الإعلام الحكومي والمعارض ودورهما في بداية حراك درعا
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:25:59:07
بقينا ضحيّة إعلام الحكومة الرسمي، ونحن ما نستطيع أن نسرّبه من مقاطع فيديو، والإعلام الرسمي
كان وقحًا بطريقة مستفزّة للغاية، وقلنا بين بعضنا: ثبّتوا موضوع الإعلام ولا تتكلّموا عن المظاهرات
وحقّ التظاهر والقتل الأمن ومحاسبة من قَتلوا، ولكن يجب أن نتكلم عن الإعلام السوري وأنه كاذب
ويتبنّى رواية كذا كذا، وبدأنا في اليوم الثاني والثالث نضع الإعلام في مركز توجّهاتنا وهمومنا، بدأنا
نُدخل موضوع الإعلام، لم يكن أحدًا يتكلم بذلك.
أول شيء شعارات: حرية، وبعد ذلك: الشهادة وقيمة الشهادة والشهداء والأمن والمحاسبة والإعلام ما
زال، وبعد ذلك الإعلام، قلنا: تفضّلوا ضعوا الإعلام وبدأنا نرى على التلفزيون ما يتكلّمون [به] علينا،
و[هو] كلام كاذب يقينًا وكنا نعتقد [بوجود] إعلام وسلطة رابعة ويجب أن يكونوا مهنيّين وموضوعيين،
وأنا كطبيب أحلف يمينًا مثل كل الأطباء في القسم على أن نعالج مرضانا ولا نصف دواءً ضارًّا وإلى
آخره، ولكن هذا الأمر مختلف تمامًا، وأول مرّة نحتكّ بشكل مباشر مع الموضوع، ويمكن كان مقبولًا
بالنسبة للسوريين على الأقل لو تكلمت نصف الحقيقة، أنه لو تكلمت نصف الحقيقة والنصف الثاني
شوّهته فممكن الشخص يرى مبررًا أنَّ هذا الصحفي عليه ضغط وحاول أن يكون نصف نصف
(رماديًّا) ولكن كانت الرواية كاذبة تمامًا فثبّتنا قضية الإعلام.
هذا الشاب ن.ع كان يأتي وقال لي: نريد أمورًا من داخل المشفى إذا [كان] في (يوجد)، والأمور التي
تشاركون بها أرسلوها، وفي ذلك الوقت كنا نرسل قدر الإمكان والذي نُشر، الآن نبحث عنه غير
موجود، واليوتيوب حذف كثيرًا من المقاطع التي كانت منشورة، وأتاني هذا الشاب إلى المشفى وكان
يوم 20 آذار/ مارس، وقال: دكتور هل يمكن أن تخرج على الإعلام؟ وسابقًا كان الكل خائفًا من الكل
ولا نعرف من معنا ومن ضدّنا، من المُخبِر والمتظاهر الحقيقي، وفي اليومين [أو] الثلاثة الجوّ بدأ يُفرز
نفسه والناس مع استمرار القتل ازدادت جرأتها الجنونية يمكن كذلك، والناس لم تعُد تحتمل نريد أن
تتكلم، وقال: دكتور تستطيع أن تتكلم، وقلت: ما الذي سنحكي؟، فقال عمّا يحصل والشهداء وما يفعل
الأمن وأنا تردّدت منذ البداية ولكن سرعان ما جاوبتُه وأنا أعرفه وهذا الشاب يعمل معنا منذ زمن
وقناعتي به أقرب إلى الثقة، ولكن في (يوجد) ناس يعملون معنا في المشفى منذ زمن ولكن نظرتي بهم
قبل الثورة أقرب إلى عدم الثقة، وهذا كان من الأشخاص الجيّدين وقلت: أخرج، وقال: الشباب يأتون
إليك على باب المشفى وهم يتكفّلون بالموضوع وخرجت وانتظرت ولا أعرف من سيأخذني وانتظرت
5 دقائق واتصلت عليه وقلت: لم يأتِ أحد، فقال: انتظر دكتور ولكن هم يتحاشون حتى لا يكون أحد
أمام المشفى أي سيارة مارّة كي لا يعرفوا.
