعتصمين بما يجب إخبارهم به، والأجمل

من ذلك أن خرج أمر أسمّيه اليوم لائحة تنظيمية أو مدوّنة سلوك، وفي ذلك الوقت لم يخطر لي أن

تكون مدونة سلوك، كنا نقول: تعليمات وأمور تنظيمية ولكن هي كانت أول مدوّنة سلوك راقية تُعلَن في

ساحة الجامع العمري وتتعلق بالسلوك العام، أنَّ الذي يستطيع الجلوس يجلس على كراسي والذي لا

يستطيع يقف في مكانه من دون صراخ غير منظّم وبلا شغب لأننا نحن نريد أن نسمع بعضنا ولا نريد

ضجيجًا أو أصواتًا عالية في ساحة الجامع أو صالة الجامع المخصصة للصلاة، ولا نريد تدخينًا ورمي

القمامة بشكل عشوائي وتم وضع سلات للقمامة وأي أحد في يده شيء يريد رميه فهذه السلات

موجودة، وتم تنظيف الساحات بشكل دوري وحين أحد يخرج إلى المنصّة، نرجوا من الجميع أن يسمعه

سواء اتفق معه أم لم يتفق، وإذا كان هناك مطلب إضافي أو شيء لا يعجبكم بإمكاننا معالجتها بطريقة

هادئة أو محترمة، وبعد ذلك بدأ أهل الخير أو أهل البلد يأتون بمياه أو عصير لأن الناس يبقون ساعات

طويلة وطبيعي أن يعطشوا وفي أكثر من مرة وزّعوا صندويشات فلافل، والنظام القميء حاول حتى

بهذه الأمور الرائعة، حاول إلصاق التُّهم بأهل درعا، وتذكرون ذلك الفيديو حين خرج وقال: في (يوجد)

ناس يوزّعون عليهم أموالًا وأنا أخذت صندويشة فلافل ورأيت فيها ورقة 500 [ليرة سوريّة]، وهذه

كانت لتشجيع الناس على التظاهر وكانت تدفع بدل أن يتظاهروا مئة كانوا مئات، وهذا غير صحيح

بالمطلق، فهذه مدونة سلوك. 

ثانيًا هذا المكان مركز دائم للتظاهر وهناك تسمع أجمل العبارات والأهازيج الحورانية والسورية

واستحضر الشباب أغاني تعود إلى الفن السوري [مثل]: الله الله يا مفرّج المصائب، وقائلها [الممثّل] عبد

الرحمن آل رشي، كان أقرب للاصطفاف للنظام في حين [أن] ابنه محمد آل رشي كان من أوائل

الفنانين الشرفاء الذين اصطفّوا مع الثورة، وإذن حتى استحضروا أغاني من التراث ومن موسوعة الفن

السوري الحاضرة في أذهان السوريين، وهنا أتت وفود من كل أبناء المحافظة سواء للتشييع أو

المشاركة في التظاهر وهذا أصبح تظاهرًا والاعتصام أصبح تظاهرًا، ويأتي كل وفد من الوفود التي

تأتي من المحافظة ويتقدّم المتحدث بهم ويمسك الميكرفون ويتكلم عن الأمن وممارساته مع المتظاهرين

وحقنا بالتظاهر و[يقول:] نحن لدينا مطالب نريدها ولا يجوز [أن] يتعاملوا مع الناس ومع الأطفال بهذه

الطريقة، وكان هنا همّ وراح من طريقنا، همّ استمرار التظاهر، أنَّ أول يوم نتظاهر [فيه] وثاني يوم

يمنعوننا، والآن صار التظاهر دائمًا وصارت مهمتنا في توسيع دائرة التظاهر، ولذلك في درعا نفسها

كنت ترى المتظاهرين في الجامع العمري وهم في حركة مستمرة، من الناس من يروح ومن يؤوب

(يرجع)، ونرى مظاهرات في درعا المحطة تتجمّع هنا أوهناك وهمّهم الأساسي أن يصلوا إلى درعا

البلد، وبالتالي أمّنّا [استمرارية] التظاهر. 

والنقطة الثالثة صار في الجامع تأسيس لأول مشفى ميداني، والفكرة جميلة جدًا بأنَّ هناك جزءًا من

الجرحى لا يصل إلى المشافي والذي يصل هناك سيجد من أجهزة الأمن عددًا كبيرًا من الأمن وأكثر

من الممرّضين والإداريين في المشفى، ولذلك النظام أرسل ناسًا (عناصر أمن) من الشام (دمشق) ولم

يكفِه عناصر الأمن الموجودون في المحافظة، وبإمكانات بسيطة جدًا جابوا (أحضر) الناس الحصُر

ومدّوها في ساحة الجامع العمري وأتوا برفوف وخُزُن وكل شخص لديه سيرومات وأجهزة سيروم

وأسطوانات وماسكات أوكسجين وأدوية إنعاش قلبي رئوي وجهاز سكّر أو ضغط وحقيبة إسعافية، وكل

شخص لديه شيء أخذه إلى ساحة الجامع العمري، وأذكر مثلي مثل كل الأطباء لدينا فاترينات (خُزُن

صغيرة) مليئة بالأدوية وهي عيّنات مجانية من الشركات وكنا نعطيها للمرضى الفقراء، وذهبنا