كان المهم لديّ أن أخرج وأتكلم، وأتى شخصان بعد قليل وقالوا: الدكتور نصر؟ قلت: نعم، فقالوا: نحن
الذين تكلم معك الشاب [من أجلهم]، وقلت: نعم، وأخذوني بسيارة، ورحنا إلى مبنى قريب من مشفى
الشفاء وهذا المبنى لا أعرف إن كان موجود حاليًا، ولكن على أيام الثورة كان فيه مركز الرنين
المغناطيسي الذي يداوم فيه أحمد مسالمة أبو رامي، ونحن لم نذهب إلى أبو رامي ذهبنا إلى الطابق
الثاني أو الثالث وقالوا: ستحكي، وقلت: سأتكلم الذي حصل، وقالوا: ننظّم الأمور، وقلت: سأتكلم أنني
ذهبت إلى المشفى وليس هناك إصابات في الأمن وكلهم مدنيون وأنا رأيت من يطلق النار والذين
يطلقون النار هم عناصر الأمن وعلى الأسطح العالية [يوجد] قناصة وهناك شهداء حقيقيون وهناك
شخص أتى إلى المشفى مضروبًا برأسه، دخلنا وأتوا لي بهاتف والمهم أتوا بالهاتف ووضعوا محارم
على السماعة، وأذكر واحد (شخصًا) منهم لأنَّني سمعت بأنه مُصالح مع النظام وفاتح مول (أنشأ مولًا) في درعا من قرية الصورة، حين أعطوني السماعة وضعوا عليها محارم وابتعدوا عني وقالوا: احكِ (تكلم) ولسّه ما فتح الخط (عندما فتح الخط) وقلت: أنا طبيب في المشفى الوطني، وقالوا: الصوت واضح ونريد أن نشوّش أكثر وقلت: سامع أنت؟ قال: لا لكن نريد أن نحاول قدر الإمكان، صوتك عالٍ ونريد أن نجعل الصوت ضبابيًا والمحارم (المناديل) بمفردها لا تنفع وذهب وأتى ببشكير (مِنشفة) ولفّه حول السماعة وقال: سنجرّب ذلك ولا نستطيع أن نحكم حتى نسمع وسنرى لأنه سيُسجل، إذا كانت الطريقة فاعلة، وحكيت عدة دقائق وشرحت ما رأيت
بالتفصيل والسلام، وطلعت (خرجت) من المركز ولا أعرف لمن سجّلوا وما هي القناة التي ستأخذها،
وبعد ما خرجت قلت: أنا عملت الصح أو الغلط؟ وقلت: لا بل عملت الصح و[هم] يقتلون الناس، أنا
لست أفضل من الناس وهذه الروح العنفوانية هي التي حقّقت مكتسبات ببداية الثورة وحين فكرنا
بطريقة أخرى الثورة كلها تغيّرت أوضاعها.
وأنا كنت في خارج المشفى أرى بدون ما أفكر ما أراه وحين خرجت على الإعلام صرت أهتمّ في كل
شيء حولي بحيث إذا ظهرتُ مرة أخرى على الإعلام أروي تفاصيل أكثر وخلصت (أنهيت دوام)
المشفى وذهبت جلست مع الدكتور ي . ب وهو زميلي الشريك، دائمًا مع بعضنا ومن ضمن الأحاديث
حكيت ما حصل اليوم وما حصل معه اليوم وقلت: اليوم خرجت على الإعلام، وقال: أنت مجنون
وصوتك واضح ولستَ من الناس النواعم (صوتك خشن) وأي شخص يسمعه يعرفه وقلت: ليسمعوا،
نحن نخرج بالمظاهرات وقال: أنت واثق بالذين ذهبت إليهم؟ يمكن أن يكون هؤلاء [عناصر] أمن
فقلت: الذي دلّني عليهم شخص جيّد وهم الجماعة أولاد عالم وناس [بشكل] واضح، وواحد (شخص)
عرّفني على نفسه واحد من الصورة والثاني من المليحة الغربية فقال: عناصر الأمن من أين؟ كلهم من
القرى، من أين سيكونون؟ وبعدها أنت لمن سجّلت؟ قلت: لا أعرف، وقال: لا تعرف اسم القناة؟ وقلت:
لا أعرف، هنا أردت أن أذهب لأستفهم بأي طريقة للأسئلة التي سُئلتُها وذهبت إلى الشاب الذي أرسلني
لهم وقلت: [هل] الشباب تعرفهم؟ قال: أعرفهم، وقلت: هل الجماعة جيّدون؟ وقال: الجماعة جيّدون،
ونحن في اليوم الثاني والثالث لا أحد يعرف شيئًا ولكن يتوقّع، وقلت: أريد أن ألتقي بشخص منهم، وقال
لي: دكتور ينتظرونك في نفس الشقّة نفس المكتب، ورحت وهم يبدو [أنهم] أتوا من بيتهم أو المكان
الذين هم به حين قال [لهم]: الدكتور نصر يريدكم، وفكّروا (ظنّوا) أنني آتٍ بصور جديدة ومعلومات
جديدة، ورحت قلت: أنتم من؟ وقالوا: عرّفناك على أنفسنا، وقلت: عذرًا أخذتموني من الباب إلى
المحراب، أنتم من؟ وقال: لا دكتور نحن معكم مليون في المئة، الذي سجّلته قيّم ونريد أن تخرج مرات
أخرى ولا تبطّل تخرج (لا تتوقّف) وقلت: نتّفق عليها، وأنتم لمن سجّلتم؟ وقالوا: نحن سجّلنا لرويترز،
وتركت معهم الحديث وأنا متوجّس مما يحصل بنا، وتركت الموضوع، والوضع الإعلامي كان كذلك،
وفي ذلك الوقت كان هناك إقبال على شراء الموبايلات الحديثة لنأتي بأحسن كاميرا من أجل أحسن
صورة.
القرى.. حين كنت أخرج مساءً يوم 20 آذار/ مارس فرضًا بعد الاستشهاد وطلعنا إلى قريتي، والحراك
حيث كانت عيادتي حالة الناس [فيها] كانت تنضج أكثر وصحيح أنهم لم يشاركوا في مظاهرة مباشرة
ولكن صرنا نسمع أننا سنخرج في مظاهرة في درعا أو نتظاهر هنا ودرعا فيها أمن ويَقتُل، لماذا لا
نخرج هنا بمظاهرة؟ وحديث الناس بدؤوا أكثر استعدادًا للمشاركة في مظاهرات جدّية وتبلورت فكرة
الامتداد في ذلك الوقت الذي حصل فيه الاعتصام بالجامع العمري، والجو العائلي لا تحكي (انسَه)
والعائلة نسيناها وبدأت أسمع عبارات التذمّر، وهو تذمّر فيه خوف و[تقول زوجتي:] أين تخرج؟
ونسمع [أن] ناسًا تُقتل، ألا تخاف على نفسك وأولادك؟ وإذا رحت ماذا أفعل بعدك؟ من الخوف عليّ
والثاني هو الحماسة: لماذا لا تأخذني معك؟ والناس تتظاهر وفي (يوجد) أولاد ونساء وأطفال بالمكان
الذي أنت فيه، فكان هناك حماسة، وفي يوم من الأيام أول يومين أتيت ورأيت رزًّا على حافة الشرفة -
ولديّ شرفة طويلة على شارعين- ورأيت مساءً رزًّا، قلت: ماذا يفعل الرز هنا؟ وقالت [زوجتي]: اليوم
مساءً خرج شباب في الحارة مظاهرة ورأيت نساءً يرششن الرز على الشرفات وأنا لم ألحق أرشّ
فرحتُ جبت (أحضرتً) رزًّا حتى إذا خرجوا أرشّ، فحالة الثورة بدأت تصبح حالة وجدانية وعميقة
وحالة تمشي في العروق وكل إنسان صار لديه واجب أن يشارك في المظاهرات.