وأخذناها إلى ساحة الجامع العمري ولدينا بعض الأدوية الأخرى غير المؤمّنة من تلك العينات وذهبنا

إلى مستودعات الأدوية واشتريناها وخاصة الأمور التي لا تتواجد عندي كطبيب قلبية ويمكن بعض

الزملاء الآخرين في الاختصاصات الأخرى تتواجد [عندهم] مثل القسطرة البولية والأنبوب الهضمي

والقساطر الوريدية وهذه الأجهزة، وكل واحد راح واشترى وأخذناها إلى العمري، وصار لدينا صيدلية

أكبر من صيدلية المشفى الوطني نفسه وهؤلاء المرضى مُسطّحون والأهالي كل واحد ساعد بالذي

ساعد عليه، والذي جاب (أحضر) إسفنجات وبطانيات ومخدّات (وسائد)، ومنظر من أروع المناظر

وصار الجريح يذهب إلى هناك ولدينا شباب ممرّضون وأطباء من أهالي حي المنطقة موجودون بشكل

دائم، وكانوا يتّصلون بنا كل واحد (طبيب) حسب اختصاصه، إذا في حالة بوليّة يتّصلون بطبيب بولية،

وحالة قلبية يتّصلون بالقلبية ونحن [نذهب] بالتناوب ليس طبيبًا واحدًا يحمل الحمل كله، وإذا طبيب

ذهب، فالثاني يروح وثم واحد ثالث يذهب وهكذا، على الرغم من أنَّ عدد الأطباء المنخرطين بشكل

مباشر في الحراك في أيامه الأولى كان قليلًا ويُعدّ على الأصابع ولكن لدينا مبرّر أخلاقي كان يسمح

حتى للبقية [أن] يتواجدوا بحكم لديّ جريح أو لديّ مريض وليس شرطًا أن يكون جريحًا، وحتى

المريض يذهب إلى الجامع العمري وخاصة المصاب أو المرضى، كل الناس تعرف بعضها وكلهم

أقارب 

وفي تلك الأثناء بدأت تتمّ دعوات لأهالي القرى أن يشاركوا في التظاهر، وكانت الفكرة بالنسبة لنا [أنه]

لا تزال درعا، و[نقول:] يا شباب من يستطع أن يذهب إلى درعا بأي طريقة [فليذهب]، وإذا [كان]

الطريق الأساسي مُغلقًا فهناك طرق فرعية وهمّنا أن نعتصم بأكبر عدد ممكن ونتظاهر ونتضامن فيما

بيننا لنحوّل الحراك من حراك محلّي إلى حراك أوسع وأكبر، ولذلك من النقاط المهمّة في تلك الأيام 20

و21 آذار/ مارس موضوع الامتداد، وبدأ الحراك يمتدّ لأكثر من ديموغرافية درعا البلد ولأكثر من

جغرافيتها، والأكثر من ذلك الإعلام المحلي والعربي والدولي. 

ومحليًا كانت الأدوات المتاحة بين أيدينا الموبايل، والحمد لله [أن] الثورة صارت في 2011 وكانت

الموبايلات معنا فتلتقط الصور ولو كانت قبل كم سنة مع الهواتف البدائية التي لا تلتقط الصور ربما

كان وضعنا بالويل (صعبًا) وبالموبايل يتم التصوير والشباب يذهبون إلى غرفهم الخاصة وهم يحمّلونها

(يرفعونها للنشر) ويرسلونها ونحن كان معنا مقاطع فيديو ونرسلها للشباب ليرسلوها والإعلام

الخارجي لا أذكر فيه التفاصيل كثيرًا ولكن أذكر جيدًا وبكل قوة أنَّنا كنا مُستائين وكنا نفتح على قنوات

الإعلام ولا شيء عن درعا وكلّ هذه الأعداد من المتظاهرين، ألم يروا أن الأمن هو من يطلق

الرصاص علينا وكل ما يحصل والشهداء والتشييع، ولم يكن وضع الإعلام الخارجي مَرضيًّا عنه

بالنسبة [لنا] وكنا نعتقد أننا تم تجاهلنا وهُضم حقّنا وتم تجاهلنا لأسباب لا نعرفها، وبعد ذلك خرجت

بعض التغطيات الإعلامية ولكن لم تنسجم مع مستوى الحدث وما يجري في درعا وبقينا ضحية الإعلام

الرسمي، فقط الإعلام الرسمي، وبدأ يصوّر أنَّه: ليس هناك شيء والأمور ممتازة وهناك بعض الشباب

تجمّع في الجامع وأتى بعض المُندسّين واستثمروا هذا التجمّع ووجّهوا هجومًا على عناصر الأمن وقام

عناصر الأمن بأداء واجبهم تجاه المتظاهرين والضحيّة هم الأمن وليس المتظاهرين وأنّ قسمًا من

عناصر الأمن الذين أُصيبوا نتيجة المواجهات ذهبوا إلى المشافي وتلقّوا العلاج.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/01/10

الموضوع الرئیس

الحراك السلمي في درعاانطلاقة الثورة في درعا

كود الشهادة

SMI/OH/130-23/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2011

updatedAt

2024/07/11

المنطقة الجغرافية

محافظة درعا-محافظة درعا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

القصر العدلي في درعا

القصر العدلي في درعا

الشهادات المرتبطة