والعيادات ليست أفضل حالاً وأكثر وقتي أقضيه إما في المظاهرات أو المشفى أو في متابعات من هذا
القبيل، وسكرتيرتي أيضًا أراها مع السكرتيرات يجلسن يتداولن في الأحداث الجارية ومرة من المرات
صرن يتكلمن: هل يذهب طبيبك للمظاهرة أم لا؟ وكل سكرتيرة تتفاخر بأنَّ طبيبها قد اصطفّ مع الناس
أو هذا متفرّغ لنفسه وحاله وغير مصطفّ مع الناس، وبدأت أتغيّب عن العيادة وأخبرت السكرتيرة ألّا
تعطي موعدًا إلا للمُضطر، وهذا مُخالف للطبيعة والطبيعة [أن] الشخص يداوم في العيادة كثيرًا وفي
المشفى كثيرًا وهو يريد أن يرى مرضى ومن ناحية الطب مهنة وكل طبيب يفتخر أمام زميله أنني
عملت هذا الشهر 10 عمليات وآخر يقول 15 عملية، واليوم كله هذا انكسر وصرنا مشغولين بالوليد
الجديد والذي صار اسمه الثورة السورية لاحقًا، أصبح همّنا وشغلنا.
في جوّنا العائلي نحن عائلة مؤلّفة من عشرة أشخاص، سبعة ذكور وثلاث إناث، ووالدي ووالدتي
تُوفيت حديثاً ووالدتي الثانية تُوفيت في مخيم الزعتري، وأنا أجهّز لكل شخص الزاوية لديه والوقت
المناسب له، ولم أدخل في موضوع العائلة كثيرًا كي لا أعمل سيطرة للعائلة في هذا الأرشيف، ولكن
في الحقيقة كان دائمًا حاضرًا، ومثلًا في المحطات في علما وهي قريتي، كان الشباب كل شخص منهم
تحوّل لمركز خليّة نحل في الجو الموجود فيه، وأنا والدكتور ياسين دائمًا مع بعضنا وحركتنا وروحتنا
(ذهابنا) وجيتنا (مجيئنا) ونشاطنا و تنسيقنا مع بعضنا، ونحن الاثنان أطباء في مشفى درعا الوطني
ولدينا عيادات في الحراك وفي درعا وخطواتنا متلازمة، والدكتور عبد الله كان موجودًا في دمشق
وكان ينقل لنا الأخبار، وكان هناك حركة صغيرة [في] 17 نيسان/ أبريل وأننا ذهبنا إلى الاعتصام
وهناك كان الأمن وحين صارت الأمور في درعا صار يركز على درعا أكثر وأنَّ هناك أصدقائي أتوا
من دمشق إلى درعا فهل آتي إليكم؟ وكان التلفون يُقيِّد (يسجّل) وكنا نتكلم بكود (رموز) وإذا أحد سمعنا
لا يفهم علينا ولكن نحن نفهم على بعضنا.
وإخوتي الآخرون صاروا مركزًا لخلية فمثلًا أحمد أخي مدرّس علوم طبيعية وهو يفتح محلًا تجاريًا
لبيع الجملة، وفي المكانين نسمع تطوّرات وبدأ الشغل مع من حوله، مع أساتذة مع طلاب وما يحصل
في درعا والمظاهرات وفي تونس ومصر وبدأ يبني بحالة الحشد التي ساهمت في موضوع الفزعة في
يوم الأربعاء أو في حالة تعميم الثورة السورية على كل المناطق، ونفس الشيء أخي مصطفى خريج
حقوق وهو موظف في مديرية التموين وكان يداوم في درعا وبعد ذلك في ازرع، نفس القصة متابَعة
ومواكَبة ومحاولة بناء حشد واستنفار الناس ضد السلوك المُشين الذي يسلكه النظام، وأخي محمد كان
مساعدًا أول في المخابرات الجوية وحكى لنا عن قصص في المخابرات الجوية، ولحسن الحظ أخي
محمد أبو سفيان كان هو في مكان إداري وكان مسؤولًا إداريًا في أحد المراكز في المخابرات الجوّية
وسآتي بتفصيله، وخلال الأشهر التي سبقت انشقاقه إضافة إلى أنه كان يشارك في المظاهرات
وبالتحضيرات ما بعد الأسبوع الأول من الثورة السورية، إلا أنه نقل لنا وقائع حصلت في المركز الذي
كان فيه، وكنا نلجأ له في موضوع المعتقلين وأين موجودون؟ و[نقول له:] لو نساعد في إطلاق
سراحهم، والأخبار التي تحصل عند النظام في التفجير والتفجيرين الذين قام بهما النظام نقل لنا وقائع
حية عن تدبير النظام تفجيرًا لتلك الأحياء وأحد التفجيرات في مكان يسكن به المسيحيون وكيف [أن]
النظام وجّه البنادق إليهم ليُشعرهم بالخوف ويستنهض بهم فكرة أنه الحامي للأقليات، و[أنهم] ليس لديهم
مصلحة بالانخراط في الحراك الجماهيري، وأعطاني التفاصيل كلها، وكذلك أخي فضل كان يُدرّس
رياضيات وفيزياء وكيمياء، وكان لديه محلّ تجاري وشُهد له بأنه من أكثر الناس المتحرّكين في الحشد
للمظاهرات وفي تجهيز الساحات ورشّها بالماء وتجهيز اللافتات وينسّقون مع الشباب في البلد من أين
تخرج المظاهرة، وقسم نالوا ما نالهم من الاعتقال والملاحقة، ودارُنا اقتُحمت عدة مرات وقريتنا
اقتُحمت ثلاث مرات وكان هناك نصيب وافر [لها] من الشهداء في مناسبات متعددة منها الأربعاء
الدامي ومنها معارك بين الجيش الحر والنظام لاحقًا ومنها مجزرة بشعة قام بها النظام تُجاه بعض
الشباب الذين كانوا موجودين جنوب القرية، وهذا في الأسابيع الأولى وذهب فيها عدد من الشهداء،
وكان أحد الشهداء -رحمه الله- شابًا بطلًا طيّبًا اسمه نصر الحريري، وبعدها بفترة بسيطة أنا اعتُقلت
وبعد ما اعتقلت وخرجت، اتصل عليّ عدد كبير من أصدقائي الأطباء في سورية الذين كانوا في
[مشفى] المواساة ومستشفى الأسد الجامعي [بدمشق] ومنهم صديقي في دير الزور كان معنا في مشفى
المواساة وهو من سكان دمشق وكان يتّصل ويبكي و[يقول:] أنت نصر؟ نصر الذي زرناك في درعا؟
قلت: نعم، و[قال:] أنا قرأت خبر استشهادك وأنا بكيت وأهلي بكوا واعتقدنا أنك استُشهدت، يا أخي
اترك درعا وتعال إلى دمشق، لا نريد أن نخسرك، وكانت علاقتنا بالمشافي مميّزة وهم يعرفون ما كنت
بالنسبة لهم حين كنت في تلك المشافي الجامعية.
وجوّ العائلة هكذا مثل ما كانت تنضج في درعا المدينة كانت تتطور في كل نقطة من نقاط درعا وكأنها
تتطور نفس التطور الطبيعي الذي تمرّ به كل نقطة من النقاط التي هي الانتظار والترقّب: سيحصل أم
لا ربيع في سورية؟ وثانيًا قرب المبادرة، ستحصل مبادرة أو لا؟ وسماع الأخبار التي تحصل في درعا
البلد والذهاب هناك والمشاركة في صورة بسيطة وعابرة، والذي يعيش في القرية لا يستطيع أن يبقى
في المدينة، والمواصلات تكون نشطة فيها صباحًا وفي المساء على الساعة 3 إلى 4 تخفّ وليست
متاحة دائمًا، وبعد تلك المشاركات التي حصلت بدأ التفكير: لماذا لا نعمل اعتصامًا ومظاهرة هنا؟
وتطوّر بشكل طبيعي، الخروج العفوي الجميل.
وبعد ذلك بدأ ينتظم تدريجيًا وبدأت تظهر لجان منظِّمة لهذا الحراك وشعارات الحراك ولمطالب هذا
الحراك، وهذه نقطة هنا بحاجة للتوقف عندها في اعتصام العمري وارتفاع عدد الشهداء خلال الأيام
الأولى من الثورة السورية، وبدأت تتبلور مطالب واضحة وليست مَحكيّة فقط في الشعارات أو
التداولات التي تحصل بيننا، وهي مطالب تمّت دراستها واستقاؤها من عدة جهات، و[قلنا:] يا جماعة ما
هي مطالبنا؟ تعالوا نضعها، وفعلًا تم العمل عليها بشكل جيد، ومثلًا أحد الأطباء [من] زملائنا من درعا
البلد سألنا أنَّ الشباب في درعا البلد ينظّمون مطالب، ولتكن مطالبنا شاملة، لا نريد أن نرجع ونعدّل
عليها، وفعلًا تمّت كتابة المطالب في ورقة وتمّ عرضها على المعتصمين في ساحة الجامع العمري وتم
تكليف الشيخ محمد عبد العزيز أبا زيد بأن يكون حاملًا لهذه الورقة وإذا حصل أي اتصال بين النظام
وأهل درعا، وخلص (يكفي) لا نريد أي تواصل فردي ولا كلامًا فرديًا وهذا لا أعرف إذا كان فينا (إذا
كنا نستطيع) نسمّيه مثل ما يتم تسميته اليوم: التفاوض، وإن لم يطلق عليه هذا الاسم فهو شبيه بالآلية
التفاوضية، ولكن أعتقد كان يصحّ عليه أن يقال عليه في ذلك الوقت الحوار الذي قتله النظام، والنظام
يكذب في أولها وآخرها وفي منتصفها، واليوم حين يرفض النظام فكرة التفاوض ويقول إنَّ السوريين
بحاجة لحوار سوري - سوري أو بحاجة لعملية سياسية سورية - سورية يقودها السوريون، هو كاذب
لأن الناس حين دعوه للحوار كانوا متقدّمون على هذا النظام المجرم، والشباب وحدهم بلوروا مطالبهم
ودعوا إلى الحوار.
وأذكر في بعض الاجتماعات التي جرت بين الوجهاء وبين الوفود التي أرسلها النظام قام بعض
الحضور، واحترم ما يسمى رئيس جمهورية وقال: نحن مع احترامنا للسيد الرئيس - وحاول أن ينتخي
(يستنهض) ما فيه بعض الوجدان - نحن مع احترامنا للسيد الرئيس وحبّنا لسورية، ولكن ما تقوم به
الأجهزة الأمنية وعاطف نجيب وفيصل كلثوم من اعتقال وقتل لأبنائنا هذا لا يمكن أن نرضى به وأنتم
الآن ترون الشباب هم في المقدمة، وإذا بقي الأمن كذلك نحن العجائز سوف ترونا في المقدمة، وهذا
القول قاله أحد المحامين الكبار في درعا وحتى في عناصر الحوار التي خطّها أهل درعا عناصر
راقية، وحاولوا أن يتعاملوا مع رئيس الجمهورية كرئيس الجمهورية ومع سورية كوطن أم وهي حقيقة،
وطن أم، ولكن هذا رئيس الجمهورية كان في عقلية أسوأ من عقلية عاطف نجيب وفيصل كلثوم وهو
من رفس هذا الحوار وحوّل مجريات الثورة السورية إلى ما وصلت له الآن.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/01/10
الموضوع الرئیس
الحراك السلمي في درعاكود الشهادة
SMI/OH/130-24/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2011
updatedAt
2024/05/06
المنطقة الجغرافية
محافظة درعا-محافظة درعاشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الجيش السوري الحر
الجيش العربي السوري - نظام
وكالة رويترز
فرع الأمن السياسي في درعا